متى تحزنون لحزننا ؟


كاظم فنجان الحمامي

قبل بضعة أيام أعلنت الفضائيات المصرية عن حالة الحداد حزناً وألماً على مقتل تسعة جنود فقط من قوات حرس الحدود في منطقة (الفرافرة)، وقررت إيقاف عرض الأغاني والبرامج الترفيهية.
وأعلنت الفضائيات الفرنسية عن حزنها وحدادها على أرواح ضحايا الطائرة الجزائرية التي سقطت في (مالي)، وأسفرت عن مقتل (118) شخصاً بينهم (54) فرنسياً في الحادث. وأعلنت الفضائيات الروسية عن حزنها وحدادها على أرواح ضحايا مترو الأنفاق بموسكو، والذي أسفر عن مقتل (21) شخصاً وإصابة (130).
هكذا تعبر فضائيات البلدان الواعية عن تضامنها مع مواطنيها، وهكذا تتألم لآلامهم وتحزن لحزنهم، بينما نفقد في العراق (11) ألفاً من جنودنا تبخروا كلهم في ظروف غامضة من دون أن تعلن فضائية واحدة من فضائياتنا المئوية عن حزنها وتضامنها معنا. ومن دون أن توشح شاشاتها بشريط أسود أسوة بفضائيات البلدان الواعية. والأنكى من ذلك أنها تمادت في بث برامج التسفيه والتسطيح والدق والرقص.
(11) ألف مقاتل يختفون في غضون بضعة أيام. رقم مخيف يدعو للغضب والانفعال، ويرسم (11) مليون علامة استفهام فوق جبال العراق وسهوله ووديانه.
من نافلة القول نذكر أن المعارك الليبية الداخلية فقدت منذ سقوط نظام القذافي وحتى يومنا هذا حوالي ستة آلاف ليبياً، وفقدت مدن البوسنة والهرسك حوالي (8) آلاف شخصاً فقط، راحوا ضحية مسلسل المجازر العنصرية التي اُرتكبت على مدى (19) عاماً.
أما نحن ففقدنا (11) ألفاً في جولة واحدة، وفي مدة زمنية قصيرة لا تخطر على بال الجن الأزرق. وقد اعترفت قيادة الجيش العراقي بهذا الرقم المخيف يوم أمس تحت قبة البرلمان أثناء انعقاد الجلسة التحقيقية الخاصة لمناقشة حيثيات الوقائع الغامضة.
كان الشعب العراقي كله يتابع وقائع الجلسة التي لم نفهم منها شيئاً بسبب صخب النواب وضجيجهم، ولن نفهم منها شيئاً حتى لو أعادوها علينا عشرات المرات، كنا نأمل أن يلتزم النواب بالصمت حتى نسمع ما يقوله وكيل وزارة الدفاع، وحتى نقف على حقيقة التقارير والأرقام التي استعرضها (علي الفريجي)، وحتى يسجل البرلمانيون ملاحظاتهم عن هذه الفاجعة، التي كانت أقرب إلى النكبة منها إلى الخسارة التاريخية المفزعة، على الرغم من الأساليب التضليلية الرخيصة التي لجأت إليها بعض الفضائيات في مساعيها الفاشلة بهدف طمس الحقائق الكارثية المؤلمة والتشويش عليها. .