تتناول الرواية موضوع الدكتاتورية العسكرية في الشيلي البلد الأصلي للكاتبة، حيث
تنطلق الرواية في محاور كبرى من خلال شخوصها و تفاعلهم مع الأحداث :

" إيرين " الصحافية الشابة ، وحيدة أبويها اللذين يعيشان حياة أسرية مضطربة تنتهي بهجر الأب للعائلة تاركا "إيرين "مع أمها التي لا هم لها إلا جسدها كما أنها مؤمنة بالمؤسسة العسكرية على أنها هي السبيل الوحيد لخلاص البلاد .

تنمو شخصية إيرين و تتطور حين تنتقل إلى إجراء تحقيقات صحافية ذات صلة بمواضيع حساسة ، و تبرز شخصيتها بحضور قوي بعد تعرفها على " فرانشيسكو " أستاذ علم النفس الذي يفقد وظيفته في الجامعة بعدما أغلقت الحكومة معهد علم النفس لأنه في نظرها صار مزرعة خصبة للأفكار الضارة . فيستعين فرانشيسكو البطال بهوايته في التصوير الفتوغرافي و يعرض خدماته على المجلة التي تعمل بها إيرين ، و هكذا يصير مصورها ، ثم صديقها لاحقا تربطه بها علاقة حب قوية تبعدها عن خطيبها ( الضابط العسكري ).

تخرج الصحافية إيرين لإجراء تحقيق صحافي حول قديسة ما تفتأ تنسج حولها الأساطير في البلدة هي " إيفانخيلينا" ، وهي فتاة صغيرة تم استبدالها حين كانت وليدة في المستشفى ، إيفانخلينا تعيش في رعاية أسرة ريفية فقيرة ، تنتاب الطفلة إيفانخلينيا بنوبات صرع و هستيريا ، و في إحدى المرات يلمسها أحد الأطفال المصابين بالدمامل فيشفى ، و سرعان ما تنسج تنسج حولها الأساطير لتصل إلى أبعد الأماكن .

تهتم الصحافية إيرين بظاهرة القديسة الشابة ، وتصطحب معها مصورها فرانشيسكو لمعينة القديسة التي تصدر عنها أفعال خارقة خلال نوبة الهستيريا ، و أثناء انتظار حدوث النوبة و معاينة المعجزة ...تقتحم فجأة قوة عسكرية المكان مطلقة النار في الهواء ، و يتجه الضابط نحو " إيفانخيلينا" لاعتقالها ، غير أن هذه الأخيرة تعتريها قوة هائلة فتضرب الضابط و تطوح به خارج البيت وسط دهشة الجميع .
بعد هذه الحادثة بأيام يأخذ العسكر " إيفانخيلينا " و لا يظهر لها أثر بعدها ...

و تشرع الصحافية الشابة " إيرين " في رحلة بحث و استقصاء عن " إيفانخيلينا " ، يقودها بحثها إلى اكتشاف حقيقة مفزعة ، مقبرة جماعية سرية في منجم " لوس رسكوس " فتذهب مع مصورها فرانشسكو إلى هناك ، و يقومان بالحفر فيعثران على خمس عشرة جثة متحللة من بينها جثة " إيفانخيلينا " .
تنقل " إيرين " و " فرانشيسكو " سر المقبرة الجماعية إلى الكنيسة ، المؤسة الوحيدة في البلاد التي حافظت على استقلاليتها أمام المؤسسة العسكرية .

و تشرع الكنيسة في متابعة القضية و تذيعها في الرأي العام ، مما يضطر المؤسسة العسكرية إلى فتح تحقيق صوري لذر االرماد في الأعين ...
و تتعرض الصحافية الشابة إلى محاولة اغتيال ، وتصبح حياتها في خطر ، فتهرب في رحلة سرية مع صديقها فرانشسكو إلى اسبانيا على أمل العودة إلى الشيلي و قد تحرر من قبضة العسكر .

صيغت الرواية بأسلوب أدبي رفيع ، وقد نجح المترجم في الحفاظ على جمال الأسلوب من ذلك مثلا هذا المقطع الذي يصف الحصار الذي ضربه العسكر على المنجم حيث المقبرة الجماعية السرية " أقاموا حول منجم لوس ريكسوس دائرة من الحديد و الخوذ و الأحذية العسكرية ، لكنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا انتقال الخبر من فم إلى فم ، ومن بيت إلى بيت ، ومن واد إلأى واد " ص236

كما نقف في الرواية على الأساليب نفسها التي تتبعها الدكتاتوريات عبر الزمان و المكان و الثقافات: نفس التزوير و نفس الكذب الذي تنتهي إليه لجان التحقيق التي يعينها الديكتاتور لتقول له ما يشتهي : " و رأى الجميع المذيع المزهو و هو يقرأ الرواية الرسمية : إنهم إرهابيون أعدمهم زملاؤهم ، ولكن أحدا لم يشك في أنهم معتقلون سياسيون مقتولون " ص239 .

و لأن نصف الرواية " حب " ( الحب و الظلال ) تأخذ الرومانسية الناعمة حظها من التعبير كهذا المقطع الذي يصور خوف فرانشيسكو على صديقته " إيرين " بعد تعرضها لمحاولة اغتيال : " كرر اسمها ألف مرة متوسلا إليها ألا تستسلم ، و أن تواصل الصراع ، حدثها سرا من مقعده في الممر ، وبكى دون مداراة ، و أحس بأنفاسه مثقلة بقرون من الانتظار ، ومن البحث عنها ، و اشتهائها ، وحبها ..." ص259

رواية جديرة حقا بالقراءة