الكِشْكُ
فنون في الصناعة لغذاء متكامل

إعداد وتنسيق ومتابعة: وضحة سعيد شعيب / كاتبة عربية من لبنان.

الكِشْكُ: هوطَعامٌ يُصنَعُ من الدقيق واللبن ويجفَّف حتى يطبخ متى احتيج إِليه وربَّما عُمِلَ من الشَّعير... وهو فارسي معرّب...
والكشك, مؤونة الشتاء تحضر في الصيف ويعرف بالجبن الأقدم في لبنان...
والكشك هو أكلة طعام معروفة في بعض بلدان المشرق وفي آسيا الوسطىوالأناضول. تختلف طريقة صنعه حسب المكان ولكن بصورة عامة يصنع من دشيش القمحواللبن الحامض...
والكشكفي المنام وكل طعام أبيض يدل على الرزق، إلا الهريسة والعصيدة فإنهما هم وغم...

وقيل: الكشك، رزق بتألم يسير، وثريد الكشك تجارة رابحة دنيئة بمنفعة كثيرة إذا كان فيها دسم...
ويختلف الكشك التركي تماما عن الكشك اللبناني والمصري المعروفين لدي الجميع، ومن أهم أوجه الاختلاف هذه أن الكشك التركي يعتمد في الأساس على الزبادي والخيار والنعناع وليس على البرغل...
ويعتبر الكشك نوعاً من الاكلات الشعبيية التى كانت , ومازالت , منتشرة فى صعيد مصر وخاصة بمحافظات المنيا واسيوط و سوهاج , وبعض بلاد الشام (فلسطين – سوريا – لبنان) وكذلك دول شرق أسيا مثل أفغانستان – باكستان – العراق , وهى أشبة بالوجبات الجافة اذ يعتبره البعض من المقرمشات أو التسالى , ويعتبر الكشك فى بعض المناطق الوجبة الاساسية فى الافطار وتختلف طريقة اكله واعدادة وشكلة حسب المنطقة , حيث يتناول بوضع الكشك وخلطه بالبن او قليه مع البيض أو إعداده مع الصلصة ( كشك الماظية ) وغيرها , لكن مكوناته , أي الكشك , تظل واحدة وهي قمح مسلوق ( بليله ) , لبن حامض , ملح وكمون , فيما تضيف اليه بعض المناطق الشطه لاعطائه نوعاً من النكهه .
ويعتبر الكشك ذو قيمة غذائية عالية لإحتوائه على :
(1) بروتينات (موجودة في اللبن والقمح ) , وهي يــســاعــد عــلــى نــمــو خــلايــا الجسم وخصوصا العضل .
(2) نشويات ( متمثلة في البرغل ) وهي التي توفر طاقة لجسم الكبار وتساعد الاولاد على النمو .
(3) كالسيوم ( وهو موجود في اللبن ) ، وهو الذي يعمل على نمو العظام عند الاطفال ومنع ترققه عند المتقدمين في السن .
(4) فيتامينB ,وتحتوي عليه الألياف الموجودة في حبوب القمح والذي تزيد نسبته بفعل عملية تخمر البرغل مع اللبن .
(5) ألياف ( توجد فى حبوب القمح ) ولهذه أهمية صحية كبيرة حيث أن هذه الألياف لها دور فى تغذية الإنسان لما بها من مواد تمنع وجود مركبات سرطانية فى الجسم إلى جانب وجود جزء غير ذائب من هذه الألياف يعمل على تنظيم عمليات الإخراج للفضلات.
(6) أملاح معدنية بعضها يضاف اليالكشك في أثناء عملية الصناعة كملح الطعام وبعضها تحتوي عليه مكوناته , وهي تشكل عنصراً هاما في تنظيم عمل الجهاز العصبي .
وأخيراً يعتبر الكشك خالياً من المواد الدهنية اي انه يعطي الطاقة من دون ان يتسبب بالسمنة.
إلى هذا فالكشك غذاء الفلاّح الرّئيسيّ في الرّيف اللبنانيّ, إذا ما طبخ بـ " القوارما " أيّ اللحم المجفّف, ويولي القرويّ أهميّة خاصّة لصناعة الكشك وفق تقنيّة معيّنة, لا يتّقن خطواتها إلاّ بعض النّساء وهنّ قلّة في هذا الزّمن, وضعن بنودا أساسيّة في مسارات الصّناعة, تتوافق معها أسس معايير الجودة العالميّة في الصّنع, والّتي سبقن بها فلاسفة وضع المعايير في هذا العصر, وتخطّين بها ثقافة من نصّبوا أنفسهم في سدّة التّشريع في الإدارة...

وعيت أبويّ وجدّي ممّا يهتمّون بصناعة الكشك, ويعطون الأهمّيّة في أواسط الصّيف من كلّ عام, للتحضير لهذه الهمروجة الفلكلوريّة في قريتي, حيث تحتفل النّاس فيها بشهر الكشك, وكلّ من نساء القرية ورجالها يفاخرون بجودة الكشك, ويخفون السّرّ الكامن في طريقة وأسلوب صناعة هذا الكشك, الذّي يتربّع بزهو وعنفوان وكبرياء في مونة البيت القرويّ, ويتماهى أكثر بوحدة نكهته بين الأطعمة ولذّة مذاقه وإكتمال وحدات غذائه للجسم, ويفاخر الفلاّح القرويّ بهذا الغذاء مستغنيا به عن الكثير من بقايا الأطعمة...

تختار جدّتي نوعية القمح قبل الشّراء, ولا ترضى عن القمح البلدي بديلا, وتلزم جدّي على الشّراء للقمح المختار, ليقوم ببذاره في تربة السّهل, بالأرض الّتي ورثها عن أبيه في ذلك الزّمن, قبيل قدوم شهر الشّتاء في أوائل فصل الخريف, وينام مطمئنّا حتّى قدوم شهر الرّبيع, ليعطي كلّ الإهتمام ببذور الحبّ الّذي فلق التّراب, وبدأ ينمو في سنابل تحمل الحبّ المضاعف في كلّ سنبلة, ليجيء فصل الصّيف بحرارته, وتنضج سنابل القمح بلونها الذّهبيّ الّذي يتلألأ تحت أشعّة الشّمس, فيقوم جدّي بحصد السّنابل وتكويمها في أغمار, تمهيدا لنقلها على دابّته إلى ساحة البيادر, حيث يقوم هناك بتكويمها وجمعها في بيدر دائريّ, ليبدأ بسحقها بواسطة نورج خاصّ, زرعت في بطنه شفرات من الحديد الصّلب, يجلس عليه جدّي يغنّي قصائده وأشعاره, وزوج من البقر يجرّان النّورج في دورات ودورات حول البيدر, وكلّما سحقت كميّة من السّنابل تحت دورات النّورج, يرمي جدّي كميّة أخرى لتسحق في دورات جديدة عليها حول البيدر, وهكذا لأيّام وليال معدودة حتّى الإنتهاء من السّحق, فيحرّر جدّي زوج البقر من نير الدّوران حول البيدر, ويطلق سراحهما يرعيان العشب والكلأ في ساحة البيادر على مقربة من مكان جدّي...

يأتي جدّي بمذراة خاصّة ذات أصابع كثيرة كأصابع اليدّ, موصولة بعصا طويلة يمسكها بين يديه ويذرو بها الكميّة المنسحقة, واقفا وموجات الهواء آتية من خلفه, ليغرف من كومات المسحوق ويلقي بها في الهواء, فيطير قشّ التّبن بعيدا لأنّه خفيف الوزن, ويقع الحبّ في نفس المكان أمام وقوف جدّي, وهكذا حتّى يتم فرز الحبّ للقمح عن القشّ, فيأتي جدّي بأكياس من الكتّان يعبئها بالقمح, ويضع التّبن بأكياس من الجنفيص, ينقلها إلى البيت على دابّته, ليخزّن التّبن في غرفة التّبان تأمينا لعلف المواشي في الشّتاء, وتبدأ جدّتي وأمّي وبعض النّسوة, بعملية تنقية الزّوان والحصى وبقايا القش وغرائب الحبيبات من القمح, فيما يقوم جدّي يعاونه أبي بعملية سلق القمح في وعاء نحاسيّ واسع على النّار, وكلّما أنتهت كميّة من السّلق يحملها أبي بين يديه في سطل من المعدن أو القصب, وينشرها فوق السّطح على شرشف سميك من الكتّان, إشترته أمّي خصّيصا لمثل هذه الحالة, وتنتظر جدّتي عدّة أيّام حتّى يجفّ القمح من الماء, ويتم يباسه تحت أشعّة الشّمس, فيتحول مجعّدا على غير حالته الأولى, وكم هو لذيذ أكل القمح المسلوق مع السّكر, تكرمني به جدّتي بين الحين والحين...

جفّ القمح بعد السّلق ونشره تحت أشّعّة الشّمس, فقام جدّي بجمعه ووضعه في أكياسه, ونقل الأكياس إلى مطحنة القرية, لجرش القمح وتحويله إلى البرغل, فيتم تخزين البعض منه لمونة الشّتاء, بين ناعم وخشن يستخدم منه شيئا للطّبخ, ويستخدم البعض منه في تهيئة الكبّة النّيّئة, وكبّة البندورة وكبّة الحيلة وكبّة البطاطا, وكمّيّة أخرى تخصّص لصناعة الكشك...

يوضع البرغل المجروش في أوعية نحاسيّة نظيفة وطاهرة, وينقع باللبن الرّائب من حليب الضّأن والماعز والبقر, بكمّيّات تجتهد جدّتي بتقديرها وفق مزاجيّتها وخبرتها في صناعة وجودة الكشك, وتمارس يوميّا قي الصّباحات والمساءات, بإعادة سقي البرغل برائب اللبن, مركّزة على لبن الضّأن حينا وعلى لبن الماعز أحيانا, حتى يتشبّع البرغل باللبن ويغطّى بقماش سميك أبيض ليساعد في سرعة الإختمار, فيتحوّل بعد مدّة وجيزة تقارب الأيّام المعدودات, ويصبح الخليط عجينا مختمرا فيه بعض الحموضة المقبولة, يطيب تناول بعض الكمّيّات منها والتّلذّذ بمذاقها الطّيب, وتختار أمّي كميّة منها تحوّلها إلى كريات صغيرة الحجم, بدلكها بين راحتي كفّيها وأناملها, ووضعها في وعاء من الزّجاج, وتغمر كريات الكشك العجين كاللبنة بزيت الزّيتون, لتحافظ على إستمرايته من الفساد وتناوله في أيّام الشّتاء...

تقوم جدّتي بالتّعاون مع أمّي بتقطيع عجين الكشك إلى قطع صغيرة بحجم الحصوات, ونشرها فوق شراشف كتّانيّة سميكة معدّة لهذه الحالة, ووضعها في الظّلّ لتجفّ على مهل, وعندما يتمّ التأكّد من جفاف القطع دون تعريضها للشّمس, تنقل الشّراشف بمحتوياتها إلى سطح المنزل, وتبدأ عملية التّنعيم للقطع بفركها بالأكفّ, بعد غسلها بعناية وإزالة كلّ ما يعوق نظافة الفرك, وتنشر قليلا تحت أشعّة الشّمس, وتجفّف في الظّلّ حتّى لا تخسر من موادّها الغذائيّة, وتقوم جدّتي بتفقّدها صباحا وظهرا ومساءا, قبل جمعها في أكياس من الخام الأبيض الّتي خيطت خصّيصا لتوضيب الكشك, وتحفظ في خزائن ناشفة ومهوّاة بعيدا عن الرّطوبة, لتستخدم مطهوّة وقت الحاجة ببعض اللحم المجفّف, بحيث يعتبر الكشك في هذه الحالة غذاءا كاملا للجسم, يحتوي على كلّ العناصر المطلوبة, يعتمده الفلاّح القرويّ في الرّيف مادّة أساسيّة في مونة البيت القرويّ مع القورما المطهوّة على النّار من لحم الضّأن أو الماعز أو البقر...

طبخة الكشك باتت مكلفة في هذا العصر, نظرا للغلاء الفاحش الّذي يجتاح عيش الفقراء, فالكلفة باتت مرتفعة قياسا مع تهيئة طبخات الطّعام الأخرى, ولا يعتمد الكشك إلاّ القليل من النّاس ذات البحبوحة في العيش, والحظّ ما زال يقف في جانبنا في القرية, وتواظب جدّتي وأمّي ويجدّ جدّي وأبي كلّ عام في الإحتفال الفلكلوريّ بصناعة الكشك مونة لأيّام الشّتاء, مع تحضير القورما من اللحوم المجففة بذبح وسلخ وتقطيع وطهو لحوم الخراف, وحفظها في أواني من الخوابي الفخّاريّة لحين الإستخدام...

وتاريخ «الكشك» قديم قدم المأكولات اللبنانية الريفية. لا يمكن أن يغيب عن مائدة اللبنانيين في فصل الشتاء، فهو الطبق الذي يوحدهم على اختلاف ثقافة العيش لديهم. ويحترف انتاجه أبناء مناطق معينة ولا سيما في البقاع والجنوب والجبل، ليتلذذوا بأساليب طهوه، لا سيما اذا طبخ بـ «القورما» أو اللحم المقلي مع الدهون، وقد يلجأ البعض الى التفنّن في طبخه وابدال اللحمة بالعصافير المقلية. مع الاشارة الى أن الكشك يترأس، في التاريخ الغذائي اللبناني مع أنواع أخرى وجبة الفطور من دون أن يفقد موقعه كوجبة كاملة في أي وقت قرّر من يشعر بالجوع أن يتناوله ويستمتع بمذاقه اللذيذ. فالكشك لطالما اعتبر طبق الفلاحين والمزارعين. لا بديل عنه بعد تعب يوم عمل طويل في الزراعة والحصاد، على اعتبار أنه أسهل المأكولات تحضيرا للطهو، وأكثرها فائدة للصحة.
تعتمد مكوناته على البرغل ولبن الماعز ولبنته واحيانا لبنة البقر الطازجة. اما الكميات اللازمة لصنعه فهي تتراوح بين 3 و5 كيلوات من الالبان لكل كيلو من البرغل، مع إضافة ما يلزم من الملح.
تكثر الروايات على ألسنة الأجداد والجدّات لدى اطلاق العنان لذكرياتهم عن مواسم «الكشك». ولطالما أكدوا على مسامعنا أنه اذا كان فصل الصيف هو فصل التحضير لإعداد المؤونة الشتوية بامتياز، فإن للكشك مكانة مهمة لا يمكن أن تلغى عن هذه اللائحة أو يتبدّل موقعها. وفي حين يبدأ تحضير الكشك في منتصف الصيف في المناطق البقاعية وبعض قرى الجبل، فإن فئة كبيرة من أهالي القرى تفضل تحضيره مع إطلالة الخريف، لأن الحليب يكون دسماً أكثر في تلك الفترة من العام. ومهمة اعداد الكشك تفتح باب المنافسة واسعا بين نساء القرية، لتحاول كل امرأة الإثبات انها تملك حرفية مميزة لصنعه ما يعطي مذاقه خصوصية تختلف باختلاف «نفس» بين هذه القروية أو تلك. وللوصول الى المبتغى المطلوب لا بد من عمل عائلي يشارك فيه الجميع لتوفير أفضل أنواع القمح واللبن، الأمر الذي يجعل رحلة الكشك تمتد أسابيع طويلة بين أيدي أولئك الأجداد، لتبدأ بحصاد القمح وسلقه، ثم تجفيفه وطحنه وتحويله الى برغل قبل أن يصل الى المرحلة الأخيرة ويكون جديرا لينقع ويصنع منه الكشك.
بعد مرور عقود من الزمن تغيّرت مهمة صناعة الكشك، فذللت بعض صعابها مع الحفاظ على الخطوات الاساسية التي من شأنها أن تنتج كشكا اصيلا. فقد بات سهلا الحصول على أنواع اللبن واللبنة جاهزة، ليتم الاستغناء عن «ترويب» الحليب للحصول على اللبن، ومن ثم تجفيفه للحصول على اللبنة. فقد تولى هذه المهمة الذين لا يزالون يعملون في تربية الماشية، وان بات وجودهم شبه نادر. وتقع مهمة نقع البرغل، على عاتق النسوة اللواتي يرفضن التسليم بتطوّر الحياة، فيقررن تحضير المؤونة بأيديهن. يقمن بشراء البرغل المخصّص للكشك ونقعه أياما عدة صباحا ومساء، شرط أن يغطى بقماش سميك أبيض يساعد على سرعة الاختمار، مع اختلاف بسيط في عادات صناعة الكشك، وهي أن بعض المناطق تفضّل حليب الماعز فيما مناطق أخرى لا تقبل الا بحليب البقر، لكن في كلتا الحالتين لا بد من اتباع الخطوات نفسها الى أن يختمر البرغل، ويصبح جاهزا للتجفيف. وللمرحلة هذه متطلباتها في التقاليد اللبنانية، فالنسوة اللواتي يتنافسن على صنع الكشك، يحرصن في الوقت عينه على حفظه جانبا بعيدا عن الحاسدات اللواتي ستصيب أسهم عيونهن الكشك في مرحلة النقع، لا سيما اللواتي اشتهرن بالحسد. وحكايات القرى مليئة بسير مثل تلك النسوة. وتبرير ذلك هو أن النظرة الحاسدة ستكون كفيلة بافساد عجينة الكشك، وبالتالي ستؤدي الى اتلافه. بعد انتهاء عملية النقع يأتي دور المرحلة التي كانت تعرف بالصعبة والمسلية في الوقت نفسه، وهي تجفيف الخليط بعد تجزئته الى كريات صغيرة توزّع على أقمشة في الهواء الطلق لساعات معدودة قبل أن يحين وقت تفتيته يدويا. وأطرف ما في الأمر ان لصناعة الكشك أعرافا وتقاليد وعادات لا يمكن لمن يشارك في رحلتها أن يخرقها، حتى أنها كانت تتبع بحذافيرها في أوساط أهل القرى الذين لكل منهم نظرته الخاصة الى هذا النوع المهم من المأكولات التراثية. لكن جميعهم كانوا يشاركون في الاجتماع في جلسة «تفتيت» الكشك الذي يتطلّب «سواعد» وأياد شابة للقيام بالمهمة كما يجب. ولبلوغ هذا الهدف كان من الضروري توزيع الأدوار بين العائلات ليصبح ما يمكن تسميته بـ «حجز دور لسهرة فتّ الكشك» على امتداد أيام الأسبوع، وذلك كي لا تتضارب المواعيد ويتمكّن كل شباب القرية وشاباتها من المشاركة في هذه المهمة التي لم تكن يوما عبئاً عليهم، بل على العكس من ذلك كانت فرصة لاجتماع الأحبة بعد تعذّر اللقاء في الخارج أمام عيون الأقرباء والجيران. وبعد انتهاء مرحلة التفتيت يحين موعد وضعه في المنخل أي «تصفيته» وفصل الخشن منه عن الناعم. ولإتمام هذه المهمة اعتقاد شعبي سائد كان يلازم أهل الجبل وهو أنه لا بدّ من الاستعانة بسيدة أرملة لتصفيته على اعتبار أنه اذا قامت المرأة التي لا يزال زوجها على قيد الحياة بهذا الواجب سينعكس فألا سيئا عليه. وختامها مسك مع وضع الكشك على أقمشة بيضاء نظيفة في الظلّ من دون أن يتعرّض لأشعة الشمس لأيام قليلة قبل أن يتم تخزينه في أكياس من الخام الابيض خيطت خصيصا لهذا الغرض، وتصبح جاهزة لطبخها في أي وقت. أما الكمية الصغيرة الخشنة المتبقية فهي بدورها لها وقعها بين المأكولات اللبنانية، اذ يتم خلطها مع البندورة والبصل والحر لصنع المعجنات على طريقة الفطائر.
هذا التاريخ الطويل للكشك اللبناني لم يفقد رونقه أو وقعه في المائدة اللبنانية. واذا لم يتم تحضيره في البيوت، أصبح ممكنا شراؤه من محلات متخصصة، أو من عائلات تحاول زيادة دخلها فيقصدها الراغبون الحريصون على شرائه من موطنه في قرى معينة ولا سيما في البقاع والجنوب والجبل، حيث للصنعة أربابها. ورغم اعتكاف اللبنانيات عن صنعه بأيديهن، يبقى وجوده في خزانة المؤونة ضرورة لا بدّ منها مع الاشارة الى ان ارتفاع سعره وضعه في مصاف المأكولات ذات الكلفة العالية بعدما كان طبق الفلاحين. وفي عصر المكننة تبدّدت صعوبة هذه المرحلة بجهود الماكينات الخاصة التي أصبحت توكل اليها مهمة طحن الكشك في دقائق معدودة، ولم تعد صناعة الكشك تتطلّب أكثر من النقع والمراقبة لأيام معدودة.
ومؤونة الكشك هذه لا تقتصر على اللبنانيين المقيمين في لبنان بل حكاياته التي لا تزال حاضرة في ذاكرة المهاجرين وأهلهم خير شاهد على مدى حب اللبنانيين لهذا النوع من المأكولات وحرصهم على «التسلّح» به أينما سافروا في أنحاء العالم. ما تسبب لبعض المسافرين بنبش أغراضهم رأسا على عقب، حتى أن بعضهم كان يتعرض للتوقيف قيد التحقيق لساعات في مطارات أجنبية لشبهات تجعل رجال الجمارك يعتقدون ان الكشك من المواد الممنوعة، وذلك نظرا الى تشابه الاثنين شكلا ولونا.
اضافة الى طبق الكشك الأساسي الذي يطبخ باللحم والثوم (أو يستعاض عن اللحم بالبصل لارضاء النباتيين)، يعرف أبناء بعض المناطق اللبنانية بـ «اختراعهم» أساليب قديمة وجديدة في تذوّق الكشك، كأن يتم ادخاله بديلا عن المنكهات في ما يعرف بسلطة الهندباء الخضراء التي تقتصر مكوناتها اضافة الى الهندباء على البصل اليابس المقطّع الى قطع صغيرة، أو قد يحضّر في سندويش خبز الصاج مع زيت الزيتون الطازج... من دون أن ننسى مناقيش الكشك التي يضاف اليها البصل اليابس والبندورة والحر، اذ مهما تنوّعت مكونات المعجنات يبقى هذا النوع من المناقيش على رأس اللائحة وهو منافس قوي لكل الأطباق التي قد تقدّم على وجبة الفطور ولا سيما اذا أرفقت بالخضار ومخلّل الخيار. هذا في ما يتعلّق بأهمية الكشك في التاريخ الغذائي اللبناني. وقد صنف هذا الطعام في القاموس الفرنسي «لاروس» بأنه الجبنة الأقدم في العالم التي ابتكرها اللبنانيون. أما فوائده فهي كثيرة على عكس كل الأطباق الشهية التي تخفي في كواليس مذاقها دهون تؤذي الصحة ووحدات حرارية عالية، فالبرغل من النشويات التي توفر طاقة لجسم الكبار وتساعد الاولاد على النمو، اما اللّبن ففيه بروتيين وكالسيوم يساعد على نمو خلايا الجسم، خصوصا العضل، بالاضافة الى نمو العظام عند الاطفال ومنع ترقّقه عند المتقدمين في السن، أي انه مفيد لثلاثة اجيال، خصوصا ان لا دهنيات في هذه المادة اي انها تعطي الطاقة من دون ان تسبّب السمنة شرط عدم التقّيد بتعاليم المطبخ اللبناني والاستغناء عن ما يوضع في خانة الدهنيات المشبعة، لا سيما «القاورما».
وهناك طرق عديدة في صناعة الكشك, ولكنّها متقاربة من بعضها البعض, نذكر بعضها للمعرفة...
بحيث يبدأ تحضير الكشك في منتصف الصيف وحتي إطلالة الخريف ، ومهمة اعداد الكشك تفتح باب المنافسة واسعا بين نساء القرية، لتحاول كل امرأة الإثبات انها تملك حرفية مميزة لصنعه ما يعطي مذاقه خصوصية تختلف باختلاف «نفس» بين هذه القروية أو تلك :
(1) يجمع اللبن الخض يوميا فى أكياس من الدمور (نوع من الأقمشة) توضع فى مواجير وتملح الجدران الخارجية لهذه الأكياس من أن لأخر بعد غسيلها بالماء لإزالة الطبقات الهلامية التى تتكون عليها.
(2) يلاحظ خلط وتقليب اللبن الخض بعد كل إضافة وهكذا يتم تجميعه فى خلال شهر مايو أو يوليو أو أغسطس حيث يصعب ترقيد اللبن فى هذا الوقت لإرتفاع درجة الحرارة حتى يصبح القوام كثيف نتيجة لرشح الشرش. (المخزون من اللبن يسمى لبن الزير).
(3) عند بدء عمل الكشك يغربل القمح وينظف ثم يوضع على النار في آنية كبيرة من الصاج ( البراميل ) حتى تنتفخ الحبيبات ويسمى بليلة أو Parboiled wheat.
(4) ترفع البليلة بعد ذلك من فوق اللهب ويصفى الماء وتغسل الحبوب المنتفخة بالماء البارد عدة مرات لفصل المواد الجيلاتينية "الغروية" الموجودة بالحبوب ثم تجفف بوضعها على الحصر فى الشمس الحارقة ( فى الصيف ) وقد تاخد مده اسبوع او عشرة ايام حتى الجفاف المناسب.
(5) يتم فرك (هرس) الحبوب السابق تجفيفها فى الشمس لفصل الأغلفة الخارجية ثم يتم دشها وطحنها بواسطة طاحونة حجرية (رحى) لتكوين مجروش يبلغ قطر حبيباته 0.5-2 مم تقريبا وهذا يسمى فى بعض المناطق خاصة بلاد الشام بالبرغل.
(6) توضع الحبوب المجروشة فى مواجير من الفخار حتى منتصفها تقريبا ويضاف إليه محلول ملحى إلى أن يصبح قوامه هش ثم يخفف لبن الزير السابق تحضيره حتى يصبح قوامه شرابى خفيف ويضاف إلى مواجير الفخار المحتوية على الحبوب المجروشة فيما يسمى بيوم الحمى.
(7) يترك هذا المخلوط فى المواجير حتى اليوم لكى يتخمر ويزداد عدد الخمائر وتتكون غازات أى تخمر للمخلوط وهذا المخلوط يرتفع بفعل الغازات حتى يمتلئ الماجور.
( تعجن محتويات الماجور عجنا شديدا ويشكل العجين على هيئة كريات قطرها تقريبا 6 بوصة وتنقل من الماجور ويتم تخفيفها بكمية أخرى من لبن الزير ويعاد العجن ثانيا ويترك الماجور بما فيه للتخمر لليوم التالى ثم تعجن للمرة الأخيرة وتشكل على هيئة كرات صغيرة الحجم قطرها 5-6 سم , فيما يسمى بتقطيع وبعرمة الكشك اى تقطيع العجين الى قطع صغيرة ثم تدويرها (بعض المناطق لا تدور الكشك).
(9) تنشر هذه الكريات إما على قماش أو على سيقان بعض النباتات المائية مثل البردى وتترك فى الشمس لمدة أسبوع حتى تجف الكريات ويلاحظ تغطية الكشك فى المساء حتى لا يتعرض لإمتصاص رطوبة من الجو وكذا حمايته من التلوث بالأتربة.
(10) بعد جفاف الكشك قد يتم تحميصه ويتم تخزينه فى الصوامع البلدية ( اسطوانات مصنوعة من الطين ) لحمايته من الحشرات والرطوبة إلى أن يستهلك حيث يتم استهلاكه على مدار السنة.
وهناك عادات وتقاليد مرتبطة بصناعة الكشك... ارتبطت صناعة الكشك بأعراف وتقاليد قديمة , كثيرة ومتعددة , ما زال بعضها حاضراً في وعي الفلاحين في القري واندثر بعضها الاخر فيما الثالث اعتراه نوع من التغيير ليواكب متطلبت وضرورات العصر لكن وعلي أية حال تشكل أيام الكشك ملتقي للاخوان والاصدقاء والاحبة ففي يوم سلق القمح وتحويله الي ( البليلة ) تشارك الأسر مع بعضها البعض وتتبادل الأدوات المستخدمة في هذه في عملية تفجر ما بكوامنهم من الحب والود الذي يبدو في التعاون والألفة فيما بينهم .
وما زال الجميع يشاركون في جلسة «بعرمة» الكشك الذي يتطلّب «سواعد» وأياد شابة للقيام بالمهمة كما يجب. ولبلوغ هذا الهدف فمن الضروري توزيع الأدوار بين العائلات ليصبح ما يمكن تسميته بـ «حجز دور لسهرة " بعرمة الكشك " على امتداد أيام الأسبوع، وذلك كي لا تتضارب المواعيد ويتمكّن كل شباب القرية وشاباتها من المشاركة في هذه المهمة التي لم تكن يوما عبئاً عليهم، بل على العكس من ذلك كانت فرصة لاجتماع الأحبة .
وما زال رب الأسرة يقوم بدعوة الشباب في مساء يوم الحمي الي عملية عجن الكشك وهو في مرحلة التخمر حيث يتم اعداد وجبة دسمة لهؤلاء الشباب يتناولونها قبل أو بعد عملية العجن وتكون جلسة العجن هذه بمثابة يوم عيد سنوي للأسرة يتبادل فيها الاصدقاء والأقارب التهاني .
ومن العادات والتقاليد المرتبطة بصناعة الكشك أيضاً حرص النساء على حفظه ( خاصة في يوم الحمي ) جانبا بعيدا عن الحاسدات اللواتي ستصيب أسهم عيونهن الكشك في هذه المرحلة ، لا سيما اللواتي اشتهرن بالحسد. اعتقاداً منهم بأن النظرة الحاسدة ستكون كفيلة بافساد عجينة الكشك، وبالتالي ستؤدي الى اتلافه.

وبالرغم من الأهمية التي يشكلها كمادة غذائية وما يحتويه من فوائد فلا يزال انتاج الكشك صناعة بيتية ولم تصل بعد الى مرحلة الميكنة لانتاج كميات اكبر في وقت أقصر , مما حال دون دخوله العمل التجاري فلا يتم بيعه أو شراؤه من المحلات وبالتالي لا يشكل دخلاً لأي من الأسر التي تقوم بصناعته .
ولهذا يدعو الكثيرون الي ضرورة ميكنة صناعة الكشك التي تضمن تحسين صناعة الكشك بدرجة تؤدي الي :
(1) تركيز اللبن الخض أى تحويله إلى لبن زير بطريقة سريعة صحية لكى يكون خالى من الميكروبات المرضية والضارة .
(2) تحسين صناعة مجروش القمح بطريقة سهلة.
(3) زيادة نسبة الدهن فى اللبن الداخل فى الصناعة.
(4) إجراء عملية التقطيع والتجفيف بطريقة سريعة ومنظمة مع تخزين الكشك الناتج فى أماكن لا تصل إليها الحشرات.

فالكشك في بعض القرى والبلدات علامة فارقة في الأسواق... بحيث يكفي البائعين أن يقولوا بأن الكشك الذي لديهم من بلدة كذا، حتى يستدل الزبون على جودته العالية ومكوناته المتكاملة، وهو ركن أساسي ضمن سفرة العائلة الريفية ...
وإعداد الكشك لا يتطلب الكثير من المكونات، لكن كلمة السر تكمن في معايير هذه المكونات وخلطها بشكل مناسب، فهي تتكون من "البرغل،
اللبن، الملح"، ويبقى سر النكهة المميزة في مدى تشرب البرغل باللبن الذي يفضل أن يكون من الماعز، واتقان العجنة والاعتناء بها خلال عشرين يوماً في موسم الصيف».

ويتم غسل البرغل جيداً قبل وضعه بالشمس حتى يجف بصورة كاملة، وخلال هذه الفترة نقوم بترويب اللبن حيث يحتاج كل كيلوغرام برغل إلى اربعة كيلوغرامات من اللبن، ويتم مزج اللبن مع البرغل مرتين يومياً على مدى اسبوع كامل، ويتم خلطها مع كميات من الملح حتى تصبح عجيناً، بعدها يتم تقطيع العجنة إلى أجزاء صغيرة وتوضع على أسطح المنازل لتشميسها مع الاعتناء بها وتقليبها لمدة اسبوع، وحين تجف بشكل كامل تفرط جيداً لتصبح أجزاء أصغر، ومن بعدها

يتم طحنها وغربلتها لتفريغها من الشوائب، علماً أن هذه الشوائب تباع أيضاً إلى الأفران، وتستخدم في المناقيش الجاهزة».

الكشك الذي يصنع بتقنية عالية هو الأفضل دون شك وذلك لعدة أسباب أبرزها الخبرة في صناعة الكشك على بساطته، وهي خبرة متوارثة، والعناية التي توليها ربات المنازل لإعداد الكشك، إضافة إلى جودة لبن الماعز في المنطقة».

والكشك نال شهرة واسعة في بعض الدول العربية، وذلك لأن المغتربين من أهل المدينة كانوا يحملونه معهم إلى الدول العربية التي يسافرون إليها رغم بعض المخاطر التي تواجههم نتيجة جهل السلطات في مختلف الدول بهذه المادة، وشكوكهم بمحتوياتها».

يشار إلى أن الكشكيعد من أهم مكونات المونة في منطقة الريف، ويمكن تناوله خلال فصل الشتاء إما مغلياً مع اللحمة المفرومة والبصل، أو في "فطائر" عجين مغمسة بالبندورة والبصل، أو يوضع مع الزيت البلدي على مائدة الفطور.

ورغم بساطة مكوناته إلا أن "الكشك" يحمل قيمة غذائية عالية، ويعتبر من المأكولات الخالية من المواد الدهنية،

أي إنه يعطي الطاقة من دون أن يتسبب بالسمنة.

وصنع الكشك , يتم هذه العملية على مرحلتين :
المرحلة الأولى - يوضع البرغل ( الناعم أو الوسط ) بالماء الساخن لفترة قصيرة في إناء نحاسي كبير , ثم يعصر وينشف جيدا ويوضع على شرشف الكشك النظيف , ويرش بالملح واللبن , ثم ينقل إلى إناء فخاري كبير يسمى ( الجسطر ) ويمزج بالحليب أيضا ويعجن جيدا ويغطى بأغطية سميكة لتحافظ على حرارته ولكي يتخمر وتنضج حبة البرغل مدة أسبوع تقريبا . وفي كل يوم يتم عجنه وتقليبه وإضافة القليل من الحليب أو اللبن ,, الماعز أو الغنم ,, - حسب الحاجة .
المرحلة الثانية - ينقل معجون الكشك الناضج ذو الرائحة والنكهة المميزة - في أوعية إلى أسطوح المنزل منذ الفجر ويوضع على الشراشف البيضاء الخام المخصصة لذلك , وتبدأ ربة البيت بتقطيعه ( فته ) قطعا صغيرة ثم أصغر وهكذا .. يترك قليلا تحت الشمس والهواء , ثم تبدأ أكف النساء الناعمة بفرك الكشك ليصبح ذرات ناعمة لتبدأ بعدها عملية هزه ونخله بالمنخل الناعم من قبل الجدات , وهكذا مرة تلو الأخرى حتى لا يبقى منه سوى القليل من النخالة ,, قشر البرغل ,, تسمى ( سبابة ,) , وكانت المرأة التي لا ينتج من هذه المادة إلا حبة قليلة جدا في نهاية هذا العمل , تعد إمرأة ماهرة في صناعة الكشك , أي أنها تعرف أسرار هذه المهنة . وأخيرا .. الناتج من الكشك الناعم يجفف جيدا ويعبأ في جرار فخارية أو أكياس الخام البيضاء أو أية أوعية أخرى , ليحفظ مؤونة للطعام , ليؤكل مع ,, القاورما ,, أو الكبة . وبعضهم كان يترك قسما من معجون الكشك قبل تجفيفه ليضعه بالزيت في جرار أو أوعية زجاجية ليؤكل طازجا طريا ويسمى ,, كشك أخضر ,,

فالكشك” أكلة شعبية قديمة قدم المأكولات السورية الريفية لا يمكن أن تغيب عن مائدة السوريين في فصل الشتاء ويحترف إنتاجه أبناء الريف خصوصا في حمص وما إن يأتي فصل الصيف وينتهي الناس من مواسم الحصاد حتى ترى سطوح منازل الريفيين مليئة بأطباق الكشك ذات المذاق الطيب واللون الأبيض الجميل.
وعن طريقة صناعته فأن اللبن المادة الأساسية لصنع الكشك حيث يوضع ضمن أوعية بلاستيكية كبيرة ويبزل منه الماء يوميا مع اضافة الملح لمدة 15 يوما وتجمع الكمية الباقية من اللبن وينقع البرغل الناعم ببعض اللبن الساخن لمدة نصف ساعة ثم يفرك جيدا ويضاف إليه اللبن المخزن في الأواعي البلاستيكية مع كمية من الطحين حتى تزداد حموضته ويخلط جيدا ثم يوضع بأكياس مصنوعة من النايلون المقفع ويترك لمدة 24 ساعة حتى يتم إزالة الماء منه نهائيا ويقطع الخليط قطعا صغيرة بأطباق يضعها الفلاحون على سطح المنزل لتعريضها لأشعة الشمس حتى تصبح قاسية ويتم حفظها بأكياس مصنوعة من القماش وتخزن.
ولا يمكن أن تكتمل مونة البيت الريفي من دون “الكشك” فهو مرغوب من قبل الكبار والصغار ويتم تناوله في أيام الشتاء بعد أن يقلى بالزيت أو السمنة ويأكل مع الخبز والبصل.
ويتفنن الريفيون في طهو الكشك كما تقول أم محمد حيث يضيف البعض للكشك أفراخ الحمام والدجاج أو الملفوف او يصنع الفطائر المحشوة بالكشك والبصل.
ويعتبر “الكشك” غني بالأملاح المعدنية والكالسيوم وجميع أنواع الفيتامينات المفيدة للصحة ومفيد للزكام والمعدة والأمعاء.

ويكاد لا يخلو منزل بقاعي خلال موسم، الشتاﺀ من مادة بيضاﺀ يحملها معهم ايضا بعض المغتربين الى مهاجرهم ويتحملون احيانا مخاطر الاشتباه فيها من قبل اجهزة المراقبة الـــحـــدوديـــة، حــتــى لا يــفــوتــوا على انفسهم طعمها وفوائدها الغذائية، انه "الكشك" البقاعي، الذي تتفنن العائلات فــي تناوله امــا مغليا مع القاورما والثوم والبصل احيانا او في "فطائر" عجين مغمسة بالبندورة والبصل...
لا تتعدى مكونات الكشك الثلاثة: البرغل، اللبن (الماعز او البقر وفي معظم الاحيان خليط من الاثنين)، والملح... الا ان سر الخلطة هو في مدى اغــداق كمية البرغل بكميات اللبن، واتقان العجنة والاعتناﺀ بها على مدى 20 يوما من موسم الصيف. ولذلك عندما يشتري المستهلك "رطــل" الكشك اي مقدار 2 كيلو ونصف بـ 50 دولارا فهو لا يدفع ثمن مكونات هذه المادة الغذائية فقط انما كلفة الجهد الجسدي.
نأتي بالبرغل اولا و" نصوله "اي نغسله ثم يوضع في الشمس ليجف جيدا، وفي هذه الاثناﺀ نكون قد" روبنا "كميات اللبن المطلوبة، الذي يفضل ان يكون لبن ماعزويحتاج كل كيلو برغل الى كمية تتراوح بين 3 و5 كيلو من اللبن تدعك مع كمية البرغل يوميا مرتين على مدى اسبوع كامل ويتم خلطها مع كميات من الملح، حتى تصبح عجينا... يجب ان يحافظ على العجنة بــاردة خلال هذه المدة، الى ان تقطع العجينة الى اجزاﺀ صغيرة جدا وتوضع على اسطح المنازل لتشميسها مع الاعتناﺀ بها جيدا لمدة اسبوع، حتى اذا جفت كليا تفرك لتصبح اجزاﺀ اصغر، ومن ثم تتم الاستعانة بمطحنة لطحنها، وغربلتها لتفريغها مــن الــشــوائــب. بعد هذه العملية يفترض ان يستخرج من كيلو البرغل كيلو كشك. علما ان الشوائب المستخرجة تباع ايضا الــى الافــران وتستخدم في المناقيش الجاهزة".
وعــن الــفــوائــد على مكونات الكشك. فالبرغل هو من النشويات التي توفر طاقة لجسم الكبار وتساعد الاولاد على النمو، اما اللبن ففيه بروتيين وكالسيوم يــســاعــد عــلــى نــمــو خــلايــا الجسم وخصوصا العضل، بالاضافة الى نمو العظام عند الاطفال ومنع ترققه عند المتقدمين في السن، اي انه مفيد لثلاثة اجيال، خصوصا ان لا دهنيات في هذه المادة اي انها تعطي الطاقة من دون ان تتسبب بالسمنة.".
لا يزال انتاج الكشك صناعة بيتية ولم تصل الى مرحلة المكننة لانتاج كميات اكبر في وقت أقصر رغم كونه مادة مرغوبة لدى اللبنانيين المقيمين والمغتربين.
وينتمي الكشك إلى عائلة الأجبان والألبان، إذ إنه يصنع من اللبن (الزبادي) الممزوج بالسميد (وهو البرغل المصنوع من القمح الطري)، وثم المخمر والمجفف والمطحون.
يعود تصنيع الكشك على الأقل إلى القرن العاشر الميلادي، إلا أن العرب عرفوا اللبن المجفف منذ عصور الجاهلية، وكانت هذه الطريقة الوحيدة لحفظ الحليب الذي ينتج موسمياً، في غياب الثلاجات ووسائل التبريد. يرد في أدبيات بعض المؤرخين الذين تناولوا تطوّر الغذاء التقليدي المحلي أن الكشك كان يصنع من القمح أو الشعير، لكن في أيامنا أصبح الكشك ينتج فقط من القمح. تختلف طريقة صناعة الكشك من منطقة إلى أخرى في لبنان ومن بلدة إلى بلدة في المنطقة الواحدة. فمن المنتجين من يرطب السميد بالحليب قبل مزجه باللبن، ومنهم من يصنعه من السميد واللبنة بدلاً من اللبن.
وتختلف أيضاً فترات التخمير والإنضاج والتجفيف، كما يمكن استعمال حليب البقر أو الماعز أو الغنم، ما يعطي تنوعاً كبيراً في طعم الكشك. فالكشك البعلبكي مثلاً، وهو يصنّع من حليب الماعز، قوي الطعم شديد الحموضة، يفضله أهالي الجبال والبقاع. أما الكشك الجنوبي المصنوع من حليب البقر، وهو خفيف المذاق وقليل الحموضة، فيفضله أهل المدن والسواحل.
يؤكل الكشك في فصل الشتاء مع البصل والثوم المقلي، يضاف اليهما الماء الساخن إلى أن يصبح شبيهاً بالحساء المركز. ويمكن إضافة اللحم المقلي والقاورما وتزيينه بالصنوبر واللوز المقليّين. ويقال إن الكشك كان طعام الجميع في الشتاء، إلا أن الفارق بين كشك الأغنياء وكشك الفقراء كان يمكن في «الزينة» التي تضاف إليه من لحوم ونقولات.
ولعمل الكشك المنزلي , يتم تحضير ما يلي:

٢,٢رطل برغل خشن، أبيض
٤,٤١رطل لبن، الرائب بقري
٢,٢رطل لبنة، البقرية الطازجة
٢⁄٣رطل ملح، أو كمية كافية من الملح الصخري
١كيلوغرام برغل خشن، أبيض
٢كيلوغرام لبن، الرائب بقري
١كيلوغرام لبنة، البقرية الطازجة
٣٠٠غرام ملح، أو كمية كافية من الملح الصخري
طريقة التحضير


١. في وعاء، ينقع البرغل بدون غسيل مع اللبنة، اللبن الرائب وكمية الملح ونحاول عدم لمسه والايادي متسخة أو مبلله بالماء.

٢. يغطى وعاء البرغل بقماش خفيف ويترك لمدة ثلاثة أيام أو أربعة حتى يستوي البرغل أو كما هو معروف حالياً حتى يحمض.

٣. عندما يكون البرغل قد شرب الماء والمصل الناتج عن اللبنة واللبن الرائب يخلط مجدداً ثم يشكل على شكل كرات ويوضع على قطعة قماش ويترك تحت أشعة الشمس حتى تجف كرات الكشك.

٤. بعد مرور يومين، تطحن كرات الكشك الجافة وتنخل وهنا ينتج عن الطحن الكشك الناعم والكشك الخشن.

٥. الكشك الناعم، يستعمل بالطبخ وهي اكلة عرفت ببلاد الشام والبادية السورية تحديداً، الكشك الخشن فيستعمل للمعجنات واكلات الصاج.
اقتراحات

لا يستعمل الملح مع اليود بل يستعمل الملح الصخري.
وممكن استعمال لبن الماعز او الغنم ما يعطي الكشك طعمه الاصلي.

ولصناعة فطيرة الكشك, يتم تحضير ما يلي:
مكونات العجينة
٣ كوب طحين
١ ملعقة كبيرة خميرة فورية
١⁄٢ ملعقة كبيرة نشا
٢ ملعقة كبيرة حليب بودرة
١⁄٤ كوب زيت
١ ملعقة صغيره سكر
١⁄٢ ملعقة صغيره ملح
١⁄٢ ملعقة صغيره كركم
١١⁄٢ كوب ماء دافئة
الحشوة
٢ ملعقة كبيرة كشك، ناعم
١ طماطم، مقطعة مكعبات صغيرة
١ بصلة، مقطعة مكعبات صغيرة
١ ملعقة كبيرة دبس فليفلة
١ ملعقة كبيرة سمسم
١⁄٢ كوب زيت زيتون
٤ ملعقة كبيرة ماء ساخنة
طريقة تحضير فطيرة الكشك
١. في وعاء، توضع كل مكونات العجينة وتعجن جيداً للحصول على عجينة متماسكة وناعمة غير مفتتة ثم تترك العجينة لتتخمر لمدة ساعة.
٢. في وعاء عميق، يوضع الكشك، يضاف إليه الماء الساخن، 5 ملاعق زيت ويحرك للحصول على خليط ناعم ثم يترك الكشك لمدة 1/2 ساعة.
٣. تضاف الطماطم، البصل، دبس الفليفلة، الزيت والسمسم إلى الكشك ويخلط جيداً (تكفي الكمية لصينيتين صغيرتين).
٤. تفرد العجينة، توضع في صينية وتصنع ثقوب ناعمة بالشوكة.
٥. يوضع نصف الخليط على العجين بحيث يترك مسافة 1/2 أصبع من الأطراف بدون حشوة.
٦. تفرد الحشوة في المنتصف ثم تقص الأطراف بالمقص، تطوى فوق الحشوة وتدهن بالزيت ثم يرش فوقها سمسم، توضع في الفرن لمدة 1/3 ساعة على نار متوسطة لتنضج.
٧. ترفع إلى الأعلى لتتحمر من فوق ثم تخرج من الفرن، تقطع على ششكل مثلثات وتقدم فطيرة الكشك دافئة.

وفي طريقه اخري لصناعة الكشك:

١⁄٢كيلوغرام برغل خشن، أبيض
١كيلوغرام لبنة
١ليتر حليب سائل
٣ملعقة كبيرة ملح
طحين حسب الحاجة

١. ينقّى البرغل من الأحجار ومن القشور جيداً، ذلك ضروري لأنها الطريقة الوحيدة لتنظيفه في عمل الكشك.

٢. يوضع البرغل في وعاء عميق وكبير، يضاف إليه الحليب ويخلطوا جيداً.

٣. يغطى الخليط بصينية ويترك لمدة 10 ساعات، في هذه المرحلة ليس بالضروري تحريكه.

٤. باليوم الثاني، يضاف نصف كيلو من اللبنة مع ملعقة ونصف ملح على البرغل ويخلطوا جيداً.

٥. يعاد تغطية الخليط مجدداً ويترك لمدة 4 ساعات مع الإنتباه لخلطه كل ساعة.

٦. بعد مرور الوقت المحدد، يضاف نصف كمية اللبنة الباقي والملح على الخليط ويخلطوا جيداً.

٧. يترك الخليط لمدة يومين مغطى مع مراعاة وضعه في مكان دافئ، ليكتسب الكشك طعمه الحامض والإنتباه لخلطه كل 3 ساعات. تحضر صينية كبيرة ويرش عليها القليل من الطحين، تؤخذ كمية صغيرة من الكشك بحجم حبة الجوز وتوزع في الصينية.

٨. تكرر عملية توزيع الكشك في الصينية حتى إنتهاء الكمية.

٩. توضع صينية كتل الكشك في مكان مشمس وتترك لتجف عدّة ساعات.

١٠. عندما تجف كتل الكشك، تفتت باليد لتصبح كتلاً أصغر حجماً ولتسريع جفافها ثم تترك من جديد لعدة أيام حتى تجف كتل الكشك بالكامل.

١١. عند جفافها بالكامل، ترفع كتل الكشك من الصينية، تطحن بمطحنة البهارات أو المولينكس، حتى يصبح الكشك مثل البودرة وجاهز للاستعمال.
اقتراحات

ملاحظة: عند وضع الكشك ليجف يوميين، يجب إدخاله بمكان جاف عند غياب الشمس حتى لا يكتسب رطوبة ويأخذ مدة أطول لجفافه.
تحفظ بودرة الكشك في مرطبان محكم الإغلاق لحين إستعماله.
ويعد الكشك من أهم المأكولات الشعبية المشهورة التي تقدم في فصل الشتاء بريف حمص وبالرغم من بساطة مكوناته إلا أن طعمه اللذيذ يجعله من الأصناف الرئيسيةعلى المائدة الحمصية في فصل الشتاء.‏
وعن طريقة صناعة الكشك فإن مكوناته بسيطة للغاية فهو عبارة عن البرغل الناعم أو الخشن و اللبن و الملح حيث نغسل البرغل ونتركه حتى يجف تماما ثم نقوم بترويب اللبن ويترك في الشمس حتى يكتسب حموضة ويضاف إليه البرغل ويعاد إلى الشمس مرة أخرى حيث نقوم بتغطيته على مدى ثلاثة أيام وكل يوم يتم تحريكه ويضاف له مزيد من اللبن عند التحريك حتى يكون الكشك قد جف فإما أن يصنع منه قطعا صغيرة توضع في غربال للتخلص من القطع الزائدة أو تطحن بمطحنة لينتج عنها خيوطا تفرك باليد لتتحول إلى ما يشبه الطحين السميك ونضعه مرة أخرى على صينية ليجف تحت أشعة الشمس بشكل جيد مشيرة إلى أن سر النكهة المميزة في مدى تشرب البرغل باللبن واتقان العجنة والاعتناء بها في موسم الصيف.‏
والكشك عبارة عن نوع من أنواع الشوربات الغنية بالألياف والتي تبعث الدفء والحرارة في فصل الشتاء ويحمل قيمة غذائية عالية ويعتبر من المأكولات الخالية من المواد الدهنية كما أنه يعطي الاحساس بالشبع لفترة طويلة ويعد موردا هاما للعديد من أهالي القرى حيث يقومون بصنعه في الصيف وبيعه بالمدينة في فصل الشتاء.‏
ويحضر الكشك مع اللحمة الناعمة ويزين بالسمن والثوم والنعنع الناعم أو مع الدجاج كحساء ومن أشهر الأكلات التي يصنع بها هي الكبة مع الكشك حيث تضاف الكبة المقلية إلى حساء الكشك وهو يغلي مع تحريكه باستمرار كما نصنع منه الفطائر بالكشك المغمسة بالبصل والبندورة وهي من أشهر الأكلات في قرى حوران.‏
وضرورة صنع الكشك في فصل الصيف فقط لأنه يحتاج إلى أشعة الشمس القوية بالإضافة إلى الاحتفاظ به في كيس من القماش بعيدا عن الرطوبة في فصل الشتاء حتى يحافظ على نكهته ومذاقه الرائع.‏
حليب الماعز هو حليب معتدل ولطيف مرطب ونافع للمصابين بقروح الحلق والسعال الناشف ونفث الفم الا أنه فقير بالنحاس وسهل للهضم جدا ً يجب الانتباه الى أن الماعز هو الناقل الوحيد للحمى المالطيه لذا يجب اتباع القواعد الصحيحه عند تناول حليبه لجهة تصفيته جيدا ً وغليه وشربه علما ً بأن هذا الحليب يعطي أجود أنواع الجبن كما يدخل في صناعة الكشك: ( الأكله اللبنانيه الشهيره)...

المصادر: مواقع الشبكة العالمية العنكبوتية للمعلومات...