المسيحيون بخير والحمد لله

كاظم فنجان الحمامي

نتيجة لانزعاج بعض المتأسلمين العرب وتذمرهم من مقالاتي المناصرة للأقليات الإثنية في العراق، والتي وقفت فيها مع ضحايا الحملات العدوانية الظالمة، سأكتب مقالة أخرى أفصلها هذه المرة على مقاسات أذواقهم، أقول فيها:
يعيش المسيحيون أجمل أيامهم في الهواء الطلق، وعلى وجه التحديد في سفوح الجبال وبواطن الوديان ورمال البراري، فالعيش خارج منازلهم في الأجواء المفتوحة يمنحهم حرية الاستمتاع ببرودة الليالي المظلمة، والتعايش مع الذئاب والثعالب والدببة في الكهوف والأخاديد الجبلية. حيث يقطفون طعامهم من بقايا الثمار المتيبسة فوق الأغصان، ويشربون المياه الراكدة في قعر الجداول المتعرجة وفي قيعان الوديان السحيقة.
لقد عادوا الآن إلى الطبيعة البرية المفتوحة كما الهنود الحمر في أيامهم الأولى، ليمارسوا الأساليب البدائية التي اكتشفها أجدادهم في العصر الآشوري، فتركوا المعلبات والمرطبات والمشويات والمقليات، واستغنوا تماما عن بطاقاتهم التموينية التي أرهقتهم بالسمن النباتي والرز والنشويات والمساحيق الكيماوية، باعتبارها من الممنوعات المسببة لسلسة طويلة من أمراض الضغط والسكري والنقرس وزيادة الوزن، وفضلوا السير على أقدامهم حفاة عراة فوق الصخور الوعرة متجنبين استعمال سياراتهم التي تركوها وراءهم في بيوتهم المهجورة. فتخلصوا من منغصات التلوث التي كانت تجلبها لهم محركات البنزين والديزل. واكتشفوا أن المشي فوق الصخور يعد من الطرق الرياضة المعتمدة في تصحيح تشوهات العظام والعمود الفقري.

المسيحيون الآن يفترشون العشب الرطب ويتدثرون بمظلة السماء الملبدة بالغيوم، لا حاجة لهم بعد الآن للكهرباء وأجهزتها المرتبطة بشبكات الراديو والتلفزيون والانترنت، خصوصا بعدما تحولت قصتهم إلى مادة إعلامية نادرة تشبه مواد الناشيونال جيوغرافي، صاروا الآن فرجة لمن هب ودب في هذا الكون الفسيح.
أما المستشفيات والعقاقير والأقراص فليسوا بحاجة إليها هي الأخرى، فقد ساعدتهم جداتهم في العودة إلى الطب الأعشاب، فالغابات القريبة منهم عبارة عن صيدليات كبيرة فيها كل ما يحتاجه المريض من دون وصفات طبية.
يمضون أوقاتهم كلها في اللعب والمرح بين أشجار الجوز والبلوط والكروم، تحوم حولهم الطيور والزرازير بأصواتها العذبة. يؤنسهم البعوض الجبلي بمزاحه الثقيلة، وتداعبهم العقارب بلدغاتها الاستفزازية المفاجئة، فيتجمعون هربا منها حول حلقات النار، حيث الدفء والألفة التي يوفرها لهم الحطب الذي يجمعه صغارهم من الأشجار القريبة.
حتى المدارس والأعمال الروتينية غادروها ورفضوا العودة إليها، فالتعليم المفتوح يمنحهم فرصة كبيرة لتعلم دروس الجاذبية الأرضية من الصخور المتدحرجة والأغصان الساقطة فوق رؤوسهم، وربما يتعلمون الحساب من جمع حبات الحصى، وبيض طيور الكركي الجميل، ويمارسون رياضة الركض والهرولة صعودا ونزولا بحثاً عن الفطر البري بين الشقوق الصخرية.
أغلب الظن أنهم يحمدون الله ويشكرونه على هذه النعمة التي هبطت عليهم في ربوع وطنهم، ويسألون الله تعالى أن يوفر لأبناء القبائل العربية البدوية التي أسهمت في تفعيل رحلتهم البرية الجبلية، ويمن عليهم برحلات طويلة في صحراء الربع الخالي أو في جوف الخليج العربي وأمواجه المتلاطمة، ليعيشوا هم وعوائلهم في تلك الأجواء الطبيعية الحميمة، ويجربوا العيش مع السحالي والعرابيد والأفاعي.
ختاماً يتقدم المسيحيون بالشكر الجزيل إلى حكومة الرجب الطيب الأردوغان لمساعدته لهم في إرسال تعزيزات الدواعش الذين أفرغوا بيوتهم من محتوياتها، والشكر موصول إلى حكومة الدوحة التي منحتهم فرصة الهجرة الليلية القسرية.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا يا رب