القدس .. مجد عروبتكم

عذراً مظفر ، ودعني أخالفك الرأي واقول لمن قصدت من العرب مردداً بصوت عال .. بأن القدس هي مجد عروبتكم .. ولن تسمح القدس لعروبة زائفة أن تزفها عروساً مقهورة مرغمة لبغاة الأرض ، ولن تسمح لمستعربين ولا لمتفسلطين – مدعي الانتماء الفلسطيني - أن يدخلوا الزناة إلى حجرتها ، وستحرمهم من الوقوف على باب حجرتها متلذذين بفض غشاء بكارتها وسماع صوتها ألماً أو بالتلذذ على صوت أنفاس بغاة الأرض وهم يتلذذون بفض غشاء بكارتها وستقول لهم وتصرخ أنا العذراء الأبدية ومني ولدت العذراء أم المسيح ، فهاهي القدس ، تلد رجالاً وأبطالاً وهاهي تصرخ وتقول للبغاة هاهم ابنائي الذين ابتكروا أسلحة ما كانت تخطر للصهاينة المستعمرين على بال ، فمن السكين إلى السيارة والساطور يحاولون استئصال المستعمرين الصهاينة وتطهير حارات القدس وشوارعها منهم ومن آثار تدنيسهم لها وهم بما يقومون به يردون على استفزازات هؤلاء المستعمرين واعتداءاتهم على القدس وعلى درتها المسجد الأقصى ، وهم بذلك ينتقمون لشهداء مضوا في سبيل الله والوطن والقدس والواجب .
وبعد قرابة نصف قرن من احتلال سرطاني خبيث ، وبعد ما دنس الصهاينة المستعمرين مقدسات قدسنا ورقصوا في ساحات الأقصى ولعبوا كرة المضرب في رحابه المباركة ، وبعد أن ظن الظانين بأن القدس راضية عن المستعمرين الذين يقوموا كل يوم بتوجيه الدعوة للمستعربين للفرجة أو المشاركة بحفل خطبتهم غصباً على القدس ، والمستعربين فرحين مبتسمين مشدوهين بكل ما يشاهدوا لا يحركهم دم ولا يستيقظ لهم ضمير ... فالقدس لم تعد تمثل لهم إلا نشيداً وشعاراً ممجوجاً يرددونه حيثما ذهبوا صباح مساء ، فدولتهم المنشودة متقزمة وعاصمتها مغتصبة ، وكأن القدس قد أصبحت مخدراً لشعب مكلوم صنعته سلطة قابعة في مقاطعة بحرفية بالغة وبإمتياز صهيوأمريكي لتضمن بقاءها ووجوودها متحكمة بمصير شعب يرفض الاستعمار والعبودية ، سلطة رضخت مسرورة لشروط الصهاينة فكبلت نفسها راضية مرضية بتلك الشروط وتفوقت بتنفيذها حين تميزت بالمحافظة على أمن اسرائيل أكثر من الصهاينة أنفسهم من خلال ما أسماه الصهاينة وما ورد في اتفاقية اوسلو بالتنسيق الأمني ، ذلك التطويع الأمني الذي كان أداة من أدوات القمع وتكميم الأفواه لكل من يحاول حراكاً لمساندة القدس والدفاع عنها ، ولعل ما جرى ويجري في القدس يثبت أن قدرة السلطة القزمة بالقمع تتفوق على قدرة الكيان الصهيوني فلا حراك في ما هو تحت سلطة السلطة وعمليات مقاومة مبتكرة في القدس الواقعة تحت سلطة الصهاينة والمستعمرين .
وبعد أن أثبت الصهاينة همجيتهم وعنجهيتهم حين دمروا وقتلوا وحرقوا وشنقوا الأبرياء ولعبوا ورقصوا في الأقصى ، ظانين أن نبض المقاومة قد انتهى ، يخرج علينا أبناء القدس في عملياتهم وبأسلحتهم غير القابلة للمراقبة والمنع ، فتوالت عمليات دهس المستعمرين إلى أن جاء هذا اليوم الذي استبدلت السيارات بالساطور والسكين ليقول لنا أبناء قدسنا بأننا أحياء ولن نرضخ لعدوان أولمستعمر ، ولن نرضى ابداً بانتهاك القدس ولا بقتل أبنائها، فكانت عملية الكنيس الأخيرة بمثابة رد على ماقام به الصهاينة من شنق وحرق لبريئين من أبناء القدس .. وكان لا بد من دفع الثمن .. حيث تأتي هذه العملية بمثابة رسالة واضحة قوية لكل من يريد ان يتعظ بأن هذا هو الرد على قتل الابرياء ، وأما الرد على اقتحام اقصانا وتدنيس مقدساتنا فسيكون حتما أقوى وأكبر حين تشتعل إنتفاضة مباركة قادمة لامحالة لتمهد طريق الحرية ولتصنع لنا الغد المشرق ...
وعلى الرغم من الإحتفاء بهذه العمليات في الشارع الفلسطيني والعربي يخرج علينا رئيس السلطة ورئاسة السلطة في رام الله يشاركها في ذلك أصوات بعض من المستعربين لتدين وتستنكر قتل المدنيين ، وكأن المستعمرين في رأيهم قد اصبحوا مدنيين، وكأن حاخامات صهيون موزعي حلوى على ابناء فلسطين بدلاً من الرصاص وحبال الشنق ، وباستنكارهم لعملية الكنيس قاموا بتشبيه الأقصى المبارك اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بكنيس أقيم على أرض مغتصبة ، في ذات الوقت الذي يخرج قادة الارهاب ليحملوا رئاسة السلطة مسؤولية تلك العمليات وكأنهم يقولوا بأن التطويع الأمني الذي تقوم به السلطة يجب أن يشمل المقدسيين كما تم تطبيقه على أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة .. علاوة على ما قرره نيتنياهو من رد على العملية متمثلاً بإقامة حواجز على مداخل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية وتكثيف تواجد قوات الاحتلال وانتشارها في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية والقيام بحملات تفتيش مدروسة وتكثيف اصدار رخص الأسلحة للمستعمرين الصهاينة في القدس علاوة على إضافة وحدتين لحرس الحدود في القدس كما تقرر هدم منازل منفذي العمليات وتعزيز حماية الأماكن العامة وفي كل ذلك مفارقة غريبة بين ما تقوم به السلطة في رام الله وبين ما يقوم به الاحتلال ، فالصهاينة مستمرين في عدوانهم وتسليحهم وبطشهم ومضايقتهم للفلسطينيين في القدس وغيرها وسلطة رام الله تستنكر وتشجب مقاومة الاحتلال .
إن مجمل العمليات الأخيرة على الساحة المقدسية تؤكد للجميع بأن نبض المقاومة ما زال حيا مشتعلاً بانتظار لحظة انطلاق الثورة الحقيقية التي ستمحو آثار القدم الهمجية عن أرض فلسطين كل فلسطين ، ولتثبت للقاصي والداني بأن بوصلة الثورة والجهاد هي القدس ولا مكان غير القدس ... والقدس لن ترضى ابداً بأن تكون عروساً مكرهة على الزواج أو الإغتصاب ، وستبقى دوماً مجد العرب ومجد العروبة الحقة ....

ابراهيم ابوعتيله
عمان – الأردن
18/11/2014