أحداث فلسطين تكشف عن حجم الهوة بين الأمة وحكامها الطواغيت فتنثر بذلك بذور الخير
دانت رئاسة السلطة الفلسطينية الثلاثاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني الهجوم على كنيس يهودي بالقدس والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 5 "إسرائيليين"، ونقلت وكالة "وفا" الفلسطينية الرسمية أنّ الرئاسة تدين أيضا "كل أعمال العنف أيا كان مصدرها، وتطالب بوقف اقتحامات المسجد الأقصى واستفزازات المستوطنين وتحريض بعض الوزراء الإسرائيليين". هذا وأكدت حكومة رامي الحمد الله في رام الله على بيان الرئاسة الفلسطينية بإدانة عملية القدس وبشأن ما جرى ويجري فيها. ومن جانبه قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إنه "لا يمكن قبول الهجمات المستهدفة للأماكن المقدسة أياً كان مصدرها". وفي المقابل وزّع شبان في قطاع غزة الحلويات على المواطنين، ابتهاجًا بتنفيذ العملية.

من الواضح مدى اتساع الهوة بين أهل فلسطين والأمة الإسلامية من جانب، وبين السلطة الفلسطينية والحكام من جانب آخر، فالسلطة الفلسطينية وكما اعتادت في أكثر من مناسبة أن تساوي بين دماء الشهداء الذين يقتلهم يهود سواء من خلال الجيش أو المستوطنين، وبين قتلى يهود المجرمين، بوقاحة منقطعة النظير ودونما خجل أو حياء من الله ولا من عباده، وعمليا، فالسلطة تعتبر دم يهود مصونا وخطا أحمر تستنفر من أجله قواتها وأجهزتها الأمنية على طول الضفة الغربية وعرضها، بينما لا تحرك ساكنا أو تخطو خطوة في اتجاه حماية دم المسلمين في فلسطين، بل وجردت أهل فلسطين من كل مقومات الدفاع عن النفس ولاحقت كل من يفكر بإيذاء يهود.
ومثل السلطة في السوء حكام المسلمين، لا سيما حكام الجوار وتركيا، الذين يشاهدون المجازر تُرتكب بحق أهل فلسطين وغزة والمسجد الأقصى والمرابطات فيه، فلا يتحرك لدى أمثلهم طريقة سوى شفاههم للإدانة أو لمطالبة المجتمع الدولي بالتدخل، بينما يغط الباقون في صمت مريب.
والآن يخرج هؤلاء وهؤلاء لإدانة عملية قام بها من ثارت لديهم الحمية والدماء على المجازر والانتهاكات التي يتعرض لها أهاليهم والمسجد الأقصى المبارك، بأبسط الأدوات التي يمتلكونها بعد أن ترك الحكام أهل فلسطين عزلا مجردين من أدنى وسائل المقاومة.
نعم، أحداث جسام عظام تعصف بالأمة الإسلامية، في فلسطين والشام، وفي العراق وأفغانستان، وفي بورما وأفريقيا الوسطى، وكلها تكشف عن حجم الهوة الكبير بينها وبين حكامها العملاء، وحال الحكام فيها كحال المنافقين الذين يحلفون بالله أنهم منا وما هم منا، ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾.
وهذا بلا شك هو بشرى خير، إذ يُعدُ الأمة للتخلص من هؤلاء الطواغيت، حتى إذا ما حان وقت الخلاص منهم وإقامة الخلافة على منهاج النبوة، رأيت الأمة تلفظهم ومن معهم ومن شايعهم لفظ النواة، مدحورين غير مأسوف عليهم.
فهي حالة انفصال بين الأمة وحكامها تعجل من تلك اللحظة التي تهترئ فيها عروش الحكام فتخر صعقا، وما ذلك على الله بعزيز.