مشروع احياء اللغة العثمانية واعادتها الى الثقافة العالمية

اللغة العثمانية تكتب بالحروف العربية بالإضافة الى بعض الحروف الفارسية المطورة عن العربية بهدف تمثيل بعض أصوات الحروف القليلة التي توجد في اللغة الفارسية واللغة التركية ولا توجد في اللغة العربية.

عقيدة الاتراك الاسلامية وانتمائهم اليها وتأثرهم الشديد بها واحتكاكهم بمواطنيهم من العرب والفرس كانت على الدوام من الأسباب المباشرة في اقبالهم على تعليم أولادهم اللغة العربية والفارسية من جهة كما كانت هي السبب الرئيس وراء عنايتهم وتفننهم بتطعيم لغتهم التركية وتزيينها بكثير من المفردات والأساليب اللغوية العربية والفارسية أيضا.

لذلك فقد تطورت اللغة التركية القديمة وازدهرت وصار اسمها (اللغة العثمانية) لأنها كانت هي اللغة الرسمية في دوائر الدولة العثمانية، كما كانت هي اللغة التي كانت تستخدم بشكل رئيسي في المناطق والمدن التركية وكذلك في المدن العربية بحكم الحاجة الادارية الى جانب اللغة العربية التي بقيت لها السيادة في أرياف المناطق العربية وذلك لقلة الاستخدام وقلة المدارس التي تعني بتدريس اللغة العثمانية في المناطق الريفية العربية الشاسعة في ذلك الوقت.

وبعد انهيار الدولة العثمانية وانسحاب بقايا جيوشها الى قلب الدولة في المناطق التركية التي صمدت أمام محاولات الاحتلال والانتداب من قبل الدول الغربية، قامت دول الانتداب بالتعاون مع الادارات العربية المحلية بوضع المناهج التي انهت تعليم واستخدام اللغة العثمانية في المناطق العربية، وأما في المناطق التركية التي خاضت شعوبها مع ما تبقى من القوات العثمانية حربا انتهت بالتحرير والاستقلال فقد استولى على قيادتها جماعة من العلمانيين بقيادة مصطفى كمال أتاتورك حيث قام هؤلاء بتأسيس الجمهورية التركية وفرضوا عليها وصايتهم، وقاموا بسن القوانين العلمانية التي كان من أهمها قانون قبول الحروف التركية اللاتينية من أجل قطع صلة الأجيال الجديدة مع التراث المكتوب، ووضعوا السياسات المختلفة من أجل تتريك اللغة وتغريبها وتجديدها وتحديثها، ووضعوا قوانين أخرى كانت تهدف صراحة الى تغريب الشعب التركي، وقطع صلته ببقية الشعوب العثمانية، وقطع واضعاف صلة الشعب التركي بالدين الاسلامي والتراث والحضارة العثمانية.

ورغم كل التدابير التي اتخذتها حكومات الوصاية العلمانية المتتالية خلال قرن مضى فان الفجوة والاختلاف الذي تم اختلاقه بين اللغة التركية القديمة (العثمانية) وبين اللغة التركية الحديثة ما يزال قابلا للتجاوز، وما تزال الظروف الايجابية المساعدة مهيئة لإعادة احياء اللغة العثمانية القديمة الى جانب اللغة الحالية، وما تزال كافة الأبواب مفتوحة أمام تطور اللغة العثمانية كلغة حضارية ثرية بالمراجع التي غيبتها السياسات العلمانية الظالمة التي بدأت في الانحسار والتراجع نتيجة للتطور الثقافي والحضاري الحالي للشعب التركي.

لا يمكن حصر الفوائد والمنافع والخيرات والمكتسبات العلمية والثقافية والعقدية أيضا والتي سوف تعود على الثقافة العالمية فضلا عن التركية بسبب الاجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية الحالية بمباركة من غالبية الشعب التركي الممثل في البرلمان من أجل اعادة احياء اللغة العثمانية الثرية والتوسع في تعليمها ونشرها وانقاذها من الاندثار.

منذر أبو هواش