مفاهيم و تأمّلات تربويّة
في ظلال قصّة النّبي موسى (ع) و العبد الصّالح "الخضر" (ع)

بقلم: حسين أحمد سليم

إختصّ الله عزّ و جلّ رسوله إلى بني إسرائيل النّبي موسى (ع) بنعم و فضائل كثيرة, و كذلك إختصّ قومه بهذه النّعم و الفضائل التي أنعم و تفضّل بها عليه, و لذلك فقد ظلّ موسى (ع) يشكر الله على نعمه هذه و فضائله.
و كان النّبي موسى (ع) يصلّي لله شكرًا على ما أعطاه من نعم و فضائل, يتعبّده حمدًا على ما وهب له, و يبتهل إليه أن يديم عليه رضاه و كرمه.
و حكاية النّبي موسى (ع) مع العبد الصّالح "الخضر" (ع), بدأت كما نقلت لنا المرويات عن الإخباريين, حينما كان النّبي موسى (ع) يخطب يوماً في بني إسرائيل واعظًا و راشدًا و هاديُا، و ما كاد ينتهي من تعداد فضائل الله و نعمه عليه و على قومه...
حتّى قام أحدهم سائلاً له: هل يوجد على وجه الأرض أعلم منك؟
فقال موسى: لا... متّكئًا على ظنّه أنّه لا أحد أعلم منه...
فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله...
و قال سبحانه له: إنَّ لي عبداً أعلم منك و إنَّه في مجمع البحرين، و ذكر له أنّ علامة مكانه هي فقد الحوت...
فأخذ النّبي موسى (ع) حوتاً معه في مِكْتَل و سار هو و فتاه يوشع بن نون...
و بيّنت لنا بعض آيات سورة الكهف, كيف إلتقى الّنبي موسى (ع) مع العبد الصّالح "الخضر" (ع)...
إذ بدأت حركة فعل الحكاية في القرآن الكريم, بعزم النّبي موسى (ع) على البدء بالرّحلة إلى مَجْمع البحرين سعيًا حثيثًا في طلب العلم من العبد الصّالح...
كما يتبيّن ممّا جاء وحيًا من الله تعالى حيث قال: " وَإذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ".
و في سياقات الآيات المباركة في سورة الكهف من الآية 60 إلى الآية 82 تتابعتْ الأحداث حيث نسيا الحوت و واصلا طريقهما، ثمّ تنبّها لنسيانه فعادا حيث كانا عند الصّخرة، و لقي النّبي موسى (ع) العبد الصّالح "الخضر" (ع) عند مجمع البحرين...
الخضر (و القول بنبوّته قوي) عبد صالح عرّفته الآيات القرآنيّة في سورة الكهف, وهبه الله تعالى نعمة عظيمة من العلم و فضلاً كبيراً من الصّلاح...
و هذا ما بيّنته الآية المباركة التّالية: "فوَجَدَا عبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً".
و تستمرّ تفاصيل القصّة القرآنيّة, حين يعرض النّبي موسى (ع) على العبد الصّالح "الخضر" (ع) مرافقته في سبيل لطلب العلم و نهله من معينه، و كان الشّرط بينهما، و ما حصل أثناء هذه الرّحلة من أحداث، في تسلسل قرآني جميل...
حيث قال تعالى: " قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)".
ثمّ إنطلقا، و حصلت المواقف التي لم يصبر النّبي موسى (ع) عليها، و كان الختام حين إفترقا، ليقدّم المعلّم ( و هو العبد الصّالح "الخضر" (ع)) للمتعلّم ( و هو النّبي موسى (ع)) تفسيرًا لكلّ ما حصل، تجلّت في دروس عظيمة ظلّت خالدةً تتلى...
حيث قال تعالى: " قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا".
ثمّ بدأ العبد الصالح "الخضر" (ع) يشرح للنّبي موسى (ع) مع خفي عن علمه من أسرار المعجزات الآيات...
نستشفّ من الأحداث التي حصلت مع العبد الصّالح "الخضر" (ع) و النّبي موسى (ع) الكثير من العبر و الحكم و المفاهيم و التّأمّلات التي نستفيد منها في مسارتنا تربويّا و إجتماعيّا و إنسانيّا, يمكن لنا تلخيصها بما يلي:
فضيلة العلم أسمى الفضائل، و الرّحلة في طلبه تعتبر عبادة، و أنّه أهمّ الأمور... فإنّ النّبي موسى (ع) رحل مسافة طويلة، و لقي النّصب في طلبه، و ترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم و إرشادهم، و اختار السّفر لزيادة العلم على ذلك...
البداءة بالأهم فالأهم، فإنّ زيادة العلم و علم الإنسان أهمّ من ترك ذلك، و الاشتغال بالتّعليم من دون تزوّد من العلم، و الجمع بين الأمرين أكمل...
فالبحث الجادّ للعثور على المعلّم المطّلع الحكيم للتّعلّم عنده، و الإستنارة من نور علمه، أمرٌ من الأهمّيّة بمكان... بحيث اُمِرَ رسول من رُسل اُولى العزم بذلك، و قد قطع المسافات الطّويلة كي يَدرس عنده، و يقتبس من فَيض علمه...
فأينما وصل الإنسان في مراحل العِلم و الرّقيّ، عليه أن لا يغترّ بعلمه، و لا يتصوّر أنّه وصل إلى حدّ الكمال، لأنّه قد يتسبب هذا التّصور، في تجميد حركة الإنسان الصّاعدة، و القناعة بما عِنده من العلم...
و الإنسان العاقل لا يُعجب بعلمه و لا يأخذه الغرور بما هو فيه أو يظنّ بنفسه وصوله غاية المنتهى... فالعجب بالعلم مكمن الخطر على المرء...
و يظهر ذلك واضحًا في معاتبة الله تعالى للنّبي موسى (ع) بعد أن سُئل من بعض الموالين له عن أعلم النّاس, فنسب ذلك إلى نفسه...
و هذا درس لمن وراءه، أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه أو تميّزه، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، و ما أوتي الإنسان من العلم إلاّ قليلاً حتّى و لو كثر...
تلحظ الآيات القرآنيّة في حكاية النّبي موسى (ع) مع العبد الصّالح "الخضر" (ع) مسألة حبّ الإستطلاع واضحة جليّة، و تتمثّل في ذهاب النّبي موسى (ع) و بحثه عن الرّجل الأعلم منه، لا لمجرد الرّؤية فقط، بل قرن ذلك بنيّة صحيحة و هي التّعلم منه و التّزوّد من وعيه الباطني...
حركة فعل الحرص على التّعلّم تعتبر محمدة فاضلة, مهما بلغ شأو الإنسان العلمي و شأنه المعرفي، و هذا هو نهج الأنبياء و من تبعهم من الصّالحين و العلماء...
فالعلم ميراث النّبوّة، و رفعة الشّأن، و صلاح الأسس، حتّى لو إستغرق الأمر من الإنسان زمنًا طويلا يسعى به لتحقيق مرامه، و نيل أهدافه...
و هو ما يظهر جليّا في قوله تعالى: (أو أمضي حقبا)...
و في سياق القصّة القرآنيّة هذه, يتجلّى الأدب الجميل, أدب المتعلّم مع المعلّم و الذي يتّضح في قوله تعالى: (على أن تعلّمني)...
التّأدّب مع المعلّم، و خطاب المتعلّم إيّاه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام: ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) فأخرج الكلام بصورة الملاطفة و المشاورة، و أنّك هل تأذن لي في ذلك أم لا، و إقراره بأنّه يتعلّم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلّم افتقارهم إلى علمه، بل يدّعي أنّه يتعاون هو و إيّاه، بل ربّما ظنّ أنّه يعلّم معلّمه، و هو جاهل جدّا، فالذّلّ للمعلّم، و إظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلّم...
و فيه أيضًا فائدة لطيفة، فالمتعلّم له أن يُبيّن حاله التي سيكون عليها مع معلّمه، لينال رضاه عليه، و إقباله لتعليمه...
و رغم أنّ المتعلّم هنا أرفع قدرًا بحكم النّبوّة و الرّسالة (بإعتبار نبوّة الخضر (ع))، إلاّ أنّه يقدّم عرضًا للمعلّم, كي تطيب نفسه و تطمئنّ بصحبته بعهدين:
(ستجدني إن شاء الله صابراً ). أيّ الصّبر على التّعلّم مع تعليقه الصّبر بالمشيئة...
( لا أعصي لك أمراً ). و فيه تمام الإمتثال و الطّاعة...
أنّ العلم النّافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكلّ علم يكون فيه رشد و هداية لطرق الخير، و تحذير عن طريق الشّرّ، أو وسيلة لذلك، فإنّه من العلم النّافع، و ما سوى ذلك، فإمّا أن يكون ضارّا، أو ليس فيه فائدة لقوله تعالى: (أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ْ)...
المعلّم الصّالح ينصح تلميذه غاية النّصح، بتبيين حال العلم حتّى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم, حيث يقول تهعالى: (قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً).
مع تبيين السّبب فيما يردّه عنه أو يمنعه منه. و ذلك في تبيين العبد الصّالح "الخضر" (ع) للنّبي موسى (ع): (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).
عَدم تعجّل الاُمور، و إنتظار الفرصة المُناسبة، أو كما يُقال: «إنّ الاُمور مرَهونةٌ بِأَوقاتها»...
فمن أسس الأدب التّربوي ألاّ يتعجّل التّلميذ بسؤال معلّمه حتّى ينهي حديثه، فربّما عرض الجواب في ثنايا الحديث...
و ذلك يؤخذ من قوله تعالى: (فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً )
أنّ من ليس له قوّة الصّبر على صحبة العالم و العلم، و حسن الثّبات على ذلك، أنّه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم، و من إستعمل الصّبر و لازمه، أدرك به كلّ أمر سعى فيه، لقول الخضر (ع) يعتذر من النّبي موسى (ع) بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه, إنّه لا يصبر معه...
أنّ السّبب الكبير لحصول الصّبر، إحاطة الإنسان علما و خبرة، بذلك الأمر، الذي أمر بالصّبر عليه، و إلاّ فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته و لا نتيجته، و لا فائدته و ثمرته ليس عنده سبب الصّبر لقوله تعالى: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ْ) فجعل الموجب لعدم صبره، و عدم إحاطته خبرا بالأمر...
أنّ المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، و أين يريده، فإنّه أكمل من كتمه، فإنّ في إظهاره فوائد من الإستعداد له عدّته، و إتيان الأمر على بصيرة، و إظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: (لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ْ)...
جواز أخذ الخادم في الحضر و السّفر لكفاية المؤن، و طلب الرّاحة، كما فعل النّبي موسى (ع)...
جواز إخبار الإنسان عمّا هو من مقتضى طبيعة النّفس، من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التّسخّط و كان صدقا، لقول موسى: { لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ْ}
استحباب كون خادم الإنسان، ذكيّا فطنا كيّسا، ليتم له أمره الذي يريده...
إستحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، و أكلهما جميعا، لأنّ ظاهر قوله تعالى: (آتِنَا غَدَاءَنَا) إضافة إلى الجميع، أنّه أكل هو و هو جميعًا....
الحوادث الجارية حولنا، ربّما تحمل ظاهِراً وباطناً، و علينا عدم النّظر إلى الظّاهر فقط، لِئلاّ نقع في الخطأ في الحكم على الاُمور، من موقع العجلة و عدم التّأنّي، و علينا الأخذ بنظر الإعتبار بَواطِنها... و أن نتعلّم من القصّة المبادرة إلى الإنكار في حال وقوع المنكر، فرغم أنّ النّبي موسى (ع) قد شرط للخضر ألاّ يسأله، إلاّ أنّه أنكر عليه ما رأى ظاهره المنكر، و قد أنكر ناسياً الشّرط في البداية حين خرق السّفينة، إلاّ أنّه لم يكن قد نسيه حين قتل الغلام، لكون المنكر عظيمًا في نظره...
(أخرقتها لتغرق أهلها)، (لقد قتَلتَ نفساً زكيّةً بغيرٍ نَفس)...
إستعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإنّ الخضر (ع) أضاف عيب السّفينة إلى نفسه بقوله: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ْ) وأمّا الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ْ)...
إنّ للهِ تعالى جُنوداً و ألطافاً خفيّةً تنصرُ المظلوم، بِطُرقه المختلفة، وكلّ إنسان مؤمن عليه أن يتوقّعها في كلّ لحظة...
عدم الإنضباط و عدم الإلتزام بالعهود، ربّما يَحرم الإنسان من بعض البركات المَعنويّة إلى الأبد...
للمعلّم حقّ العتاب حين يُخطئ تلميذه أو يجاوز حدود العهد و المواثيق: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لن تستطيعَ معيَ صبراً)...
و على المتعلّم إذا أخطأ أو تجاوز الوعد و العهد الإعتذار: (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً)...
الدّفاع عن الأيتام و المستضعفين، و الوقوف في وجه الظّالمين و الكفار، يُعتبر واجباً على المؤمنين، الذين يتحرّكون في خطّ الرّسالة و المسؤوليّة، و قد تُدفع في سبيل ذلك الأثمان الباهظة...
و عليه يجوز إتلاف بعض الشّيء لإصلاح باقيه، أليست قاعدة عظيمة من قوله تعالى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا)...
إضافة الشّرّ و أسبابه إلى الشّيطان، على وجه التّسويل و التّزيين، و إن كان الكلّ بقضاء الله و قدره، لقول فتى موسى: (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ْ)...
صلاح الجدّ و صلاح الأبّ ممتدّ الأثر و دائم النّفع، إذ في الآية دعوة إلى الآباء للعمل الجادّ بتربية أنفسهم قبل تربية أبناءهم، فستكون الثّمار يانعة و باقية...
(وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)...
أنّ خدمة الصّالحين، أو من يتعلّق بهم، أفضل من غيرها، لأنّه علّل إستخراج كنزهما، و إقامة جدارهما، أنّ أباهما صالح...
و قد روي عن بعض المفسّرين أنّه الأب السّابع للغلامين...
أنّه ينبغي للصّاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال، و يترك صحبته، حتّى يعتبه، و يعذر منه، كما فعل العبد الصّالح الخضر (ع) مع النّبي موسى (ع)...
أنّ موافقة الصّاحب لصاحبه، في غير الأمور المحذورة، مدعاة و سبب لبقاء الصّحبة و تأكدّها، كما أنّ عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة...
أنّ هذه القضايا التي أجراها العبد الصّالح الخضر (ع) هي قدر محض أجراها الله تعالى و جعلها على يد هذا العبد الصّالح، ليستدلّ العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، و أنّه يقدّر على العبد أمورًا يكرهها جدّا، و هي صلاح دينه، كما في قضيّة الغلام، أو و هي في صلاح دنياه كما في قضيّة السّفينة، فأراهم نموذجا من لطفه و كرمه، ليعرفوا و يرضوا غاية الرّضا بأقداره المكروهة...