الخطيئة
فروغ فرخزاد
ترجمة نزار سرطاوي
اقترفت خطيئةً مترعةً بالمتعة،
في عناق كان دافئاً متوقداً.
اقترفت خطيئةً وقد أحاطت بي ذراعان
كانتا ساخنتين انتقاميتين وحديديّتين.
في تلك العزلة المعتمة الصامتة
بحثت في عينينه المليئتين بالأسرار.
ارتعش قلبي في صدري وقد نفذ صبره
استجابة لطلب عينيه المحتاجتين.
في تلك العزلة المعتمة الصامتة،
جلست شعثاء إلى جانبه.
صبّت شفتاه لوعةً على شفتي،
هربت من حزن قلبي المجنون.
همست في أذنه حكاية الحب:
أريدك يا حياتي،
أريدك أيها العناق الواهبُ الحياةَ،
يا عاشقي المجنون، أنت.
لمعت الشهوة لهيباً في عينيه.
رقص النبيذ الأحمر في الكأس.
في الفراش الليّن، راح جسدي
يرتعش ثَمِلاً على صدره.
------------------
تعتبر الشاعرة فروغ فرخزاد أشهر شعراء إيران وأعظمهم تأثيراً في القرن العشرين. فقد أسهمت إسهاماً كبيراً في تطوير الثقافة الشعبية الإيرانية، ولعبت دوراً بارزاً في نقل الشعر الإيراني إلى الحداثة. تميزت بشجاعتها النادرة في تجاوز المحرمات الثقافية، وهذا ما منح شعرها أصالة فريدة. وقد ساعدتها على ذلك الظروف التي سادت في أربعينيات القرن الماضي، حيث شهدت إيران إعادة للبناء الاجتماعي في تلك الحقبة وما بعدها، مما أدى إلى إعادة النظر في الحدود التي فرضتها التقاليد الراسخة.
ولدت فرخزاد في 5 كانون الثاني / يناير عام 1935 في العاصمة طهران لأسرة ميسورة الحال، حيث كان والدها يعمل ضابطاً في الجيش. التحقت بالمدرسة وأنهت الصف التاسع لتتابع بعدها دراسة الرسم والحياكة في مدرسةٍ للفنون الحرفية خاصةٍ بالإناث. وحين بلغت عامها السادس عشر تزوجت من أحد أقاربها، وهو الكاتب الإيراني الساخر برويز شابور، وانتقلت معه إلى الأهواز حيث رُزقا بطفلهما الأول والوحيد كاميار.
في عام 1954، بعد مضي عامين على زواجها من شابور انفصلت عنه بالطلاق، والتحق كاميار بعائلة والده فيما عادت فرخزاد إلى طهران. وفي العام الذي يليه أصدرت ديوانها الأول الأسير (1955). ولم تلبث ان أصيبت بانهيار عصبي ونُقلت إلى عيادة للأمراض النفسية.
في أيلول / يوليو من العام التالي سافرت فرخزاد إلى أوروبا في رحلة استغرقت تسعة أشهر، كما أصدرت ديوانها الثاني الجدار (1956). وبعد عامين أصدرت ديوانها الثالث بعنوان عصيان (1958). وفي تلك المرحلة أخذت مكانتها تترسخ في الأوساط الأدبية، لكنها كانت مشوبةً بشيءٍ من سوء السمعة. وقد ارتبطت آنذاك مع المصور السينمائي إبراهيم غولستان، وظلّ لهذه العلاقة أثرها الكبير في حياتها الشخصية إلى مماتها.
أخرجت فرخزاد في عام 1962 فيلماً وثائقياً قصيراً بعنوان "البيت أسود" يدور حول منطقة مخصصة للمصابين بالجذام. وكان هذا هو الفيلم الوحيد من إخراجها قبل وفاتها. ثم أصدرت بعده ديوانها الرابع ولادة أخرى (1964). وفي العام الذي يليه أعدت مخطوطة ديوانها الخامس والأخير لنؤمنْ ببداية الفصل البارد. لكن الكتاب لم يطبع إلا بعد فواتها.
توفيت فرخزاد في 14 كانون ثاني / يناير عام 1967 في حادث سيرٍ مريع. فقد انحرفت بسيارتها لتتجنب مركبة قادمة باتجاهها، فارتطمت بجدار. وقضت متأثرة بجراح بليغة في الرأس. وشُيّع جثمانها تحت الثلج" ودفنت في مقبرة ظاهر الدولة في طهران.
المفضلات