قصّة الخضر(ع)

بقلم: حسين أحمد سليم

العبد الصّالح و المُسمّى الخضر (ع) شخصيّة حقيقيّة و مخلوقة وجوديّة من قبل الله تعالى لتتجلّى في بديع صنعها و سرّها و تدلّ على عظمة الخالق...
لازمت شخصيّة الخضر (ع) الأنبياء بأمر من الله تعالى, لتقوم بمهمّات تكليفيّة خاصّة في التّوجيه و التّعليم و الهدي و الرّشاد...
جاء إسم الخضر (ع) في القرآن الكريم بالعبد الصّالح، و عند اليهود إسمه إلياهو النّبي، و عند المسيحيّين مار جريس، و له قصّة مشهورة و صورة متداولة و هو يقتل للتّنّين...
و للخضر ما يربو على السّبعين مقامًا و مزارًا في منطقة الشّرق الأوسط لكثرة تجواله و تنقّله, كما ورد في المرويات و المنقولات و التّفاسير التي وصلتنا عبر حقب التّاريخ...
و قد إختلف العلماء في إسم الخضر (ع) و نسبه، و نبوّته، و حياته و ما زال ذلك كلّه مبهما حتّى الآن و لم يستطع أحد أن يؤكّد كلّ ما تمّ ذكره عن هذه الشّخصيّة التّاريخيّة القرآنيّة, إلاّ أنّها شخصيّة حقيقيّة موجودة تكلّم عنها الأنبياء و الرّسل و أكّدوا وجودها...
قيل إنّه الخضر بن آدم و من صلبه، و أنّ إسمه خضرون بن قابيل بن آدم... و هو حاضر في كلّ أوان و زمان إلى أن يظهر المسيح الدّجّال فيكذّبه و يفضحه ثم يموت...
و قيل أنّ آدم أنبأ بنيه قبل موته أنّ الطّوفان سيقع بالنّاس، و أوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السّفينة، و أن يدفنوه في مكان عيّنه لهم، و أخبرهم أنّ من يدفنه من أولاده سيكون له طول العمر و يخلد في الأرض إلى نهاية الزّمان...
فلمّا كان الطّوفان حملوه معهم، فلمّا هبطوا إلى الأرض، أمر نوح بنيه أن يذهبوا ببدنه فيدفنوه حيث أوصى. فهابوا المسير إلى ذلك المكان لوحشة الأرض و وعورتها، إلاّ الخضر (ع) فتولّى دفنه، و أنجز الله ما وعده، لذلك فهو يحيى إلى ما شاء الله له أن يحيى...
و أمّا ألقابه فكثيرة و منها: (الخضر) و (العالم) و (العبد الصّالح) و إشتهر بالخضر (ع). و يذكر بعض المؤرّخين قصّة نشأة الخضر (ع) إعتمادًا على روايات تاريخيّة مذكورة في كتبهم، فقالوا: أنّ الخضر (ع) كان إبن ملك عظيم من ملوك ذلك الزّمان إسمه (ملكان) و كان لهذا الملك سيرة حسنة في أهل مملكته، و لم يكن لديه ولد غير الخضر (ع)، فسلّمه إلى المؤدّب ليعلّمه و يؤدّبه، فكان الخضر (ع) يأتي إليه كلّ يوم، فيجد في الطّريق رجلاً عابدًا ناسكًا، فيجلس عنده و يتعلّم منه حتّى نشأ منقطعًا لعبادة الله عزّ و جلّ في غرفة خاصّة به في قصر أبيه ملكان.
و قد اختلف المؤرّخون في مسألة هل هو حيّ أو ميت, فمنهم من قال إنّه حيّ موجود بين أظهرنا الآن و هذا الرّأي متّفق عليه عند الصّوفيّة و جمهور العلماء... و الثّابت فى القراَن أنّه عبد من عباد الله آتاه الله رحمة و علما من عنده، لكن هذا العبد يحتمل أن يكون نبيّا و يحتمل أن يكون وليّا أو رجلاً صالحًا. و الثّابت من الحديث أنّ لقبه الخضر (ع)، و لم يرد نصّ صريح فى كونه مات أو ما زال حيّا، أو أنّ له لقاءات مع بعض الأنبياء أو الأولياء، أو أنّه يلقي السّلام على بعض النّاس فيردون عليه التّحيّة...و كلّ ذلك ليس له دليل يُعتدّ به...