تساءلْتُ: ما العلاقة بين أصوات الجذر " ظ ل م " والمعنى الدال للكلمة؟

ومن خلال الاستقراء والتتبع ، والموازنة والتحليل ، استنتجت ما يلي :

-1- الظاء حرف مستعل مطبق يخرج بالكيفية التالية :بأن يوضع طرف اللسان بين الأسنان العليا والسفلى، بحيث يسمح بِمُرُور الهواء بينهما، محدثًا احتكاكًا مسموعًا، وتضيق المسافة بين الوترين الصوتيين ضيقًا شديدًا، فَيَتَذَبذب الوتران الصوتيان، ويخرج الصوت مجهورًا، وترتفع مؤخرة اللسان نحو الطبق، فَتَتَّسع غرفة الرنين، ويخرج الصوت مفخمًا، ويرتفع الطبق نحو الجدار الخلفي للحلق، فينسد التجويف الأنفي، وينفتح التجويف الفموي، ويخرج هواء صوت الظاء من الفم.

حيث خروج الظاء يشبه ما يحدث بين الظالم والمظلوم، فالظالم يضع العراقيل أمام المظلوم ويسد المنافذ أمامه فلا يمكنه التحرك إلا من خلال مسافة ضيقة يسمع فيها وقع ألمه وغصته، فيتذبذب بين حالتي الخنوع أو التمرد، ولكنه يأبى إلا الانفاك عن هذا الانحباس وهذا الارتفاع الذي أطبق عليه طرق الخلاص، ولكن حرقة الظلم موجعة تدفعه إلى فتح الأبواب المغلقة والإندفاع بقوة تجاهها ويجهر مطالبا بحقه مصداقا لقول الإله الأعظم(لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا)*.

-2- مخرج اللام من أوسع المخارج، وكذلك الظالم أوسع سلطة ونفوذا وتأثيرا على الآخرين. حتى يحكم قبضته الغليظة على ما سلبه من المظلوم.وإذا لاحظنا فإن اللام تخرج من الطرف الأمامي الحر الذي في مقدمة الفم الذي يبدأ بقليل من الحافة بعد حرف الضاد أي بعد وسط اللسان إلى الأمام حتى يمتد إلى الجهة الأخرى الموازية لها دون انقطاع. وهذا ما يفعله الظالم فهو يسلب حقوق المظلوم أمام الجميع بشكل حر بعدما رسخ وتوسع ويبدأ عملية السلب والسطو بالتدريج من حافة الأشياء إلى منتهاها دون توقف أو انقطاع.

-3- الميم حرف بري جاف مجهور، سماه الخليل بن أحمد " مطبقة " لأنه يطبق إذا لفظ بها .وهكذا الظلم عندما يلصق بالمظلوم ما ليس فيه، أو تجتمع عليه التهم المتفق عليها من الظالمين أو كثرت المظالم وخيمت على بلد ما فإن الحياة يكسوها الجفاف، ويجهر بالنقم، وتلتف الأمور في بعضها ويكثر اللغط وكلام الرويبضة حتى يسمع له غنة!!

ولاحظت أن ترتيب الفونيم واختيارها على هذا النسق في الجذر يتناسب مع الحدث المعبر عنها بها ترتيبها، فالظاء تضاهي في اطباقها واستعلائها أول الحدث، واللام في توسعها من حافة الأمر إلى منتهاها تضاهي وسط الحدث والميم آخرها يضاهي آخر الحدث وما ينتج عنه.

هذا والله أعلم بالمراد وما هذا إلا جهد طالبة عزاؤها أن للمجتهد أجرا وإن أخطأ ولم يوفق للصواب.



بقلم / الثريا السهيل


* سورة النساء 148