الرواية الجزائرية بين معوقات النشر،والتوزيع
و إشكالية القراءة.*
حسين فيلالي
لم يكن يجد دارس الأدب في السبعينات صعوبة في تتبع ما يصدر من مجاميع قصصية،وروايات ودواوين شعرية جزائرية إذ كان يكفيه أن يدخل مقر من مقرات المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع عبر التراب الوطني ليجد ما صدر من إبداعات جزائرية ،وبأثمان زهيدة.
هذه السياسة في النشر، والتوزيع ساعدت الدارسين على تتبع تطور مسار الروائية الجزائرية، ومواكبة كل ما يصدر من إبداعات، وخلقت نوعا من القراء النوعيين داخل الجامعات.
وقد يلحظ مؤرخ الأدب ذلك عند طلاب الجامعات في سنوات السبعينيات، والثمانينيات من خلال ما أنجزوه من أطروحات جامعية قيمة،أو ما كانوا ينشرونه في المجلات، والملاحق الأدبية( مجلة آمال- ملحق الشعب- أضواء-الجمهورية....(.
كان باستطاعة طالب الجامعة وهو في السنة الثالثة ليسانس أن يقدم بحثا -حول رواية أو قصة قصيرة أو قصيدة شعر- يحمل كل الشروط المنهجية والعلمية التي تؤهله لينشر في مجلة أدبية محترمة.
وأعرف بعض الزملاء الذين أنجزوا بحوثا وهم ما يزالون طلبة في السنة الرابعة ليسانس، ونشرت بحوثهم في مجلات جامعية.
كان الأستاذ الجامعي يشتري الكتب بدنانير معدودة (رواية-مجاميع قصصية- دواوين(،أو يهدىها إليه كتابها فيدرس بعضها ،ويكلف طلبته الجادين بدراسة بعضها.
و الغريب أنه -في سنة 2014- صار من الصعب على الدارس تقديم صورة ولو بسيطة عن واقع الرواية في الجزائر إذ لم تعد المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع تقوم بما كانت تقوم به في السبعينيات والثمانينات فاختلت العلاقة بين القارئ والكاتب، والناشر.
صار المبدع منذ التسعينيات يطبع على نفته الخاصة، أو تطبع له بعض المؤسسات وتأخذ حقوق التأليف وتبخسه حقه وفي أحسن الأحوال تمنحه مجموعة من النسخ.
يحتار الكاتب في كيفية توزيع كتبه فيضطر إلى وضعها في ركن من البيت- قد يتسبب في خلاف بينه وبين الزوجة -ويهدي لبعض الأصدقاء لعلهم يقرؤون ما كتب،و يظل ينتظر -على الأقل- تقديمها للقراء.
يقع الأستاذ الجامعي اليوم في إحراج فهو لا يستطيع أن يكتب عن كل الكتب التي تهدى إليه من جهة، ومن جهة أخرى لا يجد ذلك الطالبة الجامعي- حتى طلبة الماجستير- الذي يستطيع أن يكلفه بدراسة رواية أو مجموعة قصصية أو ديوان شعر.
• نقصد هنا القراءة النقدية المنتجة .