أسئلة القصة القصيرة
حسين فيلالي- أستاذ السرديات العربية- جامعة بشار - الجزائر

الأسئلة مداخل للمعرفة، وقيمة أية ثقافة تعرف من خلال نوعية الأسئلة التي تطرحها.
الثقافة التي تخاف من طرح الأسئلة تحيد العقل،و تعرض نفسها للانقراض، أو تحيا على التسول على الثقافات الغيرية.
تتبعت الكثير مما يطرح من أسئلة،ويثار من دعوات في الصحف العربية والمواقع الالكترونية عن القصية القصيرة من مثل: يا كتاب القصة القصيرة أنزلوا من أبراجكم العاجية؟ القصة القصيرة إلى أين؟ تأسيس رابطة الدفاع عن القصة القصيرة؟
و لعل القاريء ينتظر ما ينتج عن تلك الأسئلة من معرفة تنور القاريء ،وتبين قيمة طارح الأسئلة،وتواكب تطور جنس القصة القصيرة وتدفع به للاستقلال بنفسه عن الأجناس الأدبية الأخرى.
هل يعقل أن يعيش القاص في برج عاجي؟
من جرب كتابة القصة القصيرة لا يجرؤ على قول ذلك ،فالقاص أثر من آثار المجتمع،والمجتمع صورة من صور الكاتب.يتأثر الكاتب بالمجتمع،ويؤثر فيه من خلال عرض صور هذا الأخير.يجعل القاص المجتمع يتفرج على نفسه،ويتفرج عليه غيره. العلاقة بين المجتمع والقاص علاقة تسكن الوعي وتتجدر في اللاوعي. من يقرأ قصص تشيكوف يلمس تلك العلاقة الظاهرة والخفية التي تربط القاص بالمجتمع حتى صار تشيكوف وكأنه المجتمع نفسه، فيه إحساس الفلاح،والموظف المظلوم، والإنسان الفقير...ومن يقرأ قصة: بيت من لحم ليوسف إدريس يحس بذلك الانصهار الواضح بين الكاتب والمجتمع،فالقاص ينقل إليك إحساس تلك الأسرة البائسة،و يشعرك بمعاناتها التي لا يلتف إليها أصحاب البروج العاجية المغتصبون لخيرات المجتمع .ومن يقرأ قصة صامتون للقاص السوري زكريا تامر يقف على تلك العلاقة التي بلغت حد ذوبان القاص في المجتمع...حتى لكأنني اسمع زكريا تامر يهتف ما في قصصي إلا المجتمع.
يتبع