موجز تاريخ نظم المعلومات الجغرافية

حسين أحمد سليم

يعود الفضل في إرساء بعض القواعد الأوّليّة العامّة لحركة فعل التّمثيل المعلوماتي للقائد العسكري الكارتوجرافي الفرنسي, لويس الكسندر برتييه, الذي قام بتجربته للتّشكيل الخرائطي في مرحلة القرن التّاسع عشر للميلاد حيث قام برسم خريطة تتمثّل فيها المعلومات المطلوبة عسكريّا و متعدّدة الطّبقات المعلوماتيّه بحيث توضّح كلّ طبقة ناحية معلوماتيّة معيّنة ذات طابع تصنيفي للمتشابهات و توضّح في تفاصيلها الإجماليّة فعل تحرّكات القوّات خلال حرب الإنتصار في العام 1781 للميلاد و فيه تمّ احتلال مدينه يوركتاون الأمريكيّة، و هذا النّمط من التّمثيل الكارتوجرافي يشبه ما يتّبع في دراسات و تصميمات أسس و قواعد نظم المعلومات الجغرافيّة المعروفة اليوم في دول و أقطار عديدة و المنتشرة بشكل واسع في المراكز الرّسميّة و الإدارات الفاعلة في مهامّها مكتبيا و تطبيقيا و ميدانيا...

و في منتصف القرن التّاسع عشر الميلادي, إتّبع نفس الأسلوب في عمليّات التّمثيل على خرائط كميّة و نوعيّة و أيضا على هيئة طبقات معلوماتيّة متعدّدة عند دراسة و تصميم الأطلس الذي عرض موضوعات هامّة عن السّكان و إتّجاهات إنسياب حركات النّقل على الطّرق و تفاصيل جيولوجيّة لباطن الأرض و طبوغرافيّة لتضاري الأرض، و كان ذلك بالإعتماد على نفس الخريطة الأساسيّة و التي تمّ رسمها مستقلّة...
و جميع الموضوعات المذكورة على شرائح الطّبقات, كلّ منها أيضاً تمّ رسمها على لوحة من الورق الشّفّاف ليسهل تطابقها على الخريطة الأساسيّة و بالتّالي الإستفادة من المعالجة و الحصول على النّتائج المستهدفة...

و في بداية مرحلة السّتّينيات كانت الجهود الكنديّة و التي صُبّت في مجال دراسة و تطوير نظم المعلومات الجغرافيّه, ترجع إلى العالِم روجر توملينسون, مهندس للمساحة الجويّة و الذي أخذ مشروعا للمسح الجوّي لمكبّات و طمر النّفايات في شرق أفريقيا في العام 1960 للميلاد, بهدف إجراء دراسه تحليليّة لمجموعات من الخرائط و مطابقتها مع الصّور الجويّة بهدف توضيح و تحديد مناطق تصلح للإستيطان و أخرى للنّفايات, لوضع مخلّفات كندا الضّارّة بالأراضي الأفريقيّة...

أمّا الجهود العلميّ لجامعة هارفارد الأمريكيّة, فتعود للمهندس المعماري الأمريكي هوارد فيشر, الذي تلقّى تدريبات خاصّة في العام 1963 للميلاد في مجال الخرائط الآليّة بمعهد الدّراسات الفنّيّة لشمال غرب أمريكا ثمّ إنتقل فيشر إلى جامعة هارفارد للعمل هناك و تطوير نظم و أدوات إنتاج الخرائط الآليّة التي تخدم الأبعاد التي تتطلّع إليها الدّول الكبرى على أكثر من صعيد...

هذا و في العام 1964 للميلاد أسّس فيشر معمل للحاسب الآلي يختصّ بالرّسومات الآليّة و التّحليل المكاني للبيانات، و تمكّن فيشر بمساعدة عدد من العاملين من إنتاج النّسخة الأولى من برنامج SYMAP في نهاية العام 1964 للميلاد، حيث كان الهدف الأساسي للبرنامج هو إنتاج خرائط آليّة و إعتمد على طبّاع خطّي لرسم خرائط خطوط التّساوي و خرائط المساحات النّسبيّة لرسم خرائط الكثافات السّكانيّة...

و لم تكد تنته مرحلة السّتّينات إلاّ و قد تمّ إنتاج مساهمة جديدة لتغطية جانب معالجة البيانات المساحيّة Raster data و ذلك ببرنامج فرعي آخر بإسم Grid أيّ بكسل يعمل مع البرنامج الرّئيسي SYMAP، و قد كان البرنامج الجديد نقطة بداية إنطلاق في عمليّة تطوير نظم العلومات الجغرافيّة المساحيّة أو Raster GIS...

و لإنشاء خرائط ثلاثيّة الإتّجاهات أي تعتمد على المساحات المستوية و مستوياتها و إرتفاعاتها عن نقطة إرتكاز ثابتة و معيّنة عن سطح البحر غالبا و تختصر برمز 3D. بذلت جهود أخرى في مرحلة السّتّينيات: فكان الإتّجاه الأوّل: الإعتماد على برنامج SYMAP و فروعه في العمليّة التّدريسيّة للطّلاّب في الجامعات التي كانت تعتمد فروعا متخصّصة لحركة تدريس إختصاص في نظم المعلومات الجغرافيّة...
و كان في نفس المرحلة العمل الجاد على تأسيس لجنة معالجة البيانات الجغرافيّة تابعة للإتّحاد الدّولي للجغرافيين في العام 1968 للميلاد...
و كان الإتّجاه الثاني: حيث تمّ التّركيز على إنتاج برامج و نظم في المعلومات الجغرافيّة و معظمها تمّ تطويره بالجامعات الأمريكيّة و الكنديّة و البريطانيّة...

و في مرحلة السّبيعنيات... حصل انخفاض في سعر الحواسيب الآليّة لكثرة صناعتها و إنتشارها و الطّلب عليها... و أدخلت تحسينات جديدة و فاعلة على البرامج بحيث تعطي سرعة و دقّة في إدخال و معالجة و تعديل و عرض البيانات وفق الهدف المنشود لها... و في العام 1970 للميلاد و إمتدادا لعمليّة إنتشار و تطوير نظم المعلومات الجغرافيّة, تمّ عقد أوّل مؤتمر في نظم المعلومات الجغرافيّة... و في العام 1972 للميلاد أصدر الإتّحاد الدّولي للجغرافيّين أوّل كتاب عن نظم المعلومات الجغرافيّة بعنوان "Geographical Date Handling"... و في العام 1974 للميلاد, بدأت سلسلة المؤتمرات المعروفة بإسم "AutoCarto" مرّة كلّ سنتين... و بدأت العديد من الجامعات تنظّم محاضرات و تقدّم مقرّرات في نظم المعلومات الجغرافيّة... و بدأت شركات تجاريّة خاصّة في تطوير نظم خاصّة بها و التي تعطى للنّظام إسم الشّركة نفسها مثل: GIMMS – Intergraph – Calma...

و في مرحلة الثّمانينيات: عُرِفت هذه الفترة بفترة الرّخاء في مجال نظم المعلومات الجغرافيّة و ذلك لظهور نظم ضخمة و متعدّدة الوظائف، هذا إلى جانب إنخراط شركات تجاريّة خاصّة في تطوير نظم المعلومات الجغرافيّة حديثة و كبيرة و شاملة...

و في مرحلة العام 1983 للميلاد, وصل عدد النّظم التي لها علاقة بنظم المعلومات الجغرافيّة إلى أكثر من 1000 نظام تُغطّي على السّواء جوانب محدّدة من شؤون المعلومات أو تهتم بنتاج الخرائط الآليّة.... و في نهاية مرحلة الثّمانينات وصل عدد الأنظمة إلى 4000 نظام...

و شملت نظم المعلومات الجغرافيّة على تطوير في مرحلة الثّمانينات في حركة إتّساع القاعدة العريضة و الواسعة للمستخدمين Users.... و فترة التّغيير الهامّ في تكنولوجيا المعلومات الجغرافيّة في حركة التّطوّر السّريع الذي شهدته أجهزة و مكوّنات الحواسيب الآليّة و المتمثّلة في تطوير و صناعة الألواح الإلكترونيّة الدّقيقة و المعقّدة و التي تقوم على تسريع معالجة البيانات و تعدّديّة إمكانيّات التّخزين على وسائط مُدمّجة بالأجهزة أو غير مُدمّجة و مُتّصلة بها عبر وسائط معيّنة... و ظهور نظم متكاملة تحتوي على وظائف عديدة في مجال المعلومات الجغرافيّة أهمّها نظام ARC/Info - Intergraph – IDRISI (لتحليل المرئيّات الفضائيّة) من جامعة كلارك الأمريكيّة... ثمّ التّغلّب على مشكلة تبادل المعلومات بين النّظم المختلفة و ذلك بعقد إتّفاقيّات بين الشّركات المنتجة للنّظم... و ظهور الملفّات المعلوماتيّة العالميّة مثل Tiger - US GeoData... و تطوّر أساليب إعداد قواعد المعلومات و البيانات...

و شهدت سلسلة منتظمة من المؤتمرات و النّدوات في مجال نظم المعلومات الجغرافيّة...
و تعتبر فترة و مرحلة الثّمانينيات فترة بداية الثّورة المعلوماتيّة، حيث شهدت تطوّراً كبيراً في نظم المسح الطّبوغرافي و المستوي الأرضي و جمع المعلومات الميدانيّة و الحقليّة، و معالجة المرئيّات الفضائيّة بنظام Raster GIS، بالإضافة إلى تطوّر أساليب المسح بالإعتماد على أجهزة التّحديد المكاني GPS و أدوات المساحة الرّقميّة المتطوّرة، و أيضاً ظهور أجهزة الإرسال المباشر للمعلومات إلى شبكات الحاسب الآلي RTS...
و تقدّم مجال الإتّصال المباشر بين روّاد و مستخدمي نظم المعلومات الجغرافيّة، عن طريق جهاز المودم المتّصل بالهواتف و توصيلها بالحواسيب الآليّة...
و صدور العديد من المجلاّت العلميّة و الدّوريات المتخصّصة في GIS...
و تطوّر أساليب التّدريس بالجامعات في مجال GIS...

و في مرحلة التّسعينيات: كان ظهور نظم تجمع ما بين Vector (تفاصيل و عناوين) و Raster GIS (صور جويّة)...

و من سمات التّطوير في GIS في مرحلة القرن العشرين: إدخال أساليب الوسائط المتعدّدة GIS In Multimedia... و إنضمام بعض دول العالم الثّالث إلى قائمة المستخدمين للنّظم...


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


www.sdocs.net/media/college1/texts/1.doc