كتب على صنعاء أن ترتدي ثوب الحزن وتخضب خدود نسائها وأطفالها بدموع الفقد والفاجعة حي الصافية ..
يبدو اليوم غريب جدا حالة الحزن تخيم على أسواقه وشوارعه ورائحة الموت تفوح في كل المكان ..

الأطفال لا يلعبون مثل كل يوم .. فهناك ماهو أهم من اللهو واللعب ..

فذاك الطفل يبكي على موت أبيه وآخر يرتجف خوفا على أخيه الذي يرقد فوق السرير الابيض للمشفى ..

النساء أيضا لم يخرجن إلى سوق الحي الكبير لقضاء حوائجهن ..

فتلك تبكي زوجها وتلك تنتحب لرحيل والدها وأخرى ترفع كفها نحو السماء تناشد الرحمن بأن يشفي فلذة كبدها .

حالة من المآساة رسمتها أيادي الاجرام في تلك الشوارع والمنازل الباحثة عن الامان ..

حتى رشاد صاحب الخمس سنوات لم يعد يلعب أمام منزله ..

لقد ذهب ببراءته ليشكو للرحمن قساوة الانسان خرج رشاد مع والده محمد ..

يحثون الخطى نحو بيت الله ولم يكن ليخطر في البال أن القلوب قست لدى الكثير من الناس ..

وتبلد فيهم الاحساس .

اقسم ان رشاد ذو الخمسة اعوام لم يكن حوثيا ولا داعشيا ولكنه كان طفلا مسلما يرفع سبابته نحو السماء ليجيب كل من يسأله
عن ربه ويقول ربي الله ..

اقسم ان محمدا والد رشاد لم يخض معركة او يشارك في معترك ولكنه كان سائق تاكسي يبحث عن قوت يومه ويسعى جاهدا ليرسم على شفاه اطفاله بسمة منزوعة من بين كدر العيش ومنغصات الحياة .

يقول احد اقارب الطفل رشاد بان رشاد كان يذهب للصلاة كل جمعة برفقة والده في جامع بدر القريب من منزلهم .. ولكنه في هذه الجمعة كان اكثر فرح بالذهاب للمسجد ويحث والده على الاستعجال .

اضاف قريب رشاد بان رشاد قبل مغادرة المنزل اليوم اقترب من امه ليقبلها ويقبل اخاه الاصغر منه ..

ثم غادر مبتسما ويداه تتشبث بيد ابيه . لتختلط بعدها دمائهما الطاهرة ويعانق الاب جسد ابنه المخضب بالدماء في مشهد مؤثر جدا يحكي للعالم عن حنان الاب وحقارة الارهاب..

بعد الحادث .. توجهتُ نحو مستشفى الثورة بخطى مثقلة .. اقتربت من الغرفة التي يرقد فيها صديقي محمد ... ياللهول .. إنه جسد اسود يتوسط لحاف ابيض .. احترق معظم جسد محمد في الجامع واحترق قلبه في المشفى كمدا وحزنا على ولده رشاد .. اقتربت من صديقي لاهمس باذنه .. حمدا لله على السلامة يامحمد كيف انت الان ....؟ لحظات ... ثم تمتم محمد قائلا (رشاد ... ابني رشاد .. اشتي رشاد) صمت محمد ... وصمتنا معه .. وحدها الدموع كانت سيدة الموقف ووحدها الاآآآآه من كانت تقطع صمت المكان .. يالله

... اي قلوب يحملها اولئك المجرمون .. واي جنة تنتظرهم . كيف تقتلون رجلا يقول ربي الله ..؟ تالله انكم لفي ضلال كبير .. وتالله انكم لتشوهون دين الاسلام والسلام بوحشيتكم وجرائمكم التي ما انزل الله بها من سلطان .. اللهم اني مسلم ابرئ اليك ممن يقتل اخي المسلم باسم الاسلام .. اللهم انت احن ... انت ارحم .. انتقم يالله لدموع الامهات والاطفال . انتقم يالله لأم رشاد التي تجاوز نحيبها جدران المنزل . انتقم يالله لمن اظلم عليهم ليل هذا اليوم وهم مفجوعون بقريب شهيد او جريح ... انتقم يالله .. واقهر كل من ابكانا ورسم في حياتنا جراحا لا تسقط بالتقادم ..