لقد تم وقف إطلاق النار بين دولة فرنسا الاستعمارية ، عفوا بل الإستدمارية وجبهة التحرير الوطني الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري ، يوم 19 مارس 1962 ، بعد ثورة شعبية اندلعت في 1 نوفمبر 1954 ،حيث أن احتلال فرنسا للجزائر دام 132 سنة ، أي من 5 جويلية 1830 إلى غاية 5 جويلية 1962 ، وهو التاريخ الذي تم فيه الاحتفال بالاستقلال وخروج فرنسا من الجزائر، إذ كان هدف الدولة الاستعمارية من احتلالها للجزائر، يهدف إلى ما هو أبعد من الاستيلاء على خيرات البلاد ، كان غرضها الحقيقي طمس معالم الشخصية العربية والإسلامية من عقول الجزائريين، بالقضاء على اللغة العربية والدين الإسلامي ، وقد قاوم الشعب الجزائري تلك المحاولات بعدة ثورات شعبية ، وسخر الكثير من الجزائريين أنفسهم للدفاع عن الوطن بالسلاح والمال والكلمة والقلم ، فكل ما انقضى جيل جاء بعده أخر، إلى قيام ثورة نوفمبر المباركة بإسم جبهة وجيش التحرير الوطني ، فجبهة التحرير مثلت الشق السياسي وجيش التحرير مثل الشق العسكري ، فمن الرجال الذين سخروا أنفسهم لتحرير الوطن من قضى نحبه، ومنهم من لازال ينتظر وما بدل ولا غير في المبادئ التي قامت عليها الثورة المباركة ، لكن المؤسف له أن ما لم تحققه فرنسا عندما كانت في الجزائر تحقق لها بعد ذلك لان الكثيرين من أبناء الوطن الجزائري ، تخلوا عن عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم العربية ومبادئ دينهم الإسلامي ، وإن فرنسا في زمن احتلالها للجزائر ، حسب ما ذكر عبد الله ناصح علوان في الجزء الثاني من كتابه تربية الأولاد في الإسلام ، من أجل القضاء على الدين الإسلامي ، ( قامت بتجربة عملية ، بانتقاء عشرة فتيات مسلمات جزائريات ، أدخلتهن الحكومة الفرنسية في المدارس الفرنسية ،وألبستهن الثياب الفرنسية ، ولقنتهن الثقافة الفرنسية ، وعلمتهن اللغة الفرنسية ، فأصبحن كالفرنسيات تماما. وبعد إحدى عشرة عاما من الجهود هيأت لهن حفلة تخريج رائعة دعي إليها الوزراء والمفكرون والصحفيون ، ولما بدأت الحفلة ، فوجئ الجميع بالفتيات الجزائريات يدخلن بلباسهن الإسلامي الجزائري فثارت ثائرة الصحف الفرنسية وتساءلت : ماذا فعلت فرنسا في الجزائر إذن بعد مرور مائة وثمانية وعشرين سنة؟ فأجاب ((لاكوست )) وزير المستعمرات الفرنسي : وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟ ) . فتلك هي حالة التربية في مجتمعنا ووطننا في وجود الاستعمار الفرنسي في الجزائر ، لكن الآن وبعد خروج فرنسا من الجزائر منذ 51 عاما ، يتحقق لها ما لم تستطيع تحقيقه عندما كانت تحتل الجزائر ، من خلال مظاهر التعامل واللغة المتداولة لدى الكثيرين واللباس الذي نراه متداول بين فتياتنا و شبابنا إلا من رحم ربك ، وبعد كل هذا هل يمكن أن نقول أن عقولنا تحررت من التبعية لفرنسا كما تحررت أرضنا ؟