تصاعد المطالبات بمحاكمة نوري المالكي على جرائمه في العراق

مصطفى العبيدي

بغداد ـ «القدس العربي»:
تصاعدت المطالبات هذه الأيام، بإحالة نائب رئيس الجمهورية العراقي نوري المالكي إلى المحاكمة، على خلفية مسؤوليته عن سقوط الموصل بيد تنظيم «الدولة»، إضافة إلى انتشار الفساد ووقوع أخطاء كبيرة في فترة عمله كرئيس للوزراء، ووصلت المطالبات إلى حد اتهامه بالخيانة العظمى والمطالبة بإعدامه.
فقد طالب عضو في اللجنة البرلمانية المشكلة للتحقيق في أسباب سقوط الموصل ، بتقديم نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، إلى المحكمة الجنائية الدولية، بسبب ما سماها بـ «مسؤوليته» عن سيطرة ما يسمى بتنظيم داعش على مدينة الموصل الصيف الماضي، وما اتبعها من سقوط أجزاء كبيرة من محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين والأنبار.
وقال النائب الكردي في البرلمان، عادل نوري، في تصريح صحافي إن «المالكي هو المسؤول الأول عن سقوط الموصل، إلا أن المحاكم في العراق لن تكون حيادية في محاكمته، ولذلك نطالب بمحاكمته في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي».
وتابع أن «قائد القوات البرية العراقية السابق، الفريق علي غيدان، أدلى ببعض الاعترافات للجنة حول مسؤولية المالكي في سقوط الموصل بيد مسلحي التنظيم»، لافتا إلى ان «غيدان أفاد بأن القادة العسكريين تلقوا أوامر من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وقتها، نوري المالكي، بالانسحاب من الموصل خلال هجوم تنظيم الدولة على المدينة في حزيران 2014، وهو الأمر الذي أدى لفرض التنظيم سيطرته الكاملة عليها».
واشار عضو لجنة التحقيق في سقوط الموصل، ان « الأحزاب السياسية الكردية، قدمت مقترحا لرئاسة الأقليم، لفتح دعوى قضائية ضد المالكي في المحكمة الدولية في لاهاي».
وفي موقع وكالة براثا للأنباء المقربة من المجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكيم، نشرت مقالا جاء فيه، «إن قرار المالكي بسحب قواته من مدينة الموصل وبغض النظر عن دوافعه، كان الشرارة التي أحرقت العراق وأعادته عقودا إلى الوراء، فتنظيم ما يسمى بـ«الدولة الإسلامية» أصبح اليوم امرا واقعا وهو يحكم مساحات واسعة من أراضي العراق وسوريا أكثر من مساحة بريطانيا، وهو يسيطر اليوم على العديد من آبار النفط في العراق وسوريا، ويعيش في كنفه تسعة ملايين إنسان فضلا عن آلاف المقاتلين الأجانب. كما ولم تعد آثار سقوط الموصل تقتصر على العراق بل امتدت لتشمل المنطقة بأكملها».
وأضاف كاتب المقال «لذا فإن قرار المالكي بالانسحاب من الموصل جريمة بحق العراق وشعوب المنطقة وبحق الإنسانية عندما توفر السبل لتمدد تنظيم وحشي معاد للإنسانية. لقد خان المالكي الأمانة مرتين أولاهما عندما أصدر أمر الانسحاب وثانيهما عندما فشل في إعداد جيش يدافع عن العراق بالرغم من إنفاقه لمبلغ 200 مليار دولار على الأمن والدفاع ذهب معظمها إلى جيوب حيتان الفساد في العراق».
«إن دماء العراقيين التي سالت ونساءهم اللواتي اغتصبن وسيادتهم التي انتقصت وبلادهم التي ضاعت ومستقبلهم الذي أصبح مجهولا يتحمل مسؤوليتها الفاشل والخائن نوري المالكي الذي لا يساوي ذرة تراب أمام دماء الشهداء والنساء السبايا، فمثل هذا الحثالة الذي باع البلد وكان همه الأول والأخير السرقة والبقاء أطول مدة ممكنة في كرسي الحكم، لايستحق إلا الإعدام وإنه لعار ما بعده عار أن يظل ولحد الساعة أمينا عاما لحزب الدعوة الذي يدعي انه إسلامي، وهو يثبت وبما لا يدع مجالا للشك ان حزب الدعوة شريك له في خيانته وفي جرائمه تلك، إذ لاهم له سوى نهب ثروات العراق».
وفي صحيفة «الزمان» المستقلة ،جاء في مقال نشرته، كنا نتمنى لو يتوقف البعض عن الكلام ويسكت اذا لم يكن لديه ما ينفع في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها للموقف الشجاع والجريء بدلاً من خطب تصب الزيت على النار.
ومن يقرأ خطابات وتصريحات نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي في الأيام الأخيرة خلال حضوره فعاليات ذكرى مرور سنة على فتوى المرجعية الشريفة وإعلان الجهاد الكفائي وتأسيس الحشد الشعبي ، يستغرب مواقفه وتساؤلاته خاصة عندما يقول (ان السؤال عن سقوط الموصل لا يوجه الي بل يوجه إلى كل من شارك في المؤامرة من خلال جعل قطعات عسكرية كبيرة تنسحب من مواقعها وثكناتها..) وكأنه لم يكن القائد العام للقوات المسلحة والآمر الناهي في كل شيء! وأن ابرز المؤاخذات عليه أنه انفرد باتخاذ القرارات المصيرية من دون الرجوع او التشاور مع حلفائه في التحالف الوطني وهمش جميع أطراف العملية السياسية وضرب بعرض الحائط ما نصت عليه اتفاقية أربيل التي بموجبها استحوذ على صولجان حكم الولاية الثانية وانه سامحه الله ورفض ان يجلس أمام مجلس النواب بكبرياء لأنه يعتقد انه فوق الديمقراطية !.. بل الغريب انه يصر على إهانة المؤسسة العسكرية عندما يعلن ويتفاخر قائلاً (ان هذا الجيش ليس بمقدوره ان يدافع عن العراق ولا قدرة لديه لخوض المعارك الكبرى.. )! ولا ندري لماذا سكت عن هذه الحقيقة كل سنواته الثماني في رئاسة الحكومة وهو القائد العام للقوات المسلحة وما الذي منعه من تطويره ليكون اهلاً بحسب وجهة نظره للدفاع عن العراق… لم نكن نتوقع يوماً من المالكي ان يعترف بأخطائه ولكن كان عليه على الأقل ان يسكت إذا لم يكن بمقدوره ان يقول شيئاً ينفع..
وكان رجل الدين الشيعي البارز والأمين العام لحركة الوفاق الإسلامي الشيخ جمال الوكيل، قد تحدث مؤخرا في برنامج الساعة التاسعة على قناة البغدادية الفضائية، بأن المرجعية العليا في النجف لا تعارض محاكمة نوري المالكي على جرائمه ضد الشعب العراقي وأولها تفريطه بالموصل وتمكينه تنظيم داعش من السيطرة على ثلث مساحة العراق، مؤكدا أنه سيستمر في المطالبة بمحاكمة المالكي.
وتأتي هذه المطالبات في وقت يسعى فيه نوري المالكي إلى إبقاء سيطرته على مؤسسات الحكومة العراقية والهيمنة على قوات الحشد الشعبي، كما يعمل من خلال أعوانه على خلق المشاكل أمام حكومة حيدر العبادي بهدف إفشالها، ما دفع قوى رئيسية في التحالف الوطني إلى الوقوف ضده.