نظام الأسد: من تكتيك صنع الانتصار إلى سياسة تأخير السقوط!

أورينت نت – خاص| العميد الركن أحمد رحال:

من الواضح أن الأشهر الأخيرة حملت الكثير من المستجدات حول تكتيك الأعمال القتالية المتبع في معظم جبهات القتال, ومن الواضح أيضاً أن كثيراً من المعارك التي تجري مؤخراً غايتها وهدفها المخفي هو رسم حدود معينة قد تكون تحضيراً لخرائط جديدة تخالف خارطة سايكس- بيكو.

من حرب الأرياف إلى حرب المدن!
ما يميز المعارك الأخيرة أنها انتقلت من حرب الأرياف إلى حرب المدن, بدءاً من إدلب إلى جسر الشغور إلى تل أبيض إلى درعا, وكذلك فمن مميزات المعارك الأخيرة أنها أخذت طابع الهجوم من قبل الثوار وطابع الدفاع من قبل ميليشيات النظام, وانقلبت اللحظة التي كان يبادر فيها جيش النظام للهجوم على البلدات, بل يمكن القول أن تكتيك الانسحابات ومصطلحات إعادة التجميع وإعادة الانتشار أصبحت حبوباً مخدرة يمكن من خلال امتصاص نقمة طبقة المؤيدين التي لم تفهم حتى الآن متى ينتهي إعادة تجميع القوات الذي أعلنه النظام حول مطار الطبقة, ومتى ينتهي النظام من إعادة نشر القوات التي سحبها من إدلب وجسر الشغور وأريحا ووقف نمرهم الوردي وكأنه راعي غنم يهش بعصاه على بضعة عشرات من الخراف الهاربة من جسر الشغور بمظهر يدعو للضحك عبر اتصال وقفزات تمثيلية, ومع ذلك فالمؤيدون ما زالوا بانتظار انتهاء إعادة التحشد.

سياسة التنويم المغناطيسي!
نظام (أسد) تخطى تلك الشعارات والمصطلحات باتباع سياسة التنويم المغناطيسي مع حاضنته اليائسة عبر اتباع سياسة جديدة تمثلت بتغيير المفاهيم, فالهروب من المشفى الوطني في جسر الشغور انتصار, والتسلل كالجرذان بين المستنقعات بطولة, وهروب ووصول 24 مقاتل من أصل 270 محاصرون في مشفى جسر الشغور هو انجاز تاريخي يستحق الاحتفال على شاشات الفضائيات, ولكن في اليوم الثاني انتظر أهالي أبطال العملية النوعية للنظام في جسر الشغور والتي شارك بها رجال الجو والأرض والجان من تحت الأرض شاركتهم أيضاً, ومع ذلك لم يصل أبنائهم التي لم يستطع النظام الحصول حتى على جثثهم المتناثرة على طرقات الهروب.

الوصول إلى المعركة الحاسمة!
العلامة الفارقة والواضحة في كل معارك الثوار القائمة في القطاعين الشمالي أو الجنوبي أنها تميزت بسمتين هامتين:
الأولى: أن الجبهات أعادت ترتيب الصفوف ولم الشمل وفق غرف عمليات قادرة على التخطيط واتخاذ القرار, بعيداً عن التسميات الشخصية والأجندات الفردية وابتعدت عن الشخصنة لتنطلق بعمل جماعي افتقدته الثورة كثيراً.
والثانية: أن كل المعارك التي جرت وتجري اعتبرها الثوار أنها معاركاً مساعدة ومعاركاً أولية تخدم غاية الثورة بالوصول إلى المعركة الحاسمة الهادفة لإسقاط النظام والتي ستدور رحاها في جبال الساحل وقاسيون.
النظام وبعد استنزاف أربع سنوات لقوات طالها الكثير من الانشقاقات والقتل والإصابات, وصل لمرحلة من عدم القدرة على المبادرة وطلب النجدة أكثر من مرة حتى بعد تشكيله لما يسمى (قوات الدفاع الوطني) التي ظهر أنه قوات تعفيش وسرقة وانتهاك أعراض, فمد يده للخارج وكانت بدايتها مع منتصف (2012) مع دخول عصابات حزب الله فلم يوقف زخم الثورة ثم عاد واستنجد بولاية السفيه ليستقبل مطار دمشق الدولي مجرمي الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج (2013) وعندما تضعضعت تلك القوات اضطرت طهران لإخلاء سجونها من مجرميها وإخضاعهم لدورات سلاح سريعة مع راتب تشجيعي وارسالهم لسوريا.

الوصول إلى لحظة الحقيقة!
أخيراً وصل النظام للحظة الحقيقة التي كان يفترض عليه استشرافها منذ البدايات الأولى لانطلاقة ثورة الشعب السوري, تلك الحقيقة التي تقول أن الشعوب لا تقهر وأن هذا النظام ساقط ومهما ساندته من قوى إجرام وقتل, وأن الشعب مستمر ولن يتراجع عن تحقيق أهدافه بالإطاحة بنظام أدمى قلوب السوريين بفظاعة جرائم لا توصف طيلة خمسين عاماً, الآن وبوصول تلك الحقيقة لمفاصل القرار الأسدي وبعد تأكده من اقتراب لحظة السقوط, بقي مصراً على قتل كل ما من حوله والتضحية بكل من وقف جانبه, سلم تدمر لداعش وأدخل داعش للحسكة ليعيد الأكراد المتمردين المتمردين لبيت الطاعة, وقبلها في مدينة أريحا وما حصل فيها والآن في مدينة درعا وخربة غزالة حيث يدرك النظام أن كل من بتلك المدن مصيره أحد أمرين إما القتل أو الأسر ومع ذلك يضحي بهم بسوق نخاسة رخيص, وأصبحت كل سياسات النظام وتكتيكه العسكري بعد أن علم باستحالة النصر بدأ يعتمد فقط على تكتيك (تأخير السقوط) من خلال تقديم مؤيديه ككبش محرقة في كل معارك القتال التي يخوضها مؤخراً وما حصد منها إلا زيادة بقتلاه وهزائماً تضاف لسجلات أبطاله الوهميين.
تلك قناعة أصبحت معروفة لجمهور الثورة بل أصبحت من البديهيات, ويبقى السؤال متى تصل تلك الكلمات وتلك القناعات لعقول من ما زال يؤيد النظام؟؟؟ ... إن كانت لديهم عقول.

محلل عسكري واستراتيجي