أيها الخوف الذي يسكن قلبي أستسمحك عذرا ... أريدك أن تغادر ... أن ترحل أن تنساني ... أريدك أن تستبدلني بمكان غيري ... آسفة ... أعلم أنّك رافقتني طويلا و نسجت خيالاتي في ظلّ شجرة و كوابيسي في حروف كلمة و أطفأت أنفاسي في فوانيس اللّيل و صورٍ تحت كفّ النّهر ... و لكن جاء سلام يتفقّد روعي و طلع فجر يجلو ليلي و هبّت نسائم الياسمين تفتح نوافذي و غنّى البحر يمحو صمتي ... و نفذت إلى داخلي أنفاس الهدوء تطفئ ثورتي ...
وداعا أيها الخوف ... آه لك لمَ تبكي ؟ أتريد خلودا حيث الفناء إنّني أيها الخوف أيّام و لا أريدها أن تكون كلّها أنت ... أريدني أن أخرج إلى أفنية الشّمس ... أن أشمّ عبير الزّهر أن أشقّ السّواقي في
قفار نفسي و أن أزرع بيادرها أملا مبتسما ...ضاكحا ... جميلا جمال بقايا المطر سيّالا بين فروع الشّجر على أهداب الثّميل في ضوء القمر ...
تسألني من جاءني ؟ أخبرك لكن بشرط أن ترحل منّي ...
إنّها أرقام عثرت عليها في رجفة قلم ... و حروف سلّمت عليها في سقطة قلم ... علّمتني في لحظات أنّ العمر لحظات ... أنّ الزّمن يمضي و حيثما مضى لا يعود ... أخبرتني أنّ فسحة الدّنيا أوسع من ظلام خلف ستار و أنّ لذّتها أشهى من كأس برد أو دثار هجير ... أخبرتني أن الله كريم ... كريم ... و أن الوصل أبقى من الجفا و أنّ الصّدق أصفى من الصّفا و أنّ خير القلوب من أحبّ و إن غدروا به عفا ....
عذرا أيها الخوف ؟ أحبَبتَهَا تللك الحروف و الأرقام ... ؟ و ماذا بعد أن أحبَبْتَها ؟ سترحلُ منّي ...؟
فصاح الخوف بل باق فيكِ أقوى و أكثر و أكبر ...!!! فقلت : و لمَ فقال : لقد أصبحت بعد الحروف سلاما ... سلاما سأنام في روحك و ليس لي بعد الكلام كلام ...