النائب الزئبقي شبث بن ربعي

كاظم فنجان الحمامي

ظل المنافق (شبث بن ربعي)، منذ القرن الهجري الأول وحتى يومنا هذا، يمثل أسوأ نماذج الرغبات الدونية النفعية، ويعكس مبرراتها اللاأخلاقية لعموم المواقف الولائية المتذبذبة، فلا رادع أخلاقي يحول دون ارتكابه القبائح، ولا وازع ديني يمنعه عن نكث العهود والمواثيق، فالرجل لا ذمة له ولا ضمير، ولا دين له ولا كرامة، ولا يبالي إن وقف مع الشيطان، أو وقف الشيطان معه، وهكذا عاش مراوغاً منبوذاً، ومات متعفناً في مزابل الدولة الدموية. لكنه طبع أقنعته المتلونة على وجوه الوصوليين والانتهازيين، حتى شهدنا هذه الأيام ظهور المئات من تلاميذه الباحثين عن فرص الاصطياد في المستنقعات السياسية الآسنة، فالذين يتنقلون الآن من حزب لحزب بسرعة البرق، ويغيرون مساراتهم من كتلة سياسية إلى أخرى، ثم يستبدلون أقنعتهم الزئبقية، ويتقافزون كما القرود المراهقة فوق أشجار السيرك السياسي، ينتمون كلهم إلى المدرسة الشبثية القديمة، التي وضعت أمامهم بوصلة رخيصة لتحقيق طموحاتهم الأنانية الضيقة، ورسمت لهم مسارات النذالة بحروف ملطخة بدماء الأبرياء.
يتعين علينا الآن الاستعداد لرصد التقلبات الولائية المتناقضة، التي بلغت أوج خطورتها في مؤشرات الهبوط السياسي نحو الحضيض، وليس أدل على ذلك من افتضاح أمر النواب والوزراء المتورطين مع الدواعش، وهكذا تحولت الخيانة إلى حرفة مستساغة، يتقنها العملاء ويجيدها المنبطحون، ويروج لها المتخاذلون، الذين وقفوا مع أعداء العراق، وتفاخروا بدعمهم المتواصل لكل العصابات الظلامية المعادية للجنس البشري.
قبل أيام سمعنا بتورط التجار الكرد مع تلك العصابات، وسمعنا بتعاملاتهم المباشرة مع التنظيمات الإجرامية، وتبين لنا أنهم عقدوا معهم الصفقات المليونية لشراء النفط المسروق مقابل تجهيزهم بالمركبات والعجلات، وتزويدهم بما يحتاجونه من عتاد ومؤن لتعزيز مخططاتهم العدوانية الرامية لتخريب العراق وتدميره بالكامل.
وسمعنا بتبريرات السياسيين المنحازين قلباً وقالباً إلى المعسكرات الدولية والاقليمية المعادية للعراق، فالتجسس عند هؤلاء مهنة ولائية تستدعي المجازفة بمستقبل وطنهم، وتستدعي تسهيل مخططات الأعداء، والسماح لهم بنهب ثروات البلاد.
لم تعد تهمة التجسس تهمة مخلة بالشرف، فقد تحولت في اجندات العملاء إلى (وجهة نظر) ترتضيها نفوسهم الضعيفة، وربما أصبحت الآن عبارة عن مرحلة انتقالية تحتمل المساومة والمقامرة، فمفردات العفة والشرف لا وجود لها البتة في قاموسهم المغلف بالخزي والعار.
ما يثير الفزع في سلوك هؤلاء، إنهم صاروا من ألد أعداء العراق، بكل ما يحملونه من فكر منحرف، وبكل ما يحملونه من معاول هدامة، تستهدف الإطاحة بهذا البلد، وتخطط لنهب ثرواته وسرقة ممتلكاته، وتنوي العودة به إلى العصور الجاهلية الأولى.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين