غاز العراق وألغازه العجيبة

كاظم فنجان الحمامي

لم تزل أحجيات غاز العراق تستعصي على فهم كبار العلماء، وتحرج أصحاب المواهب العقلية الفائقة. فقد وضعتنا وسائل الإعلام هذه الأيام أمام حزمة من الألغاز والمعضلات، التي يتعذر على العباقرة فك رموز شفرتها المعقدة، إذ تناقلت وكالات الأنباء خبرين متناقضين عن موضوع واحد. خبر يقول: إن العراق سيباشر بتصدير الغاز عبر المنافذ الأردنية، وخبر آخر يقول: إنه سيباشر باستيراد الغاز من الحقول الإيرانية عبر خطوط الأنابيب المارة بمدينة (ديالى).
أي الخبرين أصح ؟، وأيهما أكثر مصداقية من الآخر ؟. الاستيراد أم التصدير ؟، وكيف يمكن أن نقوم باستيراد الغاز عبر منافذنا الشرقية، ثم نصدره في الوقت نفسه عبر منافذنا الغربية ؟. وهل الغاز الذي ننوي استيراده يختلف، من حيث الخواص والنوعية، عن الغاز الذي ننوي تصديره ؟. أم أن الغاز المستورد يٌعاد تصديره مرة أخرى بفوائد ربحية مجزية ؟، وهل عقود التصدير، التي يُقال أن وزارة النفط أبرمتها مع الأردن لبيع فائض الغاز الطبيعي، تختلف عن عقود الاستيراد، التي يُقال أن وزارة الكهرباء أبرمتها مع إيران ؟. أم أن الوزارتين تنتميان إلى معسكرين منفصلين ؟. أم إننا نحن الذين نغالط أنفسنا، فنفسر الأمور في ضوء ما تدركه أدمغتنا المعطوبة ؟.
قبل بضعة أيام نشرت وكالات الأنباء خبراً عن تعاقد العراق مع إيران لاستيراد (35) مليون متر مكعب (mcm/d)، من الغاز المسال لتغطية احتياجات مدينة البصرة على مدى ست سنوات متواصلة، وتم التوقيع على الاتفاق بين مدير شركة الغاز الطبيعي الإيراني (رضا العراقي)، ووكيل وزير الكهرباء العراقي (خالد حسن صالح)، وقد تكفلت إيران ببناء البنى التحتية لتحقيق متطلبات نقل الغاز إلى العراق على ثلاث مراحل، تبدأ بسبعة ملايين متر مكعب باليوم، ثم تزداد تدريجياً حتى تبلغ الحدود المتفق عليها.
من ناحية أخرى ذكر بيان لشركة (شل) إن مشاريع الغاز في البصرة ستكون هي الأكبر، وإن حصة شركة غاز الجنوب فيها ستكون بنسبة (51%)، وحصة ميتسوبيشي (5%)، بينما تكون حصة شركة شل (44%) على مدى ربع قرن من الزمان.
أما ما لا نستطيع فهمه حتى الآن، ويصعب علينا ادراكه وتفسيره، هو تصريحات مجلس الوزراء حول مشروع إرسال الغاز المحروق (نعم المحروق) إلى الكويت لمعالجته هناك، ولا ندري هل سيرسلون دخانه المتطاير في الأجواء المفتوحة ؟، أم أنهم سيجمعون رماده المتساقط فوق رؤوس الناس في البصرة ؟، ثم يرسلونه بعد تعبئته في صهاريج، أو ضغطه في مناطيد أو في بالونات ؟. وما هي المبالغ التي يتعين علينا دفعها للكويت مقابل معالجتها لذلك الغاز المحروق ؟. وهل استغنى العراق نهائياً عن محطاته الجنوبية المتخصصة بكبس الغاز ومعالجته وفصله وتكريره ؟.
ختاما نقول للمشككين بخبر (تصدير الغاز المحروق): راجعوا الخبر المنشور على هذه الرابطة، ثم ناقشوا الموضوع مع الجهات المعنية:-
http://rudaw.net/arabic/middleeast/iraq/091120158