الله يستر من الجايات

كاظم فنجان الحمامي

من عجائب الأمور وغرائب الدهور أن زعماء الأنظمة الداعمة للإرهاب يريدون منا أن نلغي عقولنا، ويريدوننا أن نتنازل عن قناعاتنا، ونتغاضى عن جرائمهم المروعة، ونؤمن بمخططاتهم المريبة، ونجري وراء تحالفاتهم الحربية الخبيثة المرتبطة بالقوى الدولية الشريرة، وقواعدها المنتشرة في حوض الخليج العربي.
هل بلغ بنا الغباء هذا المبلغ حتى تنطلي علينا أكاذيب الأنظمة التي اخترعت الإرهاب. ومن فيكم يصدق أن زعماء تركيا وقطر والسعودية ومعهما السودان، هم الذين عقدوا العزم على محاربة الإرهاب في سوريا والعراق واليمن ومصر، من دون أن تشترك معهم العواصم العربية المنكوبة بمجازر العصابات الإرهابية، التي خرجت من أوكار تلك الأقطار الراعية للإرهاب ؟. ومن يصدق أن الأنظمة التكفيرية الغارقة في ممارسة الإجرام الطائفي، هي التي تعقد الآن تحالفاتها الحربية المريبة لمحاربة الإرهاب القادم إلينا من تلك الأنظمة نفسها ؟، ومن يصدق أن الجزار هو الذي سيرحم الضحية ؟، وأنه سيرمي خناجره في لجة البحر ويحمل أغصان الزيتون، ويبعث لنا الأمن والأمان فوق أجنحة المحبة والسلام ؟. ثم إذا كانت تركيا هي التي ستحارب الإرهاب، فهذا يعني أن الإرهاب بخير، وفي طريقه إلى التمدد، والتوسع على نطاق أوسع فأوسع ليحرق الأخضر واليابس، وإذا كانت قطر هي التي ستنفق أرصدتها المالية كلها من أجل أن يعم السلام، فالسلام لن يعود أبداً إلى دار السلام، وإذا كانت الدوحة هي التي ستوظف قدراتها المخابراتية والإعلامية في محاربة الإرهاب، فينبغي أن نضع في حساباتنا منذ الآن أن الإرهاب سينمو نمواً مضطرداً بالطول والعرض، تحت غطاء هذا التحالف النفطي القبلي، الذي لم يعلن الحرب أبداً على الفكر التكفيري الذي أنتج الإرهاب، ولم يفكر في يوم من الأيام بقطع أمدادات صناعة الموت والدمار.
هل نسينا كيف تحالف زعماء الأقطار المشاركة في هذا التحالف الشرير مع أعداء الحرية والسلام ؟، وهل نسينا كيف تحالفوا مع أمريكا مرات ومرات في غاراتها العدوانية على العراق، وكيف تحالفوا مع إسرائيل ضد مصر، وتحالفوا مع الناتو ضد ليبيا، وتحالفوا مع القاعدة ضد اليمن، وتحالفوا مع تل أبيب ضد لبنان، وتحالفوا مع التنظيمات الظلامية ضد سوريا ؟، أليسوا هم الذين أربكوا الوضع العربي بمؤامراتهم المتكررة، وأشاعوا الفوضى وزرعوا الفتن فأساءوا إلى الإسلام والمسلمين، وهم الذين أعلنوا ولائهم المطلق لفقهاء البنتاغون، وأذعنوا لعملاء الموساد، ولم يطلقوا رصاصة واحدة ضد الذين اغتصبوا أرضنا، وصادروا حقوقنا، وشردوا أهلنا، وأحرقوا ديارنا ؟.
يتعين على القوى الخيرة أن تنتبه لمخاطر هذا التحالف، الذي سيوفر أهم مقومات ديمومة الإرهاب وانتشاره. أما إذا كانت القوى الدولية الشريرة هي التي تقف وراء هذا التحالف المخيف، وهي التي تسانده، فعندئذٍ يتعين علينا أن نحزم أمرنا، ونستعد منذ الآن لمواجهة أعنف الهجمات الإرهابية، التي ستقودها الأقطار المتحالفة ضد الإنسانية، ويتعين علينا أن نتوقع المزيد من الكوارث الكونية، التي باتت وشيكة الوقوع بين ليلة وضحاها. فالإرهاب يعيش اليوم في كنف القوى التي ابتكرته وساعدته على النمو والانتشار.
والله يستر من الجايات