رسولَ اللهٍ جئتُ إليك عذرا *** وقلبي متعبٌ و العينُ حَرّا
ولا اقوي أردُ إليك طرفاً *** وقد بالغتُ في التقصيرِ وزرا
وحسبي يا رسول اللهِ حُبي *** أقدمهُ سفيراً لي و ذُخرا
ومثلُكَ يا رسولَ اللهِ يُرجى *** شفيعاً لي و ستراً حين أُزرى
رسولَ الله مهما فاضَ بحرٌ *** فلن يُوْفِيكَ هذا البحرُ شعرا
ولو بالغتُ ما بَلغتْ سماءٌ *** مديحاً فيكَ ما أدركتُ سطرا
ولو وقفَتْ قوافي كلِّ فحلٍ *** ببابِكَ ما أجادتْ فيكَ شطرا
ولو أنّ البيانَ له لسانٌ *** وقام إليكَ تزكيةً و إِطرا
وظلّ الدهرَ يقطعُه مديحاً *** لحرفٍ منكَ ما وفّاهُ دهرا
وهذي الأرضُ قد صارتْ ربيعاً *** وزادتْ حينما أقبلتَ سِحرا
و أكساها ربيعُكَ كلَّ لونٍ *** وأكسى بالنضارةِ كلَّ غبرا
وهذا الكونً قد صارت سماهُ *** نجوماً حينما أشرقْتَ زُهرا
فأنتَ الجوهرُ المكنونُ سراً *** فمنْ ذاكَ الذي يرويهِ جهرا
فطوبى للذي أوليتَ قرباً *** وكنتَ إمامَهُ نسباً و صهرا
وما مثلي وأمثالي عدولٌ *** لمدحِكَ سيدَ الثقلينِ طُرا
ولستَ بحاجةٍ لهزيلِ مدحٍ *** فقدْ زكاكَ ربُكَ قَبلَ إِقرا
فعندَ مكارمِ الأخلاقِ زكى *** وخَلقٍ يأسرُ الألبابَ أسرا
خيارٌ من خيارٍ من خيارٍ *** من الأصلابِ والأرحامِ طُهرا
ولكنّي وفي الأعماقِ وجدٌ *** عنيفٌ يَنثرُ الأشواقَ نثرا
أكابدُها إليكَ فهل ستلقى *** إذا جاءتْكَ ترحيباً و بشرا
كفاني يا رسولَ اللهِ أني *** بذكِركَ يا "محمدُ" زدتُ ذِكرا
و يكفيني بهِ شرفاً رفيعاً *** ويكفيني بهِ عزاً و فخرا
رسولَ الله قد مرّتْ ركابٌ *** وصِرتُ إليكَ بالأشواقِ سرا
وصارتُ مُقلتي لما تَجلّى *** بهاءُ القُبّةِ الخَضراءِ حَمرا
وفوقَ الروضةِ الفيحاء مرّتْ *** أمامي كلُّ حادثةٍ و ذكرى
فمن بدرٍ إلى أُحدٍ وتمضي *** بها الأيامُ إعداداً و نَفْرَا
وأعلامُ الصحابةِ حين قاموا *** لدينِكَ يا رسولَ الله نصرا
وكلُّهمُو من الإيمانِ جيشٌ *** بقلبٍ واحدٍ كراً وفرا
فلا عمروٌ هناكَ يخونُ زيداً *** ولا زيدٌ هناكَ يَخونُ عمروا
اسودٌ في الوغى ثقةً وبطشاً *** طيورٌ في التقى وجلاً و ذُعرا
وفوقَ الخندقِ الممدودِ يأساً *** وقد رامُوكَ إذلالا وكَسْرا
فلاحتْ حينما أشهرتَ بأساً *** بمعولِكَ الصقيلِ قصورُ بُصرى
وفي اليمنِ الكبير أُريتَ فتحاً *** وبالفتحِ المبينِ بلادَ كِسرى
رسولَ اللهِ هلْ لي في حديثٍ *** إليكَ أبثُهُ ألماً و قهرا
حديثٍ يحبسُ الأنفاسَ حُزناً *** فلا تقوى من الإجهاد زَفرا
حديثٍ صُوِرتْ فيهِ المآسي *** كتاباً يُذهِلُ الألبابَ فكرا
فما من بقعةٍ إلا وصارتْ *** على أصحابِها كفناً و قبرا
فهذيْ طفلةٌ و هناك شيخٌ *** يذوقُ كِلاهُما الأحزانَ مُرا
هنا يتمٌ هنا ثكلٌ و فقدٌ *** هنا جوعٌ هنا جسدٌ تَعَرّى
هنا بردٌ هنا ليلٌ و دمعٌ *** هنا رعبٌ يُحيلُ القلبَ صخرا
هناكَ الشامُ قد مُلِئتْ نفاقاً *** و إجراماً و تضليلاً و مكرا
هنا اليمنُ السعيدُ غدا كئيباً *** وصارتْ بلدةُ الإيمانِ حَيْرَى
رسولَ اللهِ كمْ نسبٍ وضِيعٍ *** يطاولُ طُهركَ المرفوعَ قدرا
له وجهٌ يُريكَ عليهِ خيراً *** ويُخفي تحتَهُ شراً و غدرا
وباسمِ الدينِ كمْ سَفكتْ يَداهُ *** دماءاً وامْتطى للبغي ظَهرَا
وصارَ اليومَ يذكركَ احتفالاً *** بميلادٍ فهلْ أولاكَ بِرّا
وكمْ من عِمَّةٍ عَمياءَ جِيئَتْ *** فقامتْ تنخرُ الإسلامَ نَخرا
وصار الدينُ إرهاباً وصارت *** بلادُ المسلمين تَعِجُّ كُفرا
رسولَ اللهِ هذا بعضُ بَثّي *** وحُزني كلّما أُبديه يَشرى
همومٌ قد أعاقتني وقهرٌ *** لذلكَ قد أتيتُ إليكَ عذرا
12 ربيع أول 1437هـ
المفضلات