آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: أنا لست سلفيًا ...لماذا؟

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي أنا لست سلفيًا ...لماذا؟

    لماذا أنا لست سلفيًا

    سألني أحد الإخوة : هل أنت سلفي ؟
    وقد سألت نفسي هذا السؤال من قبل ...
    ولأني باحث في هندسة اللغة منذ ما يزيد عن ربع قرن ..
    ومن ذلك فقه استعمال الحذور الذي يعرف به سبب تسمية المسميات بأسمائها ويحدد الأفعال بما يميزها عن المترادفات لها.
    فأول ما يكون من البحث في استعمال الجذر هو النظر في استعماله في القرآن الكريم، قبل البحث في الأحاديث، وفي قواميس اللغة ،
    لأن إعجاز القرآن هو في نظمه ومراعاة سبب تسمية المسميات بأسمائها عند استعمالها. وهو كلام من رب العالمين الذي علم الإنسان البيان، فهو أعلى درجات البيان والبلاغة التي لا يستطيع الإنسان الوصول إلى مماثلتها.
    وعند البحث في القرآن لمادة "سلف" هالني ما وقفت عليه؛
    ورد لفظ "سلف" كاسم في القرآن في ستة مواضع كلها في أبغض الأشياء إلى الله تعالى
    الأول : وصفًا للماضي من الكفر والشرك؛
    قال تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38) الأنفال.
    ما سلف: هو ما كان من أفعال الكفر الشرك التي فعلوها من قبل.
    الثاني : الربا والذي أقله كناكح الرجل لأمه؛
    قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) البقرة.
    ما سلف : ما أكلوه من الربا المحرم، ومن عاد لنفس الفعل فهو من أصحاب النار الخالدين فيها.
    الثالث : أن ينكح الرجل امرأة أبيه؛
    قال تعالى: ( وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) النساء.
    ما سلف : الزواج بامرأة الأب قبل التحريم، وقد وصف بأن فاحشة ومقتًا وساء سبيلا.
    الرابع : في جمع الرجل أختين في زواجه من النساء؛
    قال تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) النساء.
    ما سلف : أي الزواج بأختين معًا ، وقد ذكر مع تحريم الزواج بالأم والبنات والأخوات وبقية المحرمات .. فهو فعل محرم وقبيح عند الله تعالى
    الخامس : قتل المحرم للصيد، وهو أمر كبير عظيم عند الله تعالى؛
    قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) المائدة.
    ما سلف : ما قتل المحرم من الصيد، والعائد للفعل بعد التحريم سيعرض نفسه لانتقام الله عز وجل منه، ولا ينتقم الله تعالى من أحد على ذنب صغير، وإنما هو عند الله ذنب كبير وفظيع مخل بمناسك الحج.
    السادس: وصف هلاك فرعون مدعي الربوبية والألوهية؛
    قال تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ (56) الزخرف.
    ما سلف : وصف لهلاك فرعون وقومه على كفرهم وتأليههم لفرعون دون الله تعالى.
    لقد جاء لفظ "سلف" وصفًا لأكبر المنكرات وأقبحها عند الله تعالى،
    وليس هناك وصف في القرآن فيه مدح حتى يصلح اللفظ للذم والمدح معًا .
    وقد نفرت نفسي من هذه التسمية لأجل ذلك
    لقد انعكس تقصير علماء اللغة في بيان أمور عديدة من اللغة على الفقه والتفسير والحديث واللغة نفسها
    ولذلك جرى استعمال لفظ "سلف" وإطلاقه بحسن نية على خير القرون من هذه الأمة ؛ على الصحابة والتابعين.
    على أنه مرادف للفظ سابق ومتقدم وما شابههما.
    نعم ... كل هالك هو سابق ومتقدم، لكن لكل لفظ خصوصيته التي لا يصلح غيره ليحل محله ، ويؤدي معناه،
    فليس كل سابق ومتقدم هو هالك؛ فالسابق والمتقدم قد يصبح لاحق ومتأخر إذا ما زال حيًا.
    وقد جرى تخفيف سوء اللفظ بالقول : السلف الصالح، لتمييزه عن السلف الطالح، ولا أرى لإضافة "الصالح" تطهيرًا لهذا اللفظ من قبح دلالته.
    وأن ذهابهم بلا عودة هو من ذهاب العلم والدين الذي نقلوه إلينا لأن مكانتهعم من مكانة الدين الذي حافظوا عليه وأوصلوه لنا.
    فاستعمال "سلف" هو في الذاهب بلا عودة لميت أو هالك، وفي الأمر المحرم حرمة شديدة يترتب على من يعود إليه عقابًا شديدًا من الله تعالى.
    ولذلك نفرت نفسي من الاتصاف بأني سلفي أو أصف غيري بهذا الوصف
    فالعلة هي في الوصف وليس في الحاملين لهذا الوصف ... فهما أمران مختلفات يجب التفريق بينهما.
    وقد ورد لفظ "سلف" فيما يبدو في ظاهره أنه لا بأس في استعماله؛ في حديث عند البخاري رحمه الله تعالى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها : (ولا أَرى الأجلَ إلا قدِ اقترَب، فاتقي اللهَ واصبِري، فإني نِعمَ السلَفُ أنا لكِ ) .صحيح البخاري.
    لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول إلا في مرض وفاته وقرب مفارقته للدنيا، وفيه بيان أن وفاته عليه السلام ليست كوفاة عيسى عليه السلام، وأنه مفارق للدنيا بلا عودة ولا رجعة إليها ... فلا عودة لميت أو هالك للدنيا وإنما عودته للحياة الآخرة.
    وأنه عليه السلام خير الذاهبين بلا عودة.
    والذاهب بلا عودة قد يكون صالحًا وقد يكون طالحًا، واللفظ لا يبين حاله إلا بقرينة.
    وهذا مثل قوله تعالى : (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين (54) آل عمران، وقوله تعالى : (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (30) الأنفال.
    والمكر هو التدبير الخفي للإيقاع بالأعداء، والله تعالى خير من يمكر بأعدائه، لكن مكر الأعداء يختلف عن مكر الله، فمن البشر؛ يكون العداء لأهل الباطل ويكون العداء لأهل الحق، فبعضه شر وبعضه خير، لكن مكر الله تعالى لا يكون إلا بأهل الباطل، وهو حق في عقابهم وإراحة المؤمنين منهم وتخليص أهل الأرض من شرهم.
    ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بأنه ماكر؛ لأن هذه التسمية شاملة للخير والشر، وحاشا لله تعالى أن يجتمع في فعله ذلك.
    والسلف لفظ مجرد من المدح أو الذم ينصرف إلى الذم أكثر، وحتى لا يكون ذلك؛ - قلنا السلف الصالح- تمييزًا له عن السلف الكافر والفاسد والطالح.
    ولفظ السلف لوحده لا يصح للصلاح؛ فإن قلت: أنا سلفي؛ أنتمي لمن ذهب ومضى أو هلك ... دون تمييز حال من تنتمي إليهم... فهل يجوز لك قول ذلك ...... مع سلامة القصد منك .
    وفي قولك سلفي نسبة لمن مضى بلا عودة أنك جعلت فاصلا قاطعًا بينك وبينهم، وأنه لا علاقة لك بهم ...... لكن هذه الأمة متصلة من أولها إلى آخرها، ... فكيف وصل دين الله تعالى إليك إلا عن طريقهم وتوارث الأجيال له من بعدهم !!!.
    وقد ورد من مادة "سلف" فعل "أسلف"؛ وهمزة "أسلف" هي همزة سلب، أي سلب للمعنى، فالذاهب بلا عودة يصير إلى رجوع، فعمل الإنسان من خير أو شر يعود عليه يوم القيامة، كما قال تعالى: (ووجدوا ما عملوا حاضرًا) و(إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون)
    فقد ورد فعل "أسلف" في موضعين؛
    الموضع الأول : في قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) الحاقة.
    أسلفتم : في عودة فعلكم عليكم بخير على أنفسكم في الآخرة.
    الموضع الثاني : في قوله تعالى : (هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) يونس.
    أسلفت: في عودة فعل الافتراء والضلال عليه بالشر وعذاب الآخرة.
    وعودة الفعل على صاحبة قد يكون شرًا إذا كان فعله شرًا، وقد يكون خيرًا إذا كان فعله خيرًا، ولذلك استعمل الفعل "أسلفتم" مرة في الخير ومرة في الشر.
    ثم انتقل لفظ "سلف" ليكون صفة واسمًا لحركة ودعوة إلى الإسلام باسم الدعوة السلفية
    لأنه لم يكن هناك تحذيرًا من دلالته الحقيقية الخفية لدى الناس والعلماء خاصة.
    وهناك من يرى أن أول من أطلق اسم الدعوة السلفية هو الشيخ محمد رشيد رضا، وذلك بعد سقوط الخلافة أي بعد عام 1924م.
    ولمكانته في مصر أخذ الاسم عنه واشتهر
    وانتقل الاسم إلى قلب الجزيرة مع تلاميذه
    وفرح الوهابيون بهذا الاسم .... ورأوا فيه أنه يربطهم بعهد الصحابة رضي الله عنهم
    ويرفع عنهم الاتهام بالوهابية ....
    والانتماء إلى الشيخ والداعية محمد بن عبد الوهاب هو كسائر الانتماءات إلى (الحنفيه والشافعية والمالكية والحمبلية) .... ولا غضاضة في هذا الانتماء.
    وهو خير من وصف الدعوة "بالدعوة السلفية" لأنه كما بينا لا تدل على خير أو شر من اللفظ نفسه.
    ودعوة السلف الصالح خيرًا منها
    لكن دلالة لفظ السلف على الذاهب بلا عودة، تبقى ثابتة ....
    ولا أظن أن أحدًا يريد أن يتلبس بهذا المعنى في فعله ...
    ولا أقول هذا إلا من باب النصح لا غير
    وأحب لكل مسلم ومؤمن ما أحبه لنفسي ...
    مع أن هذه التسمية تأصلت في الأمة .. ويصعب نزعها والتخلي عنها
    والله تعالى أعلم

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 01/06/2017 الساعة 11:04 AM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •