آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 5 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 82

الموضوع: سورة الرحمن أشغلت فكري وملأت قلبي

  1. #1
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    Impp سورة الرحمن أشغلت فكري وملأت قلبي

    سورة الرحمن سورة أشغلت فكري وملأت قلبي
    بسم الله الرحمن الرحيم


    تتميز سورة الرحمن بأنها السورة الوحيدة التي بدأت باسم من أسماء الله وشغل آية لوحده
    وفيها أكثر الآيات تكرارًا: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؛ 31 مرة.
    سأقف إن شاء الله تعالى على كل آية من آيات السورة وربطها بما قبلها وما بعدها، وبمجموعة الآيات التي في موضوعها ما استطعت.
    :{الرحمن {1} الرحمن
    الرحمن اسم من مادة "رحم" وهي مستعملة في العطاء المسبب للامتداد
    ورحمة الله تعالى هي العطاء المسبب للامتداد؛ ومنه المطر المسبب لامتداد الحياة للنبات والحيوان والإنسان، والرحمة: الجنة لعطائها الممتد بلا توقف ولا انتهاء، والرحم: عضو الإنجاب في الأنثى؛ لأنه يمد الجنين بما يحتاجه وينميه حتى يصل إلى حد يستطيع أن يعيش خارجه. والرحم: الإنثى القريبة من أم، وأخت، وبنت، وعمة، وخالة، وبنات الإخوة والأخوات، وغيرهن من بنات الأقارب؛ لأنه يحصل بهن امتداد وقوة ارتباط بالعائلات والأسر الأخرى، وامتداد للطرفين بالصفات والجينات الوراثية.
    والله عز وجل هو الرحمن ذو الرحمة التي تشمل المؤمن والكافر بعطائه المسبب لامتداد حياتهم في الحياة الدنيا.
    و"رحمن" اسم على وزن "فعلان" وفي مستعمل فيمن يدخل في حالة مؤقتة ثم يعود على الأصل؛ ومن هذا الباب على الوزن نفسه: غضبان، جوعان، عطشان، .... ، فالغضب حال مؤقت ينتهي بزوال الغضب وأسبابه، والجوع حال مؤقت، ينتهي ويزول بالأكل والشبع، والعطش مثل الجوع، وكذلك كل ما جاء على هذا الوزن.
    ورحمة الرحمن رحمة لفئتين، رحمة دائمة للمؤمنين ورحمة مؤقتة محدودة للكافرين تنتهي بزوال الدنيا، وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل.
    أما اسم "الرحيم" على وزن "فعيل" وهو وزن للصفات الدائمة، ورحمة الله تعالى بالمؤمنين دائمة في الدنيا والآخرة، ورحمته هذه خاصة بهم في الآخرهم، ولا يدخل معهم فيها أحد من الكفار.
    وقد سقطت ألف التفصيل من اسم "الرحمن" رسمًا كما سقطت رسمًا من اسم الجلالة "الله"؛ لأن هذا الاسم الدال على صفة الرحمة لا يشارك الله تعالى فيه أحد، ولا يقدر أحد عليها غير الله تعالى، فلما انتفى الند والمثيل له في فعله سقط التفصيل، لأن التفصيل يكون في المتعدد لبيان درجاتهم فيه، وليس في الواحد الذي لا ثاني له.
    ولأن اسم الرحمن افتتحت به السورة، ورحمته شملت المؤمن والكافر، فقد اتصفت السورة بكثرة الثنائيات فيها.
    ولأن الرحمة محيطة وحافظة وسبب في الاستمرار والتمتع وحفظ كذلك من المخاطر والأهواء فقد كثر التذكير بآلاء الله وما نشأ في حضن الذي حماه وأمده كان سببًا في نموه كالحب مع العصف، واللؤلؤ والمرجان، وغير ذلك ...
    وكانت أعظم نعمة ورحمة من الله تعالى؛ أنه علم القرآن .
    ملاحظة
    يؤسفني أن أكثر من يدخل على المنتدى ويقرأ من مواضيعه هم من غير المسجلين في واتا
    فيحرمني ذلك من آرائهم وتعليقاتهم.
    وإيميلي أمامه واضح لمن أراد أن يرسل ملاحظاته
    ومباح النقل لكل من أراد نقل أي موضوع إلى منتديات ومواقع أخرى....
    أو أن يدعو غيره لقراءته
    ومن أدبه سيشير للمصدر

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 05:45 PM

  2. #2
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت فكري وملأت قلبي

    : {علم القرآن{2} الرحمن
    مادة "علم" تستعمل فيما يعطى ليكون أساسًا لتبنى عليه معرفة أو علمًا ومعرفة أخرى، وأعطاه القدرة على البناء عليها، أو ما يبنى على الفعل من جزاء أو عقاب ولا يكون ذلك إلا عن قدرة كذلك.
    فإذا أردت تعليم أحدًا القراءة والكتابة؛ تعرفه بالحروف نطقًا ورسمًا، وكلمات وجملا محددة، فمتى أتقنها؛ استطاع أن يقرأ من نفسه أية كلمة أخرى ويكتبها بناء على ما تعلمه.
    وإذا أردت تعليم أحد مهنة النجارة مثلاً؛ تعرفه كيف يقيس وينشر ويجمع ويغري القطع ليعمل منها مقاعد أو طاولات أو خزائن محددة؛ فمتى أتقن هذه صناعة هذه الأدوات؛ يكون قد ملك القدرة على الانطلاق لصناعة غيرها، وابتداع أشياء جديدة فيها، لم تكن من قبل بما تعلمه في مهنته. وهكذا يفعل أصحاب المهن الأخرى.
    وإذا اشتريت أرضًا تعلم حدودها لتبدأ بالانتفاع بها، وتعلم قواعد وأساس المبنى لتبدأ البناء عليه، فالعلم والتعليم يعطي القدرة البناء على الأساس الذي أُعطى ليبنى عليه.
    والله تعالى يعلم؛ أي يبنى على علمه بأفعال الناس حسابهم على أفعالهم من خير أو شر، ويعلم من الغيب ما يكون، فيجعل الله تعالى عليه ما يريد منه أن يكون.
    والله تعالى علم القرآن أي علم آياته وكلماته وحروفه، ليبنى عليها عبادته من تلاوة لها، وعملا بالأحكام بما فيها من أوامر ونواهي. وأساسًا ومصدرًا لكثير من العلوم التي بنيت على القرآن وكانت بسببه كعلوم اللغة والتفسير لضبط أمور المسلمين عليه يحفظ لهم قوتهم وإيمانهم أمام الشدائد والمصاعب التي تستهدفهم وتواجههم باستمرار.
    فمن الذي سيبني عمله وعلمه على القرآن ؟!
    فخلق لذلك الإنسان ...

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 21/06/2016 الساعة 05:06 AM

  3. #3
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت فكري وملأت قلبي

    :{خلق الإنسان {3} الرحمن

    قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {56} الذاريات.
    وأعظم عبادة لله تعالى أن يُتعبد بكلماته،
    ولم يعرف الإنسان من كلمات الله تعالى إلا ما ورد في القرآن.
    ومن أراد أن يكلم الله تعالى فليقرأ القرآن.
    فخلق الإنسان هو لأجل تعبد الله تعالى بالقرآن
    ولما كان الإنسان بحاجة لبيئة يستطيع أن يعيش فيها؛ فقد خلق له السماوات والأرض؛
    قال تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات {29} البقرة .... وكل ذلك الخلق لأجل الإنسان .
    أما الجن فهم تبعًا لما ينزل على الناس من الله تعالى ليتعبدوا الله به.
    "الإنسان" اسم جنس شامل لكل أفراده، ولذلك سقطت في الرسم القرآني ألف التفصيل منه لأجل الشمولية.
    وكل مادة لغوية فيها النون والسين والنون متقدمة على السين مع أحد حروف العلة أو كان في المادة تكرار لأحدهما أو كليها فإنا مستعملة في التأخير؛
    فالنسيئة من نسأ : تأخير شهر "محرم" عن وقته حتى يحل استباحة الغزو والنهب عند المشركين.
    وسميت عصا سليمان عليه السلام "منسأة" من نسأ لأجل تأخيرها لعلم الجن بوفاته مدة طويلة قيل أنها عام.
    والنسيان من نسي: وهو تأخير ذكر الشيء بعد فواته موعده.
    وأنس بالشيء: أبعد وأخر النفرة منه، لأن كل جديد يخشى منه، ثم يؤنس ببعض بعد ذلك.
    وإنسان والإنس من مادة "أنس" والناس كذلك من "أنس" أو "نوس" سموا بذلك لأنه تأخر خلقهم بعد الملائكة والجن، وتأخر خلقهم فكان في آخر الزمان.
    والخلق هو إيجاد صورة الشيء كانت معدومة فيها.
    وليس الخلق هو إيجاد الشيء من العدم ... فهذا كلام فلاسفة لا أصل له في اللغة، ولا في استعمال القرآن.
    فخلق الإنسان من تراب وماء ومن الطين الجامع لهما؛ فمرة يذكر الماء فقط ومرة يذكر التراب فقط، ومرة يذكر الطين؛ ويراعى في ذكر ذلك السياق الذي يذكر فيه.
    فلم يخلق الإنسان من لا شيء ...
    ونباتية ولم تخلق كل الكائنات الحية من حيوانية ونباتية من لا شيء ...
    قال تعالى : {وجعلنا من الماء كل شيء حي{30} الأنبياء.
    والسماء كانت دخانًا فسواها سبع سماوات ؛ {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين {11} فقضاهن سبع سماوات {12} فصلت. .... فلم تخلق السماء من لا شيء.
    والأرض قد سميت بالتراب الذي يغطي سطحها الذي يقبل الماء وينبت النبات ، وقد شقه من صخور من الصخور تحتها والتي لا تقبل الماء ولا تنبت النبات، وجعل ما شقه فوق صخورها ... فهي لم تخلق من لا شيء ..
    قال تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه {25} ثم شققنا الأرض شقًا {26} فأنبتا فيها حبًا {27} وعنبًا وقضبًا {28} وزيتونًا ونخلاً {29} ......... عبس
    ولكن كيف سيستقبل الإنسان القرآن ويعمل به .... فعلمه البيان
    [/SIZE]

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 21/06/2016 الساعة 05:10 AM

  4. #4
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت فكري وملأت قلبي

    {علمه البيان {4} الرحمن

    كيف سيتلقى الإنسان القرآن ؟
    لا بد للإنسان أو طائفة منهم أن ترقى في بيانها إلى الدرجة التي تستوعب وتفهم كلمات الله تعالى حين تنزل ... والابتداء يكون بآدم
    قال تعالى : {وعلم آدم الأسماء كلها{31} البقرة
    لقد أعطى الله تعالى آدم الأساس التي تبني عليه اللغات وهي دلالة الحروف والحركات والأوزان، ليصنع منها الجذور على الاستعمال الذي يريده، ويختار لها حروفها، ليبنى ويشتق من هذه الجذور الأسماء والأفعال.
    وقد كلم آدم عليه السلام الله تعالى، وكلم الملائكة، وكلم إبليس، وكل ذلك قبل الهبوط إلى الأرض، فجاء إلى الأرض وهو يملك لغة تكفي حاجته في التعبير عن نفسه، وإدراك ما يقال له، ولم ينشئ لغة بعد نزوله ... بل الذي كان منه ومن ذريته بعد ذلك التوسع بها والرقي في بيانه بها.
    وتعليم الأسماء غير التعريف به؛ فالتعريف إطلاعه على شيء سابق الوجود، والتعليم ملك القدرة على تسمية الأشياء بأسمائها، لأن الأشياء والأفعال في الحياة تستجد بشكل مستمر ولا بد من تسميتها. ونحن نلاحظ ما من شيء يستجد إلا وقد سمي باسم سابق أو باسم لم يعرف من قبل.
    وقد تصرف هذه القدرة في التسمية في الباطل؛ كما قال تعالى: {إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان{23} النجم
    وقد كان العرب هم صاحب الحظ في الرقي بلغتهم بشدة الاعتناء والاهتمام بفنونها إلى بلغت الصلاحية الكاملة لنزول كلمات الله تعالى بها.
    وللموضع تتمة إن شاء الله تعالى حتى ننتهي من السورة ولو بعد حين وإن طال

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 05:39 PM

  5. #5
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {الشمس والقمر بحسبان {5} الرحمن
    سميت الشمس بهذا الاسم من استمرار طلوعها من الشرق واستمرار سيرها إلى أن تغيب في الغرب ، والعين تحيط بقرصها ، وأنها تحيط بضوئها كل الأرض حولنا لسعة انتشاره ضوئها، وأن حرارتها لا تطاق ولا بد من الاحتماء منها عندما تشتد في الظهيرة وفي الصيف خاصة. ولذلك سمي الفرس الذي لا يطاق شمِس وشمُوس [والشَّمِسُ والشَّمُوسُ من الدواب: الذي إِذا نُخِسَ لم يستقرّ. وشَمَسَت الدابة والفرسُ تَشْمُسُ شِماساً وشُمُوساً وهي شَمُوسٌ: شَرَدتْ وجَمَحَتْ ومَنَعَتْ ظهرها، وبه شِماسٌ.]. مادة شمس، لسان العرب.
    وسمي القمر بهذا الاسم لثبات ارتباطه بالأرض؛ فما أن يغيب ظهوره من الشرق، حتى يظهر ثانية في الغرب.
    الشمس هو الجرم الناري الوحيد الذي نستفيد من ضيائها ، وما نور القمر إلا من ضيائها.
    وهما جرمان خلقهما الله تعالى وسخرهما لتحقيق رحمته بالناس يوم خلق السماوات والأرض ، فلا حياة للكائنات الحية؛ الحيوانية والنباتية على الأرض، في البر والبحر، دون ضوء الشمس وحرارتها، ولا تصلح الحياة دون التقلبات التي تحدث فيها بسبب الشمس والقمر.
    والحسبان من الحساب وهو التقدير، ويوم الحساب: يوم تقدير السيئات والحسنات لكل واحد ليجزى عليها، وعلم الحساب: علم تقدير الكميات، والقول بـ "أيحسب" أي أيقدر أن الأمر على ما يظن. وقولنا: حسبنا الله؛ أي أن الله الذي بيده مقادير كل شيء سيكفينا من شر كل شيء يراد بنا.
    وقد كان وجود الشمس والقمر وخلقهما، وبعدهما، وكمية الضوء والحرارة التي تصل منهما، كلها بحسبان من الله تعالى، أي بتقدير من الله تعالى، لو اختل اختلت معه الحياة في الأرض. فمن رحمة الله تعالى كانت الشمس والقمر بهذا الحسبان. وأثرهما على النبات .

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 20/04/2016 الساعة 09:32 AM

  6. #6
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {والنجم والشجر يسجدان {6} الرحمن

    سمي النجم بالنجم لأنه لا يدوم ظهوره في الليل طوال العام، وأكثرها ظهورًا لا يزيد عن عشرة أشهر، وهذه الصفة حملتها النباتات الحولية أو السنوية التي تنبت وتظهر في أشهر محددة من السنة قبل أن تستهلك، أو تموت وتحول إلى حطام، والذي ينبت في العام القادم هو من بذورها. والأشياء التى تحمل نفس الصفات تسمى بنفس الأسماء وإن تباعدت تباعدًا كبيرًا في الصفات الأخرى؛ لأن الاسم يدل على ذات الشيء بإحدى صفاته فقط، وتعدد أسماؤه بتعدد صفاته.
    وسمي الشجر بهذا الاسم بسبب استمرار نموه سنوات طويلة من أرومته نفسها، سواء طال وعظم، أو قل وصغر، ولما يلحق به كل عام أو بعد أعوام من أغصان وفروع جديدة، وأوراق وثمار.
    ووالنجم والشجر يسجدان؛ أي يلتزمان ولا يخرجان على السنن الإلهية التي وضعت لها، فلا ينبت النبات إلى في أوقات محددة من السنة، ولا يورق الشجر إلا في أوقات محددة، ولا يخرج ثمره إلا بعد سنوات محددة، والسجود عامة هو العمل بالأمر والالتزام التام به وعدم الخروج عنه، أو السير على السنن الإلهية التي وضعت له لا يخرج عنها كفعل الشمس والقمر والنجوم والنبات والشجر.
    وقد ذكرت نجوم النبات والشجر بعد ذكر الشمس لما بينهما من ارتباط، وحاجة النبات لهما واعتماده عليهما فلا حياة للنبات دونهما، ومنها غذاء وأكل الإنسان، من الحبوب والخضار والفاكهة، ولحوم الحيوانات وحليبها ومشتقاته، وبيض الطيور وغير ذلك من عطاء الرحمن للإنسان.
    ثم يجيء ذكر رفع السماء ووضع الميزان لما لرفعها من علاقة بصلاح الحياة لكل من الإنسان والنبات والحيوان.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 05:47 PM

  7. #7
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {والسماء رفعها ووضع الميزان {7} الرحمن.

    السماء من مادة "سمو" وهي مستعملة في "الدوام" ، فالسماء دائمة معك أينما كنت في بر أو بحر أو في الأقطاب الثلجية التي هي لا بر ولا بحر، بينما يغيب عنك البر في البحر، ويغيب عنك البحر في البر، وتغيب عنك الأقطاب في البر أو البحر البعيدان عنهما، ويغيبان عن الأقطاب، لكن السماء دائمة معك أينما كنت، ولها صفة الديمومة فوق جميع الأرض، والسماء تبدأ من وجه الأرض إلى أن ينتهي بنائها وشدتها.
    والاسم كذلك من مادة "سمو" وله صفة الديمومة كذلك، فآدم عليه السلام مثلاً، دام اسمه هذه الآلاف من السنين بعد أن غاب جسده عن الحياة بالموت.
    والمسماة: جورب ثقيل من الصوف يلبسه الصياد ليحمي به رجله من الحر، وخشونة الأرض والحجارة والشوك، وليديم ملاحقة الصيد الذي يكنس بين الأشجار وقت الظهيرة، ولو كان من خف قد ينخلع من سرعة الجري من رجله فيتوقف جريه في ملاحقة الصيد لأجل ذلك.
    وصاحب السمو - وهو لفظ مستحدث يوافق الاستعمال – يقال لمن دام ملك آبائه أجيالاً عديدة.
    ورفع السماء يكون بزيادة مادتها أو تباعد أجزائها؛ فيعلو سقفها، والرفع هو زيادة المقدار، وليس الرفع هو التعليق في الفضاء بلا شيء تحتها تركز عليه ويحملها.
    فرفع قواعد البيت من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لم يكن بحملها ، بل كان بالزيادة عليها من حجارة الكعبة حتى برزت وظهرت فوق الأرض كما نراها.
    ورفع الله تعالى بعض النبيين على بعض؛ هو بزيادة عطائه لبعضهم من الآيات فوق ما أعطى الآخرين، وليس أن الآخرين لم يعطوا شيئًا بل الزيادة كانت فوق عطائهم.
    ورفع الشيء باليد عاليًا يكون بالجسد واليد اللذان يكونان بينه وبين الأرض.
    وارتفاع الطير في السماء يكون بدفع الطير الهواء أسفله واعتماده عليه بجناحيه، وليس هو معلق في السماء بلا شيء يعتمد عليه، ولو ضم جناحية لخر إلى الأرض كما يفعل الصقر عندما يخر على فريسة يطلبها.
    والسماء مكونة من غازات وظلت الغازات تزداد فيها وتتباعد فارتفع سقفها.
    وضغط الغاز يزداد مع شدة الجاذبية ويقل حجمه ، ويقل الضغط ويرتفع سقف السماء مع نقصان شدة الجاذبية بتباعد أجزاء الأرض إذا مدت، وقد ذكر مد الأرض في القرآن ثلاث مرات سابقة، ورابعة تكون يوم القيامة فتخف جاذبيتها كثيرًا حتى تصبح الجبال كالعهن المنفوش، ويكون الناس كالفراش المبثوث، ولا تستطيع مسك القمر في مداره فيبتعد كثيرًا حتى يختفي، فتجذبه الشمس ويجمع معها؛ قال تعالى: {فإذا برق البصر{7} وخسف القمر{8} وجمع الشمس والقمر{9} القيامة،
    عندها يرى الإنسان أن القمر لم يستطع الفرار من جمعه بالشمس بعد انفصاله عن الأرض؛ فيبعلم أنه لا مكان يلجأ إليه من جهنم التي تنتظره، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس؛ فيقول : {يقول الإنسان يومئذ أين المفر {10} كلا لا وزر {11} إلى ربك يومئذ المستقر {12} القيامة.
    ووزن الأشياء يختلف بين شدة ضغط السماء وقلة ضغطها. ومع الشدة يصعب وزن أشياء كثيرة، ومع حفته يمكن وزنها؛ فلا يمكن وزن البرتقال مثلاً وأكثر الفاكهة في الماء، بينما يمكن وزنها في الهواء؛ لأن ضغط الماء أعلى فيجعلها تطفو عليه ...
    فارتبط رفع السماء بعمل الميزان المذكور في هذه الآية والتي تليها ....

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 05:49 PM

  8. #8
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : { ووضع الميزان {7} الرحمن.
    ت

    ستمل مادة وضع في الانتهاء المؤدي الثبات والاستقرار.
    وضع المرأة حملها؛ انتهاء حملها بخروج الجنين وثبات ودوام بقائه خارج البطن؛
    : {فلما وضعتها قال رب إني وضعتها أنثى {36} آل عمران. {حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا {15} الأحقاف. {وتضع كل ذات حمل حملها {2} الحج. {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه {11} فاطر. {47} فصلت. {وأولت الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن {4} الطلاق. {فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن {6} الطلاق.
    ووضع البيت الحرام: خروجه وظهور في مكة وثباتًا دائمًا فيه؛
    : {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة وباركًا وهدى للعالمين {96} آل عمران.
    ووضع كتب الحساب يوم القيامة بإخراجها وإظهارها للناس لحساب دائم وثابت ينتهي بجزاء حسن أو جزاء سيئ. ولا عمل بعده.
    : {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه {49} الكهف. {ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء {69} الزمر.
    ومثل ذلك وضع الموازين التي تقاس بها الحسنات والسيئات، وتقدر تقديرًا نهائيًا لا زيادة عليه ولا نقصان.
    : {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا {47} الأنبياء.
    ووضع الثياب، التخلي عن لبسها بإبعادها عن الجسد، وتثبيتها على جدار أو على الأرض بعيدًا عنه.
    : {وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة {58} النور. {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة {60} النور.
    ووضع السلاح، التخلي عن حمله وجعله ملقى في مكان أو على الأرض.
    : {أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم {102} النساء.
    ووضع الحرب أوزارها: انتهائها، والتخلي عن حمل السلاح للقتال فيها.
    : {حتى تضع الحرب أوزارها {4} محمد.
    ووضع الوزر عن المرء؛ لإنهائه بإسقاطه عن صاحبه بصفة دائمة؛
    : {ووضعنا عنك وزرك {2} الشرح.
    ومثل ذلك وضع القيود والأغلال التي تحرم عليهم أشياء عديدة؛
    : {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم {157} الأعراف.
    أما فعل "أوضع" في قوله تعالى : {ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة {47} التوبة.
    فهمزته همزة سلب للمعنى؛ أي سلب الثبات للمجاهدين بما يبثوه من خذلان فيهم، ومثلها أوضعت الإبل والخيل: أي أسرعت واضطربت في سيرها بدلاً من الوقوف والثبات.
    والوضيع: هو الساكن الدنيء الخامل الذكر.
    ووضع الميزان في الآية؛ ثباته في وزن الأشياء لأنه يعطي مقادير محددة، وجعله من الله تعالى لأجل العدل والقسط في تعاملات الناس بينهم في الشراء والبيع، وفي كل ميزان مادي أو معنوي تبينه الأحكام التي نزلت لأجل صلاح حياتهم.
    ولذلك جاء الحض على العدل في استعماله في الآيات التالية.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 05:56 PM

  9. #9
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {ألاَّ تطغوا في الميزان {8} الرحمن.
    : {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان {9} الرحمن.
    مادة "وزن" مستعملة في إدخال شيء في آلة تحدد حجمه أو ثقلة، وتمنع الزيادة عليه، وتنزع عنه الزائد من غير نقصان، وذلك لمعرفة مقداره بتحديد حجمه أو ثقله، من غير ظلم للبائع ولا الشاري.
    والأحكام تقوم مقام الآلة في تحديد الحق من الباطل.
    والطغيان هو تجاوز الحد تجاوزًا كبيرًا، ويكون ذلك في الأحكام؛ لأنه قد يذهب بكل الحق أو معظمه، بينما تجاوز الحد في الوزن بالآلة يكون أقل من ذلك أو يسيرًا
    لذلك جاء النهي عن الطغيان في الميزان، وأدغمت النون في اللام لفظًا ورسمًا فذهبت صورة نون النزع، ودلالة ذلك موافقة الرسم حرمة نزع الحقوق بالطغيان في ميزان الأحكام المنظمة للحقوق والتعاملات بين الناس.
    ثم جاء الأمر بإقامة الوزن بالقسط، وهو شامل للوزنين، والقسط هو مساواة جميع الناس بمعيار واحد، وهذا يكون بالمكاييل المحددة، والأحكام البينة، وهو بين الناس عدل، وبين الله تعالى والناس ظلم؛ لأن مساواة الله تعالى بعباده هو غاية الظلم، وتوعد من يفعل ذلك بجهنم؛ قال تعالى: { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا {15} الجن.
    ودخول همزة السلب على "قسط" في الرباعي "أقسط" فسلبت المعنى، فصار إلى ضده؛ فأصبح المعنى عدم مساواة الله تعالى بعباده ، ولا بين العباد كذلك، فيعطى كل واحد منهم ما يستحقه قل أو كثر، ولا يساويه في العطاء بغيره فيأخذ له من حق غيره أو يعطى غيره من حقه؛ قال تعالى : {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين {9} الحجرات.
    ثم أمر الله تعالى عدم خسران الميزان، ولم يقل نقصان الميزان؛ لأن النقصان عدم بلوغ الشيء حده المعلوم، ويكون ظاهرًا غير مخفي، أما الخسران فهو من اللعب بالمعايير بالأخذ منها وتغيير ثقلها، فيخفى على الشاري نقصان ما اشتراه.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 20/04/2016 الساعة 09:33 AM

  10. #10
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {والأرض وضعها للأنام {10} الرحمن.
    وضع الأرض: هو جعلها ثابتة مستقرة فوق الصخور التي شقت منها، تقبل الماء وتنبت النبات بصفة دائمة. وقد بينا في الآية السابعة معنى الوضع، مع مراعاة المعنى العام في الشيء الخاص.
    وقد سميت الأرض بهذا الاسم؛ لأنها تقبل الماء وتنبت النبات.
    وفي هندسة اللغة؛ الجذور التي فيها الراء قبل الضاد مع أحد حروف العلة حيث كانت أولاً, أو وسطًا، أو أخيرًا؛ تشترك في معنى عام.
    فمنها مادة "رضي"؛ الرضا هو القبول بالشيء وأخذه.
    ومنها مادة "روض"؛ روَّض الخيل والدابة؛ جعلها تقبل حمل الأثقال وركوب الناس على ظهرها.
    والأرض من مادة "أرض"؛ وهي الجزء المغطي لوجهها كان مكشوفًا في البر أو مغمورًا بالماء في البحر؛ يقبل الماء وينبت النبات.
    والأرضة : دابة تبقى في الأرض وتبني من الطين فوق الأرض وعلى جذوع الأشجار والجدران لتظل داخل الأرض، وسميت في القرآن الدابة التي أكلت منسأة سلميان عليه السلام فخر ساقطًا بدابة الأرض.
    والأرض وضعها للأنام؛ أي لكل ما على ظهرها، وفي التفسير للإنس والجن،
    وكل ما على الأرض وما خلقه الله تعالى وسخره، ما هو إلا لحياة الإنسان. فهو عطاء من الله الرحمن لأجل امتداد واستمرار حياته عليها.
    ومن بلاغة نظم القرآن أنه عند استعمال الأسماء يراعى سبب تسميتها، فلم تثن الأرض في القرآن ولم تجمع؛ لأن الذي يقبل الماء وينبت النبات هو طبقتها الأولى ووجهها المحيط بالأرض من خارجها، وتنحصر بقية الأرض داخلها، وبقيتها لا تقبل الماء ولا يصلها، ولا تنبت النبات لأنه لا يصل إليها ماء ولا هواء ولا نور.
    أما في الأحاديث فجاز التعبير بالأراضين على التغليب وقياس المجهول بالعلوم، وهو أسلوب يجأ إليه، ولا يمثل الحقيقة كاملة بما يدل عليه تسمية المسمى بالاسم.
    وكذلك لم يقل والأرض وضعها للناس أو للإنسان وللإنس؛ لأن هذه التسميات جاء من تأخير خلقهم بعد الملائكة والجن، والأرض تعطي وتمد ولا تؤخر عطاءها فجاء ذكر الناس باسم الأنام.
    ولما ذكر في الآية أن الأرض وضعها للأنام بصفة الجمع والتنعم بالعطاء؛ جاءت الآيات بعدها في الحديث عن أنواع من النعيم التي يجمعها ويتنعم بها الإنسان.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 05:58 PM

  11. #11
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام {11} الرحمن .
    الفاكهة هي التي لا يقتات بها ولا تحتاج إلى طبخ وتؤكل للتلذذ بها، لا للشبع ولا بسبب الجوع إلا إذا لم يجد غيرها.
    وجاءت "فاكهة" نكرة لم تعرف؛ لتشمل أنواع كثير من الفاكهة، فمنها الحلو ومنها الحامض. فالفاكهة ذات مذاقات كثيرة، وأشكال عديدة، وألوان مختلفة، أحجام متفاوتة. فهذا التنكير هو بمثابة حاضنة لكل أنواعها.
    ولأجل كثرة تنوع الفاكهة ذكرت كثرتها في القرآن؛ { يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ {51} ص، { وَفَـاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ {32} لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ {33} الواقعة.
    والنخل شجر معروف، والتمر من ثمره، ويمتاز النخل أنه ينتفع بكل ما فيه؛ جريده، لبه (الجمار)، ثمره، ونوى ثمره، وليفه.
    وذات الأكمام صفة للنخل لكثرة أكمامه؛ كم لطلعه، وثمره من بسر ورطب وتمر كم لنواته، وأصول السعف كم لليفه، ولحائه كم لجماره.
    فليس في النخل شيء يرمى بلا منفعة.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 20/04/2016 الساعة 09:34 AM

  12. #12
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {والحب ذو العصف والريحان {12} الرحمن .

    الحَبَّ (بالفتح): هو ثمر النبات الثابت الذي يدوم صلاح الانتفاع به سنوات عديدة، بينما الفاكهة والخضار قصيرا العمر سريعا العطب، إذا لم يعالجا لإدامة صلاحهما والانتفاع بهما.
    والحُبَّ (بالضم): المودة الثابتة في القلب، فتدوم وتثبت عمرًا طويلاً .
    والحِبَّ (بالكسر): المتعلق بغيره ولا يريد الانفكاك عنه،
    وقد تعلق زيد بن ثابت برسول الله صلى الله عليه وسلم،
    فأراد أعمامه تحريره وإرجاعه إلى قبيلته،
    ففضل العبودية على الحرية لشدة تعلقه بالنبي عليه الصلاة والسلام،
    فما كان من النبي إلا أ حرره وتبناه.
    فاستعمال مادة "حبب" كان في الأشياء التي لها صفة الدوام والثبات.
    ولأجل ثبات الحب يحفظ ويخزن، فيكون المنقذ من الهلاك أيام القحط والشدة،
    وقوتًا دائمًا في كل الفصول وخاصة في الفصول التي لا ثمار فيها.
    وهي من النعم العظيمة التي أعطيت للإنسان ليظل له بقاء واستمرار في الحياة ...
    وما حدث في مصر أيام يوسف عليه السلام أكبر دليل على ذلك حفظ الناس بالحب الذي يحصد.
    والحب يتكون مما تنتجه الأوراق (العصف) ويكون مددًا تدفعه إلى الحب فيستقر به،
    فهي الحاضنة التي لا قيام للحب المتكون دون وجودها.
    ووصف الأوراق بالعصف؛ لأنها كالريح العاصف التي تدفع وتنقل التراب، وتدفع وتنقل السحاب، وتدفع المراكب لتصل إلى بغيتها ومستقرها. والعاصفة والريح العاصف ظاهر بيِّن، بينما العصف في النبات خفي مستور، ونتائجه ظاهرة في حبه.
    وناسب ذكر العصف ذكر الريحان الخفي المستور في الآية نفسها.
    الريحان من مادة "روح" وهي مستعملة في الأشياء التي يُحس ويُرى أثرها ولا تبصر ذاتها،
    ومنها الريح التي يرى أثرها في تحريك الأشياء ولا تبصر ذاتها،
    ومنها الروح التي تبصر أثرها في الأحياء؛ بالحركة والكلام والتنفس، وكل ما يدل على أنه حي، وهي ذاتها لا تبصر،
    والرائحة يحس بوجودها بحاسة الشم، ولا تبصر ذاتها.
    فقد تقابل في الآية الحب الثابت المعلوم، مع المتحرك المقدر غير المشاهد.
    وقرئت الريحان بالرفع عطفًا على الحب، وفي الحب طعمه الخاص به الذي يعرف بحاسة الذوق،
    وقرئت بالجر عطفًا على العصف، ويراد بزهره المنتج للرائحة ويعرف بالشم.
    وما في الآية صدى لاسم الرحمن الذي شمل برحمته كل من المؤمن المطيع ونقيضه الكافر العاصي في الدنيا.
    ويأتي بعد ذكر نعمة الفاكهة والنخل والحب والريحان، أول استفهام إنكاري
    موجه للمخلوقين اللذين خلقا لعبادة الله تعالى، الإنس والجن،
    مخلوق ظاهر بين، وآخر خفي مستور ...

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 29/06/2016 الساعة 06:00 PM

  13. #13
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {فبأي آلاء ربكما تكذبان {13} الرحمن .
    كل آيات السورة فيها ثنائيات،
    فإن لم يكن فيها ثنائية كانت بما بعدها ثنائية.
    وبعدهما الاستنكار التقريعي الموجه للجنسين المخلوقين لأجل عبادة الله تعالى ؛ الجن والإنس.
    والأَلاء، بالفتح: شَجَر حَسَنُ المَنْظَر مُرُّ الطَّعْم؛
    وأرْضٌ مأْلأَةٌ كثيرة الأَلاء.
    أَبداً يؤكل ما دام رَطْباً فإِذا عَسا امْتَنَع ودُبغ به.
    والأَلاء: شجر من شجر الرمل دائم الخضرة .
    قال رؤبة: يَخْضَرُّ ما اخضَرَّ الأَلا والآسُ (حذفت الهمزة للتخفيف)
    وفي الحديث: تَفَكَّروا في آلاء الله ولا تَتَفَّكروا في الله.
    معنى الحديث صحيح، وفي رواته نظر وكلام.
    والآلاء: النِّعَمُ واحدها أَلىً، بالفتح، وإِلْيٌ وإِلىً؛
    قال النابغة:
    هُمُ الملوكُ وأَنْباءُ المُلُوكِ، لَهُمْ
    فَضْلٌ على الناس في الآلاء والنِّعَم.
    والبيت شاهد على عدم التطابق الكامل في المعنى بين النعم والآلاء
    ولعل الفارق بينهما أن الآلاء دائمة لا تنتهي كديمومة خضرة شجر الآلاء.
    وتكون في نعمة العطاء ونعمة الحفظ من الأخطار والشر وأهله.، وفي إعطاء القدرة والتدبير.
    أما النعم فتكون في المستهلكات؛ كاللحوم أو الحبوب أو الخضار أو الفاكهة،
    والدوام لها بالتناسل كالأنعام، أو بالبذور الذي تنتجه،
    أو بمعاودة الإثمار سنة بعد سنة.
    وكلاهما يكون منه ما هو ظاهر معلوم، ومنه الخفي المستور أو المجهول.
    ولما كانت الآلاء والنعم لا تعد ولا تحصى؛ فقد تكررت 31 مرة في السورة.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 07/06/2016 الساعة 01:31 AM

  14. #14
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    [*]: {خلق الإنسان من صلصال كالفخار{14} الرحمن .

    لما كان اسم "الرحمن" دال على رحمته تعالى بالكفار في الدنيا بجانب رحمته بالمؤمنين فيها.
    والكفر من الإنسان لاحق بعد مولده على الفطرة وهي الإسلام،
    فقد قدم الله تعالى ذكر خلق الإنسان على الجان، مع أن خلقه تأخر بعد خلق الجان.
    وقد بينا في الآية الثالثة أن تسمية الإنس والناس بهذا الاسم لتأخر خلقهم آخر الزمان بعد الملائكة والجان.
    ولما كانت الرحمة كما ذكرنا المحيط الحافظ للمرحوم بها والمحرك له،
    كان جسد الإنسان هو الوعاء الحافظ لوجود الروح، ويظهر وجودها للناس به،

    وثبات المحفوظ يقوى بثبات الحافظ، والفخار المصنوع من الصلصال هو أثبت الطين.
    ولمعرفة سبب تسمية الطين بالصلصال بعد معالجته؛
    ننظر في شجرة الجذور التي فيها حروف علة بجانب حرفي الصاد واللام الصحيحين؛
    (أصل - وصل – صلو - صلي – صول) وهي الجذور المستعملة من أصل 12 جذرَا للشجرة نفسها.
    واستعمالها ورد في رد الشيء على نفسه أو غيره ليحدث التأثير فيه أو في غيره.
    الأصل : هو الذي خرجت منه وترد إليه،
    وأصل الشجرة: أسفلها الذي نبتت منه وترد إليه.
    والأصيل : وقت ارتداد الناس آخر النهار إلى بيوتهم التي خرجوا منها.
    والأصلة : ثعبان يرد نفسه على نفسه حول الضحية ويخنقها حتى تموت.
    والوصل : رد طرف شيء على طرف آخر حتى يثبت اتصالهما ببعضهما.
    والصلاة من مادة "صلو" وهي التي يرد إليها العبد خمس مرات أو أكثر في اليوم والليلة وتؤثر فيه وتغير حاله حتى تتوثق وتثبت صلته بالله تعالى.
    ويصلى النار من مادة "صلي": وفيها تقليب الشيء أو اللحم والطعام على النار مرارًا حتى تؤثر فيه وتغيره. [*]والفعل صال من مادة "صول": صال الجمل: ارتد على صاحبه، وصال الواثب: ارتد على خصمه.
    والصلصال : يرد بعض الطين الذي يصنع منه على بعضه مرات كثيرة حتى يتماسك، ويصلح لصناعة الفخار منه.
    وإنما يصنع الفخار ليكون وعاء لما يوضع فيه.
    ويصنع الفخار من الصلصال اللين الذي يعجن ويقلب كثيرًا إلى أن يصلح بعد تشكيله وتجفيفه ليكون فخارًا قابلاً لوضع الأشياء فيه.
    وكذلك الإنسان يمر بتغييرات وحالات عديدة من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى أن يصبح جسدًا صالحًا لاحتواء الروح التي يسكنها الله تعالى فيه.

    والنظر في لسان العرب لابن منظور في مادة "فخر" نجد أن هذه المادة مستعملة فيما يحتوي غيره، وما احتواء الأبناء لصفات الآباء؛
    الفَخْرُ والفَخَرُ التمدُّح بالخصال والافتِخارُ وعَدُّ القديم؛
    الفَخْرُ: ادّعاء العظم والكبر والشرف، (التي كانت للآباء)
    فاخَرَه ففَخَره: كان أَفْخَرَ منه وأَكرم أَباً وأُمّاً.
    والتفاخُرُ: التعاظم. الفَخُور: المتكبر.
    الفِخار هو نشر المناقب
    وفي الحديث: أَنا سيد ولد آدم ولا فَخْرَ؛ فما من خصالة حسنة في آبائه وهم خير الآباء إلا جعلها الله تعالى في نفس النبي عليه الصلاة والسلام ، ولم يطلب في دعوته شرفًا لآبائه. وهو خير من كل بني آدم.
    والفاخرُ من البسر: الذي يعْظُم ولا نوى له. (جوف البسر فارغ من النوى)
    فَخِرَ الرجل يَفْخَر إِذا أَنِفَ؛ كأنه امتلأ بشرف آبائه. (ودونها يكون فارغًا)
    والفَخُور من الإِبل: العظيمة الضرع القليلة اللبن، ومن الغنم كذلك، (الضرع فارغ قليلا أو كثيرًا من اللبن)
    والفَخَّار: ضرب من الخَزَف تصنع منه الجرار وأمثالها. والفَخَّارةُ: الجَرَّة (وباطنها فارغ ويمكن تعبئته بالماء أو أي حب أو سائل)
    وتشبيه الصلصال بالفخار؛ هو لبيان بأنه في لين الصلصال، وثبات الفخار، وهذا هو الحال الذي عليه الإنسان.
    جسد يحوي في باطنه نفسًا، تكتنفه، وتمده بما يحفظه ويحميه، فيكون بها تحوله من نطفة إلى أن يصير رجلاً، وهي معه إلى أن يفارق الحياة.
    وبعدها يأتي الحديث عن خلق الجان الذي سبق خلق الإنسان.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 25/06/2016 الساعة 08:48 PM

  15. #15
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {وخلق الجان من مارج من نار {15} الرحمن .
    الجان من مادة "جنن" وهي مستعملة في الدلالة على المعلوم المستور
    الجانُّ من الجِنِّ، وجمعُه جِنَّانٌ .
    والجَنَنُ، بالفتح: هو القبرُ لسَتْرِه الميت.
    والجَنَنُ أَيضاً: الكفَنُ لذلك. وأَجَنَّه: كفَّنَه؛
    والجَنانُ، بالفتح: القَلْبُ لاستِتاره في الصدر،
    وربما سمّي الرُّوحُ جَناناً لأَن الجسم يُجِنُّه.
    الجنن: الوِشاحُ. والمِجَنُّ: التُّرْسُ. لأَنه يُواري حاملَه أَي يَسْتُره،
    والجُنَّةُ: الوِقايةُ. وفي الحديث الإمامُ جُنَّةٌ، لأَنه يَقِي المأْمومَ الزَّلَلَ والسَّهْوَ.
    والجِنُّ: ولدُ الجانّ
    ابن سيده: الجِنُّ نوعٌ من العالَم سمُّوا بذلك لاجْتِنانِهم عن الأَبصار
    ولأَنهم اسْتَجَنُّوا من الناس فلا يُرَوْن،
    والجمع جِنانٌ، وهم الجِنَّة. والجِنَّةُ: الجِنُّ؛
    الجوهري: الجِنُّ خلاف الإنسِ، والواحد جنِّيٌّ،
    سميت بذلك لأَنها تخفى ولا تُرَى.
    الجِنَّةُ . الجُنونُ أَيضاً. وفي التنزيل العزيز: أَمْ به جِنَّةٌ؛
    والاسمُ والمصدرُ على صورة واحدة،
    لأن العقل يستر ويخفى في المصاب بالجنون.
    والجَنَّة من نفس المادة؛ وجنة الآخرة مستورة،
    والجنات في الدنيا مستورة في بطون الأودية،
    لأنها تقوم على الماء الجاري فيها،
    والاسم قديم قبل استطاعة الإنسان زراعة أشجارها فيما ارتفع عن الوديان

    ومارج من "مادة مرج" وهي مستعملة في اختلاط المجتمع.
    وقد سميت المروج لأجل اختلاط المواشي المجتمعة فيه.
    ومَرِجَ الأَمرُ مَرَجاً، فهو مارِجٌ ومَرِيجٌ: الْتَبَسَ واخْتلَط.
    وأَمْرٌ مَرِيجٌ أَي مختلِطٌ. وغُصْن مَرِيجٌ: مُلْتَوٍ مُشْتبك،
    وفي التنزيل: فهم في أَمْرٍ مَرِيجٍ؛
    وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: كيف أَنتم إِذا مَرِجَ الدينُ فَظَهَرَتِ الرَّغْبَةُ، واختلف الأَخَوَانِ، وحُرِّقَ البيتُ العتِيقُ؟
    مارِجُ النار: لَهَبُها المختلط بسوادها.
    فالجان مخلوق من مزيج من النار وسوادها وهو وقودها الذي لم يحترق أو لم يكتمل احتراقه،
    فالنار طاقة زائلة تمتد بامتداد وقودها،
    كما أن الإنسان محتاج للطاقة المخزونة في جسده لحمًا ودهنًا، يستهلكها إذا لم يجد طاقة غيرها، إلى أن يستهلكها فيتحول إلى جلد وعظم.
    وكل وقود للنار في الأرض تشكل في كائنات نباتية أو حيوانية،
    بوجود الماء والهواء وحرارة الشمس.
    دون عناصر التراب الذي يكون أجساد الناس ولا تستهلك في إنتاج الطاقة فيه.
    والجان حاله كحال كل دابة خلقها الله تعالى من ماء،
    ومن عناصر الهواء المشكلة للمواد العضوية
    والدواب مخلوقة من ماء وتراب،
    ومن عناصر الهواء المشكلة للمواد العضوية
    والشيطان تكبر عن السجود لآدم لأنه خلق من طين؛ أي من تراب وماء.
    ولم يتكبر عليه لأنه خلق من ماء... فانتبه لذلك.
    : {والجان خلقناه من قبل من نار السموم {27} الحجر.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 20/04/2016 الساعة 09:07 AM

  16. #16
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    لما بين الله تعالى خلق الإنسان والجان مما لا يتصف به المخلوقين من السمع والبصر والفؤاد والتفكير وجعلهما قادران على النمو والحركة، ومدهما بكل ما يحتجانه في أنفسهما من القوة وأسباب الحياة ...
    فذكَّرهم الله تعالى بآلائه عليهم ؛

    : {فبأي آلاء ربكما تكذبان {16} الرحمن .
    ويكفي أن نقول: أن للكبد أكثر من 500 وظيفة في الجسد
    فكيف بكل أعضاء جسد الإنسان
    ..

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 20/04/2016 الساعة 10:18 AM

  17. #17
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    ]]: {رب المشرقين ورب المغربين {17} الرحمن.
    لما قدم الله تعالى خلق الإنس وهو الجنس الظاهر على الأرض، على الجن وهو الجنس الخفي المستور في الآيات السابقة؛
    فقد قدم الله تعالى المشرق التي تظهر فيه الشمس على المغرب التي تغيب فيه.
    ولكل أرض جهة تخرج منها الشمس، وهي المشرق،
    وجهة تغرب فيها الشمس، وهي المغرب،
    ولأن الشمس تغير موضع خروجها في نفس الجهة إلى الشمال منها وإلى الجنوب،
    وتبكر الخروج في الصيف وتتأخر في الشتاء؛ فصار المشرق مشارق على المكان الواحد من الأرض.
    وكذلك الشمس تغير موضع غروبها في نفس الجهة إلى الشمال منها وإلى الجنوب،
    وتبكر الغروب في الشتاء، وتتأخر في الصيف؛ فصار المغرب مغارب على المكان الواحد من الأرض.
    وكذلك فإن الشمس في كل لحظة تغيب عن أرض وتشرق على أرض جديدة؛ فصار في الأرض مشارق كثيرة ومغارب كثيرة كذلك؛
    فقال تعالى : {رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق{5} الصافات.
    وقال تعالى : {فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون {40} المعارج.
    وفي سورة الرحمن حدد الله تعالى عدد المشارق والمغارب بمشرقين ومغربين.
    وفي هذا التحديد بيان جديد غير البيان في مشرق واحد ومغرب واحد، وغير البيان في مشارق ومغارب كثيرة.
    هناك بقعتان أو مكانان في الأرض لكل واحد منهما مشرق واحد في السنة، ومغرب واحد في السنة؛ وهما القطبان الشمالي والجنوبي.
    مشرق لأحدهما في الصيف (القطب الشمالي) ومغرب للآخر (القطب الجنوبي)،
    ومغرب لأحدهما (القطب الشمالي) في الشتاء، ومشرق للآخر (القطب الجنوبي).
    فلهما معًا مشرقان ومغربان؛ وسبب ذلك تغير محور الأرض أما الشمس فينتج عنه الصيف والشتاء، وهذا التقلب بين الصيف والشتاء من آلاء الله تعالى التي نبه عليها في الآية اللاحقة .


  18. #18
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    لولا وجود المشرقين والمغربين وهما علامتان لتقلب الشتاء والصيف؛ لكان على نصف الأرض الشمالي صيف دائم، أو شتاء دائم، وكذلك على النصف الجنوبي صيف دائم أو شتاء دائم،
    وأثر ذلك حر شديد لا تتحمله النبتات فتهلك ويهلك معها الحيوان والإنسان،
    أو برد شديد لا ينبت معه نبات، فتنعدم حياة الحيوان والإنسان، وتصبح الأرض بعد ذلك نصف متجمد ونصف ملتهب. لا يصلح لحياة إنس ولا جان.
    فهذا التقلب بين الشتاء والصيف المولد لمشرقين ومغربين؛ هو من نعم الله العظيمة التي توجب الشكر العظيم لله تعالى.

    فقد تعالى : {فبأي آلاء ربكما تكذبان {18} الرحمن .


  19. #19
    عـضــو الصورة الرمزية اسلام بدي
    تاريخ التسجيل
    16/04/2014
    المشاركات
    800
    معدل تقييم المستوى
    11

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    جزاك الله خيراً يا أستاذ أبو مسلم على هذه الشروحات والبسط في توضيح هذه المسائل

    بورك عملكم هذا وجعله في ميزان حسناتكم

    عندي سؤال يا أستاذ......لقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري أن آدم عليه السلام طولة 60 ذراع طولاً وعرضه سبعة أذرع......فكم هو طوله بالمتر تقريباً وكم عرضه بالمتر عليه وعلى نبينا السلام.....ثم هل فعلاً سيدخل الناس الجنة وطولهم 60 ذراع وسبعة أذرع عرضاً؟؟


    جزاك الله خيراً

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    وبارك الله فيكم
    الجواب على سؤالك في موضوع في المنتدى نفسه

    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?105072-

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 24/04/2016 الساعة 05:11 PM

  20. #20
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي رد: سورة الرحمن سورة أشغلت وملأت فكري وقلبي

    : {مرج البحرين يلتقيان {19} الرحمن .
    ارتبطت هذه الآية بآية المشرقين والمعربين التي تقدمتها،
    لما في تقلب المشرقين والمغربين،
    وما ينتج عنهما من تقلب الصيف والشتاء،
    وتأثير ذلك على البحرين؛ العذب والمالح،
    وكثرة الماء العذب في الشتاء،
    فيمد الأنهار بالماء حتى تفيض من كثرة الماء فيها،
    ويقل الماء العذب الجاري في الصيف حتى أن بعض الأنهار يجف.
    وقد ذكرنا في الآية {15} استعمال مادة "مرج" في الاختلاط.
    في الأرض بحار عذبة وبحار مالحة،
    والماء يسمى بأسماء حسب الصفة المقصودة في التسمية؛
    فهي عيون إذا جاءك الماء الجاري من مكان بعيد، أو خرج من الأرض، ولم تتحمل جهدًا في الانتفاع به، فكان عونًا لك فسمي عينًا من مادة "عون" وعين" وهي مستعملة فيما يعينك من غير تكلفة عليك.
    وهي أنهار؛ لأنها لا تتوقف، تأتي إليك ولا تتوقف عندك، ويستمر مرورها إلى ما بعدك،
    وإذا فاض الماء وتوجه إلى البر يغمره فهو يم.
    والماء إذا شق مجراه عميقًا، فتعذر قطعه إلى بمركب أو من على جسر ينصب عليه/ فهو بحر، سواء كان جاري كالأنهار، أو مستقرًا فوق أرض عميقة.
    ولذلك كان هناك بحرين؛ بحر مالح مستقر فوق أعماق الأرض التي غمرها،
    وبحر عذب جاء من مرتفعات الأرض، ويصب في البحر المالح.
    فالبحر العذب يأتي بمائه من الأراضي المرتفعة فوق ماء البحار المالحة،
    ويصب فيه، ويختلط به،
    ولولا هذا الاختلاط لظل ماء البحر العذب يدفع الماء المالح إلى الخلف، أو يطفو فوقه لأنه أخف منه، فيختفي الماء المالح تحته. أو يصبح بعيدًا عن البر.
    والتقاء البحرين من سنن الله التي وضعها لصلاح الحياة في الأرض، وليس ذلك من فعل البحرين وطلبهما لهذا اللقاء،
    ولولا هذه السنن الإلهية في جعل مشرقين ومغربين، وبحرين مختلفين، واختلاطهما ببعضهما، في دورة مستمرة لفسدت الأرض،
    فجاء الحديث بعدها عن البرزخ وأثره في منع البغي ....

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 24/04/2016 الساعة 09:15 PM

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 5 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 1

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •