لماذا بلجيكا الآن ؟

كاظم فنجان الحمامي

مما يؤسف له إن فيروسات التكفير والتطرف تسربت إلى قلوب الألوف المؤلفة من أصحاب العقول المشفرة، الذين انساقوا على غير هدى خلف سواد خفافيش التطرف، وأصبحوا في مقدمة المبتهجين بأخبار فرق الموت والدمار، وربما تعالت أصواتهم بالتكبير والتهليل بعد سماعهم دوي العبوات الناسفة، التي أحرقت الأخضر واليابس، وقتلت الحرث والنسل، حتى وصلت شظاياها إلى ضواحي بلجيكا، من دون أن ينتبه أصحاب العقول المشفرة إلى نوايا الفرق الظلامية، ومن دون أن يسألوا أنفسهم عن أهدافها وغاياتها وتوقيتاتها الخبيثة. ومن دون أن يسألوا مشايخهم وكهنتهم عن الأسباب، التي جعلتهم يزحفون نحو بلجيكا، ويتخذونها ساحة مفتوحة لحملاتهم التفجيرية وغاراتهم التدميرية الشاملة ؟.
فكل القصة وما فيها إن بلجيكا هي الدولة الأوربية المعروفة برعايتها للمسلمين، والمتميزة باهتمامها بهم، فهي التي تحتضنهم وتوفر لهم الملاذات الآمنة والعيش اللائق، وفيها الآن حوالي 700 ألف مسلم، من أصل (11) مليون. تكفلت بتسديد نفقات بناء مساجدهم، وتكفلت بدفع رواتب ما لا يقل عن 250 إماماً من أئمة المساجد.
فبلجيكا أول دولة أوربية اعترفت رسمياً وجماهيراً بالدين الإسلامي، وهذا يفسر السبب الرئيس لتحركات الخلايا الإرهابية المرتبطة بأعداء الإسلام والمسلمين، ويفسر تهافتها على ارتكاب هذه المجازر الدموية بأمر من قادة الأوكار الظلامية، ومن أجل تأليب الرأي العام العالمي، وتحريض الشعوب الأوربية ضد الإسلام والمسلمين.
فالخلايا الإرهابية تريد أن تبعث برسالتها الإجرامية إلى الشعوب والأمم، لتقول لهم: (أنظروا إلى ما فعله المسلمون بالدولة التي وفرت لهم ما لا توفره لهم بلدانهم الإسلامية)، وربما نجحت إلى حد ما في تشويه صورتنا من خلال رسائلها المرعبة، بينما تتعالى أصوات المكبرين المؤيدين لداعش وأخواتها في كل ركن من أركان الأوكار الداعمة للإرهاب.
في بلجيكا يحق للمسلم أن يطالب الحكومة البلجيكية بتدريس أبنائه مبادئ التربية الإسلامية وأصولها، وفي بلجيكا يتلقى رجال الدين (المسلمون) رواتبهم ومخصصاتهم من أرصدتها المالية، وفي بلجيكا يبني المسلمون مدارسهم الخاصة على نفقتها، وفي بلجيكا قوانين وتشريعات حفظت حقوق المسلمين والمسلمات.
فجاء الإرهابيون ليقلبوا الصورة، ويزرعوا عبوات الحقد والكراهية، جاءوا ليقولوا للعالم كله: (نحن أعداء الإنسانية)، وجاءوا ليرسموا صورة بشعة للإسلام والمسلمين، وينشروا الخوف في أرجاء المعمورة.
ختاما لابد لنا من تذكير أصحاب العقول المشفرة، الذين اختاروا الوقوف مع التكفيريين والمجرمين والمتطرفين والسفلة، نقول لهم: إن الإسلام جاء رحمة للعالمين، ولم يأت لترويعهم والانتقام منهم.