الـمــاء أســاس الحيــاة

الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة

قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (30)﴾ [الأنبياء].


الــدلالــــة النصية:
في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ ﴾ ؛ دلالة صريحة على أن الماء عماد الحياة وأن نشأة الماء في الأرض كانت مقدمة لنشأة الحياة.

الحقيقة العلمية:
تقدّر كمية الماء على الأرض بستة عشر بليون كيلومتر مكعب، ويوجد القسم الأكبر من هذه الكمية والذي يقدر بثلاثة عشر بليون كيلومتر مكعب تحت القشـرة الأرضية وهذا مصداقاً لقوله تعالى:
﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)﴾(المؤمنون)
أما الكمية المتبقية والتي تقدّر بثلاثة بلايين كيلومتر مكعب فإن نصفها يدخل في تركيب الصخور والمعادن الموجودة في القشرة الأرضية بينما يوجد النصف الآخر في المحيطات والبحار والأنهار وفي المناطق الجليدية على شكل جليد،
ويعتقد العلماء أن الماء الموجود على سطح الأرض قد خرج من باطنها وهو ظاهر قوله تعالى:
﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا (31)﴾(النازعات) ،
ولقد كان هذا الماء عند أول نشأة الأرض على شكل بخار يملأ جو الأرض الأولي بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، وبعد أن برد بدأ بخار الماء بالتكثف ليسقط على شكل أمطارغزيرة لعبت دوراً كبيرا في تشكيل تضاريس الأرض كالأودية والسهول والسائد عند علماء الجيولوجيا أن المحيطات الحالية كانت محيطا واحدا ثم انقسم إلى سبعة أبحر كبيرة مع انقسام القارة الأم إلى سبع قارات، وتقدر كمية الماء التي تسقط على اليابسة بهيئة أمطار بتسعين ألف كيلومتر مكعب تعود في النهاية إلى المحيطات والبحار؛ حيث يعود ثلاثون ألف كيلومتر مكعب منها بواسطة الأنهار بينما تعود الستين ألف المتبقية من خلال عملية التبخر.

وللماء خصائص فريدة تختلف عن خواص مواد مشابهة في التركيب؛ ممّا حدا بعالم الكيمياء الروسي إيغور بتريانوف بأن يصفه بأنه أغرب مادة في الكون في كتابه: «الماء تلك المادة العجيبة»، فهو السائل الوحيد الذي يصلح لأن يكون وسطاً لحدوث التفاعلات الكيميائية بين الأيونات الموجبة والسالبة ويعمل كمذيب في أجسام الكائنات الحية، وله القدرة على الانتشار والالتصاق مما يسهل عمله، ويتميز عن سواه كسائل بفارق كبير بين درجة تجمده ودرجة غليانه، واللافت للنظر أن التفاوت في درجة حرارة معظم مناطق سطح الأرض يقع ضمن المدى الذي يكفل بقاء الماء بهيئة سائل، والماء في حالته الصلبة أخف منه في حالته السائلة على عكس جميع السوائل الأخرى، وبغير هذه الخاصية يتحول سمك كل المحيطات في المناطق القطبية إلى جليد وتموت الأحياء البحرية، فإذا تجمد سطح المحيط يشكل طبقة عازلة تحول دون تجمد ما دونها،
ومياه المحيطات التي تغطي سبعين بالمائة من مساحة سطح الأرض تقوم بامتصاص كميات كبيرة من الطاقة الشمسية خلال النهار وتبثها كحرارة في الليل فتحافظ على منع التغيرات الكبيرة في درجة الحرارة بما يناسب أحياء البر والبحر، وهو شبه شفاف يسمح بمرور الضوء إلى مدى يصل إلى ألف متر في عمق المحيطات فيسمح بتكاثر الطحالب أساس سلسلة الغذاء في البحر، ويتميز بسهولة تبخره فيساعد على تكون السحب لتنقله إلى مناطق عطشى؛ ما كان لها أن ترتوي بغير تقدير المبدع القدير.

وجـــه الإعجــــاز العلمى:
لقد كان البشر في غفلة تامة عن حقيقة الماء ومزاياه الفيزيائية والكيميائية وآثاره في حياة الكائنات، وكل ذلك قد يسر الله للبشر في عصرنا إداركها، فظهر لهم حقيقة مادل عليه هذا النص الشريف من أنه أساس الحياة وبشكل باهر فكان في ذلك مظهر من مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.