أسباب العُقدة النفسية وطرق علاجها


د. نظام الدين إبراهيم أوغلو
الباحث الأكاديمي التركماني ـ تركيا

العُقدة النفسية :

هي فكرة أو هي مجموعة من الأفكار المركبة والمترابطة تسري فيها شحنة عاطفية، وقد تعرضت من جانب المرء للكبت الكلي أو الجزئي فغدت مصدرًا للتنازع والتصارع مع أفكار ومجموعات أخرى تحظى بالقبول تقريبًا. والعقدة النفسية في اعتبار ''مدرسة التحليل النفسي'': فهي المبعث على تصرفات لا واعية تصدر عن الأشخاص، أو هي " اتجاه انفعالي لا شعوري لا يبرح يؤثر في التفكير والسلوك على الرغم مما اصابه من الكبت والنسيان. لقد سميت هذه الإضطرابات باسم العقدة ولم تسمى الأصابة بالمرض. ولكن عند زيادة عدد هذه العقد عند الشخص تتحول إلى المرض.
ومن أنواع العقد النفسية: عقدة الأنانية، والإكتئاب، والحسد والغيرة، والحقد، والسرقة، وحب الظهور والاستعراض، والتسلط (عقدة كرونوس)، والسخرية (الإستهزاء بالأخرين)، والفضول (التدخل فيما لا يعنيه)، والخوف والقلق الحاد: مثال على ذلك القلق على الجوع وعلى المستقبل والتلوث والظلام والمرتفعات والخوف من الأمراض وفقدان أحد الأعضاء وإلخ، وفي حالة الخوف الشديد يؤدي إلى إضطربات أو نوبات الهلع (panic attack). وهناك عقدة الخجل (مما يؤدي الى التصرف الخاطئ وعدم انجاز العمل وعدم توضيح مراده وإلخ)، وعقدة حب الذات، وحب الحياة بشكل مفرط، وحب الاستطلاع لكل شيء، وحب التملك، وحب اشباع الشهوات، وحب والظلم والتعذيب والقتل، وحب الخضوع، والضحك الكثير، والغرور والتكبر، والإنفاق (الإسراف)، والبخل، والطهارة والنظافة، والصمت والثرثرة ونحو ذلك. وعند الانحراف أو الإفراط والتفريط في هذه المشاعر سيؤدي إلى نشوء العقدة النفسية عند الأفراد. وعند ردة فعل الأخرين تجاه تصرفاته يلجأ إلى طرق ملتوية لأفراغ مشاعره المكبوتة. وهناك أيضًا عقد نفسية للأفراد في حب أو كره بعض الحيوانات والحشرات والنباتات بشكل مفرط وإلخ.
واكثر هذه العقد النفسية لم تكن منتشرة في مجتمعاتنا القديمة، وقد إنتشرت في عصرنا الحاضر بسبب فقداننا الأساتذة والعلماء والمثقفين والشيوخ الأفاضل وكذلك فقداننا المدارس والمعاهد الدينية والمساجد والتكايا والزوايا، مما أدت إلى إبتعدنا عن الدين الاسلامي والأخلاق الفاضلة. والعلاج الأنجع لهذه الإضطرابات النفسية هو أن يكون الإنسان على صلة دائمة مع ربه ومع أولياءه وأن يكون خلقه القرآن الكريم، ونرى علماء النفس وأطباء نفسيين عند تداويهم المصابين بالعقد يفضلون في التداوي شفاء الأشخاص من الناحية النفسية أكثر من الشفاء الجسمي.

يمكن تصنيف المجتمعات إلى ثلاث تصانيف:
1ـ الدول النامية والمتخلفة، والمجتمعات الغير المتدينة: نرى زيادة عدد العقد النفسية في هذه الدول والمجتمعات، والأشخاص المصابين بها لا يمكن أن يفكروا تفكيرًا صحيحًا وسليمًا، لأن تفكيرهم يكون منحصرًا في اطار العقدة النفسية التي أصابوها. ونراهم يثنون على أنفسهم ويزكونها كثيرًا، وأنهم لا يريدون تعلم العلوم ولا يهتمون بنصائح الأخرين، ولا يعرفون معنى الصبر، ولا المنافسة الشريفة، ولا مفهوم الحب والإحترام والأخوة، ولا الحوار المتمدن المثمر الهادئ. ولهم تأثيرات سلبية على المجتمع والدولة ما عدا على أنفسهم. ونرى زيادة عدد هذه العقد النفسية في الدول والمجتمعات التي ذكرناها بشكل عام.
2ـ المجتمعات المتطورة والطاغية: نرى انتشار عدد العقد في هذه الدول أقل من الدول المتخلفة. ومن أنواع العقد المنتشرة في الدول المتطورة بشكل عام: هي عقدة الخوف والقلق الحاد (نوبات وإضطربات الهلع (panic attack)) ،وحب المال والجاه، والاعجاب الشديد بالنفس، وحب اشباع الشهوات، وحب السيطرة، والقتل والظلم والأذى ونحو ذلك.
3ـ المجتمعات المتدينة والمتخلقة بالأخلاق الكريمة: تكون العقد النفسية عندهم قليلة جدًا. ويقول المتصوف الكبير إبراهيم بن أدهم حول هذا الموضوع (لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فِيهِ من النعيم والسرور لجالدونا بالسيوف).
أقسام ومميزات العقد النفسية
تبدأ الإضطرابات النفسية منذ مرحلة الطفولة حتى نهاية العمر. وعندما يفقد هذا الأفراد أحد أو أكثر من الوظائف أو الصفات الجسدية والنفسية والاجتماعية والأخلاقية ونحو ذلك. سوف يشعرون بالنقص والعجز ويظن أنه أدنى من غيره ويجعله يفكر بشكل سلبي دائمًا. وإذا لم يخضع للعلاج النفسي فيؤثر على تصرفاته. وهناك مفهوم الأنانية (إدعاء الذات) لدى الأطفال، ويجب علينا أن ننشأ أو نهيء بيئة أسرية وإجتماعية وأن لا نفرط في إدعاء الذات وأن لا نمدح ونثني الأطفال من غير حاجة ومن غير لزوم. ويكون للطفل شخصية كاذبة ويحس أنه أدنى من غيره، والطفل مرآة ذاته، فهو يرسم صورة لنفسه أنه أفضل وأذكى وأكثر إجتهادًا وجمالاً من غيره. فيكون صاحب عقدة الشعور بالإستعلاء ولا يعجبه الأشخاص الذين في حواليه، ويكون بعيدًا عن المجتمع وعن الحياة الاجتماعية، ويكون قلقًا دائمًا من أجل أن يكون مميزًا ومتكاملاً، ويظهر المبالغة في كل موضوع.

بشكل عام ينقسم إلى قسمين رئيسيين:
1ـ عقدة الشعور بالنقص (العقدة الدونيـة):

ومن أسباب زيادة نسبة هذه العقد في الدول المتخلفة والنامية: هي كثرة الحروب والقتال والهجرة والأمراض والعاهات والجهل والفقر والفتن والحسد ونحو ذلك، وبعدها الأفراد يتم فقد أعمالهم وبيوتهم ووطنهم وآباءهم وإخوانهم وأعمامهم وأخوالهم، وفقد وحدة عائلتهم الكبيرة ونحو ذلك. ففي المجتمعات التي ليس فيها الآمان ولا الطمأنينة ولا السعادة تكثر فيها العقد النفسية. ونحن نجد أن أكثر الدول الاسلامية من ضمن هذه الدول المتخلفة. وفي حالة عدم التداوي سوف تأتي المرحلة الأكبر خطرًا، وهي مرحلة عقدة الشعور بالاستعلاء (بالعظمة)، والمصاب بهذه الحالات النفسية يبدأ بالسعي بطرق شتى وغير مشروعة من أجل الإنتقام من الذين أحتقره وظلموه حسب ما يعتقد اليه، ويبدأ يحسد الناس ولا يثق بهم ويظلمهم، وذلك من أجل التعويض عن ذلك النقص وأن يحقق كينونته. ونحن نجد المصابين بهذه الأمراض في كتب التاريخ في كل عصر من الملوك والرؤساء والزعماء والسياسييين والعلماء المنافقين والإنتهازيين.
ومن أسباب إنخفاض نسبة العقد النفسية في الدول المتطورة والغنية: لأن الدول توفر لشعبه الراحة والطمأنينة والأمان والإستقرار وتؤمن الدولة لهم الدخل المالي والضمان الصحي. ولكننا نجد فيها زيادة عقد الشعور بالإستعلاء. والمصاب بالعقدة النفسية لا يشعر أنه مريض أصلاً، وقد يرى كل تصرفاته عادي وطبيعي، وذلك بسبب أخذه الأساليب غير السوية والخاطئة في التربية الإجتماعية والنفسية والدينية الخاطئة. وكذلك لا يقبل أن يرى الناس أذكى وأجمل وأغنى وأقوى منه بدنًا ولا أكثر أدبًا علمًا وتعليمًا ومالاً ومقامًا وشهرةً منه.

2ـ عقدة الشعور بالإستعلاء (بالعظمة):

عقدة الشعور بالإستعلاء: وهي نقطة التحول من عقدة الشعور بالنقص الى الشعور بالعظمة، وذلك من أجل التغطية والتعويض عن الشعور بالنقص. والشخص المصاب بعقدة الشعور بالدونية، فهو الذي لا يشعر بالقدرة التي تمكنه من التنافس مع الآخرين، ويلتجأ إلى التفاخر والمدح بنفسه في شتى مناحي الحياة المستفيدة منها دائمًا. وأنه يظل يشعر بالضعف وأنه عديم الفائدة ولا يشعر بالإنسجام مع الأخرين ومع المجتمع. ولأجل التعويض عن عقدة الشعور بالدونية يريد أن يحل مشكلات الحياة بطريقة الاستعلاء الشخصي.
وأن عقدة الاستعلاء هي إحدى الطرق التي يستخدمها الشخص الذي يشعر بمركب الدونية للإفلات من الصعوبات التي يواجهها. فمثلاً يروي قصة بطولية ويدعي أنه أكبر من منه "ولكن في الحقيقة ليس كذلك". وبذلك يريح نفسه على النجاح الكاذب. أما الشخص الطبيعي من دون الانسياق وراء عقدة الاستعلاء يسعى من أجل تحقيق النجاح الحقيقي والوصول إلى مراتب عالية ويسعد نفسه.
وتشير الاحصائيات الصادرة من منظمة الصحة العالمية إلى تزايد هائل في انتشار عدد المصابين بالعقد النفسية في كافة المجتمعات. وفي حالة عدم معالجتها بالتربية والتعليم فتزداد شدة العقدة عند الأفراد مما يؤدي الى إضطرابات عقلية والى التفسّخ الأخلاقي والإنحراف الجنسي والى إنفصام الشخصية، والنسيان والاكتئاب والحسد والأرق والوهم والغرور بالنفس والرغبة في الإنتقام الشديد والظلم والقتل ونحو ذلك من الأمراض. وعندما يصاب الفرد بحالات كثيرة من هذه الأمراض، وتنتهي حياة هؤلاء ـ لاقدر الله ـ بالأمراض العقلية أو بالموت. ومن أهم الحلول للتخلص من هذه الأمراض، هو أن نأخذ التربية الأخلاقية والدينية ، لأن ديننا يأمرنا على عدم الظلم والقتل والكبر والعلو والعجب والغرور والحقد والحسد بل يدعونا إلى العدل والإحسان والاعتدال والتسامح والعفو والصبر.

أسباب عقدة الشعور بالنقص:

1ـ تنجم عن إستخدام الآباء القوة والضغط الشديد أو العكس بالافراط في الحنان والحب على الأطفال: على سبيل المثال: قد نجد العقدة النفسية عند الأباء الذين لم يولد لهما الاً طفلاً واحدًا، أو الذين يتوفى أطفالهم وبقى لهم في الحياة طفلًا واحدًا، أو يولد عندهم أطفال كثيرة ولم يتوفر عندهم الإمكانية المادية والمعنوية وإمكانية التعليم والتربية بالمستوى المطلوب.
2ـ التربية السيئة (غير السوية) عند الأباء: فيقوم الاباء استخدام بعض التصرفات غير السوية وغير الأخلاقية عند الأبناء فيؤثر عليهم ويسبب لهم شعوراً بالنقص.
3ـ القيود الاجتماعية: مثل عدم تلبية الأباء إحتياجات الأبناء من المال والطعام والملبس والعلاج والتعليم والتفضيل بين الأبناء. وعدم إعطاء أهمية للقيم الاجتماعية للأبناء رغم توفير الامكانية ونحو ذلك.
4ـ هيمنة النظام السياسي المتخلف في أكثر الدول: تمارس أكثر السلطات فيها القوة والبطش الشديد لاسكات المواطنين. ولن نجد تجمعًا سياسيًا حرًّا في هذه الدول. وعند دفاع المواطن عن حقوقه يتعرض الى أقسى أنوع القمع والعقوبات الجزائية، والحكام لا يعطون لهم المجال إلى أية تغيرات. والأطفال الذين يعيشون تحت هذه الضغوط القاسية تلقائيًا تحصل عندهم عقد نفسية عديدة.

أعراض الشعور بالنقص عند الأشخاص:

1ـ غياب الهدف لدى الشخص: غياب الهدف لدى الشخص سبب قوي للشعور بالنقص وقد يسبب عنده عدم الاستمتاع بالحياة وعدم الإقبال عليها. فالحياة بلا هدف معناها الموت البطيء.
2ـ نظرة الآخرين السلبية للشخص: بسبب تصرفات الشخص الخاطئة يتعرض الى التحقير والتقليل من أكثر الناس المحيطين به من بداية حياته.
3ـ مقارنة الشخص نفسه بالآخرين: يقع الفرد فريسة للشعور بالنقص عندما يقارن نفسه بالآخرين، ناسيًا أن الله قد خلقنا مختلفين بعضنا عن بعض لكي يكمل بعضنا البعض.
4ـ تجارب الماضي الفاشلة والشعور باليأس: فتظل خبرات الفشل عالقة بحياة الفرد في كل فشل يمرّ بها. وقد تصيب تلك الخبرات بعض الاشخاص بالإحباط واليأس، فمثلًا شخص حاول البدء في مشروع لكنه لأسباب ما لم ينجح، أو إجتهد في دروسه ولكنه لأسباب ما فشل، فلو كان له الايمان والإرادة والعزم لم يشعر باليأس ويستمر بالسعي لأجل النجاح. والمثل يقول (الفشل يعلم النجاح).
5ـ الانفرادية والانطوائية: نرى مثل هذه الأشخاص يميلون إلى الإبتعاد عن المجتمعات أو الجمعيات دائمًا، لانهم يعتقدون ان الجميع ينظرون لعيبه، ويظنون أنه ليست لديهم القدرة على التواصل في أحاديثه مع الجماعة. ويعتبر الانسحاب من المجتمع تجنب للنقد كحيلة دفاعية لا شعورية، ولكن في الواقع فهو يزيد من المشكلة تعقيدًا وإحساسًا بالفشل.
6ـ الشعور بالحقد والكراهية ضد المجتمع: لأن هذا النوع من الأشخاص يظن أن المجتمع فاسد، وكلهم أشرار، وكثير النقد على الناس، وأنهم يبحثون عن عيوب الأخرين.
7ـ يكون شديد الحساسية ضد النصائح والانتقادات: الأفراد الذين لم يشعروا بصحة جيدة لا يمكن أن يفكروا أشياء جيدة للأخرين ويبحثون عن أخطاء ونواقص الأخرين وهكذا يحالون أن يثبتوا أنفسهم أن صحتهم ليست سيئة، ثم أنهم يظنون أن كل نصيحة وإنتقاد إنتقاص من قيمته. فيرد عليهم بغضب شديد ويجرح شعورهم. كما أنه لا ينسى كل ذلك فترات طويلة. وكذلك لو فشل أو أخطأ لا يقبله وألقى اللوم على الأخرين من أجل براءة نفسه، ومن أجل إخفاء أخطاءه يقوم بالإفتراء والكذب بشتى الطرق، ويرفع صوته أثناء النقاش المتواصل من أجل إسكات منافسه وإظهار نفسه أنه على حق. وإذا لم يجد التداوي سوف تكبر عقدته ويأخذ أبعادًا خطيرة.

عند من يتواجد هذه العقد النفسية بشكل عام؟ ولماذا؟

1ـ عند الفقير المظلوم: وخاصة الفقير الذي لم يحصل على مساعدة الأغنياء، لأن عقدة الفقر والحرمان المادي يؤدي إلى اليأس والكآبة. والفقير الذي لم يأخذ التربية الأخلاقية والدينية يقوم بحسد الأغنياء وبغصب أموالهم.
2ـ عند اليتيم المظلوم: الذي فقد أحد والديه أو كليهما عند فقد الصبي الآباء يؤدي الى إضطرابات نفسية وسلوكية. وإذا لم يتلق المساعدات المادية والمعنوية، فيبدأ عنده عقدة الحقد والإنتقام من الناس.
3ـ عند الشخص الضعيف المحتقر والمهان: في حالة الإزدراء وعدم الإهتمام من قبل الناس بالشخص الضعيف الذي لا حول ولا قوة له ولا أولاد ولا أنصار له، فيزداد عقدة الحقد عنده.
4ـ عند الشخص المنافق والظّالم والطّاغي: وهؤلاء لم يأخذوا التربية الدينية والأخلاق الفاضلة، وبسبب تصرفاتهم الخاطئة يكونوا منبوذبين من قبل الشعب، ويبدأ هؤلاء بحسد وظلم كل إنسان يمتلك الصفات الحميدة.
5ـ عند الذين تركوا جهلاء وغير مثقفين واضطهدوا من قبل الناس: إذ لم يجد الإهتمام والعناية والرعاية من قبل الناس وخاصة من قبل العلماء والمثقفين، فيحسدهم ويحتقرهم ويفتري عليهم ويتهمهم بالجهل، ويدعي أنه يعرف أكثر منهم.
6ـ عند الشخص الأبله والأحمق: فهو صاحب الأفكار والآراء الفاسدة. وأنه لا يتصرف بعقله كما ينبغي مع الناس، فينصرف عنه الناس فيجد نفسه مستصغرًا في المجتمع فيزداد عقدته، وعندما يكون قويًا ومتمكنًا فهو كذلك يبدأ يحتقرهم ويفتري عليهم.
7ـ عند الشخص الذي يتواجد عنده بعض العاهات الجسمية أو العلامات الفارقة: ولا يحتاج الى ذكرها هنا. وقد تؤدي هذه العاهات إلى العقدة النفسية عند الشخص. فنرى الشخص يبالغ في إخفائها بالمكياج الشديد أو يلبس ملابس غير عادية أو يقوم بالعملية الجراحية من أجل التعويض عن عقدته. بإستثناء الأشخاص الذين تربوا على الدين والأخلاق الفاضلة.
8ـ عند الإنسان الطويل أو القصير القامة: عندما يجد النقد والسلبيات من قبل الناس قد تنشأ عنده عقدة نفسية. وكان لنابليون وهتلر وموسوليني وفرانكو وستالين عقدة قصر القامة.
9ـ عند الرجل الذي لم يولد له أطفال، أو المرأة التي لم تنجب أطفال: عندما يفتخر الأخرون بأطفالهم أمام هؤلاء باستمرار، وينصحونهم على إنجاب الأطفال. فيبدأ يشعر بعقدة النقص. طبعًا باستثناء المتربين بأخلاق كريمة.
10ـ عند بعض الاشخاص الذين لم يجدوا العناية والإهتمام اللازمة من قبل الأباء مثل بقية الإخوان: عندما لا يجد العناية والاهتمام مثل أخيه من قبل الوالدين يبدأ عنده عقدة الحسد والغدر. فكان لقابيل وإخوان النبي يوسف من هذه العقد.
11ـ عند بعض الرجال الذين لهم عقدة التمتع على ظلم وأذاء النساء والسيطرة عليها، أو عكس ذلك الذين لهم عقدة تعظيم وتقديس المرأة: فيرى الرجال في الشق الأول بأن المرأة ناقصة العقل وأن الشيطان يحكم عليها، وأن المرأة شر لابد منها، وليس للمرأة روح. ولهذا يرون أن المرأة مخلوق ضعيف لذا يرون أن السيطرة عليها والظلم عليها أمر طبيعي، ونجد هذه الحالات موجودة في الدول الغربية عبر العصور، (علمًا أن لكل كائن حي طريقة للدفاع عنه، وطريقة الدفاع المرأة عن نفسها دموعها ومكرها وهي فطرية وهذا موضوع أخر).. أو عكس ذلك تعظيم وتقديس المرأة نجدها عند الديانات الهندية والصينية وفي بعض الدول العربية والأفريقية ونحو ذلك.
12ـ عند المرأة المسترجلة واللاتي لهن عقدة التمتع عند الظلم على الرجال والسيطرة عليه:
وهن يتشبهن بالرجال في خشونة المعاملات والحركات والكلام وفي زيهم وهيئتهم ونحو ذلك. وتقومن بإحتقار الرجال أمام الناس دون أن تشعر بذلك، وتبدأ المنازعات بين الأزواج وتكون نهايتها سيئة.
وهناك عقد كثيرة عدا ما ذكرناه. ويمكن أن نراها في الأشخاص بشكل بارز.

التخلص من العقدة النفسية:

لأجل التخلص من العقد النفسية، يجب أن يقبل بهذه الحالة ويكون عن طريق امتلاك الشخص الثقة بالنفس ويؤمن بالإرادة القوية، وبالقضاء والقدر، والإهتمام بالتربية والتعليم، وفي التمسك بأيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، ويكون عن طريق أخذنا حياة رسول الله (ص) أسوة حسنة لنا. لقد عاش أكثر الإضطرابات التي عشناها وكيف تم حلها من قبل الذين عاشوا معه؟ ولقد أُبتلي الرسول (ص) في البداية بوفاة أبويه ولكنه رأى الرعاية والعناية والحب من جده عبد المطلب وعمه أبو طالب لذلك لم يشعر بالنقص بفقدان والديه. وعندما كان فقيرًا ساعده عمه وعلمه التجارة. وبعدها ساعدتها خديجة (رض) في التجارة وهكذا لم يشعر بالفقر. وعندما حارب الكفار والمنافقين وقف معه الصحابة وأهل المدينة ودافعوا عنه، وأبتلي الرسول (ص) بوفاة أولاده وكان أقاربه وزوجاته يواسونه ويقللون من آلامه، وكان المشركون يستهزئون ويقولون له أنه أبتر بسبب وفاة أولاده. وكذلك لقد أُبتلي الرسول (ص) بالكذب والخوف والسحر والجنون والكهنة وأٌبتلي بالأذى والحصار والمقاطعة والجوع، وأبتلي بالإفتراء على زوجته عائشة (رض) فصبر على كل ذلك صبرًا جميلاً. وأبتلي بالمال والجاه وقد عُرضت عليه كلُّ الإغراءات ولم يقبل. فقالوا لأبي طالب: "يا أبا طالب ماذا يريد ابن أخيك؟ إن كان يريد جاهًا أعطيناه فلن نمضي أمرًا إلا بعد مشورته، وإن كان يريد مالاً جمعنا له المال حتى يصير أغنانا، وإن كان يريد الملك توّجناه علينا". ولكن النبيّ (ص) أجاب عمّه بقوله: "والله يا عمّ لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بشمالي ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه" . وهناك إبتلاءات أخرى .ولهذا أقول للعلماء والرؤساء والحكام والمربين والأغنياء وجميع الناس الطيبين أن يدركوا أهمية الحب والمساعدة والمناصرة وتكوين العائلة الكبيرة، وعليهم أن يشجعوا مواطنيهم على ذلك وأن يراعوا الفقراء والمحتاجين والضعفاء، وأن يخاطوبوهم بالرفق واللين وبالصبر والتسامح، والمثل يقول (خاطبوا الناس على قدر عقولهم). ولأجل أن لا يشعروا بالفقر والذل والحرمان، عليهم أن يساندوهم في التعليم وفي تشغيلهم في المعامل والمصانع وفي مؤسسات الدولة. فإذا لم نكن نعلِّمهم العلوم وعلى ممارسة الأعمال، ولم نحمِّلهم أي مسؤوليّة، ولم نعلمهم على قسوة الحياة، سيكونوا ضعفاء ولا يتحمّلون أية مسؤوليّة وفي حالة عدم نجاحهم في الأمور الأخرى سوف يزداد عقدتهم النفسية ويكون تأثيرها السلبي على الشخص نفسه وعلى الناس جميعًا.

أمور أخرى لأجل التخلص من العقدة النفسية:

1ـ أن ننظر إلى نواقصنا بشكل موضوعي: الانسان يتمادى غالباً في تشويه نفسه عندما يحس بأن لديه نقصاً ما. لذا علينا أن لا نبالغ في وصف نواقصنا حتى مع أنفسنا. وأن لا نبالغ أيضاً في مدح الآخرين على حساب أنفسنا، لأن هـذا يعزز احساسنا بالنقص إذا كان بمقدورك ذلك فعلاً.
2ـ أن لا ننتقد أنفسنا بشكل متكرر: الانتقاد المتكرر يجعل عقلنا الباطن يقتنع بأن هناك مشكلة حتى في حال عدم وجودها. فالانسان يحب كل ما يخترعه عقله حتى ولو كان ذماً بنفسه. وأن نحاول على العكس بأن نمدح أنفسنا كلما أحرزنا تقدماً فهذا يخفف من شعورنا بالنقص ويضعنا على الطريق الصحيح من أجل تصحيح النقص.
3ـ عدم حجب حقيقة عقدتنا النفسية: لأننا لو حجبناها يمكن أن تتحول إلى مشكلة دائمة. وعلينا نبذ الأفكار السلبية عن أنفسنا من عقلنا. وأن نحاول إيجاد الحلول الجذرية لللعقد النفسية، والتجارب العلمية والمنطقية والدينية يدلنا على التداوي عن طريق التربية الدينية والعمل بالأخلاق الكريمة.
والله ولي التوفيق ـ 17/01/2016