تطبيق مبدأ تعارض المصالح والوظيفة العامة
الدكتور عادل عامر
تنتشر ظواهر تضارب المصالح والمحاباة في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك في القطاع الخاص وفي بعض مؤسسات المجتمع المدني، حيث تساهم المصالح الشخصية والمحاباة في تسيير المهمات وسرعة إنجازها وتراكم الأرباح لصالح فئات دون غيرها، أو في تحول المؤسسات الأهلية إلى مؤسسات فئوية وحزبية مغلقة على مجموعة محددة وهو ما قد يضعف مصداقيتها عند تصديها لهذه الظواهر.
إن دراسة تعارض المصالح والمحاباة والشللية كمؤشر من مؤشرات الفساد يتطلب فهما لطبيعة المجتمعات العربية، ومدى تأثرها بالتغيرات الحديثة التي نتجت عن تحولات في أنماط العائلة العربية، وتحولها من النمط القبائلي والعائلات الممتدة إلى وحدات أسرية نووية مدنية. ما زالت المجتمعات العربية تقدس الروابط العائلية والعشائرية، وتزيد من أهميتها على الكثير من قيم المجتمع المدني، مما يتيح المجال أمام العديد من ممارسات الفساد التي تغنيها قيم ايجابية في نظر العديدين. وبين إيجابيات التماسك الأسري وسلبيات تعارض المصالح والواسطة والمحسوبية خيط رفيع يساهم فهمه في التغلب على الفساد، وفي الإصلاح والتحول الديمقراطي في الوطن العربي.
يتحمل الموظف في الموقع العام مسؤولية ضمان عدم وجود أي تعارض للمصالح في الأعمال التي يقوم بأدائها. ففي العديد من الحالات لا يكون تعارض المصالح ظاهرا للعيان، أو معروفا في المجتمع المحيط بالموظف/ة، ولكن يكفي أن تكشف قضية واحدة لتهز ثقة المواطنين ليس بالموظف/ة ومؤسسته فحسب بل في الجهاز التنفيذي ككل. تضارب المصالح المفضي إلى الفساد. وهو ما يحصل عندما تتعارض المسؤولية العامة في الدولة مع المهام والمصالح التجارية الخاصة للموظف العام في حال استمراره في رعاية مصالحه الشخصية وهو على رأس عمله الوظيفي. وبموازاة ذلك كله، هناك جانب نفساني خفيّ لتعارض المصالح ذو أثر مدمّر، وهو ناشئ عن الجبن أو غياب الشجاعة الأدبية للمسئول حين يطغى هذا على الشعور بالمسؤولية، ويظهر في تأجيل وتسويف اتخاذ القرار او الإصرار على إحالته إلى مراجع أخرى تؤدي إلى تمييع الإجراء. لتلافي هذه المخاطر، يتوجب البحث في الوسائل المتاحة للفصل بين تعارض المصالح العامة والمصالح الخاصة ومن خلال تبيان مواطن الخلل، وذلك وفق المواضيع التالية:
واجبات الموظف العام في الدولة
الوظيفة العامة في الدولة، بدءاً من رئيس الدولة، ومن ثم المسئولين في السلطات التشريعية والإجرائية والقضائية، هي تكليف للمحافظة على الانتظام العام في البلاد بموجب العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم. ويؤدي تضارب المصلحة الشخصية مع المصلحة العامة في أداء الوظيفة إلى اختلال النظام العام وتهديد مسيرة الدولة. أخطر مظاهر التعارض في المصالح يبرز في القطاع القضائي (الحقوقي والدستوري) لأن القضاء مؤتمن على تحقيق العدالة في المجتمع، والحكم في صحة المسار الدستوري للسلطة الإجرائية. فمتى خضع القاضي والمشرّع لتغليب مصلحته الشخصية (سياسية كانت أم مادية) على المصلحة العامة، اختلّ مسار العدالة. وفي مجال التشريع، يفقد نائب الأمة وكالته التمثيلية عندما يُخضع مهمته في الدفاع عن مصالح ناخبيه لمصالحه الشخصية، سياسية كانت أم طائفية أو لغايات الاستفادة المادية. ويظهر ذلك بجلاء في التحالفات الانتخابية المبنية على أسس طائفية او عشائرية، وفي استخدام المال السياسي في الحملات الانتخابية.
أما في السلطة التنفيذية، فتظهر مخاطر تعارض المصالح في القرارات غير المشروعة التي يتخذها المسئول، في استملاك العقارات مثلاً، لأغراض المصلحة العامة، وتؤدي لاستفادة مالية شخصية. ينساق ذلك أيضاً في القرارات المتعلقة بالتخطيط المُدني والريفي وقواعد البناء وجميعها معرضة للاستفادة الشخصية، مادية كانت او معنوية، على حساب المنفعة العامة، أو في إقرار سياسات أو في اتخاذ إجراءات مالية ونقدية تؤدي لاضطرابات في أسواق المال والعملات يستفيد منها المسئول والمسحوبون عليه مالياً.
وفي هذا المجال، يبرز موضوع الولاء الوطني. كأن يحمل المسئول في الوظيفة العامة جنسية مضافة إلى جنسية بلده، تعرّضه إلى إشكالية تعارض الولاء الوطني بين جنسية وطنه والجنسية الموازية لوطن آخر بما يشكل تهديداً وخطراً حقيقياً على أمن الوطن والمواطن على حد سواء.
تعارض المصالح في التجارة والأعمال
إلى جانب الفساد الناتج عن تعارض المصالح العامة والشخصية في سلطات الدولة والقطاع العام، يؤدي غياب الحوكمة لدى الشركات الخاصة، وعلى وجه التحديد، الشركات المتعاقدة مع الدولة في تنفيذ المشاريع والتجهيز، إلى خلق بيئة فساد ناتجة عن تغليب الاستفادة الشخصية على النزاهة في تنفيذ الالتزامات. ومنذ أكثر من عقدين، دأبت الشركات الكبرى إلى إدخال نُظم الحوكمة في لوائحها الداخلية التزاماً بالقوانين المناهضة للفساد التي سنتها بلدانها.
أبرز مجالات تعارض المصالح يظهر في ممارسة مهام الرقابة المالية الخارجية والداخلية للشركات الخاصة الموكلة بهذا العمل. حيث يظهر تضارب المصالح والمهام عندما تزدوج مهمة الرقيب في تبيان الوضع المالي للمؤسسة، بمهمة موازية يقوم بموجبها بتقديم «خدماته» للسلطة الإجرائية (رسمية كانت أم شركة خاصة) لتلافي الوضع المالي الحقيقي لهذه المؤسسة والتعتيم عليه، على حساب المصلحة العامة، أو في حالة المؤسسات الخاصة، على حساب المساهمين وأصحاب الركائز فيها (Stakeholders)، وذلك لفائدة مالية شخصية أو لأسباب تنافسية، تُلغي شروط النزاهة والتجرّد المتلازمتين لمهمته الأساسية.
وفي هذا المجال يبرز مفهوم تعارض المصالح الهيكلي، عندما تقدّم مؤسسة تجارية خاصة خدمات معينة للحكومة (كما في تجهيز موادّ وسلع)، وتشترك في الوقت ذاته في اللجان الرسمية المكلفة باتخاذ قرارات لاحقة تتعلّق بهذه المواد (كالتوزيع والإدامة وقطع الغيار وما إلى ذلك). وجود مثل هذه المهام المزدوجة لا يؤثر فقط في حصول الاستفادة المالية، ولكن أيضاً في إضعاف مبدأ المنافسة ويهدر الحقوق والمصالح العامة.
تعارض المصالح في المهن الحرة
تعارض المصالح يقع أيضاً في ممارسة المهن في القطاع الخاص. حيث تستوجب النزاهة المهنية، على سبيل المثال، الحفاظ على مصلحة الموكّل في القضايا الحقوقية ومصلحة المريض في القطاع الطبي والعلاجي، وعلى نزاهة الأبحاث في قطاع التعليم العالي، وعلى الموضوعية في نقل وصياغة وعرض الخبر والمعلومات والإعلان، في الممارسات الإعلامية.
وفي الممارسة المهنية الدقيقة يبرز مبدأ «الانسحاب» من المهمة حينما «يشكّ» صاحب المهمة من وجود مصلحة شخصية متعارضة مع واجباته. ينسحب هذا الأمر على القضاة، كما على محامي الادعاء والدفاع، وعلى مقدّمي الخدمات الطبية، والمُحكّمين في الخلافات التجارية والتعاقدية، والمستشارين في قضايا العامة والخاصة.
وهكذا، ونظرا للأوضاع التي كانت عليها جمهورية مصر العربية لعدة عقود من السنين؛ عرفت خلالها أنواعا شتى من الفساد ومن اقتصاد الريع، ومن الاقتصاد العائلي والأسري، ومن استغلال النفوذ والمناصب، والاستحواذ على خيرات البلاد ومقدراتها، والاستيلاء على الأراضي بأثمنة بخسة أو رمزية؛ حيث أكدت كثير من التقارير أن الفساد (الذي هو انعكاس لتضارب المصالح) كان السبب الرئيسي في ضياع العديد من فرص التنمية، وإفلاس الكثير من المؤسسات ، وهجرة الكفاءات ، واستمرار حالة الطوارئ لعقدين ونصف دون مبرر؛ وتراجع حجم الاستثمار الأجنبي بنسبة كبيرة؛ وارتفاع معدلات البطالة والفقر
.. مما أدى بالبلاد إلى حالة من التدهور، وإلى حالة من الغضب الشعبي ؛ وذلك رغم وجود قانون وُضع أصلا لمحاربة الفساد، أو الإثراء غير المشروع ؛ أو غير ذلك من الأسماء؛ هو القانون المعروف عندهم بــ: “قانون الكسب غير المشروع “، والذي ظهر منذ سنة 1975 (رقم 62) ؛ إلا أنه لم يحقق شيئا مما كان يطمح إليه الشعب المصري، أو شيئا مما وعد به إبان ظهوره في عهد السادات ؛ بل إن هذا القانون قد ظل بعده لفترة طويلة في حكم الموقوف عن التنفيذ؛ حيث لم يكن يُـفـعَّـل إلا في الحالات التي كانت تخدم مصالح المستفيدين من ريع الدولة والمستحوذين على مقدراتها، أو لردع منافسيهم ..
تأثير التعارض على الإعلام والمجتمع
مهمة الإعلام الرئيسة هي إيصال الخبر، وما قد ينتج عنه وحوله من رأي وموقف، بصدق وموضوعية وتجرّد إلى الجمهور ويتصل بمهام الإعلام حق المواطن في الحصول على المعلومات، وواجب الإعلام في إطلاع المواطن عليها. والوصول إلى المعلومات يتطلّب ممارسة مهنية عالية لاستقصاء الحقيقة وبيانها، تصطدم غالباً باعتراض المصالح بغية إخفائها، إنما الأخطر في ذلك هو تسليط قوس العدالة بغية ترهيب وترغيب محاولات الاستقصاء والإشهار والإعلام.
أي خلل في هذه الواجبات، ومن أسبابه الرئيسة تعارض المصالح، يؤدي إلى حصول فساد وإفساد في دور الإعلام ومهامه. وفي هذا المجال، هنالك حاجة وضرورة لبناء وتأسيس ثقافة معرفية لدى الناس تناهض كل محاولات تجاهل أو طمس تأثير تعارض المصالح وتضاربها من أي جهة «ذات مصلحة» سواء كانت عامة أم خاصة. هذه المعرفة والوعي وتوسيع الإدراك فيها يؤهل الشعب لممارسة دور الرقيب والحسيب. ولذلك فقد كان من بين أهم وأجل الإجراءات التي بادر إلى اتخاذها الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد تعيينه في الرابع من شهر يوليو 2013 هو إحداث قانون خاص لحظر تعارض المصالح، في إشارة واضحة وسريعة إلى رغبة الدولة في القطع مع السلوكيات والاستغلاليات التي عرفتها مصر على مدى ثلاثة عقود ونيف السابقة . . وهو القانون الذي لا يمكن الحكم على نتائجه قبل إعطائه الوقت الكافي لتفعيله وتطبيقه؛ لأن القانون في حد ذاته ـ كيفما كان، وأينما كان ـ لا جدوى منه إن لم يُـفَـعَّـل على الوجه الأمثل.
والواقع أن الحديث عن تضارب المصالح يحتمل معالجته من عدة جوانب : الجانب الشرعي، والاقتصادي ، والقانوني، والسياسي ، والاجتماعي … الخ وحتى على مستوى مفهوم المصطلح، فإنه يصعب تحديده بالنظر لارتباطه دائما بواضعه و بالغاية التي يراد استعماله من أجلها: فتضارب المصالح في مفهوم المواطن العادي، ليس هو نفسه في مفهوم رجل الأعمال، وليس هو نفسه في مفهوم رجل السلطة، وليس هو نفسه في مفهوم أصحاب الشركات الكبرى؛ بل حتى بالنسبة للشركات الكبرى، فمفهوم تضارب المصالح يختلف من شركة إلى أخرى ؛ فقد عرفته إحدى الشركات الدولية الكبرى بقولها : « قد ينشأ تعارض المصالح، في سياق عملنا، أو مصالحنا (أو ما يتعلق بموظفينا أو أعضاء مجلس الإدارة أو المساهمين لدينا) أو مصالح أحد عملائنا: “إذا حدث تنافس ؛ بشكل مباشر أو غير مباشر؛ مع مصالحك.» ـوهذا من أبسط التعريفات ولكنه في نفس الوقت من أوسعها وأشملها . بينما عرفته شركة أخرى بقولها : «لا يعني وجود مصلحةٍ لشخص يعمل لصالح الشركة في أي نشاط يتعلق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بالشركة، قيام تعارض في المصالح بين الطرفين. ولكن قد ينشأ تعارض المصالح عندما يُطلب ممن يعمل لصالح الشركة أن يبدي رأياً، أو يتخذ قراراً، أو يقوم بتصرف لمصلحة الشركة، وتكون لديه في نفس الوقت إمَّا مصلحة تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بالرأي المطلوب منه إبداؤه، أو بالتصرف المطلوب منه اتخاذه، أو أن يكون لديه التزام تجاه طرف آخر غير الشركة يتعلق بهذا الرأي أو القرار أو التصرف. إذ تنطوي حالة تعارض المصالح على انتهاكٍ للسرية، وإساءةٍ لاستعمال الثقة، وتحقيقٍ لمكاسب شخصية، وزعزعةٍ للولاء مع الشركة »
أما بالنسبة لقوانين الدول، فإن مما يزيد تعريفَـه صعوبة ، هو تداخل مفهومه مع مفهوم الفساد الذي عرفته منظمة الشفافية العالمية، بأنه : «السلوك الذي يمارسه المسئولون الحكوميون في القطاع العام أو الحكومي ، سواء كانوا سياسيين أو موظفين مدنيين بهدف إثراء أنفسهم أو أقربائهم بصورة غير قانونية ، ومن خلال استخدام السلطة الممنوحة لهم . »ولذلك فقد استقت كثير من الدول تعريفها لتضارب المصالح من هذا التعريف العالمي للفساد، مما يدل على أنهما وجهان لعملة واحدة؛ففي قانون هيئة مكافحة الفساد الأردني جاء تعريف تضارب المصالح بهذا المنطوق: «تضارب المصالح هو الوضع أو الموقف الذي تتأثر فيه موضوعية واستقلالية قرار الموظف أثناء أدائه لوظيفة بمصلحة شخصية ، مادية أو معنوية، تهمه هو شخصيا، أو تهم أحد أقاربه أو أصدقائه المقربين، أو عندما يتأثر أداؤه لوظيفته باعتبارات شخصية مباشرة أو غير مباشرة، أو بمعرفته بالمعلومات التي تتعلق بالقرار»«كل حالة يترتب عنها ضرر مباشر أو محقق للمصلحة أو الوظيفة العامة»والتعارض النسبي هو : «كل حالة يُـحتمل فيها وقوع ضرر للمصلحة أو الوظيفة العامة ».وبفصل المشرع المصري بين التعارض المطلق والنسبي، أي بين تعارض المصالح المحقق، وتعارض المصالح المحتمل؛ يكون قد منح إمكانية واسعة لتطبيق هذا القانون ، ليس فقط في مواجهة الوقائع الحادثة، ولكن أيضا حتى بالنسبة للوقائع التي يحتمل حدوثها بالنسبة لأي حالة من حالات المسئول الحكومي، أو الموظف في القطاع العمومي أو شبه العمومي .. أو المصالح التابعة لهما، أو الشخص المرتبط بهم بصفة عامة. وإذا كان من المبادئ المسلم بها في القانون أنه لا يحاسب الناس على النوايا، ولا يعاقب إلا على الجريمة الواقعة، الثابتة بعناصرها المادية ، أو التي شرع في اقترافها؛ فإن إدخال عنصر حالة الاحتمال في هذا القانون، من شأنه أن يخفف من أخطار تضارب المصالح التي لو تقيدنا فيها بالتطبيق الحرفي للقانون، فستكون متعارضة مع المبدأ الأول، وخارقة لمبدأ البراءة هي الأصل ؛ باعتبار أن احتمال الوقوع في حالة تضارب المصالح لمن لم يقع فيها، يحمل تهمة مبطنة بالعمل بسوء النية، ويجرده من أصل براءته .
ولكننا بالتعمق في إدخال عنصر الاحتمال في القانون المصري نجد أنه يقصد إلى تكريس مبدأ آخر، لا يقل أهمية عن مبدأ البراءة هي الأصل، لأنه أكثر وقاية للمرء، إذا نظرنا إليه من زاوية تحصين للموظف أو المسئول الحكومي من التعرض للشبهة بإبعاده عن مواطنها، ومن ثم الحيلولة دونه ودون الوقوع في المحظور .. فكل منصب يحتمل أن يكون أداة لتضارب المصالح، فإن حائزه سيكون في موقع شبهة حتى ولو لم يضع نفسه في أي حالة من حالات تضارب المصالح . وكما هو الشأن بالنسبة لكل قانون فإنه يستهل مواده بتحديد المستهدف به؛ والمستهدف من هذا القرار المصري هو كل من يتحمل مسؤولية يُـحتمل فيها قيام عنصر “تضارب المصالح” ؛ بدءا من رئيس الجمهورية إلى نواب ومساعدي شاغلي تلك المناصب ذوات المسؤولية السياسية أو المالية . حيث نصت المادة الأولى من القرار على أنه : يخضع لأحكام هذا القانون كل من : أ) رئيس الجمهورية . ب) رئيس مجلس الوزراء ، و الوزراء . ج) المحافظين و سكرتيري عموم المحافظات و رؤساء الوحدات المحلية . د) رؤساء الهيئات و المؤسسات و المصالح و الأجهزة العامة . هـ) نواب و مساعدي الأشخاص شاغلي المناصب و الوظائف المشار إليهم في البنود السابقة ، و من يفوضونهم في بعض اختصاصاتهم وهذا باعتبار أن أعلى سلطة في الدولة ، هي وظيفة يزاولها موظف في الدولة، يسري عليه ما يسري على غيره من موظفي الدولة، عبر راتبهم الوظيفي ؛ مما يحتم إخضاعه لأحكام القانون، وإخضاع الأشخاص المرتبطين به كما تفصله المواد الأخرى .
وبذلك يكرس هذا القرار مبدأ سيادة القانون، ولا أحد فوق القانون، وأجاز للهيئات واللجان الموكول لها تتبع تطبيقه، التوجهَ إلى رأس الدولة نفسه لإخضاعه لمضامينه . فهؤلاء هم المقصودين بمصطلح المسئول الحكومي في هذا القانون
لتجنب تضارب المصالح: سرعة تنفيذ العقوبات والجزاءات التى أقرها القانون رقم 106 لسنة 2013 فى شأن حظر تعارض مصالح المسئولين فى الدولة، والذى أقره الرئيس المؤقت للبلاد مؤخرًا.
بالإضافة إلى حظر تولى رجال الأعمال أية مناصب فى الإدارة العليا للبلاد أو على الأقل تطبيق الفصل الواضح بين الوظيفة العامة والخاصة، وحظر قيام أى مسئول فى الإدارة العليا للبلاد بممارسة أى نشاط تجارى أو شراء أى شئ من جهات حكومية فترة تواجده فى الوظيفة العامة، ونشر إقرارات الذمة المالية قبل وتولى الوظيفة العامة، وتغليظ العقوبات على الإثراء غير المشروع من الوظيفة العامة.
2-إجراءات شفافة فى التعيينات: وهناك يجب أولا، إعادة النظر فى نص قانون العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978)، والذى ينص على طريقتين للتعيين فى الوظيفة العامة: هما نظام التعيين الدائم، ونظام التعيين المؤقت، والقانون رقم 5 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية بشأن الوظائف المدنية القيادية، والتى تكون إما بناءً على السلطة التقديرية للسلطة الإدارية أو بناء على الأقدمية المطلقة.
لأن العديد من العيوب فى نظام الإدارة العامة والتعيينات كان لهما دور كبير فى انتشار الفساد قبل وبعد الثورة، خاصة مع عدم تحديد المهام والواجبات بدقة فى المناصب العامة، وتعقد الإجراءات، وضعف الرقابة الذاتية فى الأجهزة الحكومية، وانخفاض المرتبات وسوء توزيعها وعدم ربطها بالكفاءة والنزاهة والشفافية.
أولا، ضرورة إعادة النظر فى قوانين الأجهزة السابقة، بما يسمح بإلزام هذه الأجهزة بما جاء فى الدستور الجديد من حرية إتاحة المعلومات لكل المواطنين. خاصة وأن التعتيم على المعلومات المتعلقة بالشأن العام، وعدم إتاحة الوصول إليها يعتبر من أهم الأسباب التى أدت إلى انتشار الفساد. ثانيا، سرعة إقرار قانون حرية وتداول المعلومات.
ثانيا، وضع معايير حقيقية لتقييم الموظفين العموميين مثل الحصول على دورات تدريبية سنوية وربطها بالزيادة فى الأجور.
ثالثا، الحد من تعيين الأقارب فى المؤسسات العامة للدولة، لأن ذلك كان سبب من أسباب انتشار الفساد وغياب الشفافية فى تولى الوظائف العامة قبل وبعد الثورة، وتحول أغلب هذه المؤسسات إلى الطابع العائلى.
3-نشر المعلومات والبيانات: على عكس كل النظم الديمقراطية، فإن الأصل فى مصر هو عدم إتاحة المعلومات، حيث هناك الكثير من التشريعات والقوانين التى تقيد حرية المعلومات فى مصر، منها على سبيل المثال: أولاً، نص المادة العاشرة من القرار الجمهوري رقم 2915 لسنة 1964 بشأن إنشاء الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. ثانيًا، قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، حيث تنص المادة 77 فى الفقرة 7 على أنه "يحظر على العامل أن يفضى بأى تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو فى غير ذلك من طرق النشر إلا إذا كان مصرحًا له بذلك كتابة من الرئيس المختص".( ) وبناء عليه، يكون الاقتراح هنا:
4-إجراءات الثقة فى الحكومة: لابد أن تنال الحكومة ثقة البرلمان ليس فقط عند تشكيلها، حيث يحق للبرلمان سحب الثقة منها فى أى وقت كان وهنا يمكن أن نقترح:
أولا، تشكيل الحكومة من أكبر عدد ممكن من الأحزاب وأصحاب الكفاءات والتخصصات.
ثانيا، أن تتبنى الحكومة سياسات واقعية تعبر عن الاحتياجات الأساسية للمواطنين, ولا تفرط فى تبنيها سياسات غير قادرة على تنفيذها، وهو ما يؤدى إلى إحباط المواطن.
ثالثا، مشاركة الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدنى فى وضع برنامج الحكومة، وأن أمكن خطط التنفيذ، ومراقبة التنفيذ أيضًا. أو تطبيق أهداف ومبادئ "التنمية بالمشاركة".
أن انتشار ظاهرة الفساد يعود إلى خلل هيكلى فى طبيعة العلاقات بين سلطات الدولة الثلاث، وعدم استقلالية الأجهزة الرقابية، وغياب التنسيق فيما بينها، وإلى التضارب التشريعي الذي نتج عنه
ثالثا- مدى فاعلية السلطة التشريعية .
تعد هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، أحد أهم الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير والموجة الثانية لها فى 30 يونيو، حيث ضاقت وضاعت الفواصل والحدود بين الحزب الحاكم والسلطات الثلاث، مما أضعف من رقابة السلطات على بعضها البعض. كما سيطرت السلطة التنفيذية على الإعلام، مما ساهم فى تضليل الرأى العام.( ) وهنا يقترح ما يلى:
1- تفعيل دور مجلس النواب فى مكافحة الفساد ليس فقط عبر دراسة التقارير التى تقدم له من الأجهزة المعنية ولكن بتفعيل أدوات المساءلة البرلمانية المتعارف عليها للحكومة ولرؤساء الأجهزة المستقلة. وتفعيل دوره فى مناقشة حقيقية وفعالة فى إقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة. وهنا يمكن عمل دورات تدريبية وتثقيفية لأعضاء لجنة الخطة والموازنة فى المجلس على كيفية قراءة الموازنة العامة للدولة.
2- 2- ضرورة الحد من السلطات الممنوحة للسلطة التنفيذية فى إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين. كما يجب تفعيل دور البرلمان فى مراجعة اللوائح التى تصدرها السلطة التنفيذية، خاصة فيما يتعلق بأوجه إنفاق الميزانية المقررة لكل جهة حكومية.
3- تفعيل مبدأ خضوع التنفيذيين لمساءلة البرلمان. وتفعيل الدور الرقابى للمجالس الشعبية المحلية على الأجهزة التنفيذية فى نطاق الوحدات المحلية، وتدريبها على كيفية الرقابة على هذه الأجهزة.