كنت قد انتخبت السيسي رئيسا لمصر، وفوضته للحرب على الإرهاب، كل ذلك من أجل بناء دولة تقدمية يكون فيها المعيار هو العقل والبناء والسلام والتسامح، لم أكن أدري أن من انتخبته سيكون أسوأ دكتاتور يحكم مصر ويهينها بين عموم الدول..

عامان على حكم السيسي ولم يظهر من عهده سوى حكم الفرد والبوليس.. واستهلاك قوى الشعب في معارك جانبية ومحاربة طواحين الهواء، وإشغاله في صراعات لا تخصه

تراجعت الحريات وعلت أصوات الطائفية الدينية والعرقية، وأصبح الحديث في التنوير جريمة تستوجب العقوبة

تراجع الاقتصاد وأصبح المواطن مهددا في أمنه الغذائي بارتفاع حاد في الأسعار..

أنصار الرجل اختلفوا لفرقتين، الأولى: تقول أن التنازلات التي قدمها والأخطاء ضرورية لبناء مصر وكف أيدي الإخوان والعابثين، فلو تحالف السيسي مع السعودية في ضرب الشعب اليمني فهذا تحالف ضرورة كي نؤمن مستقبلنا المحفوف بالمخاطر، أما الأزمة الاقتصادية فلأن مصر تتعرض لمؤامرة عالمية لإسقاطها ماليا..

والفرقة الثانية تقول لا..هذه معركة مصيرية قد خاضها السيسي ببراعة، فهو القائد والباطل المحنك، وأن حربه في اليمن ذكاء لحماية باب المندب، وسجنه للمثقفين والتنويريين حكمة لتوحيد الشعب ليبني ويحافظ على الأمن، لأن أمثال بحيري كانوا يثيرون الفتن في المجتمع..!..أما الأزمة الاقتصادية فشرحه كالفرقة الأولى

هكذا توحدت رؤية أنصار السيسي بضرورة دعمه ولو بالخطأ..واتفقوا في وجود المؤامرة

لم ينتبهوا أن السيسي أقدم على مشاريع بنفسه دون مشورة أحد ولا مناقشة موضوعية في الإعلام، وأن هذه المشاريع فشلت كقناة السويس والعاصمة الجديدة، علاوة على سقوط مصر المهين في مفاوضات سد النهضة..فأين المؤامرة؟!

لم ينتبهوا أن ما بين رحى الحرب التي يشعلها السيسي وآل سعود في أكثر من بلد عربي توجد ملايين القلوب والعقول تشحذ الهمم للانتقام بطريقتها.

لم ينتبهوا أن خسارته للمثقفين هي القشة التي تقصم ظهر أي بعير أو حاكم يظن أنه فوق النقد، لم ينتبهوا أن المعارضة الآن في زمن الإنترنت مختلفة تماما عن المعارضة في زمن خلفاء بني العباس..

لم ينتبهوا أن وسائل وأدوات العصر تجعل من قوى التمرد قوى خفية يمكنها العمل والإنجاز دون الحاجة لمؤسسات أو لدعم الدولة..

لم ينتبهوا أن كل فعل أو قول يخرج من حكام العرب سيكون له تأثير..فإن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر، واعمل يابن آدم ما شئت فكما تدين تدان..

هذا الشريط لسرد خواطري الشخصية عن زمن الدكتاتور