: {أفبهذا الحديث أنتم مدهون {81} الواقعة.
الحديث : هو الجديد الذي يتناقل الناس ذكره بينهم في كل شيء،
ويتجلى فهم معنى الحديث بدلالة حروفه؛
[الحاء للانفرد- الدال للتضيق والحصر، وهي محصورة بمعنى الذال للاتساع والانتشار –
والثاء للكثرة، ولأنها الحرف الأخير، فالكثرة في استمرار وزيادة]
*أنه منفرد ومستقل عن صاحبه ومصدر، فلا سلطة لديهم لكتمه ومنع انتشاره،
*وأن العلم به يبدأ في دائرة ضيقة ثم يتسع ذكره وينتشر، عبر الزمان والمكان،
*ويظل العالمون به في كثرة مع انتشاره مكانًا وزمانًا،
هذا هو الحال والوصف الصادق له بدلالة حروفه التي مثلت بصدق معناه،
وقد جاء ذكر الحديث وصفًا لأشياء عدة؛
الحديث : كل ما كان من الرسول بعد بعثه نبيًا من قول أو فعل أو تقرير، وهو الأشهر،
الحديث : كتاب الله الجديد، الذي نزل بعد الكتب القديمة التوراة والإنجيل،
: { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا {87} النساء،
: { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ {185} الأعراف،
: { مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ {111} يوسف.
: { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا {6} الكهف،
: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا {23} الزمر،
: { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ {59} النجم،
: { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ {44} القلم،
: { فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا {78} النساء،
وحديث الله تعالى له الدرجة العلى، فهل بعده من حديث يشدهم ويدفعهم للإيمان؟!
: { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ {6} الجاثية،
: { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ {50} المرسلات،
: { فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ {34} الطور،
والاستفهام عن وصول الحديث ؟ لأن شأن الحديث أن ينتشر ويصل الكثير من الناس،
: { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى {9} طه،
: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ {24} الذاريات،
: { هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى {15} النازعات،
: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ {17} البروج،
: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ {1} الغاشية،
ولأن الأحاديث تستمر وتنشر فتكون عبرة لمن يسمع بها؛
: { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ {44} المؤمنون،
: { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ {19} سبأ،
ووصفت الرؤيا بالأحاديث، لأن الرؤيا متعلقة بأحداث ستجري في المستقبل،
والاهتمام بالأحاديث لتكون لهم عبرة وبصيره ونورًا في المستقبل بما حصل ويحصل،
: { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ {6} يوسف،
: { وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ {21} يوسف،
: { وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ {101} يوسف،
الحديث : الجديد التي يتكلمون فيه الناس في أمورهم، ويتناقلونه بينهم،
: { حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {140} النساء،
: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {68} الأنعام،
: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ {6} لقمان،
: { وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ {53} الأحزاب،
: { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا {3} التحريم،
وجاءت الأفعال عن ابتداء الحديث، أو الذي هم فيه،
: {قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ {76} البقرة،
: {فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا {70} الكهف،
: {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا {113} طه،
: { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا {1} الطلاق،
: { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا {4} الزلزلة،
: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {11} الضحى،
أو في المستجد منه لهم،
: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ {2} الأنبياء،
: {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ {5} الشعراء،
أما الحديث في قوله تعالى : { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا {42} النساء،
ولا يكتمون حدثًا أحدثوه في حياتهم الدنيا،
وهو من صلب أعمالهم التي يحاسبون عليها،
الحديث : الاجتهاد الجديد في مسائل الشرع عند الفقهاء، لقول الأئمة :
إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط، فإنما نحن بشر،
نقول القول ثم نتراجع عنه، وسبب التراجع عن القول؛
إما أنه بلغه علم جديد لم يبلغه من قبل، ومن حديث وغيره،
وإنما رأي يستجد له من نفسه أو من غيره بحجة أقوى من الحجة السابقة،
وظن بعض من له حظ قليل من العلم، أن المقصود بقول الفقهاء هذا هو حديث
الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن المحدث أعلى درجة وأعلم بالدين من الفقيه،
وصار بعض الجهلة يظنون أنهم بحفظهم قسطًا من الأحاديث أنهم فقهاء، يفتون
بظاهر الأحاديث، وجهلهم أوصلهم إلى الغرور والتكبر والحماقة في التصرف،
وعلم الفقيه شامل لعلوم القرآن، وأحوال الأحاديث من حيث الصحة والضعف،
وشامل لفقه اللغة العربية وأحوالها، ولديه من القدرة والفطنة،
في معرفة دقائق الأمور ومقصود الكلام، فوق معرفة ظاهر الكلام.
ما المراد بقوله تعالى مدهنون ؟
الدهان هو ما بل الشيء بأرق ما يكون وكأنه غير موجود، فلا يتراكم،
ولا يسيل عن كثرة، ويصبح وجه الشيء به ناعمًا زلقًا.
والدهن يكون جامدًا كدهن سنام الإبل، ويكون سائلاً ويسمى بالزيت،
: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ {20} المؤمنون،
: { فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ {37} الرحمن،
ويُدهن بضم الدال من الفعل الرباعي أدهن، وهمزته همزة سلب،
فبدلا من أن يكون زلقًا لا تستقر عليه الأشياء، يمنع التزلق باللين والتقرب الكاذب،
: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ {9} القلم،
وكذلك "مُدهنون" جمع "مُدهن" من الفعل أدهن،
: {أفبهذا الحديث أنتم مدهون {81} الواقعة.
وفي الآية استفهام استنكاري لفعل المنافقين في الكذب، مظهرين إسلامًا
وإيمانًا خلافًا لما يبطنوه في أنفسهم، حتى لا ينبذون ويحاربون،
وقد جاء الحديث عن هؤلاء بعد الحديث على أن هذا القرآن لا يؤثر،
ولا يغير إلا في المطهرين، وهؤلاء المنافقون لا تأثير للقرآن عليهم،
المفضلات