سلسلة تواصل في تعليم العربية للناطقين بغيرها
صدر حديثا عن دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع أجزاء مهمة وقيّمة من سلسلة تواصل الخاصة بتعليم العربية للناطقين بغيرها، ألّفها د.خالد حسين أبو عمشة ، وهوعالم جليل ، وخبير متمكن في تعليم العربية للناطقين بغيرها ، قضى ردحا طويلا من حياته يفكّر في تطوير هذا المجال حتى أضحى لامعا ومرجعا فيه لا يستغني عنه كل مستزيد ، والكتاب يشكّل الجزء الأول من مستويات السلسلة التي يعزم المؤلف على الانتهاء منها ، وتقدميها لمتعلمي ومعلّمي العربية للناطقين بغيرها ، ويختص الكتابان الصادران بالمستويين المبتدئ الأدنى والأعلى ، فيوصلان بمجموعهما الطالب إلى المستوى المتوسط الأدنى ، وهما :
1- كتاب الحروف العربية وأصواتها ، ويقع في 312 صفحة ، ويختص بالمستوى المبتدئ الأدني وإيصاله إلى الأعلى .
2- المستوى المبتدئ ، وهو مكمل لسابقه ، إذ يهدف إلى إيصال المتعلم من المستوى المبتدئ الأعلى إلى المتوسط الأدنى ، ويقع في 208 صفحات .
سأخصص مقالي اليوم للحديث عن الكتاب الأول ( الحروف العربية وأصواتها ) ، الذي اتخذ المؤلف فيه من معيار المجلس الأمريكي لتعليم اللغات ( ACTFL ) أساسا في تأليفه ، وتقديمه للمتعلمين ، هذا المعيار الذي يقسم كل مستوى إلى 3 مستويات أدني فمتوسط فأعلى ، ويحدد احتياجات الطلاب في كل مستوى .
هدف المؤلف في كتابه إلى الانتقال بالطالب من المستوى المبتدئ الأدنى إلى المبتدئ الأعلى ، ومزج فيه بين تخصصه الدقيق في هذا الموضوع ، أعني تعليم العربية لناطقين بغيرها ، وبين خبرته العملية في هذا الميدان ، ليخرج الكتاب مستويا على سوقه في المجالين النظري والعملي التطبيقي ، وكان قد سبق تأليفه مراجعة لسلاسل تعليم العربية للناطقين بغيرها الخاصة بهذا المستوى ، ليتلافى ما وقعت فيه من أخطاء ، وليقدم الجديد المفيد للطلاب ، وقد تحقق له ذلك ، وبخاصة حين اعتمد على تفعيل الجانب التواصلي في الكتاب ، فقدم الحروف والأصوات وقواعد العربية الأساسية ممزوجة بالجانب التواصلي ، رغبة منه في كسر التقليد في العملية التعليمية ، إذ يقضي المدرس عادة وقتا في تعليم الحروف والمفردات بعيدة عن سياق تواصلي يفيد الطلاب في حياتهم اليومية ، أويشعرهم بثقة لغوية أو كسر لحاجز التواصل اللغوي ، باختصار حرص الكتاب منذ البدء على إزالة المعوقات التواصلية ليبدأ الطالب في التعرف إلى اللغة الاجتماعية ، ولغة السلوك الجمعي العربي على اختلاف مشاربه ومواقعه ، فقدم دروسا قصيرة عن التحايا ، والسكن ، والتعارف ، والسوق ، والسؤال عن الأماكن ، والدعوات القصيرة ، والتكسي ، وهي المعايير التي اشترطها المعيار الأمريكي للغات ، وتشكل نواة تواصلية أساسية في ذهن الطالب ، وبناء الكفاية التواصلية للطلاب هو أكثر ما يميز الكتاب عن غيره من كتب تعليم العربية للناطقين بغيرها المختصة بالمستوى الأول الخاص بالحروف والقواعد الأساسية ، وقد يسأل أحد : كيف يمكن للطالب بناء كفاءة تواصلية عبر الحوار والجمل وهو لم يتقن حروف العربية ؟ فيكون الجواب : لقد أثبت الواقع العملي أن الطالب يمكنه تقليد مجتمعه ومدرسه بصورة آلية ، فيحفظ المفردات والجمل حفظا ثم يرددها ، وثبت أن الطالب حين يفعل ذلك يخزنها في ذهنه ويصعب عليه نسيانها ، فالأمر إذن يمكن تجربته في الواقع العملي .
وحوى الكتاب مهارات اللغة القراء والكتابة والاستماع والمحادثة ، واعتمد على الألفاظ المحسوسة في تقديم الحروف والمفردات والجمل القصيرة والقواعد الأساسية ، واستعان بالتعبير المصور ، وقدّم تدريبات متنوعة تهدف إلى تثبيت المعلومة في ذهن الطالب ثم ممارستها على أرض اللغة في الواقع العملي ، وجاء اللاحق في كتابه معتمدا على السابق . باختصار حوى الكتاب التقنيات والمضامين والأساليب الكافية لتحقيق ما يحتاجه الطالب في هذه المرحلة من تعليمه ، وما أجمع عليه علماء اللغة في معياييرهم التي وضعوها للغات . بوركت اليد التي ألفته ، ونتطلع إلى مؤلفات أخرى تفيد العربية وأهلها ومتعليميها ، وإلى مقال آخر إن شاء الله .
بقلم الدكتور رائد عبد الرحيم