تعليم العربية للناطقين بغيرها من خلال الأفلام

اكتسب تعليم اللغات الأجنبية زخمًا جديدًا بُعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وخاصة على صعيد اللغة العربية، حيث تشير الإحصاءات إلى ازدياد الأعداد بالآلالف في الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص، فما بالك بها في باقي أجزاء المعمورة.

وقد رافق هذه النهضة تطور بارز وجلي في طرائق تعليم اللغة العربية وأساليب تدريسها، ومناهج تعليمها. وقد تمّ توظيف مضامين مختلفة ومحتويات متعددة تسعى جميعها إلى إكساب الطالب الكفاءة اللغوية والمهارة على استخدام العربية في سياقاتها الطبيعية، فتمّ إدراج العامية أولاً ومن ثمّ كل ما يمكن أن يمس حياة العربية من أفلامٍ وأغانٍ، وعبارات، ومجاملات، وقصص، وأدبٍ ونصوص؛ لأنها جميعًا تشكل الثقافة الجمعية للإنسان العربي، ولا ريب في أنها تسهم في تنمية الكفاءة الشفوية التي يسعى الدارس إلى تحقيقها.

ومن مميزات اتباع هذا النمط، وإدخال هذا المحتوى أنّه يعلّم اللغة العربية على أنها كائن حي واقعي تفاعلي كسائر اللغات الأجنبية الأخرى التي يتعلمها الناس، وهي ذات الطريقة التي يتعلم الأطفال بها لغتهم الأم، فعندما تشاهد الفيلم فإنك تقوم بدمج عقلك مع الشخصيات التي تشاهدها والواقع الذي تراقبه، وهذه الطريقة هي الأصل في تعلم أي لغة جديدة. بالإضافة إلى تنمية الذخيرة المفرداتية والمعجمية حيث تتعلم الكلمات والمفردات في سياق اجتماعي يومي حياتي ثقاقي أصيل، في حوار ونقاش، في مشهد تمثيلي؛ لذلك فسوف تتعلم كيف تستخدم الكلمة قبل أن تحفظ معناها، كما أنّ هذه الكلمات والعبارات التي تتعلمها وتسمعها ترتبط في علقك بصور ومشاهد، ولهذا فإنه من السهل حفظ الكلمات الجديدة التي سوف تتعلمها عن طريق الأفلام؛ لأن كل كلمة أو عبارة ستكون مرتبطة بمشهد في عقلك. وأخيرًا وليس آخرًا، فإنّ التعلّم هنا يتسم بالمتعة بعيدًا عن الملل المألوف في تعلم اللغات الأجنبية وما تضفيه القواعد وبعض الموضوعات من جفاء وملل، فهي إذن طريقة ممتعة، فهناك قصة وحبكة تجذبك لإكمال الفيلم، فأنت تتعلم وفي نفس الوقت تستمتع بهذا العمل الفني، وبالتالي ستقضي ساعات أكثر تتعلم وتشاهد.

ومما تنماز به هذه الأفلام على اختلافها أنّ لغتها مناسبة لكل المستويات المختلفة، فلغة الأفلام تناسب الوظائف اللغوية المتعددة عبر المستويات من المبتدئ إلى المتميز، فضلًا عن تنوع موضوعاتها، فهي غنية وتغطي جل ما يخطر على بالك من موضوعات دينية واجتماعية وثقافية وسياسية وفكرية واقتصادية إلخ.

والواضح لدينا أنّ مضمار تعليم العربية للناطقين بغيرها لا يزال تعوزه وتنقصه مثل هذه الدراسات الجادة الحديثة، فهذه دعوة مني إلى الخروج من صناديق التفكير القديمة والشروع في كتابة رسائل وأطاريح تعمل فعلًا على تطوير مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها.

ويمكن تلخيص مميزات توظيف الأفلام في تعليم العربية في:

- تخلق الأفلام الدافعية لدى الدارسين.

- تضفي المتعة على عملية التعلّم، وتدخل الفرح والسرور إلى قلوب الدارسين.

- توفر الأفلام لغة أصيلة حقيقة ليست مفبركة، وضعت بالأساس لأبناء اللغة.

- توفر الأفلام تنوعًا كبيرًا في الموضوعات.

- توفر الأفلام سياقات حقيقية وطبيعية لتعلّم المفردات والتراكيب والقضايا الثقافية.

- تتسم بالمرونة والسهولة في الاختيار والاستخدام.

- متوافرة بأشكال مختلفة وأحجام متنوعة، ولهجات متعددة.