تدريس مهارات العربيّة وفق مبدأ المهام أو الوظائف اللغوية

يعدّ تدريس اللغة وفق مبدأ المهام أو الوظائف اللغوية أحد الاتجاهات الحديثة ذات الصيت والقبول الشديدين في تعليم اللغات الأجنبيّة بشكل عام، والعربية بشكل خاص. ويندرج بطبيعة الحال تحت باب التعليم وفق المضمون، ولا يزال النقاش محتدمًا حول هذا المذهب بين منظري تدريس اللغات الأجنبية والباحثين الميدانيين، مع تزايد مطّرد في عدد الدراسات التجريبية (الإمبريقية) ولكنها للأسف في مجال اللغات الأجنبية غير العربية، وتحاول هذه الدراسة الإفادة من هذا المضمار سعيًا وراء تطبيقه في ميدان تعليم العربية للناطقين بغيرها، لما له من فوائد جمة، وإيجابيات كبرى في تحقيق الكفاءة الشفوية لدى دارسي العربية.

ويستند التعليم وفق هذه النظرية إلى قيام الدارس أو المتعلم بالمشاركة الفعّالة في عملية الاتصال والتواصل في اللغة العربية. ويعرّف التدريس وفق المهام أو الوظائف اللغوية بأنه نشاطات قائمة بذاتها كوحدات أساسيّة، تتطلب الفهم والإنتاج، والقدرة على التلاعب بالفكرة، والتفاعل معها بلغة أصيلة. حيث ينصب الاهتمام على المعنى أكثر من الاهتمام بالشكل. ويمكن القول بأن تعليم اللغات مع بدايات القرن الحادي والعشرين أضحى يركز على التدريس القائم على الوظائف أو المهام اللغوية لأهميته وانعكاساته المهمة على تصميم المناهج، والتدريس في الغرف الصفية، وتقييم الدارسين. حيث أثّر هذا المدخل التعليمي على مسار الدراسات النظرية والعملية، والسياسات اللغوية في تعليم اللغات الأجنبية في كثير من بلاد العالم لكن العالم العربي – بحسب علمي- يفتقر إلى مثل هذه الدراسات بشقيها النظري والعملي، وأحسب أنّ هذه من أوائل الدراسات العربية التي تهتم بهذا المضمار.

وعليه فإن تدريس المهام ينبغي أن يسلط الضوء على تعليم المهارات الأربعة وفق الوظائف اللغوية أو المهام من حيث أهداف الوظائف اللغوية وتعريفاها ومكوناتها ومبادئها، والمدخلات، والإجراءات وأنواعها، والمخرجات، ودور الأستاذ والدارس فيها، وسياقاتها، وانعكاساتها على تصميم المناهج، ومبادئ التدريس في الغرفة الصفية وتطبيقاتها، ودورها في عمليات التقييم.

وتكتسب هذه الدراسة أهميتها من كون التعليم وفق المهام أو الوظائف:

- يوفر للدارس الثقة في استخدام اللغة التي يعرفها بصرف النظر عن حجمها أو كميتها.

- يوفر للدارس خبرة في التفاعل الفوري للغة.

- يوفر للدارس فرصة التعرف على طرائق الآخرين في التعبير عن أنفسهم باللغة الهدف.

- يوفر للدارس فرصًا لأخذ الدور للتعبير عن أنفسهم.

- يشجع الدارسين على الانخراط في استعمال اللغة بشكل هادف وتعاوني.

- يشجع الدارس على استخدام اللغة بشكل متواصل وليس على شكل جمل متقطعة.

- يوفر للدارسين فرص استعمال إستراتيجيات الاتصال والتواصل الإنساني.

- وأخيرًا وليس آخرًا يساعد على بناء الثقة في تحقيق أهداف اتصالية وتفاعلية مع أفراد مجتمع اللغة الهدف.

وهذا جل ما تسعى إليه برامج تدريس اللغات الأجنبية ومدرسها على حدٍ سواء.