كائن تُرابي
============
دعـيـني أرُّد عـلـيـكِ السُّـؤالْ: -------- لمـاذا رحَـلـتِ؟ وقلـتي: تَعَـالْ!
تظُـنـيـنَّ أني أعـيـشُ الـنَّعـيم! -------- وقلـبي حَـزيـنٌ، وحُـزني تِـلالْ
أنا مَـن وهـبـتُـكِ كل الحُروف -------- وسـافرتُ فـيـكِ لـدنُيا الخَـيـالْ
وعـذّبـتُ رُوحي لكي تهـنـأي -------- بظـلمي وسُهدي وقهرَ الرِّجال
لمـاذا رَحـلـتُ؟ ألـم تعـلَـمـي -------- بـمـاذا يُـقـالُ، ومـا لا يُـقـالْ!
صـنعـنَـا حُـدوداً عـلى حـدِّها -------- يمُوت الكلامُ، ويحـيا الخَـبَـالْ
ونـحـنُ الـذيـنَ شـقِـيـنـا بهـا -------- ونحـنُ الـذيـنَ أرَدنـا الــنِّـزالْ
فلا تغضبي مِن مَمَـاتِ الوعود -------- ولا تغرَقي في بِحارِ الضَّـلالْ
ولا تـسـألـيـني لماذا أغـيـب -------- وأظـهـرُ في ظُـلـمـةٍ كالـهِـلالْ
إذا كان حولي عُـيُـون الزّهـور -------- فقـلـبي قُـبـورٌ لتـلك الظِّـلالْ
صحيحٌ بأنّي عـشِـقتُ الورودْ -------- ومنكِ تعلَّـمـتُ معـنى الدَّلالْ
ولاقيتُ فـيـكِ جـمالَ الربـيـعْ -------- ودفءَ الوصالِ، وعَـذبَ المـقالْ
ولكـنَّ عـقـلـي خـريفٌ كبـيرٌ -------- وحُزني شتاءٌ، وعِشقي رمالْ
أنا كـائـنٌ مِـن تُـرابِ الـوُجـود -------- يُـكـابـدُ في عــيـشِـهِ للـزَّوالْ
تُحرِّكـه نِـسـمةٌ مِـن حَـنـان -------- وتـهـزمُـهُ نـظــرةٌ مِـن كـمـالْ
فلا تطلـبـيـني بذَنبِ الحياةِ -------- ولا تظلـمـيـني بشيءٍ حَــلالْ
ولا تملـئـيـني بحُبِّ السَّراب -------- فلي رونَـقٌ يـستـلِـذُّ الـجَـلالْ
ولا تمنحـيـنـي هدير الرعودِ -------- فقلبي كطـفـلٍ رقيقِ الخصـالْ
تركتُ الغَـواني فلا تسـأليني -------- وأوقـفتُ قلـبي على الابتهـالْ
وما عُـدت أهـتَـمُّ بالـفَـاتـنات -------- ولا عادَ قلـبي يُريـدُ الجَـمَـالْ!
ولا عُـدتُ أرنو لغـيرِ المماتِ -------- وأمضي حياتي على سُوء حالْ
دعـيـنـا نَـعِـي أنَّـنـا جاحِـدان -------- صنعـنا الرَّحـيلَ على غـير بَالْ
وقـد خالجَـتـنـا ظُـنونُ الحـياة -------- وقد عـذَّبـتـنـا الليـالي الطِـوالْ
وقد عاشَرتنا – وفي عُهرها – -------- أحاديثُ مَـن أحرمُـونا الوصالْ
دعـيني فقـلبي فراغٌ عـظـيمٌ -------- به الحُزنُ يجـثـو بثُقـل الجِبالْ
تناسَـيـتُ حُـبي فكـانَ الغِياب -------- وما عُـدت أقوى على الاتصالْ
مُـحـالٌ نعـودُ إلى حـيـثُ كُـنـا -------- ونَـنسى جفـانا مُحال مُحـالْ!!
صنعاء 6 يوليو 2016م
المفضلات