مصر وقصيري النظر والبصيرة .
بداية مصر غنية عن التعريف، فتاريخها وحضارتها الممتدة عبر 10000 سنة هي من تعرفها وان كان هناك موقع للابجديات والعواطف والعقل فهو الموقع الذي يبنى عليه الفهم والثقة بان مصر وثباتها وقوتها ورصيدها عبر التاريخ اقوى من كل المحن والتدابير والمؤامرات التي تحاك ضدها ، فالوطنية المصرية بعمقها العربي الملتصقة بارض النيل السمراء هي تلك الوطنية الراسخة في عمق اجيالها تاريخها وحاضرها ومستقبلها ، تلك المكونات "" المكون الوطني "" قيادة وشعبا ترسم خطوط الوعي امام حملات التشويش والاستهداف والتشكيك في مواقفها الوطنية والقومية والتشكيك في قيادتها واكاديمييها ومثقفيها ومن محاولات اختراق للجبهة الداخلية للتاثير على حالة الشعب السيكولوجية لافتعال الازمات الداخلية والتشكييك في مواقفها القومية تجاه الازمات التي تتعرض لها المنطقة العربية على كامل حدودها والتي تمس امنها القومي والوطني ومن اهمها القضية الفلسطينية وازمة قطاع غزة الذي يقطنه 2 مليون فلسطيني وما تتعرض لها حدودها الشمالية مع القطاع من مخاطر يقودها الارهاب واسرائيل ايضا باعتبار مصر هي محل استهداف استراتيجي من قبل اسرائيل وهو المنطق الذي قاد بعض قادة اسرائيل ليعبروا عن انزعاجهم من تنامي قوة وقدرات الجيش المصري .
المشككون هم هؤلاء الذين يعملون في الداخل والخارج لتعطيل خطط التنمية الاستراتيجية التي تأخذ مصر الى بر الامان والتي بالطبع بالمنظور الاقتصادي قد يرافقها بعض الازمات المرحلية فمعركة التحول ليست بسهله والتنمية لا تقدم على صنية من ذهب او فضة بل هناك معوقات اقليمية ودولية يجب تجاوزها ومواجهتها بذكاء وقوة وارادة وحنكة ايضا .
مصر التي تحمل همومها وهموم القضية الفلسطينية وهموم الدولة الوطنية في الجغرافيا العربية بعد تعرضها لمؤامرة كبرى بما يسمى الربيع العربي في عام 2011 هي من دفعها للاهتمام بالحالة الوطنية الفلسطينية ووضع المبادرات ومن خلال اللقاءات والحوار مع كل فصائل العمل الوطني بهدف تصليب الحركة الوطنية الفلسطينية والسعي لوحدتها وباعتبار ان الحالىة الوطنية الفلسطينية وازماتها وتفككها يؤثر على الامن القومي المصري فغزة ايضا ما زالت تؤرق القيادة المصرية ببعدها الانساني والوطني والقومي .
ليس غريبا ان تتفاعل مؤسسات مصرية ومراكز دراسات مع الواقع الفلسطيني وانقساماته بدء من فتح وما يليها من فصائل ولذلك اتت دعوة المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط لعقد مؤتمر اشيع اسمه في الاعلام "" مؤتمر عين السخنة " وتحت عنوان "" مصر والقضية الفلسطينية "" وكما قال القائد الفتحاوي ان ما كتب عن هذا المؤتمر العلمي البحثي اكثر بكثير عن ما كتب عن اوسلو هجاءا وانتقادا وهجوما من القيادة الرسمية للسلطة ولفتح وتشكيكا في نوايا مصر ، مما دفع الدكتور احمد يوسف وهو مدير معهد البحوث والدراسات العربية للتربية والثقافة والعلوم وهو احد المحاضرين بجانب نخبة من اكاديميي ومثقفي مصر الاختصاصيين لكتابة مقالة نقدية تحت عنوان """ فيلم الوهم " انتقد بشكل لاذع المتحدثين باسم السلطة وفتح وكتابها لما شنوه من هجوم عنيف على المؤتمر الى ان وصل الحال بموقف فتح الرسمية بان المؤتمر تجاوز للشرعية الفلسطينية مستغربا حالة عدم الفهم ومتناسين ان فلسطين قضية مصر والعرب المركزية .
هذا المؤتمر التي كانت مخرجاته تركيزا على الوحدة الوطنية ودعمها وحل ازمة معبر رفح والتاكيد على الشرعيات الفلسطينية ، بل عمل الاخوة في مصر بوضع معالجات مهنية علمية بعيدا عن المشاحنات ولم يسمح اي تناول في داخل المؤتمر للمس بالشرعيات ، وهاهي مصر تبدأ بتنفيذ تخفيف الحصار عن قطاع غزة تدريجيا ومن خلال عدة خطوات ومراحل وهو احدى مخرجات المؤتمر .
ويبدوان السلطة ودوائر الرئيس عباس قد تعتبر اي نقاش للقضية الفلسطينية في كتب التعليم والجامعات والكليات هو اعتداء على شرعيتها ...!!!! وربما ايضا ان تعتبر السلطة وقيادة فتح الرسمية اي نقاش لاي مؤسسات علمية اكاديمية حول القضية الفلسطينية يجب ان يمر من خلالها ومن شرعيتها وباذن منها ...!!! انها ازمة النرجسيات والضعف والاهتزاز ويبدو انها ثقافة مصدرة من الاحتلال فهم يريدون ان يتعامل البعض معهم مثلما يعاملهم الاحتلال باخذ تصاريح تحرك من هذا المكان لاخر او قيود على الاقوال والتصريحات والمواقف السياسية .
الغريب في الامر ايضا ان ردة الفعل للسلطة وكتابها اعتبروا ان الخطوات التدريجية لتخفيف الحصار عن غزة وتسهيلات لفتح معبر رفح اعتبره البعض ليس حرصا من مصر لتخفيف المعاناه عن سكان غزة بل قاموا بالتشكيك ايضا تحت تعليل ان مصر تقوم بتلك التسهيلات"" نكاية ""في السيد عباس ...فعلا شيئا غريبا تلك السلطة التي هي من المفروض ان تطرق كل السبل لفك الحصار عن غزة وتخفيف معاناتها واذ بها من الغضب والتشكيك في دور مصر وخطواتها ، انها ازمة مسؤليات ومسؤلين وازمة قيادة وعفها وتشتتها وتوهانها وبالتاكيد انها ازمة اخلاق .
نعم كان المؤتمر نموذجا علميا وموضوعيا في معالجة كافة القضايا وبقامات مصر العظيمة والمشاركين ، هي مصر بقياداتها ومثقفيها واكاديمييها وبموقفهم التاريخي تجاه اخوتهم في فلسطين ، تلك المواقف التي تتجاوز وتقفز عن كل المشككين والانتهازيين وضعفاء الالتزام والسلوك.
سميح خلف