Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
قبور حائرة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قبور حائرة

  1. #1
    أستاذ بارز
    تاريخ التسجيل
    09/08/2011
    المشاركات
    858
    معدل تقييم المستوى
    13

    افتراضي قبور حائرة

    انفلت فنجان القهوة من بين يدي كما الماء من فرجة الأصابع، فاعتبرت الأمر نذير شؤم، تناثرت شظاياه، وساح السائل الأسود فوق الأرضية المبلطة لغرفة الطعام، رفعت عيني الحزينتين إلى صورة أمي التي كانت تعد لي فطوري الساخن، فحبست دمعة كادت تنذر بهطول؛ كانت تعدني ابنها المفضل الذي سيحقق لها حلما طالما راودها وهي تتابع نجاحي الدراسي المبهر، لكنها توفيت في منتصف الطريق.
    لابد أن التحطم قد أيقظ أبي فتقلب في فراشه لاعنا هذا الابن الفاشل، أضاع عمره في الدراسة من دون طائل، وأرهقه بمصاريف زائدة هو الذي كان ينتظر مني أن أساعده، وأكون له فخر العائلة. صرت معرته، هكذا يظن، أعذره، فالسبب ليس في ولا فيه، ولكن في هذا الزمن الأغبر، ضيق فرج الحياة على أبناء الفقراء، ووسعها علي تلك الأسر المظفرة بالمال والنفوذ، وكأن الله خصهم بنعيم الدنيا دون غيرهم.
    ارتديت لباسي، قميصا مفتوح الصدر أسود، وبنطالا مكويا بعناية، أحرص على أن تكون طيته حادة كموسى، وانتعلت حذاء جلديا لمعته لأن الحذاء اللامع دليل مكانة في المجتمع، لا بأس من خداع النفس أحيانا..ولأن حبيبتي غادرتني إلى حضن زوج يمتلك رصيدا ماليا، يحرص على أن تكون أحذيته لامعة على الدوام.
    لا أعرف أين سارت بها الأيام، لا يهمني ذلك، فقد أحرقت لحظات لقاءاتنا، وجمعت رمادها في ثنية قلبي، وطمرتها بدقة حتى لا تعكر مزاجي الرائق هذا الصباح؛ سأخرج لأستمتع بأشعة الشمس الدافئة، لن أضيع وقتي في البحث عن عمل، فالتجربة علمتني أن الأبواب ستكون موصدة، ومن العيب أن أقضي وقتي الثمين في البحث تاركا متع الحياة البسيطة تهدر.
    خرجت منتشيا...مخلفا ورائي تلك الطاقة السلبية، لن أسمح لها بتجعيد فرحتي، وتجريعي سم الحزن في هذا الصباح المشرق.
    حينا العتيق يشهد حركية باكرا، أنتشي بسماع أغنية الفنانة "خربوشة" وهي تصدح بالتحدي، وترفع سقفه بعيدا بالتحريض علي القائد المتجبر؛ يأتيني صوتها من دكان السي العبدي، بقال الحي، وإمام المسجد، أرتاح له وهو ينصحني بالصبر وتكرار المحاولات، بخلاف غيره الذي يتتبع عورتي، كنت أشعر بغضب من قول الجيران: فين وصلتي؟ هم يطرحون السؤال كمن يقف إلى جانبي مساندا، لكن قراءة ما وراء الكلمات تخبر بسم ما تنظوي عليه من سخرية وحقد. فين وصلتي، لا تعني إلا أنني فشلت رغم اجتهاداتي وتفوقي في الدراسة، بخلاف أبنائهم الذين فشلوا دراسة ونجحوا في ممارسة التجارة التي ذرت عليهم أموالا محترمة من حيث الكم...
    مع المدة وانصرام الوقت، تعودت على وخز إبرهم هم الذين يستمتعون بالفضائح، ويشهرونها استمتاعا: لقد ضبطوا المغني الفلاني عاريا، لقد شوهد الزوج الفلاني يخون زوجته... هم بذلك يشغلون أنفسهم العارية من كل عمل، وفكر، ويسحبون الفشل على غيرهم؛ أليس الهجوم أفضل وسيلة للدفاع؟ بيوتهم من زجاج، ورغم ذلك يرمون الناس بالحجارة. تبا لسلوكاتهم العرجاء، محطمون هم، يعيشون في توابيت ولا يشعرون... أدركت أن خربوشة استطاعت غرس شوكة في حلق وإست القائد العيادي، تحدته، هي المرأة الرافضة للظلم، وعلمت لم يدعوني البقال بالعبدي، لقد كانت أمي تنحدر من تلك المنطقة التي أنجبت خربوشة، بل إنها من عائلتها. صرت أفخر بالمغنية والزجالة، وأشعر بالقوة كلما استمعت لروائعها.
    ما إن ابتعدت قليلا عن منزلنا حتى اعترتني رعشة برد، كان الظل يبسط سلطانه علي، ظننت في بادئ الأمر أنها سحابة صيف ستزول لأنعم بدفء الشمس من جديد، لكنها لازمتني؛ خيل إلي أنني رسول، ضحكت سرا، انتهى زمن الرسل، لا أخفيكم أنني انتفخت قليلا، ثم انكمشت، فالغرور قد يؤدي إلى الجنون. أستغفر الله، لست إلا عبدا ضالا ؛ لا مضلا. قلت في نفسي: قد يكون الظل الفسيح لطائر جارح، عظيم الجناحين، رفعت رأسي لأتأكد، خاب ظني، فلم يكن ما ينشر ظله علي إلا جسما غريبا، حرت في تحديد هويته، دققت النظر ، شعرت برعب، فانسللت إلى المقهى القريبة، كنت أرتادها قبلا، كانت غاصة بالزبائن، كل واحد قد انخرط في شغل ما: قراءة الصحف، أو متابعة المارين؛ اخترت أصدقائي الذين يقضون جل وقتهم في لعب الورق، وانغمست كليا في اللعب، إلى أن دب تيار التعب في جسمي، حينها كان الوقت ظهرا، وفي بطني فراغ، نهضت، ناسيا أمر الجسم الذي ما إن لمحني أخرج حتى تبعني كما لو كان قمرا، أينما وليت وجهك وجدته قريبا منك. سرت وسط الناس أستشعر دفأهم، إلى أن بلغت مطعما شعبيا وكنت أتقي النظر إلى الظل الملازم، دخلت إليه، وطلبت صحن"كرعين' بالحمص، أتيت عليه كاملا، ثم أتبعت الطعام بكوب شاي ساخن، حتى يذيب الذهون. ونهضت متثائبا، كانت النشرة التلفزية تظهر قبورا كثيرة دفن فيها ضحايا تعصب مقيت ضرب بمرضه أرضا مسالمة فحولها تنورا تغلي بالحقد.
    خرجت سريعا حتى لا أصاب بالدوار. في الشارع كان ما يزال متابعي موجودا، قررت لحظتها أن أراوغه بالذهاب إلى الشاطئ، لأستمتع بغروب الشمس، فلربما زوال النهار قد يؤدي إلى زوال الظل، قلت في نفسي: لأسترق النظر حتى أعرف كنه الجسم الغريب، فمعرفة الشيء تقود إلى إبعاد الخوف منه. وجدته مجوفا، كما لو كان زورقا، ثم تبين لي بعد تدقيق وتمحيص حقيقته، شعرت برعب حقيقي يحاصرني، فلم أجد سوى الدخول إلى الماء لأختفي، كنت أسير ثابت الخطو، ولم أكن أدرك أني أغرق، لكن الأمر الأكيد أن الظل الذي لازمني طيلة اليوم، لم يكن سوى قبري.
    ---


  2. #2
    أستاذ بارز
    تاريخ التسجيل
    09/08/2011
    المشاركات
    858
    معدل تقييم المستوى
    13

    افتراضي رد: قبور حائرة

    قالوا عن النص:

    هي الاحلام صديقي حين يحطمها الواقع بقسوته فنفر من ظلالنا حيث نسمة امن فنجد اننا نتأرجح بين حياة وموت .. انسيابية السرد وكما عودتنا ايها الرائع وسلاسة الصراع مع الذات للشخصية المحورية وتنامي الحدث والنهاية المفتوحة على مصراعيها جعلتنا ندق الاف الاسئلة على جرس واقعنا .. دمت مورقا بالالق ومساؤك محبة
    وائل الحوراني
    ***
    نص تميزه تبنيه السارد الشخصية،يفعل كل شيء بوعي تام حول كل صغيرة وكبيرة ترافقه في مساره الزمني.الزمن قوته تكمن في القدرة عل تجميع ازمنة متعددة بافكار مختلفة لكن ذالك في اطار الحفاض على انسجام النص.نقطة اخرى، تميزك ،على مستوى النص القصصي الطويل بمعنى عكس القصة القصة القصيرة جدا،تحتضنك الفكرة التي تشكل عنصرا مهما في عملية السرد،بمعنى تشتغل على السرد اما القصيرة تشتغل على اللغة لاتهمك الخلاصات التي غالبا ماتكون مفاجئة الى جانب انك اشتغلت هنا على جزئيات مهمة لتحول الابداع الى نقد للواقع مثلا المغني الشهير الذي استغله البعض ليخفون عقدهم ومعاناتهم اظن هنا لعبت على حكاية سعيد الصنهاجي،هنا يبقى المبدع لصيقا بهموم واقعه وبالمه ومشاكله. النص قال الكثير يلزمه قراءة كاملة لنقول ماتبقى ايها العزيز.
    سعيد فرحاوي
    ***
    سرد ممتع ، يستفز في الذهن أسئلة كثيرة ، يمرر صورا عديدة . اللغة كثيفة تحفر عميقا في الذات والمجتمع .. النص بقيم متعددة : نفسية عاطفية ، سوسيو اقتصادية ، أخلاقية ... تحياتي أستاذ عبد الرحيم . أرجو أن أكون قد وفقت في انطباعي ( فأنا لست ناقدا بكل تأكيد )
    مصطفى أعتاب
    ***
    الفعل"إنفلت"يحيل إلى السهو في لحظة عمق في الذات، في شيء ما، في موقف ما، لتكون هذه الإنفلاتة نذير شؤم من أمر ما يتم التفكير فيه.
    شؤم موت الأم التي طالما كانت القلب الكبير والحضن الدافئ الذي يحتضن آمال إبن واعد، لكن الدمع كان هو العزاء الذي تملكه اليمين.
    الأبوة كرمز للواقع البئيس شؤم ثالث يهمس في الأذن أن لا أمل في كل نجاحات الماضي الذي استبشرت له الأم كرمز للأمل.
    شؤم النظرة إلى تلك الطبقة الميسورة التي تعيش حياة الغنى خارج حسابات طعم الحياة المر.
    التفاؤل يأتي مسربلا بخداع النفس، وإجبارها على التغريد خارج سرب السواد القاتل بلباس ترتضيه النفس كاستراحة محارب ليس إلا...ضدا على الواقع وآلامه...موت الأم وموت الحبيبة في الوجدان... (خرجت...مخلفا ورائي تلك الطاقة السلبية...)
    حينا العتيقâ†گسماع أغنية الفنانة"خربوشة"â†گالتحريض على القائد العبديâ†گأنتشيâ†گأرتاح
    هكذا تصنع الذات الإنسانية توازنها للإنبعاث من رمادها للإنفلات من قبضة لسان وأنياب ومخالب مجتمع لا يرحم(أليس الهجوم خير وسيلة للدفاع؟)
    وتلك سنة الحياة الخير والشر يطاردان بعضعها في هذا النص القصصي المبدع لسيدي عبد الرحيم التدلاوي.......أرجو قبول انطباعي
    عبدالحق الناصري
    ***
    هيمنة ضمير المتكلم يقرب هذه القصة من الشعرحيث يبرز صوت الأنا. و لم تكتف القصة بسرد مشاكل يومية بطريقة انعكاسية, بل إن السارد يحلم و يتأمل و يتساءل. يحضر التاريخي / مرحلة الاستعمار, و الاجتماعي / الحياة الأسرية , العطالة ,المعايير السائدة ... و النفسي/ الرجاء , الخوف ... و الفني / خربوشة... من خلال " القصصي". تفتح القصة المجال ل " الثقافي" في كل أبعاده. و من خلال هذه الأبعاد تعيش الشخصية حياتها و مآزقها. قصة رائعة و مكتنزة تجدب إليها القارئ جدبا ,ولا يشعر إلا وقد فاجأته نقط النهاية.
    مصطفى بحبح
    ***
    حرفك جميل أيها المبدع المتمرس ،مترجم لأحاسيس دفينة صادقة ،لا يكف يئن أنينا حقيقيا ،ويصور مأساة إنسانية موجعة حد النزف، مؤثر بتصويره لمواقف معتمةمؤلمة، آسر بتجسيده للحياة الإجتماعية الواقعية والتاريخية والفنية والثقافية المغربية القحة بصدق وأمانة ، مذهل بدفعه للقاريء إلى التعاطف والتآزر والتلاحم ،وشد الإنتباه دون ضجر أو رتابة ،حيث يكاد بمحض إرادته أن يجري وراء الكلمات بشغف كبير لاهثا للحاق بالخاتمة ،لعله ينشرح بانفراج أزمة البطل فيستريح بدوره نفسيا، وينسى عتمة الخيبات المسيطرة على السرد، نعم إنه حرف سخي بإهداء تكثيف محبب للأحداث المتلاحقة بانسيابية متدفقة كشلال هادر ،لكن بكلم سهل ممتنع وبتراكيب متماسكة كالبنيان الرصين الشاهق المنكهة بجملة من الدارجة اليومية البهية الطلعة ، وبتيمة أفكار جريئة جديدة تمتطي صورا بليغة، تشخص بكرم حاتمي مجموعة أوجاع وانكسارات وخيبات بدقة لا متناهية .
    أما العنوان قبور حائرة فمناسب جدا منتقى بحذق كبير وذكاء ثاقب ،عبارة عن شرفة رحبة تطل على النص من كل جوانبه وزواياه ،لا تفوت ولا تغفل تفصيلا ككاميرا ثلاتية الابعاد أو كعين ثالثة،عتبة ميسرة لولوج النص ،تهييء نفسية المتلقي لاستقبال الأحداث، وتخبر بقتامة ورتابة الأيام، واحتضان بطل تقف نفسه على أعتاب اليأس، والإحباط والقنوط والغبن القاتل والخيبات المتتالية، لكونه يعيش
    تمزقا روحيا صارخا ،و يلتمس ألف مخرج في زمن ملغوم حربائي لا يرحم.
    منذ الجملة الأولى غصت بالمتلقي إلى كنه أعماق المجتمع وخبايا نواقصه ،منتقدا بإيماء مضمر أفكارا آن الاوان أن تصحح كالتطير والنفور لألوان قاتمة اوشظايا كأس،موظفا لذلك سخرية سوداء لاذعة بغية التصحيح والإصلاح، فوضعت الاصبع على موضع موجع لعدة أسر انكسرت آمالها وخابت بخيبة ابنائها المثابرين ذوي شواهد عليا في الانخراط في مسيرة العمل ،حيث يظلون حملا ثقيلا عوض أن يخففوه. فيموت آباؤهم بحسرتهم، ومن بقي يلعن حظهم ويتأفف لاموال حسبوها ستثمر و تستثمر.فيصبح الابناء لقمة سائغة لنميمة الجيران االلائكين بخيبات من حسدوهم سابقا والمستلذين بفشل الغير وفشلهم موحل حتى الركب .
    فهذا البطل أحدهم شاخت الدنيا في عينيه تبخرت آماله وما عادت تزهر ،حاصره ركام الشتات والحيرة ،هوت روحه كالنجم، وتعفنت بالصمت القاتل ،صار يبكي بدون دموع، ويعد الغصص ،روحه مبعثرة، وذاكرته لا تكف تولول قنوطا ويأسا إلا من الإنتشاء بسماع خربوشة ومواويلها المتمردة الصادحة بالتحدي والمجابهة ،إذن لا سبيل لتضميد جراحه إلابتلميع حذائه لعله يضمن شكلا محترما مزيفا ،واتخاد المقهى ملاذه الرسمي لقتل الوقت بلعب الورق كما حال المتقاعد الذي صودرت أحلامه ، وصار شبيها بشجرة صفعتها رياح الخريف وبدون رحمة أقلعت لحاءها .
    كيف لا تضيق عليه الأرض برحابتها ولا تضايقه السماء ،و لاتحجب عنه اشعة الشمس؟! كل أسباب الحياة وما يحفز تلاشى ،تمزقت صلاته بالناس ،تمدد الالم بصدأ القلب بألف شرخ وشرخ ، لا من ينتشله من رحم الاحزان ،و لا قلب يترفق به حتى انثاه فرت لفقره وتنكرت، بعد أن عصفت به الخيبات. لذاطفح به الكيل وأظلم الكون، لم يعد يحتمل احتارت به كل السبل ،فبوعي وقرار فر من ظله، من الناس، من شعت المصير ،لما تصبح الحياة مستحيلةو فقدت كل معنىواقفرت من الاحساس الدافىء ، لعل السكينة بالقبر تملي نفسه أخيرا ،وثثلج صدره المثخن بالجراح والانكسارات.
    لحنكة من المبدع ترك الباب مفتوحا للقاريء ليشاركه الحل الناجع ويقرأ الخاتمة حسب فهمه وما ارتضاه .
    تفوقت ايها الكاتب كما عودتنا دوما خاصة وأنت المتمرس بالحرف العربي الجميل، المسطر لهموم الانسان المستضعف ،الحائر أمام تسلط ظروف قاهرة لا تبلى
    مجيدة السباعي


  3. #3
    كاتب
    تاريخ التسجيل
    10/06/2010
    المشاركات
    173
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: قبور حائرة

    محاولة لقراءة نص قبور حائرة وإضاءته ضمن حدوده أي نقطة البداية والنهاية : العنوان يعد أحد أهم العناصر التي تشكل دلالة القصة القصيرة ، بعضها يأتي من كلمة وبعضها الآخر من كلمتين أو ثلاث ، وقد يختزل فيه الأديب قراءة لنصه ، وقد يكون هوية له أو مفتاح من مفاتيحه ، وأتى العنوان هنا جملة اسمية من كلمتين (قبور حائرة ) أتت كلمت قبور مبتدأ والمبتدأ بداية كل كلام والقبور نهاية كل حي حاول الكاتب أن يصدم وعي المتلقي بهاتين الكلمتين ، فكيف تكون القبور حائرة ؟ ولم هي حائرة ؟ وهو بذلك يحفز القارئ للولوج إلى فضاء النص لمعرفة المزيد ،
    استهل الكاتب القصة بقوله: (انفلت فنجان القهوة من بين يدي كما الماء من فرجة الأصابع) تعريف و معنى انفلات كما في معجم المعاني الجامع :
    انفلات : (اسم)
    انفلات : مصدر اِنفَلَتَ
    انفَلَتَ : (فعل)
    انفلتَ / انفلتَ من ينفلت ، انفلاتًا ، فهو مُنفلِت ، والمفعول مُنفلَت منه
    انفَلَتَ السَّجِينُ مِنْ يَدِ حُرَّاسِهِ : تَخَلَّصَ ، هَرَبَ
    انْفَلَتَ مِنَ العِقابِ : نَجا
    يَنْفَلِتُ الغازُ مِنَ القِنِّينَةِ : يَتَسَرَّبُ
    انفلت الحبلُ من يده : انطلق
    انفلات الأيام وتسربها من بين يديه ، فكلها سوداء كلون هذه القهوة ومرة كمرارة الحياة ،تطير البطل بهذه الحادثة التي رآها نذير شؤم بمعانٍ تقطرُ موتاً ، اتضح فيها قلة حظه في تحويل الأحلام الى واقع، وضياع الفرص لا لشيء ، إلا إن الظروف المحيطة ترغمه دوما على ذلك.
    القصة بدأت بالخوف وانتهت به ، فخوف البطل من مجابهة الواقع متمثلاً في والده فيما انتهي اليه أمره من فشل في الوظيفة بعد عناء الدراسة التي كانت حلم الأم ، لكنه يلقي باللوم على الظروف الخارجية التي لم تسعفه في نيل ما يصبو إليه ، فشل أسري ، فشل في الوظيفة ، فشل عاطفي ، ويستسلم في آخر المطاف للفشل وضيق الحيلة ، ويسلم نفسه لليأس ، ويحضرني قصيدة عنوانها : حلم المساء للشاعر رفعت زيتون ، قصيدة تداوي حالات اليأس و الإكتئاب والتمرد على الواقع ، يقول مطلعها :
    قال لي حلم المساء
    الصمت ثغر أخرس
    كالحرف في لغة القبور
    فلا تمت من قبل موتك
    قم إلى الشطر الفسيح
    فإنه لك منذ أن ولد الضياء
    وخذ لنفسك ما تريد
    الكاتب يضمر في ثنايا النص قضية أرقت العالم وما زالت : (كانت النشرة التلفزية تظهر قبورا كثيرة دفن فيها ضحايا تعصب مقيت ضرب بمرضه أرضا مسالمة فحولها تنورا تغلي بالحقد) ، وهو كما سيفصح النص سيكون أحد ضحايا هذا التعصب (الارهاب ) : (لكن الأمر الأكيد أن الظل الذي لازمني طيلة اليوم، لم يكن سوى قبري)
    يقدم لنا الكاتب قصته في قالب مونولوجي درامي ، يستند على بوح الذات بآلامها وأحلامها ، والمناطق المظلمة في الذات التي يكون أسلوب المونولوج هو من الأساليب التي تكشف تلك المناطق وتعري تلك الشخصية للمتلقي .
    لغة النص تراوحت بين الفصحى والدارجة ، زاوج بينهما الكاتب كأن هناك كاميرا ترصد وتقتنص تلك اللحظات ، فتوظيف اللغة الدارجة في بعض النصوص يمنحها الحيوية والمشهدية .
    دام إبداعك أستاذ عبد الرجيم التدلاوي .

    [imgl]wata.cc/forums/signaturepics/sigpic35157_4.gif[/imgl][imgr]nts and Settings\winxp\My Documents\My Pictures[/imgr]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •