التعريب هدف قومي

ماهر محمدى يس


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

التعريب هدف قومي

ماهر محمدى يس


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قضية التعريب قضية هامة لأمة عربية واحدة ، فاللغة العربية هي لغتنا الأم التي يتفاهم بها الجميع ، وتجعل من السهل التواصل بين جميع أفراد المجتمع ، واللغة هي عماد حياتنا ، وهي أحد مرتكزات وحدتنا العربية ، وتتمثل قوة أي أمة بمدى اعتزازها بلغتها ، لقد جعلها الله سبحانه وتعالى لغة كتابه المجيد "إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا" ، كما كانت لغتنا العربية خير وعاء حمل كنوز تراثنا العلمي والأدبي ، ذلك التراث الذي نفخ الروح في هذه الأمة قديمًا فسادت الدنيا كلَّها بنِتاج أبنائها ومفكريها وعلمائها .

لكن للأسف نجد البعض مازال ينبهر بتعليم العلوم بلغات أجنبية متناسيين أن معظم دول العالم جعلت اللغة الوطنية هي لغة التعليم ، مثال ذلك اليابان ، والصين ، وفرنسا ، وألمانيا ، وايران وروسيا .... ، حتى إسرائيل صنيعة الاستعمار والصهيونية التي تكونت من شتات من دول العالم ، مختلفي الأجناس واللغات ، ومع ذلك أحيوا اللغة العبرية وهي لغة ميتة جعلوها لغة التعليم في العلوم والتكنولوجيا ، ولو نظرنا إلى هذه الدول كمثال نجد أن اللغة كانت سبباً في تقدمها في المجال العلمي والتكنولوجي وسبباً في وحدتها .

المهم هو العزم والتصميم على أن تكون لغتنا العربية هي الأساس في كافة معاملاتنا وخاصة في مجال الطب والعلوم والتكنولوجيا ، المهم أن نبدأ ونشجع كل محاولات التعريب ، سواء كانت مؤسسية أو فردية وسيكون الحصاد في مصلحة هذه الأمة العظيمة .

ويجب أن نستمر في هذا الهدف ، فمثلا قبل أن أبدأ في إصدار سلسلة كتب الأشعة والتصوير الطبي ، كان هدفي الأساسي إعداد مذكرة تقع في إثنى عشرة صفحة لإعطاء فكرة مبسطة عن تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي MRI الجديدة في ذلك الوقت، وكان عدد العاملين في هذا المجال يعد على أصابع اليد الواحدة علاوة على عدم وجود مراجع باللغة العربية ، وكانت المراجع الأجنبية قليلة وغير متوفرة وفي نفس الوقت غالية الثمن .

لم يخطر على بالي قط عند إعداد هذه المذكرة أن تصبح هذه الفكرة حقيقة واقعة لسلسلة تشمل جميع فروع الأشعة والتصوير الطبي ، لقد كان كل هدفي إعداد مذكرة بسيطة للزملاء ، ولكن بحماس زملائي وأساتذتي ومساعدتهم لي والعمل كفريق واحد ، ومساعدة منظمة الصحة العالمية – إقليم شرق المتوسط ، وبعد أن طرقت الباب وجدت مادة علمية هائلة ، حرام أن تُحجم ولا تظهر للمستفيدين ، ولذلك قررت تعريبها وإصدارها في كتاب وكانت التجربة الأولى إصدار كتاب التصوير بالرنين المغناطيسيMRI ، ولم أتوقع رد الفعل المشجع مما حفزني على إصدار الكتاب الثاني عن التصوير المقطعي بالكمبيوتر CT ، وقد راعيت في هذين الكتابين الحفاظ على المصطلح الطبي باللغة الإنجليزية لتكون الفائدة مزدوجة وهذا ما كنت حريص عليه في بقية السلسلة حتى اكتملت مع معجم المصطلحات الطبية.
والحمد لله والشكر لله بعد اكتمال السلسلة ، ليمر عليها أكثر من 15 عاما وقد سدت فراغا في المكتبة العربية للعاملين في هذا المجال لتكتمل وتشمل :
- التصوير المقطعي بالكمبيوتر
- التصوير بالرنين المغناطيسي
- تكنولوجيا وأوضاع التصوير والتشريح الإشعاعي 3) أجزاء(
علاوة على :
- معجم المصطلحات الطبية
- المعجم الكبير للمصطلحات الطبية

وكانت مرحلة تعاون ومساعدة منظمة الصحة العالمية – إقليم شرق المتوسط مفيدة جدا لي حيث وجدت هناك علماء يتشرف بهم العالم أجمع ، علماء أجلاء يشرفون عالمنا العربي بتواضعهم وعطائهم اللامحدود .
لقد كنت محظوظاً لأنني قابلت تلك الكوكبة اللامعة من خيرة أبناء وطننا العربي ، واستفدت وتعلمت منهم الكثير ، بارك الله فيهم لخير هذه الأمة وتقدمها .

ثم كانت المرحلة الهامة بالنسبة لي وهو ظهور المعجم الموحد الذي كان حلماً فأصبح حقيقة ليثبت قدرة علمائنا على الإنجاز العظيم .
هذا المعجم ساعدني وساعد كل من يعمل في مجال التعريب والترجمة وساهم في توحيد المصطلح الطبي .

وتعريب العلوم ليس غريباً علينا ، فقد بدأ تدريس الطب في مصر سنة 1827 باللغة العربية في مدرسة طب قصر العيني حتى عام 1903 م قرابة سبعين سنة ، حتى نجح المحتل البريطاني لمصر من أن يستبدله باللغة الإنجليزية لإدراكه مدى خطورة التدريس باللغة العربية على وجوده كمحتل ومعرفته بأهمية التدريس باللغة الوطنية ، وقد كتب كلوت بك وكان أول ناظر لمدرسة الطب إلى محمد علي باشا والي مصر بأهمية التدريس باللغة العربية لأن التعليم بلغة أجنبية لا نحصل فيه على الفائدة المنشودة ، ولا ينتج عنه توطين للعلم أو تعميم نفعه ، ولذلك أتقن اللغة العربية وعلم بها ، وأخلص للبلد الذي احتضنه .

وفي عام 1849 استدعى إبراهيم باشا الدكتور لاليمان ، من كلية طب مونبيلية، إلى مصر لتقييم مستوى طلاب مدرسة الطب، فامتدح في تقريره مستوى طلابها وأساتذتها ، وكان لمدرسة الطب خلال تلك الفترة انجازات مثل اكتشاف الطور المعدي من طفيل البلهارسيا عام 1851على يد "بلهارس" الذي درس اللغة العربية حتى أتقنها ، وألقى المحاضرات في مدرسة الطب بالقاهرة حتى أصبح أستاذا في علم التشريح ، كما اكتشف فيها الأستاذ كرايسنجر طفيلي الانكلستوما ، ونشرت بالإضافة إلى ذلك العديد من البحوث والنشرات العلمية والطبية.

إن تعريب الطب لا ينقص من قيمته ولكنه يرفع من شأنه ومستواه ، فمن يتعلم بلغتة من السهل عليه نقل معارفه وما تعلمه لمريض لا يعرف غير لغتة العربية ، وليس معنى ذلك أن نهمل تعلم اللغات الأجنبية ولكن نهتم بها بحيث يتقنها جميع الطلاب حتى لا تفوتهم فرصة الإطلاع على العلوم الطبية الحديثة شاملة غير منقوصة ، وكذلك تعلم الكمبيوتر لكي نعرف ونتعلم كل جديد في العالم المتقدم ونعبر عنه بلغتنا القومية ، خصوصا أن الشبكة الدولية للمعلومات "إنترنت" قادرة على تسلم المعلومات والصور من أي موقع ، وباتت في متناول الجميع وأمكن وجودها في كل مكان في جميع الأوقات ، فالانفتاح على الحضارات والثقافات والعلوم الحديثة والمتطورة بات واجباً قومياً مع الحفاظ على هويتنا .


الترجمة العلمية والطبية وسيلة لدفع قصورنا في انتاج علمي متقدم ، فهي تؤدي إلى نقـل العلوم المختلفة ومتابعة الجديد في التطورات العلمية والطبية بحيث نسايرالتقدم العلمي في العالم ، وإن كنت أتمنى أن نكون نحن صانعيه لا ناقليه ، إن امتلاك العلم يمثل قوة للمجتمع ودافعاً للتقدم .
وتعتبر الترجمة العلمية أهم أدوات نقل العلوم والتقنيات الحديثة لإحداث نهضة علمية كبرى تساير التقدم الحادث في العالم .

ويمكن لجامعتنا ومؤسساتنا العلمية أن تقوم بدور أساسي في التعريب ، وبجانب ذلك الدور يكون هناك تبادل للمعلومات ومتابعة للتقدم الهائل الحادث في العالم ونقله للمستفديين ومن يهمهم الأمر وأن يكون هناك تعاون بين جامعات وطننا العربي منعًا لبعثرة الجهود وتكرار ترجمة الكتب نفسها ، بحيث يستفيد الجميع ويصبح مجهوداً جماعياً لصالح الأمة العربية ، خصوصاً أن وسائل الإتصالات جعلت العالم قرية صغيرة .

ويمكن أن تتم عملية التعريب بطريقة منظمة ذات هدف فمثلاً يمكن لأستاذ الطب أن يكلف طلبته بترجمة مراجع طبية أجنبية عند صدورها نظير إعطائه علامات ، وبذلك يمكننا توفير كتب مترجمة حديثة في فصل دراسي واحد تقوى فيه لغة الطالب وقدرته على الترجمة وهذه التجربة مطبقة في كثير من الدول التي لا تتكلم الإنجليزية .
وفي نفس الوقت على الأستاذ الجامعي دور أساسي في متابعة هذا التطور الهائل في مجال العلوم وقيامه بترجمة بعض الكتب نظير تقدير أدبي أو مادي ، المهم يكون هذا العمل من ضمن منهج الجامعة بحيث يصبح عندنا تقدم علمي بلغتنا العربية يساير ما يحدث في العالم حتى نصل إلى هدف التفوق والريادة كما كان أسلافنا العظام . وأهم شئ هو التعاون بين المهتمين بحيث تُكمل الدول العربية بعضها البعض .
وعملية التعريب لها فائدة غير مباشرة فهي تجعلنا باستمرار على اطلاع على كل جديد في ميدان العلوم بحيث نساير التطور دون الاعتماد على منهج محدد لا نتجاوزه ، ونقف عنده .

يجب توفير المراجع الحديثة والمجلات العلمية ولا تترك على الرفوف وأن تكون ضمن منهج التعليم بالدراسة والترجمة ، كما يجب متابعة الشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت" ، ومن ناحية ثانية ترجمة النتاج العلمي لكبار علماؤنا وتحقيق التواصل العلمي فيما بينهم وبين الخارج ، وتشجيع أصحاب الخبرات العلمية بوضع خبرات السنين في كتب يستفيد منها المجتمع والشباب ، وتشجيع أصحاب المبادرات الفردية بضم إنتاجهم للإنتاج المؤسسي حتى لايكون هناك تكرار ويستفيد منه الجميع والحمد لله إن الإهتمام بالتعريب يلقى تشجيع ومساندة من قبل البرنامج العربي – منظمة الصحة العالمية ، كما يلقى أيضاً اهتماما من قبل : مجامع اللغة العربية ، مركز تعريب العلوم الصحية بالكويت ، مركز التعريب والترجمة والنشر بدمشق ، الجمعية المصرية لتعريب العلوم ، وهناك جمعيات أخرى مهتمة بالتعريب .

لذا يجب على المؤسسات المهتمة بالتعريب والترجـمة التعاون والتنسيق فيما بينهما ، ومتابعة التدفق الهائل لكل مستجدات العلوم والتقنيات في جميع التخصصات وترجمتها ونشرها وإيصالها للجامعات والمعاهد العربية حتى يصبح لدينا قاعدة معلومات علمية باللغة العربية تساعد في نهضة وتقدم عالمنا العربي الواحد ، وأتعشم أن تجد هذه القضية الاهتمام الكافي من حكومات الدول العربية .

والله ولي التوفيق .

المخلص
ماهر محمدى يس
خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
منظمة الصحة العالمية – إقليم شرق المتوسط


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي