الأوزان العشرة المعتمدة في تعليم العربية للناطقين بغيرها


الأوزان العشرة ميزانٌ لفظي اصطلح المستشرقون على اتخاذه وتبنيه بناء على مفهوم الميزان الصرفي التراثي الذي وضعه اللغويون العرب من أحرف "فعل" لوزن الكلمات العربية القابلة للتصريف.

ومعلوم أن اللغويين العرب احتاجوا إلى مقياس أو ميزان لمعرفة أبنية الكلم وأحوال تلك الأبنية، فاتخذوا معيارا لفظياً سموه "الميزان"، والتزموا فيه موافقة الموزون في هيئته من تقديم وتأخير وحركة وسكون. واختاروا اللفظ "فعل" وقابلوا أحرف الميزان بأصول الكلمة الموزونة، فالفاء يقابل أولها، والعين يقابل ثانيَها، واللام يقابل ثالثها، مع مراعاة موافقة الميزان لبنية الكلمة الموزونة من حركات وسكون وترتيب وعدد أحرف، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها: أن الفعل "فَـ ـعَـ ـلَ"؛ له دلالة عامَّة، فكل حدث يطلق عليه "فِعْل"، مثلاً: "أَكَلَ" و"شَرِبَ" فالأكل والشرب أفعال، وهكذا. هذا فضلاً عن أنّ حروف (فعل) تمثل جميع المخارج، حيث إن الفاء مخرجها الشفتين، والعين مخرجها الحلق، واللام مخرجها اللسان. فكانت هذه الأحرف ممثلة لباقي الحروف من حيث المخارج، فضلا عن أن الفعل فعلَ من أقل الأفعال شذوذاً في القواعد الصرفية.
وكان منهجهم في ذلك تقسيم الأفعال إلى فعل مجرد وفعل مزيد، وفي المزيد تحدثوا عن المزيد بحرف، والمزيد بحرفين، والمزيد بثلاثة أحرف. ولذلك قد يختلف الترتيب عند الصرفيين في الأفعال المزيدة بحرف، فقد يكون ذلك الحرف الهمزة في أول الكلمة، وقد يكون الألف ثاني حروف الكلمة وهكذا.
ومع تقدم مجال تعليم اللغات الأجنبية عموماً، وتعليم العربية للناطقين بغيرها خصوصاً، استبصر بعض المستشرقين في بدايات القرن العشرين طريقة رياضية في ترتيب الأوزان الصرفية تساعد الدارسين على تعلّم النظام الصرفي بسهولة بالغة على مستويي المبنى والمعنى، فجعلوها كلها في ستّة عشر وزناً، ووجدوا أن الستة الأخيرة منها مهملة، وهي من الرباعي ومزيد الخماسي والسداسي، وأكدوا على الأوزان العشرة الأولى، لذلك اشتهرت فيما بعد بـ"الأوزان العشرة" التي أضحت معلومة الترتيب والنظام، وبدأت تُشتهر في المدارس الاستشراقية والمؤسسات الأكاديمية التي تُعنى بتعليم العربية للناطقين بغيرها، وأضحت الآن من أبجديات التعليم المهني الراقي والمتميز. بل لا تستغرب أن تسقط منزلة الأستاذ عند الدارسين إذا اكتشفوا أنه يجهل هذا الترتيب وذلك لأهميته في معرفة الأوزان والاشتقاقات وبالتالي المعاني.
وللأوزان العشرة فوائد جمّة في تعلم العربية وتعليمها يمكنني أن أجملها فيما يلي:
1- تبين ما يطرأ على الكلمة من تغييرات.

2- تبين لنا ما يجري على الكلمة من حذف أو قلب.

3- تبين لنا ما في الكلمة من حروف أصلية أو زائدة باختصار شديد.

4- تبين لنا الحركات والسكون.

5- تبين لنا التقديم والتأخير في الحروف الأصلية والزائدة.

6- تساعد على تمييز الأفعال والتفرقة بين ما هو ثلاثي وما هو رباعي وما هو خماسي.

7- تعرفنا بالحروف: بمواضعها الأصلية والزائدة في الكلمة.

8- إفهام المتعلم التغييرات الصرفية التي طرأت على الكلمة.

9- الميزان الصرفي يعطينا فكرة عن سبب الاختلافات الصرفية.

10- يمكن القول إن الميزان الصرفي أفضل وسيلة لتنمية مفردات الدارسين اللغوية عبر توظيف إستراتيجية الاكتشاف عبر الجذر والوزن.

11- يمكّن الميزان الصرفي الدارسين من امتلاك مهارة قراءة جاهرة وصامتة قوية، دون حاجة إلى ظهور الحركات القصيرة على كلماتها.

12- يساهم الميزان الصرفي في تعزيز مهارات الكتابة والتهجئة الصحيحة عبر توظيف الأوزان ومعانيها.

13- تمكن الدارسين من إيجاد الكلمات التي يحتاجون التعبير عنها دون التعرض إليها بالضرورة وذلك عبر تطبيق مبادئ الميزان الصرفي.

14- الميزان الصرفي يعزز الثقة لدى الدارسين في عملية اكتسابهم للغة، ويدفعهم نحو الاستزادة والإقبال عليها لما يرونه من انعكاس على كفاءتهم اللغوية.

ويمكنني القول بناءً على دراسة ما زلت أجريها في معهد قاصد على مَن يدرسون وفق الميزان الصرفي القديم، والأوزان العشرة، بأن مَن يدرسون وفق منظومة الميزان الصرفي يتسمون بـ:

- نطق الأصوات بطريقة أفضل من أقرانهم.

- لديهم مقدرة أفضل على ضبط بنية المفردات ضبطاً صحيحاً.

- لديهم مقدرة على توليد الألفاظ التي يحتاجون استخدامها.

- لديهم مقدرة أفضل على اشتقاق المعاني، وتخير المعنى المناسب للمفردة في سياقها.

- لديهم فهم أعمق لما يجري على المفردات من تغييرات بنائية.

- لديهم سرعة أكبر في فهم الجملة العربية وبالتالي الفقرة أو المعنى العام للنص.

- يظهرون كفاءة لغوية عامة أحسن من غيرهم.