اللغة المرحلية أو البينيّة في تعليم العربية للناطقين بغيرها



اللغة المرحلية مصطلح لغوي ظهر مع تطوّر مجال تعلّم اللغات الأجنبية واكتسابها خصوصاً في منتصف القرن الماضي على يد أوريل وينرك في كتابه "اللغة في تواصلها"، ومن مسمياتها الأخرى اللغة البينية، أما مسماها باللغة الإنجليزية فهي Interlanguage. ويقصد بها لغة مراحل النمو اللغوي للطالب الأجنبي لدى تعمله اللغة العربية واكتسابها، وتتمثل هذه اللغة في المهارات اللغوية الإنتاجية: المحادثة والكتابة، ولهذه اللغة سمات وخصائص.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه اللغة (اللغة المرحلية) تلازم كل دارس لأي لغة أجنبية حتى يمتلك مستوى الكفاءة العالية أو يتوقف عن اكتساب اللغة وتعلمها. ويقصد بهذه اللغة كل اللغة التي ينتجها الدارس للغة الأجنبية صحيحها وخطئها. وقد مر مفهوم اللغة المرحلية بمرحليتين: الأولى كان يقصد بها ما يرتكبه متعلم اللغة الثانية أو الأجنبية من أخطاء، في حين أضحت في المرحلة الثانية: سمات وخصائص اللغة التي ينتجها المتعلم في أثناء اكتساب اللغة الثانية بصرف النظر عن مفهوم الصحة والخطأ.

ومن أهم سمات وخصائص اللغة المرحلية، أنها لغة:

- نظامية تكاد تسير وفق أنظمة وقوانين تنطبق على جميع الدارسين المتعلمين للغة ما، بحيث تجعلك تشعر بالغرابة كيف يرتكب طالبان من بلدين مختلفين، وثقافتين مختلفتين خطأ واحداً لدى اكتساب ظاهرة معينة في اللغة. ومن فائدتها توقع الأخطاء التي قد يرتبكبها متعلم اللغة وانعكاسات ذلك على المنهج وإجراءات المدرس إلخ.

- مستمرة باستمرار عملية التعلّم والاكتساب للغة. فطالما يستمر المتعلم في دراسة اللغة وممارستها تبقى اللغة المرحلية من سمات لغته وإنتاجه، ولا تتوقف إلا عندما يبلغ مكانة رفيعة وعالية في الكفاءة اللغوية أو حين يتوقف عن الطّلب أو يُصاب بما يطلق عليه التحجر اللغوي.

- النمطية في الأخطاء: تكاد تكون جميع أخطاء المتعلمين في مستوى معين نمطية، وهي تسير وفق عمليات عقلية ومعرفية وسلوكية يمكن ملاحظتها ودراستها.

- المرحلية: الأخطاء والسمات اللغوية في هذه المرحلة مرحلية، بمعنى يتم تعزيز الصحيح وامتلاكه، ويتم العدول عن غير السوي إلى الصحيح.

- التداخل: تداخل أنظمة اللغة الأم بأنظمة اللغة الهدف خصوصاً لدى نقص المعرفة اللغوية باللغة الهدف، ولعل هذا هو السبب الأساسي في ارتكاب الدارسين للغة المرحلية.

ومن أبرز مناهج دراسة اللغة المرحلية في اللسانيات التطبيقية وارتباطها بها منهج التقابل اللغوي وتحليل الأخطاء الذي يقارن بين لغتين في المستويات الأربعة: الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية، ويتبنى نتائجها في إعداد المواد التعليمية أو في تخيرها.

كما ارتبطت اللغة المرحلية بنظرية القواعد الكلية لتشومكسي منذ ستينيات القرن الماضي التي تتحدث عن الصفات والخصائص الأساسية والقواعد العامة التي تشترك فيها جل لغات العالم، وهي فطرية موجودة لدى الجميع ترافق عملية اكتساب اللغة الأولى والثانية. وتقسم القواعد إلى قسمين قواعد أساسية تشترك فيها كل اللغات، وقواعد ثانوية خاصة بكل لغة. وهذه الفكرة تساعد في تفسير الصعوبات التي يواجهها متعلمو اللغات الأجنبية، وتوقع مناطق ومجالات الأخطاء التي يمكن أن يرتكبوها، وهي بحسب قربها أو بعدها من القواعد العامة أو الثانوية. ويطلق على تلك القواعد القواعد الموسومة والقواعد غير الموسومة.

ومن النظريات التي تناولت اللغة المرحلية ودرستها نظرية المورفيم، والمورفيم هو أصغر وحدة لغوية صرفية ذات معنى أو دلالة غير قابل للتقسيم، ويتمثل في السوابق والدواخل واللواحق التصرفية. والجانب المهم هنا التركيز على الكيفية التي يكتسب بها الدارس اللغة الثانية على المستوى الصرفي المورفيمي، فأي المورفيمات أسبق من غيرها في الاكتساب، وما ملامح اللغة البينية على المستوى الصرفي المورفيمي. وتقوم النظرية المورفيمية على افتراض أن متعلمي اللغة الأجنبية أو الثانية يسيرون وفق تدرج واضح ومتشابه في اكتساب المورفيمات الصرفية.

وهناك نظريات أخرى كثيرة حاولت تفسير ووصف اللغة المرحلية يمكن لمن يرغب في دراستها والتعمق فيها مراجعتها والكتابة فيها.