هو الحب حقا

هل أحببتك حقا أم أنه كان مجرد وهم ؟
فإذن ما هي مقاييس أي حب ؟ هل هي تلك اللهفة للقائك والقرب منك ؟ هل هي تلك الرغبة في امتلاكك والهروب بك بعيدا عن كل الأعين ؟ هل هي تلك الرؤيا التي كانت تراودني كلما أخلدت للنوم فينفتح عالم الأحلام وأوغل فيه بكل كياني ؟
أسائل نفسي عند هذا الأصيل ونظراتي تتبع كل ورقة تتساقط من الشجر الجاثم من حولي وكأنه يريد أن يسبر غور هذا القلب الذي يتفاعل مع تعاقب الفصول الأربعة ويتلون بلون سمائها متى صفت أو اكفهرت ،وأرضها متى أينعت أو جفت ينابيعها .. أسائلها لم لا تجيب عن سؤالي وتأخذها سنة مع حلول كل خريف .. فتجيبني أوراق الشجر الذابلة صامتة أن هذه هي حالة الخريف .. صمته ناطق وفرحه دامع .. لكنه جدير بأن يجيب عن سؤالي ليبدد حيرتي فيحدث ذلك في نفسي فورة وفي قلبي ثورة ويشعل في كياني نارا لا تخبو جذوتها إلا حين أنطلق أعدو وكأن مردة الجن تطاردني عبر الربى والوديان لأصل أخيرا إلى الغدير الحالم هناك أسفل النهر وأستلقي على بقايا سنابل القمح المنبثة على ضفافه .. وأطلق العنان لعيني تجوب السماء وقد انتشرت سحب بيضاء ناصعة تمتزج بزرقتها التي يخترقها زوجان من الحمام متهاديين في تناسق بهي ليغيبا في الأفق ، ويبعثا في نفسي جذلا وحبورا شبقيا يحمل بقايا ذاكرتي إليك .
ألتفت عن يميني وألمح خنفساء تتلمس طريقها نحو وجهة لا تعرفها سوى غريزتها ونملة تكد بحبة قمح نحو وكرها .. فأضع أصبعي بالقرب منهما لعلي أحظى بلمسة منهما .. لكنهما تسلكان مسلكا آخر فابتسم رغما عني متسائلا :" هل صارتا أدرى بطبيعة البشر الميالة دوما للفتك والبطش ؟"
كل ما حولي ينطق حبا وتتجاوب نفسي معه وأراك منبثة في كل حركات وسكنات هذا العالم البهيج المتمايل في صفاء ، المتفاعل في عفوية وتلقائية .. فاعلم حينئذ أني أحببتك حقا وأن ما كان يملأ قلبي تجاهك لم يكن وهما أوسرابا .