(ليش راتبك مقطوع .. ليش راتبك مخسوف.؟؟!)
سؤال قد يكون من قبيل المداعبة أوالنكتة يتم تداوله وخاصة بين فئة موظفي السلطة، وقد يكون لإثارة مهزلة تصبح فيها التارجيديا عنوان لحياة أسرة وقبل الدخول في تفاصيلها المليودرامية... ليش راتبك مقطوع عنوان لأكثر من رواية وقصة وحجة ومبرر، ولتكتمل المليودراما باقتطاع 30% من مرتبات العاملين لدى السلطة في قطاع غزة فقط...!!
قد تكون الثقافة الوطنية والالتزام والمسؤليات الوطنية عاجزة متلعثمة مترددة في الإجابة على هذا السؤال... وتبقى الحقيقة أنها حياة أسر وأطفال وشيوخ ومرضى والتزامات أسرية قام بها الفاعل مساعدا عزرائيل لإنهاء وتشريد أسر وتحول في مسيرتهم الاجتماعية والعلمية والإنسانية في عملية هدم مجتمعي وبشكل غير مألوف وغير طبيعية قام بها الفاعل بدون أدنى ضمير أو حس وطني أو مسؤليات وطنية تلزمه بها مواقعه الاعتبارية تجاه شعبه...
لم نسمع أو نرى أو نقرأ أن نظام أو رئيس أو رئيس مؤسسة قام بعملية مجزرة للموظفين في الدول أو السلطات التي تحترم مواطنيها أو لديها قانون أو حتى في حالات الاحتلال كالشعب الفلسطيني الذي أصبح مذعورا ليس من سلوكيات الاحتلال واجتياحاته وعملياته بل أصبح مذعورا من فئة من السلطويين ومن بني جلدتهم تخوفا وتحسبا من قطع مصادر معيشتهم...
ليش راتبك مقطوع...؟؟!!، ليش مش قادر تسد الدكان ولا الصيدلية ولا بتاع اللحمة ولا الخضرجي ...يقول أحدهم منه لله رامي الحمد الله اقتطع من راتبي وراح الباقي في القروض البنكية ، وأخر يقول عباس رأس الهم الفلسطيني ويستهدف أهلها ولا يفرق بين هذا وذاك أو ملتزم أو غير ملتزم شرعية أو غير شرعية ..عباس يريد تحقيق حلم اسحاق رابين لغزة ويبتلعها البحر ، عباس أوفى العهد لصديقه اسحاق رابين .
قد تكون كل الحجج والمبررات لمثل تلك السلوكيات غير مقنعة وخاصة أن الراتب حق إنساني ووطني بحكم المواطنة فضلا على أن قطع الأرزاق ولا قطع الأعناق... وقد يكون القتل المعنوي أشد قهرا من القتل المادي.
لم نسمع عن أي سلطة قطعت رواتب مناهضيها أو معارضيها أو ممن خرجوا عن القانون... وهناك آليات ونصوص تحاسب وتعاقب بعيدا عن الراتب إن كان هناك ذنب... إلا في حالتنا الفلسطينية التي تدفع رواتبها من صندوق الضمان الاجتماعي للدول المانحة أي أموال ليس من خزائنهم إن كان في السابق لديهم خزائن.
قد يصاب الإنسان بالحزن بل بالقهر والشعور بالظلم من ظاهرة "دفع الثمن"التي تتبعها السلطة ويتبعها رئيسها وإن كانت تلك الظاهرة لها أصول ممن سلف ولأنها ثقافة واحدة ثقافة الإقصاء ثقافة قطع الراتب لكل من يعارض أو من يخالف أو لمجرد استقراءات أو استنتاجات أو ما يجول بداخله أو لصداقة مع شخص ماأو نسب مع عائلة ما ولي أمرها معارض، أتذكر في أوائل الثمانينات دفع الكثير من الكوادر وأسرهم ضريبة الاتهام بانشقاق وما هم بمنشقين سوى أنهم منتقدون لسلوكيات هذا القائد أو ذاك أو منتقد للمنهجية السياسية... حينها لم تكن سلطة ولا نظام أساسي يحكم ولا قانون بل مزاجيات هذا المقرب أو ذاك من ضباط أجهزة ومتنفذين حول أبو عمار والحاج مطلق أما اليوم وفي ظل قطع الرواتب بشكل جماعي وفي ظل سلطة لها قانون أساسي وواجبات والتزامات واعتراف من كثير من الدول.. هل من اللائق قطع راتب هذا الموظف أو ذاك بدون توفير أسس الدفاع عن نفسه... هو نفس السلوك القديم الجديد وكل ما في الأمر أن عمليات قطع الراتب سابقا كانت بشكل فردي أما اليوم بشكل جماعي...
ليش راتبك مقطوع...؟؟؟ وبقينا في الهوى سوى ما تبقى من الراتب للبنوك والبقالات كمان بالتقسيط
قيل متجنحين ويتبعون القيادي محمد دحلان وفي نطاق الخلاف تدفع الأسر ثمن عدم قبول الرأي الآخر وبالتالي ينسف أي اسس لمقومات سلطة لها مسؤولية وطنية ومطلوب منها توفير مظلة حماية اجتماعية... إلا إذا اعتبر المتنفذون أن من فصلوا وقطعت رواتبهم أو قلصت رواتبهم ليسوا من أب وأم فلسطينية وأجداد فلسطينيين... أي طعن في المواطنة وبدون أي وجه من أوجه القانون كنيابة وقضاء ومحامي دفاع أي نسف لجميع السلطات الثلاث وهي الفوضى والمشاع بعينه... قيل هؤلاء يعترضون على أوسلو وقيل إنهم دعاة الكفاح المسلح والبندقية والتجربة. وإذا سلمنا بمبرراتهم موظفي غزة الملتزمين بالشرعية بقيودها وأوامرها وتعليماتها . حتى في مكوثهم في منازلهم من عشر سنوات ... هل هم متجنحون أيضا ...؟؟!! أم إن القصة أكبر من ذلك قضة غزة ومصير غزة وقصة البرنامج الوطني والكونفدراليات وروابط المدن وفكيك جذور القضية الفلسطينية وأصولها الوطنية والقومية . فئات ثلاث تمثل الروح النضالية والقاعدة النضالية الصلبة المطلوب تدميرها...!! ويبدو أن التنسيق الأمني يعمل في أحشائنا وأرزاقنا منذ عقود وليس الآن فقط...؟؟!!
بعد غياب خمسة شهور عن غزة... أتى الأصحاب والاصدقاء لزيارتي الخوف الرعب يزلزل كيانياتهم وتخوفا من قطع الراتب... قلت لهم لهذه الدرجة قالوا نعم هناك كتبة التقارير ولجنة مراقبة ومتابعة المتجنحين وأتباع دحلان تعمل ليلا نهارا في مدينة الزهراء... البعض أغلق دكانه أو أغلق صفحة الفيس تخوفا من احتكاك أو سلام أو لقاء مع أحد من أتباع دحلان أو تعليق او إعجاب... إنه الرعب بعينه والخوف بعينه عندما تتحول السلطة إلى عدو وسيف على رقاب العباد... ليس هذا بهين إنه ضرب النسيج الاجتماعي والثقافة الوطنية والعلاقات الاجتماعية وبعد أكثر إنه انهيار للأسر التي قطعت رواتبها والكارثة من أية جهة إنها السلطة التي تعلن مسئوليتها عن هذا الشعب المقهور المذعور... وفي النهاية:: ليش راتبك مقطوع...؟؟!!، ليش مش قادر تعيش ....؟ الجواب : عند السيد عباس..
《سميح خلف》