الأوبلاست اليهودية الذاتية - أول جمهورية يهودية في العالم
إعلانها سبق إسرائيل وأقامها الاتحاد السوفيتي
لعل الكثيرين لا يعلمون بوجود منطقة حكم ذاتي يهودية تقع في الاتحاد الروسي،

منطقة الحكم الذاتي اليهودية (باليديشية ייִדישע אױטאָנאָמע געגנט، وبالروسية Еврейская автономная область تـُقرأ: إيفريسكايا افتونومايا أوبلاست) وهي إحدى الكيانات الإتحادية في روسيا بمستوى "منطقة إدارية" (о́бласть تـُقرأ: أوبلاست). عاصمتها هي مدينة بيروبيجان.
تحدها من الجنوب والغرب الصين الشعبية ومن الشمال - الغربي أمور أوبلاست ومن الشمال والشمال الشرقي والشرق إقليم خاباروفسك.
مساحة المنطقة حوالي 36 ألف كلم². يبلغ عدد سكانها 172,671 نسمة حسب التقدير لعام 2013.
تأسست سنة 1934 بقرار من ستالين. كان الغرض من هذا التأسيس الاعتراف بالاقلية اليهودية كمكون أساسي لروسيا الستالينة حيث كان من حق كل الإثنيات تأسيس وطن قومي.
الأوبلاست اليهودية الذاتية تتمتع بحكم ذاتي منذ الإعلان الرسمي لقيامها عام 1934م وحتى الآن، وتعد أول دولة يهودية في العالم، توافد إليها اليهود من شتى بقاع الأرض وتجمعوا فيها، وكان أعطاها السوفيت لليهود كحل قومي لمشكلتهم، فيما كان يراها اليهود محطة تمهيدية وتجريبية للانتقال إلى ما يسمونه «أرض الميعاد». وتقع منطقة الحكم الذاتي اليهودية (JAR) جنوب شرق روسيا، وتحدها الصين من الجنوب، ويبلغ عدد سكانها قرابة 190 ألف نسمة، من اليهود والمسيحيين والمسلمين من قوميات مختلفة، وتعتبر «اليديشية» لغة رسمية لها إلى جانب الروسية، وتمتد على مساحة 36300 كم متر، أي مقاربة في المساحة لمساحة فلسطين البالغة 27000 كم متر.
وتعد منطقة الحكم الذاتي اليهودية «JAR» إحدى الكيانات الاتحادية في روسيا بمستوى إقليم «أوبلاست»، إذ تضم روسيا جمهوريات «ولايات» وأقاليم «أوبلاست» ومقاطعات «كراي» ومناطق مستقلة ذاتيا ومدن اتحادية. ومن بين 47 إقليما «أوبلاست» تضمها روسيا، نجد أن الإقليم الوحيد الذي يتمتع باستقلال ذاتي هو الأوبلاست اليهودية، وعاصمتها بيروبيجان «birobidjan».

أثارت فكرة بيروبيجان منذ الإعلان الأولي عنها اهتماما واسعا لدى اليهود في العالم، سيما أنها تزامنت مع زيادة وتكثيف القمع المعادي لليهود في ألمانيا النازية، وسارعت الحكومة السوفيتية بإنشاء لجنة «komzt» لتسوية وضع العمال اليهود على الأرض عام 1924م، تلاها إنشاء هيئة حليفة لها «ozet» عام 1925م برئاسة يوري لارين على أمل حشد الدعم من المؤسسات الخيرية اليهودية في الخارج وجلب العملة الأجنبية «الصعبة» للاتحاد السوفيتي، وبدا كما لو أن مشروع منطقة حكم ذاتي يهودية أو دولة يهودية في القرم قد تصبح حقيقة واقعة – بحسب ما ورد في القاموس الموسوعي للصهيونية وإسرائيل -. فقد كانت أنظار اليهود وكثير من قياداتهم معلقة على القرم، وهو ما دعا إليه رئيس الجمعية اليهودية يوري لارين وأعرب عن أمله في استيعاب 400 ألف يهودي في مجال الزراعة هناك.
كما سبق أن أعرب أبراهام براغن عن أمله في أن تكون منطقة الحكم الذاتي اليهودية في أوكرانيا وتحديدا في شبه جزيرة القرم. – حسب القاموس الموسوعي.
ولكن سرعان ما أصبح واضحاً أنه لن يكون هنالك دولة يهودية «منطقة حكم ذاتي» في شبه جزيرة القرم، إذ أورد المصدر ذاته أن «ستالين رفض شبه جزيرة القرم، وقال إن اليهود سيكون لديهم أرض ولكنها ليست القرم، كما أن الأوكرانيين والبلاروسيين والقوميين ومناهضي السامية كانوا لا يريدون أي جزء من الحكم الذاتي اليهودي داخل أراضيهم».
ولهذا فإن كثيرا من اليهود ينفون وجود أية نوايا حسنة لدى الحكومة السوفيتية بإعطائهم إقليم بيروبيجان، ويرجعون ذلك إلى أسباب كثيرة أخرى، منها بعد بيروبيجان عن المناطق التقليدية للاستيطان اليهودي، التي تركزت في أوكرانيا وبلاروسيا، وعلى بعد 500 كم عن موسكو، وإضافة إلى كونها تقع «عمدا» في النهاية السفلى الجنوبية من روسيا، وفي منطقة حدودية غير آمنة وغير مطورة، ما جعلها غير حسنة للوافدين واستضافة اليهود فيها.
كما كان يرى اليهود أن السوفيت يرمون من خلال مشروع بيروبيجان إلى علمنة اليهود وإبعادهم عن الدين والصهيونية، وأن السياسية السوفيتية كانت ترمي لإفقار اليهود الذين عملوا سابقا في الحرب والتجارة كحرفيين أو تجار.
ويعد المنظر الأيديولوجي الرئيس والمنظم لتشكيل منطقة الحكم الذاتي اليهودية هو «P.G.Smidovich» وهو في الوقت ذاته رئيس لجنة تسوية الأراضي للعمال اليهود «Komzt».

تاريخ الاستيطان اليهودي في بيروبيجان:
في 28 مارس 1928 أعلنت رئاسة اللجنة التنفيذية المركزية للاتحاد السوفيتي منطقة بيروبيجان «منطقة قومية يهودية» مفتوحة للاستيطان، وسرعان ما وصل إليها أول المستوطنين في أبريل من العام ذاته، وتم تأسيس مزارع جماعية لليهود، وتم الاعتراف بـ «اليديشية» لغة رسمية في الإقليم، وكان سكان بيروبيجان ينالون الجنسية الروسية.
بلغ عدد المستوطنين اليهود الذين وصلوها عام 1928م، 20 ألف يهودي، واستمرت الهجرة إليها عام 1930م حيث وصلها في هذا العام 14 ألف يهودي مهاجر من خارج الاتحاد السوفيتي من دول أمريكا وأمريكا الجنوبية وأوروبا وفلسطين وغيرها. وتم في هذا العام أيضاً تأسيس أول حزب يهودي في بيروبيجان تولى يوسف ليفين أمانته.
لكن المنطقة لم تكن مخدمة في البداية ولم يكن هنالك طرق وظروف صحية جيدة، بمعنى لم تكن هنالك حياة متحضرة، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى مغادرتها عام 1932م ولم يبقَ سوى 7000 يهودي فقط.
ومن ثم أنشئت المدارس وظهرت علامات الطرق باللغتين الروسية واليديشية، وفي العام 1934م تم إنشاء مسرح الدولة اليهودية، وتأسست مكتبة إقليمية، وكانت توقعات اليهود كبيرة في تنمية بيروبيجان كمركز للاستيطان والثقافة اليهودية، إلا أن عمليات التطهير والإبادة التي وقعت ما بين 1936-1938م شكلت ضربة قاسية للتطوير، سيما التي توجهت ضد المهاجرين من الخارج بشكل خاص بحسب المصادر اليهودية.
لكن الأمر لم يبقَ على هذه الحال، إذ سرعان ما شهد الإقليم تزايداً كبيراً ومفاجئاً في عدد اليهود في الاتحاد السوفيتي بعد ضم الاتحاد دول البلطيق وأجزاء من بولندا وغيرها عام 1939-1940م، وبدأ نقل المستوطنين اليهود إلى بيروبيحان من جديد.
لكن مرة أخرى كانت نهاية هذه الهجرة سريعة بسبب الحرب السوفيتية الألمانية عام 1941م.
ما بين عامي 1946-1948م تلقت السلطات في بيروبيجان العديد من طلبات الهجرة وتدفق المستوطنون اليهود الجدد عليها، ووصل عددهم 30 ألف مستوطن بنهاية العام 1948م، ولكن بسبب أحداث الأحداث في فلسطين في تلك الفترة سعت جهات صهيونية في نهاية عام 1948 إلى محاولة إنهاء حلم إحياء إحياء بيروبيجان، ونتيجة لتلك التوجهات آنذاك اضمحلت النشاطات اليهودية في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي، وغادر معظم الكتاب اليهود المحليين وتم إغلاق المسرح اليهودي ووقف التدريس باللغة اليديشية في المدارس وتوقفت الهجرة اليهودية إلى بيروبيجان. بالتالي مرت «المستوطنة» بيروبيجان بعدة مراحل، تراوح فيها الاستيطان بين أرقام عدة، وصل ذروتها إلى 40 ألف يهودي، وكان فيها عام 1959م حوالي 14 ألف يهودي، وفي عام 1970م قرابة 11450 يهوديا، أما عام 1990 فقد هاجر معظم اليهود إلى إسرائيل ودول غربية ولم يبقَ غير 4 آلاف يهودي فقط.
لكن في يناير من العام 2010م أتى إلى بيروبيجان 600 يهودي من إسرائيل حسبما ذكر «Jurij Below» في موجزه السياسي على موقع التأريخ التحليلي، فيما يشير أحد المصادر العربية إلى أن أكثر من 150 أسرة يهودية رحلت من إسرائيل إلى هذه المقاطعة عام 2008م وهذه المعلومة لم نستطع التأكد من صحتها.
يدعي الصهاينة بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلب يهود المنطقة كل شيء عقب وفاة الرئيس بوريس يلتسين، وهدد بطردهم كما يزعمون، على الرغم من أن مدفيديف الرئيس السابق لروسيا، يتعاطى بكثير من الإيجابية والاحترام ليهود المنطقة، وتجلى ذلك بزيارته للإقليم والتي تعد أول زيارة لرئيس روسي لبيروبيجان في الثاني من شهر يوليو 2010 م.
وزار مدفيديف مركز الطائفة اليهودية «Frued»، وقبل دخوله توقف أمام نصب «كتلة» الجرانيت التي أقيمت منذ سنوات لذكرى ضحايا ما يسمى «المحرقة» ووضع الحصى في حجرها الأساسي، وهو تقليد بين اليهود لإحياء ذكرى الضحايا.
ووفق موقع «عالم يشيفا» الإخباري الروسي فقد التقى مدفيدف الحاخام الأكبر في روسيا بيريل لازار»Berel Lazar»، ورئيس اتحاد الجاليات اليهودية في روسيا الكسندر بورودا «Alexander Boroda»، وزار المعبد ومكتبة الجالية حيث قدم له الحاخام لازار دراسة نشرت حديثا حول تاريخ منطقة الحكم الذاتي، كتبها أستاذ في جامعة بارإيلان الإسرائيلية والمقيم سابقا في بيروبيجان بوريس كوتلرمان»Boris Kotlerman» .
وفي حين أثنى مدفيديف في حديثه مع الحاخام على دور الجالية اليهودية في الحياة الاجتماعية للبلاد، قال الحاخام لازار للصحفيين إن زيارة الرئيس مدفيدف للكنيس ومركز الجالية هو علامة على الثقة واحترام الجالية اليهودية، وأظهر مدفيديف احتراما آخر لليهود هناك عندما حضر حفل زفاف ثلاثة من الشباب في قصر العرس المحلي وهنأهم وشرب معهم الشامبانيا وقدم للعرائس باقات الورد، كما طلب من محافظ المقاطعة تخصيص شقق جديدة للأسر الشابة وفق ما أورد موقع صوت روسيا باللغة الروسية.
بشكل عام تعد السياسة الروسية تجاه السكان اليهود في بيروبيجان جيدة، وجرت محاولات تعزيز الهوية اليهودية في هذه المنطقة، إذ تدعم الحكومة الروسية تنمية الثقافة اليهودية رغم أن البعض يرى اقتصار هذا الدعم على الثقافة اليديشية وممارسة الشعائر الدينية.


أهم الاستثمارات اليهودية الخارجية في بيروبيجان في سنوات التأسيس الأولى:
حاول السوفيت استغلال مشروع بيروبيجان للحصول على استثمارات فيها من يهود الخارج والتأثير على الرأي العام الغربي وهو ما حدث فعلاً، إذ لاقى المشروع ترحيبا كبيرا لدى شرائح واسعة من يهود الخارج رغم معارضة البعض منهم، وسرعان ما شاركت المنظمات اليهودية في الخارج في مشروعات الاستيطان اليهودي في بيروبيجان، وبحسب موقع الصهيونية وإسرائيل «Zionism-Israel» فإن أبرز تلك المنظمات والشركات هي:
«Agro-Joint» وهي شركة زراعية يهودية أمريكية مشتركة، ساهمت بـ 25 مليون دولار لمشروعات زراعية يهودية في بيروبيجان، رغم تشكيك المصدر في وصول كامل المبلغ لليهود في بيروبيجان. و»ICA» وهي جمعية الاستيطان اليهودي. و»Ort-Farband» وهي شركة مساهمة قدمت مساهمة محدودة لتطوير ورش العمل في الإقليم. و»Icor» وهي الجمعية الأمريكية للاستيطان اليهودي داخل الاتحاد السوفيتي، وتعاونت بشكل وثيق مع الـ «Ozet».
و»Ozet» هي جمعية زراعية حليفة لهيئة «Komzt» التي أنشأتها الحكومة السوفيتية عام 1924م لتسوية أوضاع اليهود الكادحين على أرض بيروبيجان، أي توزيعهم عليها.
وساعدت «ozet» في نقل المستوطنين إلى مواقعهم الجديدة، وفي بناء المساكن والري والخدمات الطبية والثقافية والتعليم وزودت اليهود هناك بالمواشي والأدوات الزراعية، وكل ذلك بتمويل من جمعيات خيرية وتبرعات خارجية. وبحسب موقع القاموس الموسوعي «الصهيونية وإسرائيل» فقد انعقد أول اجتماع لهذه الجمعية عام 1926م، وأُحْصِيَ أكثر من 60 ألف عضو، فبعكس كثير من المنظمات السوفيتية لم يشترط في العضو أن يكون من أصول (بروليتارية) عمالية، بينما بلغت الذروة من حيث عدد الأعضاء عام 1930م حيث وصل عددهم إلى 300 ألف. وكانت أنشئت عام 1925م برئاسة يوري لارين.
محطات في تعاطى الحكومات والرؤساء الروس مع بيروبيجان:
1928م أعلنت رئاسة اللجنة التنفيذية المركزية للاتحاد السوفيتي منطقة بيروبيجان منطقة قومية يهودية، مفتوحة للاستيطان اليهودي.
1934م وبقرار من ستالين تم التأسيس الرسمي لإقليم بيروبيجان كإقليم يهودي ذي حكم ذاتي.
1934م رئيس المجلس السوفيتي الأعلى ميخائيل كالينين يرى أن بيروبيجان بعد 10 سنوات ستكون الأكثر أهمية وربما الحصن الوحيد للثقافة الوطنية الاشتراكية اليهودية، وأن تحول المنطقة إلى جمهورية ليس سوى مسألة وقت، وذلك في حفل استقبال أقامه ممثلو عمال موسكو والصحافة اليديشية.
1945م اعترف السوفيت بالوكالة اليهودية وسمحوا لها بفتح مكتب في موسكو.
1959م الرئيس نكيتا خروتشوف في تعليق له بجريدة «الفيجارو» الفرنسية في 9 أبريل، قال إن «اليهود هم المسؤولون عن فشل تجربة بيروبيجان فهم منذ أقدم الأزمنة فضلوا الحرف الفردية ولا يحبون العمل الجماعي ولا الانضباط الجماعي، كما أنهم في جميع الأوقات فضلوا أن يكونوا مشتتين وهم في الواقع فرديون».
1992م أعلنت بيروبيجان نفسها كجمهورية لليهود لكن موسكو لم تقبل نظرا لاحتجاج إسرائيل التي تذرعت بأن الاسم تم استخدامه مسبقا من قبل «معاداة السامية» زمن جمهورية فايمار، وكان ممنوعا علم الدولة للإقليم مع نجمة داود.
1994م مجلس الدوما الروسي يعلن الأراضي لليهود مرة أخرى مع حكم ذاتي أثناء تولي الرئيس بوريس يلتسن رئاسة الاتحاد الروسي.
2000 بعد وفاة يلتسن، إدعى الصهاينة بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب كل شيء من يهود بيروبيجان، كالعلم والشارة والنشيد الوطني مع أن إسرائيل هي التي رفضت إستخدام نجمة داوود للجمهورية اليهودية، ويدعون بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الذي هدد بطردهم من تلك الأرض، حسبما ذكر «Jurry Below» في موجزه السياسي على موقع التاريخ التحليلي بتاريخ 19 أغسطس 2010.
2001 أعطى مجلس الدوما الروسي من جديد اسما جديدا رسميا لها وهو «أراضي الحكم الذاتي اليهودية في روسيا»، وعلم (دولة روسيا مع نجمة داوود).
2005 بعد الضغوطات الصهيونية الإسرائيلية تم إلغاء القرار الأخير من قبل السلطات الروسية مجدداً ومنع العلم.
حاليا العلم الجديد يذكّر بعلم قوس قزح، عبارة عن مجموعة من خطوط الألوان، واسم الجمهورية هو «أراضي الحكم الذاتي اليهودية».

اللغة اليديشية:
اللغة اليديشية وبالإنجليزية «Yiddish» هي لغة يهود أوروبا ونمت خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين من لغات عدة منها الآرامية والألمانية والإيطالية والفرنسية والعبرية. يتحدثها ما يقارب 3 ملايين شخص حول العالم، أغلبهم يهود أشكناز. الاسم يديش هو يديشية لكلمة «يهودية» وقد تكون تقصير لـ«يديش-تايتش» أو ألمانية – يهودية.
كانت في البداية لهجة ألمانية خاصة باليهود في أوروبا منذ القرن العاشر الميلادي. وهي مستخدمة الآن في الولايات المتحدة، وبخاصة في نيويورك بسبب هجرة اليهود الأشكناز. 80% من كلمات اللغة ألمانية بالإضافة إلى بعض الكلمات العبرية والسلافية، وخاصة البولندية بعد هروب اليهود إلى بولندا وشرق أوروبا بسبب الحروب الصليبية. عادة ما تكتب اللغة بالحروف العبرية.
مسلمو الإقليم وحلم بناء مسجد كبير:
لا تتوفر أية إحصائيات رسمية عن تعداد المسلمين في بيروبيجان، وهم إلى اليوم يفتقدون إلى جامع كبير مركزي يجمعهم، رغم الكثير من اللقاءات والاتفاقيات التي دارت حول عزم الإدارة الدينية لمسلمي روسيا بناء مسجد كبير يسهم في توحيدهم وجمعهم.
ففي مطلع نوفمبر من العام 2009 ذكرت وكالة أنباء «تتار إنفورم» أن النائب الأول لمجلس المفتين الروس «تاجر ساماتوف « التقى حاكم الإقليم اليهودي المستقل، وصرح عن عزم المجلس إنشاء مسجد للمسلمين في بيروبيجان، في حين ذكر حاكم الإقليم أنه ينوي تطوير التقاليد الدينية في المنطقة.
وقدم وقتها النائب ساماتوف لحاكم الإقليم إماما للمسلمين المحليين عينه المجلس الروحي المركزي للمسلمين في روسيا، ويدعى تيمور مامديف.
وفي السياق ذاته كتب ميخاييل كليمينكو في موقع «olddivoh» الروسي مقالا بعنوان «المسلمون وجدوا مكانا في منطقة الحكم الذاتي اليهودية»، أوضح في مطلعه كيفية ممارسة المسلمين في بيروبيجان لتعاليم دينهم وذكر أنهم لا يعلون صوت الآذان على مكبرات الصوت، ولذا لا تسمع صوت مؤذن يؤذن من أعلى مئذنة، مشبهاً بناءهم بالمخزن أو المستودع وقال:»المجتمع المسلم في بيروبيجان سجل قبل عدة أشهر ولكن أتباع هذا الدين يعيشون في المدينة منذ وقت طويل وهم في تزايد مستمر كل عام».
وذكر كليمنكو في مقاله أن مسجدهم المكون من طابقين لا يحتوي على صالة للنساء كما هو متوقع، وذلك لصغره وعدم اتساعه للمصلين الرجال، وهو ما جعل المسلمين يخططون لبناء مسجد كبير وجميل، واختتم أن هذا الأمر بات ممكنا الآن بعدما وعدت منظمة «أهل الطريقة» الدينية أن تساعد في بناء المسجد الذي سيكون وسيلة لجمع المسلمين المحليين.
لكن ورغم كل ما قيل وتم من لقاءات رسمية لم يتم بناء المسجد، وظل المسلمون في بيروبيجان يؤدون صلاتهم في المنازل وفي مسجدهم الصغير الذي لا يتسع لجميع المصلين سيما في شهر رمضان والمناسبات الدينية الأخرى كعيدي الفطر والأضحى..
ففي عيد الفطر الماضي عام 2011 أدى المسلمون صلاة العيد في استاد ملعب «الصداقة» في بيروبيجان وهناك أقاموا احتفالا حضره محافظ الإقليم اليهودي ورئيس البلدية وعدد من المسؤولين إضافة إلى حوالي مائتين من المسلمين، وفق ما ذكرته وكالة «EAOmedia» الروسية الخاصة بأنباء الشرق الأقصى من روسيا وإقليم الحكم الذاتي اليهودي.
وفي خبرها ذكرت الوكالة أن «البلدية قدمت أكبر مبنى في المدينة وهو الصالة الرياضية «الصداقة» للمؤمنين كي يقيموا صلاتهم واحتفالهم، إذ لا يوجد لديهم مسجد كبير إلى الآن».
وبالعودة لخبر الوكالة الروسية، يرد في التفاصيل أن احتفال المسلمين بعيد الفطر في بيروبيجان بدأ مؤخراً فقط، ولكن هذه العطلة بدأت في الدخول إلى الحياة العامة للمنطقة بانتظام، في حين ذكرت صحيفة بيروبيجان ستار الصادرة باللغة الروسية عن دار نشر بيروبيجان أن الاحتفال بعيد الفطر بدأ في الآونة الأخيرة، «ربما لأن المسلمين لا يزالون يفتقرون لمبان خاصة بالمسجد، ولا بد من جمعهم عند الضرورة، لكنهم لا يشكون من ذلك، وبدلا من ذلك يشاركون في العمل الخيري ومساعدة الفقراء» على حد قول الصحيفة.
الأعياد الرسمية المذكورة والمعمول بها في الإقليم تقتصر على الأعياد اليهودية والمسيحية والوطنية الروسية، في حين لا توجد أي عطل رسمية خاصة بالمسلمين وأعيادهم ومناسباتهم الدينية.

نشاطات المسلمين وعلاقتهم مع الجهات الرسمية:

تعد جمعية «محلة – أهل الطريقة» أول جمعية للمسلمين في مركز إقليم بيروبيجان، بحسب وكالة أنباء «EAOmedia» الروسية، ويشغل الإمام والخطيب سيد رحمون رسولوف منصب مديرها العام.
تأسست الجمعية في 20 أبريل من العام 2009، مقرها بيروبيجان، وهي مسجلة رسميا لدى دائرة الضرائب الاتحادية في منطقة الحكم الذاتي اليهودية كشركة.
وفي لقاء مع وكالة أنباء «EAOmedia» تحدث السيد رسولوف عن بدايات جمعيتهم قائلا كنا ثمانية أشخاص، ذهبنا لأداء صلاة الجمعة في خاباروفسك، وسرعان ما أصبحنا خمسين شخصاً، وبدأنا أداء الفرائض في بيروبيجان، وبدأنا من غرفة للصلاة والأعمال الخيرية.
وحول الجالية المسلمة في بيروبيجان، يذكر السيد رسولوف أن المسلمين في بيروبيجان يعودون لأصول مختلفة فمنهم القرغيز، الأوزبك، والتتار، البشكير، الطاجيك وممثلين عن شعوب داغستان.
ولديهم علاقات جيدة مع الجميع، ويتبادلون الزيارات مع غيرهم من سكان المنطقة من اليهود والمسيحيين، وكأعداد مصلين يصل عددهم في أيام الجمعة إلى أكثر من 150 مصلياً فيما يصل عددهم إلى 400 في أيام المناسبات كشهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى.
اللافت هنا هو الأنشطة التي قامت وتقوم بها جمعية المحلة هذه في منطقة الحكم الذاتي اليهودية، فبحسب تصريح رسولوف لتلك الوكالة يقول بأنه «ساعد أبرشية بيروبيجان في بناء كنسية ودير في قرية «رازدولني» وأن هذا مهم جدا كي يعلم الناس كيف نحترم بعضنا بعضاً حسب قوله، إضافة إلى مساعدة الأيتام وآخرها تخصيص مبلغ مائة ألف روبل لبناء ملعب على التل، وكذا مساعدة كبار السن سواء مسلمين أو غيره، إذ لديهم صندوق مخصص لذلك رغم أنه في العموم للمسلمين».
والمستغرب في كل هذا أنهم لم يبنوا مسجداً للمسلمين إلى الآن يستطيع استيعاب أعداد المصلين المتزايدة سيما في المناسبات الدينية، وربما كان بناء مسجد للمسلمين «مشكلة» تحتاج إلى حل.
إذ رغم لقاء النائب الأول لمجلس المفتين الروس «تاجر ساماتوف « بحاكم الإقليم اليهودي المستقل وإعلانه عزم المجلس على بناء مسجد كبير للمسلمين إثر ذلك اللقاء في العام 2009، لم يتم بناء المسجد إلى الآن، وفي تصريحه لوكالة «EAOmedia» الروسية في 13 مايو الجاري، يذكر مدير جمعية المحلة السيد رسولوف أنه التقى برئيس بلدية بيروبيجان وتم التوصل إلى اتفاق لبناء جامع في بيروبيجان، وبدأ المسلمون بجمع أموال لبناء المسجد، وتم تحديد موقع البناء في وثائق رسمية، ومن جهة أخرى فقد وعد مفتي موسكو الأعلى تالزهات تالزين «Talzhat Talzin» بتقديم المساعدة في ذلك وأن مسجد بيروبيجان سيكون الأكثر جمالا في الشرق الأقصى لروسيا، وسيكلف بناؤه أربعة ملايين روبل حسب قول السيد رسولوف.
علاقة بيروبيجان وتل أبيب:
رغم استحواذ الصين على نصيب الأسد في التجارة الخارجية والاستثمارات الداخلية في بيروبيجان إلا أن لإسرائيل حصتها من العلاقات الخارجية الخاصة في التجارة والصناعة والزراعة، وغيرها. فبحسب الموقع الرسمي لحكومة الأوبلاست اليهودية على الإنترنت «www.eao.ru « زار وفد برئاسة محافظ الإقليم اليهودي ألكسندر فينيكوف «دولة إسرائيل» في نوفمبر من العام 2010، والتقى خلال زيارته بوزراء الصناعة والخدمات الصحية والشؤون الخارجية والإعلام والشتات لإسرائيل، وتمت مناقشة التعاون بين البلدين على صعيد تطوير الصناعة الزراعية والصناعة والتجارة والعلاقات الإنسانية.
ووفقا للموقع ذاته فقد شارك محافظ بيروبيجان في عمل اللجنة الروسية الإسرائيلية المشتركة حول التعاون التجاري والاقتصادي، كما تحدث في ملتقى الأعمال الثاني الإسرائيلي الروسي في تل أبيب، حيث تم تقديم المنطقة اليهودية ذاتية الحكم. في حين استقدم وزراء إسرائيليون الحاخام شاباد «Chabad Rabbi» إلى بيروبيجان لتلبية الاحتياجات الدينية. أما فيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي وكيف تنظر «إسرائيل» لمنطقة الحكم الذاتي اليهودية، قال الباحث والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور عدنان أبو عامر إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعتبر منطقة بيروبيجان منطقة حكم ذاتي يهودية، كونها إحدى المكونات الاتحادية في روسيا بمستوى منطقة إدارية، والهدف من تأسيسها الاعتراف بالأقلية اليهودية كمكون أساسي لروسيا.
وتعتبر أول أرض تجمع فيها اليهود من جميع أنحاء العالم عام 1928، أي قبل قيام إسرائيل بعشرين عاماً، ونظرا لهذه الأهمية تركز كل من وزارة الهجرة والاستيعاب والوكالة اليهودية بصورة خاصة جهودها على يهود هذه المنطقة، سواء بتهجيرهم إلى إسرائيل أو بتحسين ظروفهم المعيشية خوفا من مغادرتهم لهذه الأراضي بسبب سوء الأحوال الاقتصادية.
ويذكر السيد أبو عامر أن أغنى المؤسسات الإسرائيلية وهي مؤسسة «سوكنوت» وهي أحد فروع الوكالة اليهودية ، قامت بتوفير مساعدة سخية لليهود في بيروبيجان لتشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين المحتلة، بما في ذلك تكلفة السفر بالطائرة، نظرا لعدم مقدرة الكثيرين من اليهود الروس على توفير ثمنها، ويحتشد المئات منهم أمام أبواب الوكالة يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع.
وفي السياق ذاته يشرح الدكتور أبو عامر الرؤية الإسرائيلية لهذا الإقليم والقائمة على تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها تعزيز التواجد اليهودي في روسيا بما يحمله من زيادة التأثير السياسي والاقتصادي، والحد من تزايد المسلمين ورفع مستوى النفوذ الإسرائيلي في تلك المنطقة، علاوة على استغلال الوضع الجغرافي لبيروبيجان لترسيخ الوجود الأمني والعسكري لإسرائيل تحت يافطات إنسانية لن تثير استفزاز موسكو سياسيا حسب تعبيره، مضيفاً أن «أفيدور ليبرمان» ومنذ توليه وزارة الخارجية الإسرائيلية قبل ثلاث سنوات عمل على ترسيخ الوجود اليهودي في أراضي إقليم بيروبيجان، من خلال إنشاء قسم جديد في الوزارة باسم «أوراسيا» يضم عدة دول معظمها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً. وشكل له 17 طاقما دبلوماسيا من اليهود ذوي الأصول الروسية برئاسة «عيران عشيون» الرئيس السابق لقسم التخطيط في الوزارة، وكُلفوا بتنمية العلاقات مع تلك الدول بالتنسيق مع «أجهزة الموساد والاستخبارات العسكرية ومكتب رئيس الحكومة».