انهيار فكرة الثورة والدولة..!
ثمة ما هو مهم ان نقف بين مفترقين وازمتين ، ازمة الثورة وازمة الدولة ، وعندما نضع قدمينا في رحلة القرن العشرين وما تخللها من مفاهيم للثورة بين النظرية والتطبيق كانت الثورة ممكنة وممكن تحقيق اهدافها سواء ضد الاحتلال او ضد انظمة بالية تحكم فيها الاقطاع بكل اصنافه وخاصة الثورة الفيتنامية والثورة الجزائرية والثورات الايديولوجية في روسيا والصين وكوبا وكوريا وجنوب افريقيا واماكن اخرة من العالم .
الثورة الفلسطينية التي اتت بعد المنتصف الثاني من القرن العشرين لتأتي في نفس السياق التحرري للثورات الاخرى والتي صاغت ادبياتها على مفاهيم انسانية ووطنية في ظل مناخات دولية ومعادلات دولية كانت تسمح بان تنجز الثورة الفلسطينية بعضا من اهدافها او اهدافها كلها وخاصة انها تمتعت بوجود في ساحة مفتوحة بعد الخروج من الاردن وكان لها ذراع خارجي يحترم ويؤخذ حسابه ويسبب الذعر والتخوف لدول كثيرة من حلفاء اسرائيل ومؤيديها .
الثورة الفلسطينية التي قادتها حركة فتح وبطبيعة تكوين قيادتها الطبقي والايديولوجي المبطن والمخفي سريعا ما تهاوت تحت وطأة متغيرات اقليمية واستطيع ان اقول ان الثورة الفلسطينية سلوكا وممارسة وفكرا انتهت بمجرد الخروج من الساحة الاردنية في المنتصف الثاني لعام 1971م وتحت وطأة متغيرات اقليمية وذاتية اضفت متغيرا مستجدا على فكر الثورة وأدائها وتكوينها ومركباتها الداخلية سواء تنظيمية او عسكرية او تعبويه ،خطاب السادات أمام مجلس الشعب في افتتاح دورته في 9 نوفمبر1977، الذي قال فيه "إنني أعُلن أمامكم وأمام العالم إنني على استعداد للذهاب حتى أخر العالم من أجل تحقيق السلام.. بل إنني أُعلن أمامكم وسوف يدهشون في إسرائيل وهم يسمعون ذلك.. إنني على استعداد للذهاب إلى القدس ومخاطبة الإسرائيليين في عقر دارهم في الكنيست الذي يضم نواب شعبهم من أجل تحقيق السلام". فكان اول المصفقين له السيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، في مشهد استفز الكثيرين وحشرت الانفاس لدى الكثيرين ، ففي 1974م اعتمدت منظمة التحرير الحل المرحلي والنقاط العشر التي توصي بإقامة السلطة الوطنية على أي جزي محرر من الارض الفلسطينية بأداة الكفاح المسلح وليس التفاوض ، بالتأكيد ان زيارة السادات قد انهت مرحلة في الصراع لتفتح مرحلة اخرى وبمفاهيم اخرى للصراع والجوار بدلا من خطابات الاعلامي احمد سعيد بفناء اسرائيل ورميهم في البحر ، وكان وجود السادات في الكنيست الاسرائيلي واستقبال بيجن وديان هو اول اعتراف عربي بسيطرة اسرائيل على القدس بتاريخ في 19 نوفمبر 1977م .
في فكر الثورة كان يمكن ان تتغير الحسابات عندما قرر ابو عمار مغادرة بيروت والساحة اللبنانية كساحة اشتباك مع الاحتلال ولكن فضل ابو عمار الخروج تحت وعود فرنسية مصرية بإيجاد حل ما وهذا ما دفع ابو عمار ليقول "" انني ارى مآذن القدس في نهاية النفق ""التشكيلات بمختلف وجودها والتي اصبحت غالبيتها اجهزة بديلا عن القوات الاساسية للثورة والتجييش كانت تأخذ منظمة التحرير الى حروب ومواجهات تحريكيه وليست تحريرية ، لصناعة متغير سياسي ، ولكن ما زلنا نذكر كلمات ابو الزعيم الذي ابنه الان المدير العام للشرطة في الضفة ""....."" واصفا فيها القيادة الفلسطينية ، ولكي نضع بعض الثوابت نذكر ابو جهاد والانتفاضة الاولى والعمليات النوعية التي قام بها القطاع الغربي والتي كانت تلاقي تذمر من بعض القيادات ونستطيع القول ان ابو جهاد شعر بحجم التامر على الثورة بعد الخروج من بيروت فكانت المواجهات المباشرة والغير مباشرة مع تيار الانصهار في الخطاب الامريكي واطروحاته والذي تبلور فيما يسمى اعلان الاستقلال فيما بعد والاعتراف بإسرائيل كدولة على 88% من اراضي فلسطين التاريخية ، ورما تزايدت الخطوات في الاتصال المباشر مع الاسرائيليين بعد اغتيال ابو جهاد والتي تكثفت منذ عام 1988م الى ان انتجت اتفاق اوسلو والمرحلة الانتقالية التي انتهت عام 1997م وتنازلات بلا حدود لبنود من الميثاق التي تخص تحرير فلسطين والحالة التعبوية للجيل .
انهارت فكرة الثورة ، ولم تستغل في زمن كان يمكن استغلالها ، فاصبح في القرن الحادي والعشرين استحالة تسويق فكر الثورة عندما اصبح من الصعب دوليا الفصل بين مفهوم والمقاومة ومفهوم الارهاب ونجحت اسرائيل في تسويق نفسها في محيطها المجاور والدولي ، واصبح الشعب الفلسطيني في موقف لا يحسد عليه وتبلور ذلك في حصار غزة امام برنامج ما زال متعلقا بحلول تعطيه دولة او شبه دولة على بقايا من ارض الوطن .
اسرائيل تنكرت لحل الدولتين والرئيس الامريكي الجديد ترامب يهوى عقد الصفقات التي بالتأكيد ستكون على حساب الفلسطينيين ومبادرة عربية تحت التعديل وتطبيع قبل وضع حل نهائي للقضية الفلسطينية ، ففي اخر تصريح لنتنياهو يقول يجب على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة وحزب الليكود لا يعترف بدولة فلسطينية فيهودا والسامرة تشكل عمقا امنيا لاسرائيل لا يمكن الاستغناء عنه . ويقول اننا لم نقدم لترامب على ورقة بيضاء فلنا موقفنا من اطروحاته
اذا ما هي نوع الصفقة المطروحة التي تحدث عن قشورها ترامب التطبيع اولا وحل متدرج امني اقتصادي في الضفة واعادة انتشار في بعض مناطق C وحل الازمات عقدة عقدة في فترات زمنية توفر حسن النوايا .
اذا الفلسطينيون امام خيارات صعبة بين فكر الثورة الذي سيجد تكتل دولي ضده في ظل ظهور داعش واخواتها وبين خيار الدولة الذي حطمته اسرائيل ..... اذا كيف سيتصرف الفلسطينيون وما هي خياراتهم في ظل انقسام ويتصرفون مع بعضهم كأعداء ...
سميح خلف