يسير و هو يتأبط سفرا قد كتبه بماء الذهب ...
لا يملأ عينيه غير سيده ... صاحب الأيادي الطويلة ... و الذقن الأشيب ... و قفة الخبز و الزيتون و الحلوى التي يعدها للمساكين في طريقه ...
يمر بهم ... فيبصبصون بأعينهم ... و يدفعون ليه صغارهم ...
يمر بهم ... فيحضنهم و يضحك قرب أوداجهم ... و يمنحهم بركته ...
و في الغد ...
يجدون الخبر متماوجا مع قطرا ت المطر و معجونا في رغيف الخبز و مرتسما على الضحكات المتعالية البريئة ...
إنه يسير ...
و هو يحسب أن الخيمياء بنت عمه و علوم الفلك و النجوم ... قطرت من لحية جده الإمام ...
و يحسب أنه وريث الشمس ...
و أن حليب الماعز يستأذن عند دلوك الشمس ... و قبل غروبها ...
حتى يتسنى لليلى أن تغرف من قدر البوظة ...
يا إخوتي ... يقول الرواي و قد قلب صفحة المتعجرف السمين ...
أليست هذي الشمس لنا جميعا ...
أليس الريح و المطر و القمح و السكر و الحليب ... ملكنا ... سوية ...
أليس أبي يشبه أباك و أمي تشبه أمك ...
ألم نولد من رحم واحدة ...
فكيف تقرأ أسفارك ... و تطفئ شمعتي ... و تملأ عروقي حزنا و حنينا ...
مالك ... يا أخي تخرجني من وطني ...
و تخطف صغيرتي ... و تبعدها في عجاجة الصحراء ...
و تحني رقبة طفلي ... كي يغسل أدرانك ...
ما لك تسرق حقلي و مطمورتي و تبني ... و جوادي و بقرتي ... و تبيت تشكر الرب و تذرف الدموع ....
أما هالك حالي ...
فإذا كنت تحب أن أقرأ معك ... أفكارك ... أسفارك ... أخبارك ... ترجمها ... علمني حرفك ...
علمني لسانك ... اصبر ... فأنا أشرف من لون النهر الباكي طيلة هذا القرن ...
إن لي عزة نفس ... فاصبر ... و ناولني كتابك ... إن كنت تريد أن أتبع ظلك ... فهذا بعيد ...
إني إذا امتلأت عيني من أخبارك ... قد أعرف حقك ... قد أمشي ... معك ... لكني لا أمشي محني الهامة خلفك ...
أنا الآخر ابن ملك ...
إني أختار طريقي ... مثلك ... بعد الفهم ... حرا ... منطلقا ...
إذن ...
لا تسرق حقلي ... و تكتب لي عن أخلاق الصحراء ...
لا تخطف طفلي و تحدثني عن نبل أبيك ... الصامت تحت جذوع النخل ...
لا ترهقني بعجاج الفجر و ضجيج كلابك ...
و تأمرني أن أختار ... ما بين العار و بين النار ...
علمني ...
و اصبر ...
حتى أبصر حقك ...
ذلك أني ...
أنا الآخر ...
إبن ملك ...
لا أؤمر ...
بل أختار ...
شكرا .