دحلان في الخندق الوطني "افعال واقوال"

دحلان عرفته حاملا الهم الوطني وفي هذا الظرف الغاية في التعقيد والازمات والتشابكات والتقاطعات والتي تحتاج لرجل متمرس ويمتلك الذكاء في التعامل مع التوافقيات والتناقضات وتسخيرها لخدمة شعبه ، هذا السلوك وهذه الممارسة المتشبعة بالعمق الادبي لحركة فتح والوطنية الفلسطينية واجادة فتح المنافذ والابواب ومن تبويب الفهم الدقيق والمعالج لأزمات دول الاقليم والمحيط وتناقضاتها وتوافقيتها ، اما بالبعد الذاتي فدحلان يمثل الامل امام ازمات غزة المتعددة ولانفراجات لفك حصارها وتعذيب سكانها على ايدي قاطني المقاطعة في رام الله وعلى ايدي الاحتلال ... لا نلتفت لتلك الاصوات الناعقة والتي تحاول ان ترجعنا للماضي وان توقف عجلات الزمن على وقائع بالتأكيد كانت مؤلمة جدا للجميع ، ولا نريد ان ننبش في المسببات والظواهر لتلك الاحداث فالمتغيرات قد تجاوزتها وعندما تصل الامور الى الرغبة التدميرية لأهل القطاع في حياته ومعاشه وتحت ذرائع ومبررات غير مقنعة وطنيا ولا ادبيا ولا اخلاقيا ، هذا بالبعد الاول للازمة اما البعد الثاني فهناك محاولات لشطب التاريخ والتجربة الفلسطينية المقاومة وامتداداتها وبصرف النظر عن ما يريد ان يكرسه اعداء الشعب الفلسطيني من عمليات فصل للتجربة والتاريخ الفلسطيني وتحت بند التشويه ليس لمرحلة بل لجميع المراحل فالتكالب اصبح بائنا على استهداف تاريخ الشهداء واسرهم والاسرى ورواتب الموظفين ونسف المؤسسات التشريعية والتلاعب في مؤسسات القضاء وفي غاية الامر هو استهداف للوطنية الفلسطينية ومتجهاتها وعمقها الاجتماعي والثقافي والانساني وبما يلوح في الافق من مشاريع تهدد القضية الفلسطينية برمتها .
دحلان لم يقف يوما مكتوف الايدي وصامتا وجامدا ولا مباليا من كل تلك الازمات والاستهدافات لشعبه الفلسطيني ولا ابالغ ان قلت بأنه يوصل الليل بالنهار باحثا عن حلول وعن مخارج من تلك الازمات سواء في غزة واينما كانت وذات صلة بالشعب الفلسطيني ، وامام الكثير من المطبات والتناقضات فقد اختار الخندق الوطني دائما لجميع مواقفه قولا وفعلا ، ونستطيع القول بان دحلان كان حاضرا بإيجابية عندما وصل طريق المصالحة الى افق مسدود ولمنهجيات تريد من الانقسام تنفيذ برنامج امني اقتصادي في الضفة افصح عنه قادة اسرائيل وامريكا والسلطة في حد ذاتها ، وما يتبجح فيه نتنياهو الان حول ما يسمى يهودا والسامرة .
ثلاث مبادرات اطلقها دحلان بخصوص لم الشمل الفلسطيني وداعما مبادرة الجهاد الاسلامي ومبادرة اللقاء مع محمود عباس لإنقاذ فتح واعادة ترتيبها وتحديث مؤسساتها وبرنامجها ومحاربة الفساد ، الا ان الايدي بقيت معلقة في الهواء ، وازمات غزة تزداد يوما بعد يوم ، وهو ابن المخيم في خانيونس الذي يعرف كيف يعاني ابناء المخيمات وشبابها وفقرائها وكل سكان غزة ، فلم تخلو أي ساحة واي ميدان من النشاطات الانسانية والا تجد دحلان في تلك الميادين من طلاب الجامعات لأسر الجرحى والشهداء الى معضلات الشباب في الزواج الى العقم الى الحالات الاجتماعية الفقر والفقر المدقع الى المرضى وتوفير سبل العلاج للحالات المستعصية ماليا والكثير الكثير .
اما في العلاقات الاقليمية والدولية وتقلبات المناخات السياسية والتي قد تؤثر على مستقبل القضية وقطاع غزة والضفة فهو يمثل الجدار الحامي بان لا يدفع الفلسطينيون الثمن نتيجة هذه المتغيرات والرمال المتحركة سياسيا وامنيا في المنطقة . ومن هنا تأتي صناعة فن المؤثر والمتغير وعلاقتهما بالثابت .
ومن هنا كانت الرؤيا الشعبية والمطلب الشعبي والمفتاح الوحيد امام المتغيرات الحادثة وازمات دول الاقليم وانعكاساتها على الايقونة الفلسطينية ضرورة التوافق الوطني بين دحلان قائدا وطنيا وحركة حماس لها رؤيتها السياسية والامنية الخاصة بالقضية الفلسطينية ودور السلطة في هذه المرحلة وان حدث فانه دور تكاملي متكاملا وقائي يمثل جدار الصمود ليس في غزة فحسب بل على الواقع السياسي والامني لمستقبل القضية الفلسطينية .
تتعلق الانظار نحو العاصمة المصرية وما يأتي من انباء واستقراءات عن توافقيات وطنية بين الاخ محمد دحلان والاخوة في حماس ، وبالتأكيد ولطول اقامة الوفد لحماس لا بد ان هناك شيئا ايجابيا حدث ،ومن السذاجة ان تكون قمة امال غزة فتح المعبر وادارة شؤنها وان كان فتح المعبر له مدلولات سياسية ليست بسيطة وخاصة في وجود موقف السلطة ومحمود عباس الذي يمارس اقصى الضغوط والعقاب على غزة دفعا لانفصالها او خنقها ... ولكن وبوجود الرعاية المصرية للحوارات القائمة وما تمثله غزة عمقا للآمن القومي المصري والشرعية التي يكتسبها عباس امريكيا وعربيا تحتاج لبراعة الاخراج لأي توافقيات واختراق للموقف الامريكي والاسرائيلي والعربي . وهنا يبرز الثقل المصري وثقل محمد دحلان وعلاقاته الاقليمية والدولية .