"سيناريوهات" مع احتمالية الصواب والخطأ
بلاشك ان غزة اصبحت محل اهتمام لكلا من المعسكرين المتنافرين اقليميا ودوليا في توزيع الخريطة الاقليمية لشرق اوسط جديد، حاولت ما يسمى ثورة الربيع العربي ان تضع له خرائط سياسية، الدولة العميقة الامريكية ما زالت تتحرك ضد توجهات ترامب، بتعريف اخر نظرت اليه في الاسلام المعتدل وعموده الاخوان المسلمين وتولي الحزب السيطرة على الدولة الوطنية وان كان ترامب يريد ان يضع بعض التعديلات عليها بخصوص الاتفاق التوافقي في 5+1 والبرنامج النووي والدور الاقليمي لإيران في عهد اوباما واعطاء صبغة اخرى غير حزبية لحلف السنة "" حلف الانظمة ""ومواجهة لن تصل الى عسكرية شاملة مع ايران بل حدودها ما بين المواجه المحلية المحدودة جغرافيا في سوريا لكسر الهلال الشيعي الذي تحقق بعد معركة الموصل والتي خاضتها قوات مجحفلة مذهبيا كقوات الحشد الشعبي الممول من ايران وعزل حزب الله وخنقه .
غزة التي التي تعتبر بتكوينها السياسي والعسكري خنجرا في المنظومة الامنية الاقليمية الحالية وتبنيها خيار المقاومة وخاضت ثلاث حروب تحت هذا السقف ومن ثم الاعلان عن وثيقة حماس التي تحاول ان تتكيف مع المتغير الاقليمي والدولي باعتبارها حركة مقاومة وطنية تدفع بها لان تخرج من عباءة الحزب المحاصر والمطلوب اقليميا تحت تهمة الارهاب حقيقة ان المتغيرات التي عصفت بالمنطقة منذ غزو العراق مرورا باحداث الربيع العربي افرزت قوتين اساسيتين لمذهبين اصبحا متنافرين الشيعة والسنة في معادلة غير متزنة في العراق حيث سلمت القوات الامريكية الحكم لطائفة من الشيعة يبتلعها الحقد والثأر من السنة وقامت بأبشع صنوف التعذيب للمدنيين السنة والذي دفع لاستغلال تلك الظاهرة من الاسلام المتطرف الذي انتقل من افغانستان للعراق ليتوالد وينتج دولة الزرقاوي ثم القاعدة ثم داعش التي تلقت الان ضربات قاسمة من الحشد الشعبي والجيش العراقي بتغطية من دول التحالف في كل من الموصل وريف حلب ووصول قوات الحشد الشعبي لحدود سوريا لتتصل مع النفوذ الايراني الذي اصبح متصلا من اسران عبر العراق الى سوريا الى جنوب لبنان ليمثل الهلال الشيعي ، اما داعش التي وزعت قواها من منطقة الى اخرى ومن بلد لاخر لتشتت قدرات دول المواجهة في ليبيا وسيناء وتونس وعمق افريقيا والتي وصف خريطتها ترامب بان مواجه داعش سيستمر سنيين للقضاء على الارهاب .
ارى ان تحالف دول السنة البديل للإرهاب المتطرف السني في المنطقة في النهاية سيقبل بتقسيم النفوذ مع ايران وليس مواجهتها في حرب مدمرة في منطقة امريكا الاحرس على استقرارها لما تمتلكه من ثروات وتشكل ركيزة للأمن القومي الامريكي وبالتالي سيؤول الامر لقوتين اساسيتين يتقاسمان النفوذ في الخريطة الامنية كلا من ايران واسرائيل .
والتقديرات لغزة بمدى تجاوب حماس وتنازلها عن الحلف الاخر والمعسكر الاخر وانجذابها للحلف السني للمجموعة العربية وهي تفاهمات القاهرة التي تترجم امنيا قبل ان تترجم انسانيا واغاثيا فلقد بدأت حماس بانشاء منطقة امنية عازلة على حدود غزة مع مصر وكل ما يهم الامن المتبادل بين غزة ومصر وحل متدرج لازمات غزة هي تلك الخيارات التي يتوقف عليها طبيعة التحرك الاسرائيلي الامريكي مع التذكير ان الانقسام وجد ليبقى وترسم له خريطة سياسية امنية في كلا من الضفة وغزة ,
بعد تهاوي المشروع الوطني نتيجة سياسات عباس والابتعاد عن ممارسة صلاحياته الرئاسية في غزة وتعزيز خريطة الانقسام بعدة قرارات اصابت حركة فتح التي هو رئيسها وموظفيه في غزة تفتح المجال على مصراعيه لتهيئة الاجواء لاندثار كلي لما يسمى المشروع الوطني والوحدة السياسية والجغرافية وحل الدولتين والاعتماد على القرارات الدولية وحتى المبادرة العربية التي تم اختراقها مؤخرا وتجاوزها في الرياض وتسلل العلاقات مع اسرائيل كحلف في مواجهة الارهاب المتطرف السني ومواجهة ايران وبالتالي تم تجاوز القضية الفلسطينية كقضية محورية للعالم العربي .
غزة وحماس اصبحت في موقف تحسد عليه وكل الخيارات صعبة ومؤلمة لها ولكن قد يكون خيار عودة الغزيين كلهم لبعضهم هو الخيار الاسلم والوطني امام اطروحات متعددة كالكون فدراليات او ضم الضفة لما يسمى اسرائيل او روابط مدن لها بخيار التعاون والشراكة الامنية والاقتصادية بين تلك المدن والبلديات مع الاردن واسرائيل ... وتبقى غزة تتلقى قدرها في معادلة صعبة مكونها الجغرافي لا يسمح لها بمواجهة أي من التحديات الا بخيار المواجهة العسكرية التي لا نتحدث فيها عن الصمود بل عن النتائج... ولذلك كان الخيار اللجوء للجنوب هو الخيار الاسلم للحفاظ على مقومات المقاومة والبناء معا في حوارات ترعاها القاهرة والتي تمت بين دحلان والسنوار .
تحدثت بعض المصادر عن زيارة سيقوم بها عباس لمصر وعجبني مقولة الدكتور غازي حمد بمصطلحه "" المثلث المكسور " لرأب الصدع بتلاقي الاضلاع الثلاث للمثلث دحلان ، حماس ، عباس وربما احتمالية محاولة القاهرة الاخيرة للملمة النسيج الوطني لمواجهة المرحلة وانضمام عباس لتفاهمات القاهرة ، وهي ورقة اخيرة امام عباس ان اراد ان لا تتحطم السفينة الوطنية ولكي تستطيع تلك السفينة ان تبحر في بحر يحمل امواج من السيناريوهات المدمرة للشعب الفلسطيني واحلامه وطموحاته ، اما ان ادار ظهره فهو مصر وبأقل الاحتمالات ان تتعرض غالبية الضفة للضم ولتؤول السلطة في الضفة من بعدة يحكمها الاجهزة الامنية بروابط مدن بعلاقة مع الاحتلال وتبقى غزة وحيدة في مواجهة ضياع المشروع الوطني
سميح خلف