آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: حب ... أكبر ... من الإنسان ...

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية أحمد مراد عارف
    تاريخ التسجيل
    27/05/2017
    المشاركات
    128
    معدل تقييم المستوى
    7

    افتراضي حب ... أكبر ... من الإنسان ...

    تنادى الوالد و صغاره قاصدين الخم و تحلقوا و تناصحوا و فتح الأب الباب فانبعثت رائحة من الداخل خليطا من فضلات الدجاج و الغبار و بقايا الطعام ... فغمز ... و أشار بيده لابنه الكبير أن احترس من جهتك ... و ابتسم لطفلته الصغيرة التي تحضر لأول مرة هذا الصيد الفريد و ماهي إلا أن اقتحم ... للداخل و تبعه ولداه و كما توقعوا خرج الديك الأسود من الكوة التي تفضي إلى ساقية الماء فابتدره الابن الكبير و برك عليه فأصدر صياحا مبحوحا مكتوما ... قفزت الصغيرة ضاحكة مبتهجة و صاح الصغار جميعا بصوت واحد ... ابتسم الوالد ... كبروا ... فرحت الأم و هرعت تحضر القدر ... و البصل و الجزر و الثوم ... في تلك الليلة ... باتت قبيلة هانئة شاكرة مسرورة اتكأ الأب على شقه الأيمن و راح ينظر تارة إلى اللهيب المستعر تحت قدر يخنة الدجاج و تارة يستطلع بسمعه الأصوات الخافتة المنبعثة من كل الجهات خارج البيت و تارة يرجع بوجهه لصغاره يحدثهم بما يحبون من القصص و الأساطير ... و باتت قبيلة بلا حزن و لا حكايا و لا أمل و لا حلم و لا غناء ... و لا ذاكرة و لا تراث ... سوى مبرك بارد خلا من صاحبه المتغطرس ...
    و يل القلوب من هذا الحب ... النكد ... و يل العقول المتحجرة من هذه الذاكرة الآثمة و هذا الميراث من الحروف و السطور و النوادر و النكت السمجة البذيئة و الروايات القصيرة الحقيرة التافهة التي لا تحفل إلا بحياة أشد الكائنات بخلا و ظلما و بؤسا و تيها و ضلالا و جنونا ...
    الحارس النائم يحضن البندقية الخاوية الجوفاء الصدئة لا يحرس حتى عينيه و لا يحتفل بغير سيجارته التي تحرق أصابعه في كل مرة ... كيف يعقل أن يستلم أمانة الأرض التي تنتظر المطر و الرياح اللواقح و بذر الرز و نكهة الليمون في فناجين الشاي العتيقة ...؟
    كيف لي أن أصدق هذه المشاعر الآثمة ... كيف يمكنني أن أهنأ و أنا أنام بين كل هذه الأنياب الغادرة و الخناجر المتوثبة و الصحون المطلية بالزيت و الحبق و الفلفل الأسود ... لست أدري كيف طاب لي رشف الماء من ساقيتي الجارية و كيف نعمت بمذاق حبة البر اللينة و كيف سقط جفني بلا وتر و لا هدايا ولا أعراس ... ؟؟؟ كيف نسيت غادري ... و كيف تراجع عن إيقاظي طنين ألم الرصاصة في صدري و حز السكين البارد على نحري ...؟
    هل يسلم منه أحد ...؟ هل يمكن أن يأمن هذا الجيل من سرقات السجان و حبال الجلاد المتدلية من السقوف المخيفة مثل الأفاعي المجلجلة ...؟ هل يمكن أن يسكن عاقل هذي الأنحاء بلا رشاش محشو بالجمر ... كلا ... هل يمكن أن يأمن حلم صيحات الغدر في صدور هذي الذئاب العاوية على مناقير هذه الساعات البطيئة ... أبدا ... أبدا ... أبدا ...
    لا يمكن أن أقبل حبك ...
    لا يمكن أن أسكن في جوار غدرك ...
    لا أحفل بكتاباتك عن طيبة قلبك ... عن أخلاقك ... عن أحلامك ...
    لا أملك إلا أن أضبط عقلي و قلبي و خطاي و يدي و زنادي و بندقيتي و بارودي على توقيت رجوعك للغدر على توقيت أنفاسك و دعائك و كلامك عن مجدك حتى أعرف متى يمكنني أن أصطادك ... أن أملأ صدرك حزنا ... و دموعا ... و ضلالا في صحراء النسيان ...
    ما يبهرني حب أكبر منك ... ما يجعلني أنصت مشاعر خير مما في وجهك و يراعك و بريدك و وريدك و ماضيك و ماضي أجدادك و مستقبل أحفادك ...
    ما أهتم به قلب ليس كقلبك ... قلب لا يغتال ... و لا يختال ... قلب أرأف حتى بالأحجار ...
    ما أهتم به حب ...
    أكبر ...
    من هذا الإنسان ...

    التعديل الأخير تم بواسطة أحمد مراد عارف ; 08/07/2017 الساعة 08:04 PM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •