بربكم بأي حق صارت فلسطين لنا ... و بأي حق صارت الشام و مصر و بلاد المغرب و الأندلس و العراق و اليمن مكتوبة بحبرنا و مرئية بعيوننا و مسموعة في أشعارنا و متنقلة في بريدنا و مسطورة في أسفارنا ... أبحق السيف ؟؟؟
وركوب الأعناق قهرا و عنوة و سلطانا ؟؟؟ أم بحق اختيار أهلها ديننا ... و اعتناقهم ملتنا ... و سرورهم بطيبة معادننا ... و سخاء نفوسنا ... و إذا كان الأمر كذلك فمالنا نريد أن نرمي كثيرا من الأقوام في البحر ... و نرجمهم غير آبهين بتعاليمنا و فضائلنا في رحمة الصغير و توقير الكبير و الرفق بالمرأة و تحريم الدم البريئ ...؟
مالنا لم تتطور عقولنا فنرحم أنفسنا من داء البغض الشديد الذي ينخر في ضلوعنا و يقتات على سلامة عقولنا ...؟ فنستعدي الناس و نتخذهم أغراضا تستهدفهم غلظتنا ثم إذا ملكوا رقابنا بكينا و استعبرنا و نسينا أن دماء القوم ماتزال يابسة على أطراف نيوبنا ... مالنا ...؟
هل هذه خيانة للدم الجاري في العروق ...
هل هذه انتهاك للعرض العربي المصون ...
هل هذا قول بنحر الأمة بضربة واحدة ...
هل هذه تهلكة أدفع بأهلي إلى أتونها غير مبال ...
نعم ... الأمر كذلك بلا ريب ...
ومالي أظل وفيا لدم موبوء مريض تسكنه الأشباح و أطياف الموت و جميع الأدواء المطلية بالظلمة و الغدر و الاحتقار لبني الإنسان ...
و مالي لا أدعو لأن نشرب من كأس لطالما تجرعها الناس من أيدينا ذلا و هوانا و فناءا و تشتيتا ...
ما لي لا أرجو أن نقتحم إلى فوهة البركان الحي فنندثر و نريح العالم من شر طال مكثه ...
أجل .. الأمر .. كذلك ...
اليوم ... لا بد من تحرير العقل من خرافة شرف الدم و كرامة المبدأ .... لا شرف سوى للحق و حفظ نسل الإنسان ككل و لا كرامة إلا لمن يحب هذا الكائن الساكن في هذي الأرض الفسيحة ... و لا يضيق عليه و لا ينتهره و لا يعتدي عليه و لا يأخذ ما في يده و لا يفرق بينه و بين أهله و فلذات كبده ...
اليوم ... لا بديل عن الرضى بأننا جميعا أهل و إخوة و لا بد تبعا لذلك من أن نتعايش معا ... على أمنا الأرض بلا عداوة و لا بغض و لا ضغينة ...
نعم ...
الأمر ...
كذلك ...
شكرا .