السعودية تسمح بقيادة المرأة للسيارة

[سامح عسكر]

القرار تم بشروط منها وجود (مِحرم) وألا يقل سنها عن 30 سنة، وأن تكون داخل المدينة لا خارجها على الطرق، وأربعة أيام في الأسبوع فقط لمدة 10 ساعات هي فترة النهار، وبغض النظر عن كل ذلك فهي بداية جيدة..صحيح هي شروط ما زال تؤمن بقصور المرأة لكن الإصلاح يبدأ بخطوة ولو (عرجاء)..

بهذه المناسبة: أهنئ المرأة السعودية على هذا الإنجاز فهو ثمرة لكفاحهن الطويل لعدة عقود والضغط على النظام محليا ودوليا لتعديل هذا التوجه العنصري.

وفي تعليق عاجل للشيخ العريفي قال: مبيض المرأة لا يتأثر بالجلوس في مقعد القيادة، والفتوى السابقة لي أتنازل عنها لصاحب السمو والفخامة..!..(واحنا آسفين ياصلاح)..

ولمن يعتقد أن هذا القرار (ليبرالي) أو أن السعودية (علمانية) هو واهم

الدولة يحكمها تحالف (السيف والقلم) وهو ما يعرف بتحالف آل سعود مع الوهابية، وهو امتداد للتحالف القديم المؤسس لدولتهم الأولى، أي أن الشيخ هو قوام رئيسي في المملكة لا يمكنهم تركه ، والوهابية ثقافة عامة متجذرة داخل حتى القصر الملكي، وغاية ما يحدث هو تنازلات لبن سلمان أمام قطبي الغرب (ترامب وتيريزا ماي) والأخيرة بالذات في كل زيارة لها في المملكة تشدد على هذه النقطة وكان آخرها السماح بترشح النساء في مجلس الشورى.

في مقال قديم قلت أن السلطة الضعيفة الطامحة في البقاء لو رافقها نشاط عقلي وحقوقي سيحدث (تنوير لا إرادي) وهو ما يحدث الآن في السعودية، السلطة هناك ضعيفة على مستوى القيادة لا يهمها تنوير من عدمه، في المقابل نشاط ليبرالي من شباب سعودي وكتاب على تويتر، هذا سيكون له ثمرة من ضمنها تشكيل مجموعات نسائية على تويتر طالبن بحقوقهن المشروعة، ومسألتي الترشح والقيادة كانت ثمرة سريعة لأعمالهن.

سيقول قائل: المهم النتيجة الليبرالية وقد حدثت..

وجوابي: أن السعودية منخرطة في صراعات مذهبية وعدوان على بلد عربي شقيق، ويستخدم أمرائها أحط أنواع وسبل التأثير من الرشوة للسجن وربما القتل، داخليا وخارجيا، هذه سلطة تدعم المتطرفين بالأصل، ودليلي أن مع كل هذه القرارات لن يجرؤ بن سلمان على فض تحالفه مع (القلم) أو (الوهابية) هذه بالنسبة له حياه أو موت، ولو فكر سيتعرض للاغتيال فورا على طريقة فيصل

[سامح عسكر]

فتوى منع النساء من القيادة كانت لها سند في التراث

الأول: قوله تعالى.." وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى "..[الأحزاب : 33] تم تفسير الإقران بمعني التقييد أو الحبس لقوله في آية أخرى.." وآخرين مقرنين في الأصفاد".. [صـ : 38]..يعني مقيدين في الأغلال

خروج المرأة للعمل أو في الأسواق أو في التعليم، وبالتالي فقيادتهن السيارة كان ينسف هذا التفسير باعتبار أن القيادة وجه من أوجه تلك المظاهر، وهو تفسير تراثي نشره الوهابيون للأسف دخل كل البلاد التي أثرت فيها الوهابية ومنها مصر، ولولا تحضر المصريين وتمدنهم لأفتى سلفيو مصر بنفس الفتوى، لكن اكتفوا بتحريم الاختلاط ومنع المرأة من العمل (مالهاش غير جوزها) كمقدمة لمنعها من القيادة مستقبلا.

إذن فتوى حرمة قيادة النساء للسيارات ليس مقصود به القيادة نفسها، بل لأنها مظهر من مظاهر الحداثة والاختلاط المحرم، ومن يقوم بتقييد المرأة طبيعي هو (ولي أمرها) لذلك تم ربط الفتوى بالولاية، فعندما تتحرر المرأة من سلطان الرجل تقود السيارة تلقائيا..

السند الثاني: حديث.." ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء"..وهذا حديث (متفق عليه) أي في أعلى درجات الصحة والتوثيق واعتبروه بالتالي أصل ديني.

والمرأة لا تقود سيارتها في المنزل، بل في الشارع بالتالي هي عرضة لفتنة الرجال، بل بالغوا بوصف المرأة أنها سبب أصيل في الكفر لقول ابن عباس.." لم يكن كفر من مضى إلا من قبل النساء"..فأًصبح منع قيادة المرأة للسيارة يساوي الإيمان بالله في نظر السعودي.

طبعا التفسير متهافت وسطحي جدا ومفيش ربط..لكن لأن السعوديين شعب مقلد في أغلبيته تقبل الفتوى عن ارتياح ولم ينتبه أن العالم كله كان ينظر لهذا العمل بأنه فعل (مشين جدا ومجنون) حتى في مصر كنا - ولا زلنا نراه - عمل أحمق بامتياز.

الخلاصة: ابحثوا عن الأحاديث وكلام الأئمة ستجدوا فيها كل مصدر للجريمة والانغلاق والشذوذ المجتمعي، ليس فيها بالذات ولكن لأنها كانت تحاكي أقوام بائدة غير متحضرة، وبالتقليد في عصر الحضارة انكشف من يصدقها أنه عمل مشين والقائمين عليها مجموعات من الحمقى خشوا على أنفسهم الفتنة فوقعوا في فتنة أكبر وهي الجنون.